قال موقع وكالة “سبوتنيك” الروسية، إنه بعد إعلان إثيوبيا عن اكتمال الملء الثالث لـ “سد النهضة”، تراجعت العديد من السيناريوهات التي كانت تطرح داخل الأوساط السياسية في كل من مصر والسودان، حيث تحوّل السد إلى “قنبلة موقوتة”، الأمر الذي وضع دولتي المصب أمام خيارات أضيق مما كان عليه الوضع قبل الملء الأخير.
فما هي السيناريوهات المتبقية أمام القاهرة والخرطوم بعد الملء الأخير؟
يقول، مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان، الدكتور أحمد المفتي، إنه بعد إعلان إثيوبيا عن اكتمال الملء الثالث لسد النهضة، ينبغي على السودان بصورة عامة اتخاذ مواقف تختلف عن المواقف التي اتخذتها منذ العام 2011، لأن الملء الثالث أكد فشل تلك المواقف.
وأضاف المفتي لـ “سبوتنيك”، أن “من تلك المواقف المطلوب اتخاذها، استدعاء السفير الإثيوبي في الخرطوم فورا لإبلاغه باحتجاج السودان الشديد على الملء الثالث الأحادي، ومطالبة إثيوبيا بإيقاف أي أنشطة في السد إلى حين الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاثة، علاوة على رفض السودان القاطع لتحويل التزام إثيوبيا بحماية السد إلى السودان ومصر، لأن هذا التحويل يتعارض مع القانون الدولي ومع إعلان مبادئ سد النهضة”.
وتابع المفتي: من بين المواقف التي يجب على الخرطوم اتخاذها تجاه التعنت الإثيوبي، الانسحاب من إعلان المبادئ، الذي يعطي شرعية للسد في حالة عدم وفاء إثيوبيا بإيقاف أنشطتها في السد.
وأكد مدير مركز الخرطوم على ضرورة مطالبة السودان بالأرض المقام عليها السد بصورة جادة، لعدم وفاء إثيوبيا بالشرط الذي منَحت به الأرض لإثيوبيا بموجب اتفاقية 1902، والتي تنص أنه في حالة عدم إيقاف إثيوبيا لأنشطتها في السد، حتى يشعر مجلس الأمن الدولي بوجود تهديد للأمن والسلم الدوليين، هنا يتدخل بموجب الفصل السابع، ليوقف كل الأنشطة في السد إلى حين وصول الأطراف الثلاثة لاتفاق.
وأشار إلى أنه يمكن النظر في غلق الحدود، وطرد العمالة الإثيوبية، على ضوء ما سوف تسفر عنه الخطوات السابقة، وأن يتم التنسيق مع مصر في مواجهة الملء الثالث.
من جانبه يقول الدكتور نور أحمد عبد المنعم نور، الخبير المصري في شؤون المياه، إن الاتفاقيات والمعاهدات المائية يمكن أن تستغرق عشرات السنين في عمليات البناء إن لم يكن هناك حوض مشترك مع دول أخرى، أما إذا كان هناك حوض مشترك في تلك المياه، فإن الأمر قد يستغرق 10-15 سنة أخرى، وبتطبيق الأمر على سد النهضة الإثيوبي، نجد أن حجر الأساس قد تم وضعه لهذا السد في أبريل 2011 ، وبعد 10 سنوات وفي أبريل الماضي، قامت إثيوبيا بتشغيل أول “توربين” لتوليد الكهرباء، وإلى الآن لم يتم الانتهاء من السد بالكامل، حيث وصل البناء أو التشييد إلى ما يقارب 85 في المئة، وخلال الأيام الماضية تم الإعلان عن تشغيل التوربين الثاني من عدد التوربينات المقررة بحوالي 15 توربينا.
وأشار نور إلى أن “الاستراتيجية التي اتبعتها مصر في السنوات الماضية فيما يتعلق بملف سد النهضة، هي الاستراتيجية الدبلوماسية السياسية الهادئة والعاقل وبكل احترام والتزام في وقت فقدت فيه الكثير من الدول مبادئ الاحترام والالتزام، لذا نجد أن هناك أدوات ضغط على مصر تمنعها من تصعيد الموقف أكثر مما هو عليه الآن، سواء ما يتعلق بكوفيد 19 أو الأزمة الأوكرانية أو الدولار، علاوة على الديون“.
وأكد خبير المياه، على أنه ليس أمام مصر سوى الدبلوماسية والتفاوض، لذا يجب أن تستمر القاهرة في إصرارها على إجراء مفاوضات، مع تكثيف القنوات الدبلوماسية والحملات الإعلامية عبر القنوات المختلفة والآليات الإقليمية والدولية، مشيرا إلى أن عدم تأثر مصر في الوقت الراهن بعمليات ملء سد النهضة يعود إلى أن تلك المواسم هي مواسم الفيضانات، وستكون هناك مواسم جفاف قادمة وفق عمليات التتبع والرصد على مدى عقود طويلة، حيث تمتد سنوات الفيضان إلى 7 سنوات تليها 7 سنوات جفاف، وهكذا.
(نقلاً عن موقع سبوتنيك)