من بين القضايا المثيرة للجدل، والتي تحتاج إلى بذل المزيد من الجهود، بل الرعاية والعناية، تأتي قضية صورة الطفل في الإعلام العربي، لا سيما في ظل تداخل الخطوط وتشابك الخيوط، بين ما هي تربوي وما هو حقوقي، وبينهما شاشات مختلفة تعرض عليها مواد إعلامية، هناك حيث لا توجد معايير واضحة، أو مقاييس هادفة، ما يترك تبعات سلبية في عالم صورة الطفل، وكيف لها أن تكون.
في هذا السياق ، وتحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز ، يطلق في القاهرة نهار الثلاثاء 26 يوليو تموز الجاري ، أول “دليل تصحيح للمصطلحات والصور الخطأ المتداولة حول الأطفال في وسائل الإعلام العربية”.
تم إعداد هذا الدليل في إطار تنفيذ مشروع المرصد الإعلامي لحقوق الطفل العربي، وبالشراكة بين المجلس العربي للطفولة والتنمية وجامعة الدول العربية ( إدارة المرأة والأسرة والطفولة ) ، وبرنامج الخليج العربي للتنمية ” أجفند “.
يعد إعداد دليل إسترشادي ل ” تصحيح المصطلحات والصور الخطأ المتداولة حول الأطفال بوسائل الإعلام العربية ” المرحلة الثالثة في تنفيذ مشروع المرصد الإعلامي لحقوق الطفل العربي ، حيث يسعى مشروع المرصد إلأى رصد ومتابعة أداء الإعلام العربي على مستوى معالجة قضايا حقوق الطفل ودرجة الإلتزام بالمبادئ المهنية ، ومدى مراعاة البعد الحقوقي في تناول هذه القضايا ، وكذلك تمكين المؤسسات الإعلامية العربية من وضع الخطط والسياسات الإعلامية الداعمة لحقوق الطفل العربي وترشيد أداءها للسيطرة على التجاوزات المهنية التي تعتري الأداء الإعلامي في تناول شؤون الطفل العربي .
لماذا هناك حاجة إلى مثل هذا الدليل في هذا التوقيت ؟
الشاهد أنه يتضح من المتابعة الدقيقة لوسائل الإعلام وما تقدمه من مضامين تفتقد في بعض الأحيان للمسؤولية المهنية والإجتماعية ، أن مفردات النظام اللغوي ( اللغة الإعلامية ) المستخدمة لتوصيل الرسائل الإتصاليى للجمهور هي ضحية الأداء غير المهني لوسائل الإعلام ، حيث يشيع استخدام مفردات اللغة الخطأ على مستوى المصطلحات والصور وغيرها من مكونات النظام اللغوي ، ويزيد من خطورة هذه الظاهرة تاثيرها السلبي على الصور والمعاني والمفاهيم التي تصل للجمهور من وسائل الإعلام .
وتزداد هذه الظاهرة خطورة حينما يرتبط الأداء الإعلامي بالأطفال ، حيث اصبح استخدام المصطلحات والصور الخطأ وغيرها من عناصر اللغة الإعلامية في معالجة قضايا وشءون الأطفال ظاهرة يومية في أداء وسائل الإعلام العربية عموما ، وترتب على ذلك نتائج سلبية ترتبط بالصور السلبية التي يقدمها الإعلام عن الأطفال ، بما يعوق إندماجهم في المجتمع.
وزاد حجم التأثير السلبي لظاهرة إنتشار المصطلحات والصور الخطأ حول الأطفال بوسائل الإعلام في ظل إنتشار مواقع التواصل الإجتماعي واستخدامها على نطاق واسع بين فئات الجمهور بشكل عام والأطفال بشكل خاص ، حيث تعيد مواقع التواصل الإجتماعي عرض المضامين الإعلامية المقدمة من خلال البرامج التلفزيونية والإعلانات والدراما والصحف ، وهو ما أدى إلى مضاعفة نسبة متابعتها وزيادة حجم تأثيرها ، خاصة أن هذه المضامين أصبحت متاحة للجمهور لمشاهدتها والإطلاع عليها في أي وقت .
يهدف الدليل الإسترشادي ضمن ما يهدف إلى إعداد قائمة بأهم المصطلحات الخطأ التي يتم تداولها حول الأطفال بوسائل الإعلام العربية ، وإعداد قائمة تصحيحية استرشادية بديلة للمصطلحات الخطا ، لكي يتبنى الإعلاميون استخدامها في تناولهم لشؤون الطفل وقضاياه في وسائل الإعلام العربية .
كما يهدف ايضا إلى إعداد قائمة بالصور الفوتوغرافية والفيديوهات الخطا التي تتداولها وسائل الإعلام العربية حول الأطفال ، وإعداد قائمة تصحيحية استرشادية بديلة للصور الفوتوغرافية والفيديوهات الخطا بغية استخدام الإعلاميين العرب للصور والفيديوهات الصحيحة في تناولهم لشؤون الطفل وقضاياه .
عطفا على ذلك يهدف الدليل عينه إلى إعداد قائمة لتوضيح المصطلحات الغامضة المتداولة حول الأطفال بوسائل الإعلام العربية ، ورصد أهم التاثيرات السلبية الإجتماعية والنفسية والتربوية لتداول الإعلاميين المصطلحات والصور الخطأ بوسائل الإعلام العربية على الأطفال أنفسهم .
وتتجلى أهمية الدليل كذلك من خلال رصد أهم التاثيرات السلبية الإجتماعية والنفسية والتربوية لتداول الإعلاميين المصطلحات والصور الخطأ بوسائل الإعلام العربية على الأطفال أنفسهم ، وإرتقاء المجتمع بمؤسساته الحكومية والأهلية ووسائل الإتصال المختلفة والجمهور العام على اختلاف خصائصه الديموغرافية والإقتصادية والإجتماعية في استخدام لغة ملائمة للتحدث عن الأطقال تخلة من المصطلحات والصور الخطا ذات التاثير السلبي .
لا يتوقف الدليل عند إطار التنظير الفكري ، بل يمتد إلى التوصيات الفاعلة ، ومنها على سبيل المثال ، تحديد الفئات المستهدفة من الدليل الإسترشادي ، وفي المقدمة الإعلاميين ، ومحرري صفحات الحوادث بالصحف والمجلات العامة والإلكترونية ومسؤولو التصحيح والمراجعة ، بالصحف والمجلات العامة ، وكتاب الأعمال الدرامية بمختلف أنماطها المسموعة والمرئية والمسرحية .
وفي كل الأحوال يبقى الحديث عن الدليل الجديد موصولا وفي حاجة إلى المزيد من إلقاء الضوء ، غير أنه وبإختصار غير مخل ، يمكن القطع أنه خطوة تقدمية ، تهتم بالنشء والأجيال القادمة ، وتسعى لرسم صورة صحيحة لما يتوجب أن يكون عليه حال ومآل الإعلام تجاه الطفل العربي في الحال والإستقبال على حد سواء .