كتب / رئيس التحرير
نَص القانون رقم 209 لسنة 2020 في شأن إعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية، على تعريف جامع لـ “هيئة الأوقاف المصرية” بأنها هيئـة عامة ذات شخصية اعتبارية، تتبع وزيـر الأوقاف، وجاء في هذا القانون أن الهيئة تؤدي إلى وزارة الأوقاف صافي ريع الأوقاف الخيرية لصرفه وفقًا لشروط الواقفين، فيما تتقاضى الهيئة نظير إدارة وصيانة الأوقاف الخيرية (15%) من إجمالي الإيرادات المحصلة من هذه الأعيان.
وتجنب (10%) من هذه الإيرادات كاحتياطي لاستثماره في تنمية إيرادات كل وقف، ويكون لمجلس إدارة الهيئة سلطة التصرف في هذا الاحتياطي، بعد موافقة وزير الأوقاف، ولوزير الأوقـاف تخصيص نسبة (5%) من إجمالي الإيرادات المحصلة سـنـويًا بما لا يجاوز خمس سنوات وذلك بغرض تنمية إيرادات الهيئة، على أن يرد المبلغ خلال الخمس سنوات التالية.

في الإطار أعلاه وعلى نحو مثير حصلت جريدة البلاغ على معلومات غاية في الوجع والحزن على ما آلت اليه الأمانة التي تحملها وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، هو و رئيس الهيئة المهندس علاء عبدالعزيز.
المعلومات التي حصلت عليها “البلاغ” غاية في الخطورة وتكشف بشكل واضح و محدد تلك العمليات المنظمة التي تتم في هيئة الأوقاف للعبث بمال الوقف في البلاد.
من ذلك على سبيل المثال لا الحصر الإستيلاء على أكثر من نصف مليار جنيه في مشروع مدينة الحرفيين التابع للهيئة بمدينة الغردقة، فضلًا عن عمليات خارج نطاق القانون لإسناد بالأمر المباشر بأكثر من مليار جنيه أخرى لنفس الشركة التي نفذت مشروع الغردقة، ولكن في مشروع آخر بمدينة الإسكندرية يحمل اسم “مشروع زهرة المعمورة”، لا لشيء إلا لأن صاحب شركة المقاولات هذه يحظى بعناية خاصة من الوزير محمد مختار جمعة، وقيادات في هيئة الأوقاف تربطهم علاقة غير مفهومة بصاحب تلك الشركة، حتى أصبح بجدارة المقاول شريف نظمي هو الامبراطور الأوحد بين يوم وليلة في مشروعات هيئة الأوقاف المصرية.
فنون هيئة الأوقاف في خداع مؤسسات الدولة
الحكاية.. أن محلات مدينة الحرفيين بالغردقة تقف الآن شاهدة على أسوأ عملية تربح في تاريخ وزارة وهيئة الأوقاف، إذ بحسب خبراء في المجال كشفوا أن أعمال البناء لتلك المحلات في مشروع مدينة الحرفيين بالغردقة لا تزيد تكلفة الوحدة الواحدة منها في سنة إنشائها عن 75 ألف جنيه وقت إسناد المشروع إلى الشركة المنفذة شركة المقاول شريف نظمي.
ثم وبعد الحصول على قطعة أرض ضخمة بقلب المدينة- مدينة الغردقة- قيمتها السوقية الآن تزيد عن المليار جنيه، حصلت عليها الهيئة بدون مقابل تقريبًا، أو للدّقّة بسعر 5 جنيهات فقط للمتر.. بحجه أن تلك المحلات يتم تمويلها من مال الوقف لدعم صغار الحرفيين، فوجئ الحرفيون بمدينة الغردقة، أن الهيئة تعرض ثمن الوحدة بمبلغ 315 ألف جنيه، أي بزيادة أكثر من 4 أضعاف كلفتها الحقيقية.
سيقول قائل إن الهيئة بذلك إنما أرادت تعظيم العائد على استثماراتها في أعمال الوقف، بما يتوافق والأمانة التي تحملها وزير الأوقاف ورئيس الهيئة المهندس علاء عبدالعزيز، لكن بالتفتيش في التفاصيل تبين أن المستفيد لم يكن هيئة الأوقاف، إنما شركة مقاولات المتحدة المنفذة للمشروع.
تابع السطور التالية.
هذا الفرق الضخم جدًا بين تكلفة إنشاء الوحدة وسعر بيعها لم يذهب إلى هيئة الأوقاف، بل ذهب إلى الشركة المنفذة.. لا لشيء إلا لأن صاحب تلك الشركة يرتبط بعلاقة صداقةأو قل شراكة.. مع قيادة كبرى في الهيئة، تقول المصادر أن وزير الأوقاف نفسه، يعرف تفاصيلها.
في معادلة بسيطة.. فالأرض بالمجان تقريبًا، وتكلفة الإنشاء الفعلية للوحدة من أقل من 75 ألف جنيه، يتم عرضها الآن بسعر 315 ألف، ليكون الفارق بين التكلفة وسعر البيع تحديدًا 240 ألف جنيه، فإذا ما ضربنا هذا الناتج 240 ألف جنيه في عدد الوحدات1800 وحدة، يصبح الإجمالي432 مليون جنيه

القضية بوضعها التي هي عليه، كشفت حصول هيئة الأوقاف على تلك الأرض من المحافظة تحت زعم بناء مدينة للحرفيين بالغردقة من مال الوقف بأسعار بسيطة تفتح بيوت الحرفيين البسطاء هناك.
وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعه الذي من المفترض أن يدافع عن مال الوقف، تحول لأن يكون هو المتسبب الرئيس في إهداره، عندما تمكن من إقناع محافظ البحر الاحمر بتخصيص الأرض لهيئة الأوقاف بسعر 5 جنيهات للمتر بوصفها مشروعًا خيريًا، فإذا بها بعد خصم المبلغ المخصوم من سعر الأرض من التكلفة النهائية للمشروع، وإسناد المشروع لمقاول صديق لشخصية كبرى بالهيئة، تصبح العملية واحدة من أخطر العمليات المنظمة للاستيلاء على مال الوقف في التاريخ.
إذ بعد المبالغة في تكلفة بناء الوحدة بأرقام أكثر من فلكية، استفادة من تدني سعر متر الأرض إلى مجرد 5 جنيهات للمتر، تم تحميل تكلفة أعمال البناء، من 75 ألف جنيه تكلفة فعليه إجمالية للوحدة الواحدة إلى 296 ألف جنيه، ليذهب ذلك الفارق الضخم إلى جيب شركة المقاولات، وليس إلى خزينة هيئة الأوقاف..!
إننا في جريدة البلاغ ولمّا كنّا بصدد اعداد ذلك التقرير الصحفي عن اسناد أعمال مقاولات خارج نطاق القانون” في مشروع ابراج سكنية بمدينة المعمورة في محافظة الاسكندرية.. تفتّحت أمامنا قضية أخطر هي قضية مدينة الحرفيين بالغردقة.
بدأنا عملية البحث في قيام هيئة الأوقاف بإسناد مشروع عمارات المعمورة لشركة المتحدة للمقاولات وصاحبها شريف نظمي، فتبين لنا أن الإسناد للشركة المذكورة تم بالأمر المباشر على الرغم من أنها شركة مغمورة فئة خامسة وحدود عملياتها في اتحاد المقاولين لا يتخطى الـ 20 مليون جنيه، لكنّها بعملية فساد محكمة أصبحت الآن الشركة الأضخم في الهيئة التي تحصل على مشرعاتها بالأمر المباشر بعدما حصلت قبل أسابيع على مشروع زهرة المعمورة بقيمة أعمال تخطّت المليار جنيه رغم عدم كفاءتها الفنية طبقًا لقواعد اتحاد المقاولين.
بهذه الطريقة خدعت الهيئة أجهزة الدولة االرقابية
حتى يتم التحايل على عملية الإسناد بالأمر المباشر في مشروع زهرة المعمورة بمبالغ تزيد عن المليار جنية لشركة صغيرة، ليس لديها الملاءة الفنية لتلك المشروعات تم عمل عقد ثلاثي -صوري- بين شركة المجموعة الوطنية لاستثمارات الأوقاف، وهيئة الأوقاف، وبين الشركة المحظوظة “المتحدة” للمقاولات، بحيث يظهر في الأوراق أن الإسناد تم إلى شركة مملوكة للهيئة، وفي الواقع فإن الإسناد تم إلى الشركة المحظوظة، شركة المتحدة للمقاولات.
شيكات قيمة مستخلصات أعمال البناء تدخل في حساب “شركة المتحدة” شريف نظمي، ونسبة العشرة في المئة تٌستقطع لحساب شركة “المجموعة الوطنية” في عملية منظمة الهدف منها تمرير العملية الأضخم في تاريخ الهيئة للإسناد بالأمر المباشر.
بنفس هذه الطريقة الجهنّمية لإهدار أموال الوقف في وزارة وهيئة الأوقاف المصرية، نفذت الشركة المغمورة، أعمالًا بأعلى من قيمتها في مدينة الغردقة وتنّفذ الأن بنفس الطريقة أرض مشروع الهيئة بحي المعمورة في مدينة الإسكندرية.
على أن القضية الأساس الآن.. والتي يجب أن تفتش فيها الأجهزة الرقابية، هي قضية مشروع مدينة الحرفيين بالغردقة، بما فيها من تقديرات جزافية في أعمال البناء تزيد 4 أضعاف عن كلفتها الحقيقية، عندما تم توظيف تدني سعر الحصول على الأرض لاستخدامه في زيادة تكلفة الإنشاء باكثر من أربعة أضعافها، بحيث ذهب ذلك الفارق الكبير إلى شركة المقاول المحظوظ في هيئة الأوقاف.. ومن معه.