قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. علي بن عبدالرحمن الحذيفي – في خطبة الجمعة: التاريخ هو محل العبر للأفراد والأسر والأجيال والأمم والدول فمن انتفع به نجا , ومن لم ينتفع به جرت عليه السنن ودخل عليه النقص، قال الله تعالى: “سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون”.
وأضاف : أما الاعتبار بطبائع المخلوقات واستكشاف حكمها وصفاتها والتفكر في بديع صنعها فغايته وثمرته توحيد الله عز وجل وطاعته لا شريك له المتفرد بالخلق هو المعبود بحق فالتفكر والاعتبار يثبت المرتاب ويحيي القلوب وينور البصائر ويقيم السلوك والإعراض عن التفكر والاعتبار يقسي القلب ويورث الغفلة ويقود إلى الندامة ويوقع في المعصية.
وقال : لا ينتفع بأحداث التاريخ والحكم من أحواله إلا المعتبرون المتفكرون الذين يقتدون بأهل الصلاح والإصلاح , ويتركون أهل الفساد والإفساد , وأما من لا يعتبر ولا يتعظ فلا يحاسب نفسه ولا يعمل لآخرته ولا يحجزه دين ولا عقل عن القبائح والآثام فهو كالبهيمة، قال الله تعالى : “أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا”.
وأضاف : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ولينظر أحدكم في عواقب الأمور , ونفاد الأجل فمن كثر اعتباره قل عذاره , ومن حذر المعاصي والآثام , عاش بسلام ووفق لحسن الختام , والسعيد من اتعظ بغيره , والمغبون الشقي من وعظ به غيره , ولقد ذم الله تعالى من اتبعوا الأهواء ولم يعتبروا بما آتاهم من الأنباء , قال تعالى : “وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر , ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر , حكمة بالغة فما تغني النذر ” , ألا إن لله سبحانه وتعالى سننا في الثواب والعقاب فمن صادم سنن الله سحقته واضمحل , وانحط وذل , وفي الحديث : “أكثروا من ذكر هاذم اللذات الموت” , فمن ذكر الموت حسن عمله ومن نسيه ساء عمله.