في عملية استخباراتية أمريكية وبأوامر مباشرة من ترامب، تم اغتيال اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، بعد مرور 48 ساعة من بداية العام الجديد، في مطار بغداد، ليسدل الستار على مسيرته الحافلة.
رجل إيران القوي المتمترس خلف سياسة طهران، ذو الخلفية العسكرية التي أهلته لرتبة لواء، مكنته من تنفيذ عمليات سرية شديدة الخطورة خارج حدود دولة خامئني، في لبنان وسوريا والعراق، تارة بالمفاوضات السياسية وتارة أخرى برسم خطط قتالية بمسرح العمليات، ليوجه مقاتلي الشيعة ضد تنظيم داعش، عبر قوات الحشد الشعبي، من خلال قيادته فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، ليحاول الخروج بإيران من سلسلة العقوبات الأمريكية على طهران، بتحالفات مع دول محددة في الشرق الأوسط.
ولعقيدته القتالية التي لا تعرف الاستسلام، فقد رفض الرضوخ للولايات المتحدة الأمريكية بشأن زيادة طهران تخصيب اليورانيوم وإنتاج الصواريخ الباليستية، لتقف إيران في مواجهة مباشرة مع أمريكا، التي لم تجد بدا من اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، لذا جاء رد سليماني الحاسم بقوله إن الرضوخ لمفاوضات مع الولايات المتحدة يعد استسلاما إيرانيا.
وتتوالى معارك سليماني، في سوريا والعراق، فتراجعت قوات داعش في الدولتين تراجعا كبيرا، ومنيت بهزائم ساحقة، فاضطر الدواعش للهروب من سوريا والعراق والتمركز في مناطق أخرى بدعم مباشر من تركيا، التي بدأت في نقلهم جوا وبحرا إلى ليبيا، وبتعاون إسرائيل مع أردوغان، تم نقل عدد من مقاتلي داعش إلى دول أخرى عبر إسرائيل.
وبنجاحات سليماني المتتالية، في إنقاذ نظام بشار الأسد من السقوط، وتقوية شوكة حزب الله في لبنان، ودعم حوثثي اليمن ضد المملكة العربية السعودية، ودعم شيعة عدد من دول الخليج، والتدخل المباشر في قضية «البدون» في الكويت، فقد تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة بكاملها بخطط وتنفيذ فيلق القدس وقائده قاسم سليماني، الذي وصفه كثيرون بأنه الرجل الثاني في إيران.
ونتيجة هذه الجهود على كافة الصعد، منحه خامنئي ميدالية وسام ذو الفقار، وهو أعلى تكريم عسكري في إيران. وكانت هذه المرة الأولى التي يحصل فيها قائد عسكري على هذه الميدالية منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979، لذا قال خامنئي بعد مقتل سليماني لأمريكا: انتظروا ثأرا قاسيا للمجرمين الذين قتلوه، وأشعر بمرارة شديدة، ومقتله سيضاعف الحافز لمقاومة إسرائيل وأمريكا.
ولأن سليماني كان قد تحدى ترامب علنا في عام 2018، بالعمليات العسكرية التي ينفذها فيلق القدس، وقال في مقطع فيديو نشر على الإنترنت: أقول لك يا سيد ترامب المقامر.. أقول لك.. اعلم أننا قريبون منك في مكان لا يخطر لك أننا فيه، ستبدأ أنت الحرب لكن نحن من سينهيها، لذا فقد قال ترامب بعد مقتل سليماني: كان يجب قتله منذ فترة طويلة.
ولخشية أمريكا ودول الخليج من ثأر إيراني قاس لمقتل سليماني، فقد اعتزمت الولايات المتحدة إرسال آلاف الجنود الإضافيين لدول الخليج لتأمين المصالح الحيوية لهذه الدول، وبالطبع حماية المنشآت الأمريكية بها، فقد سارعت دول الخليج للتصريح بصوت واحد: ندعو الجميع لضبط النفس والتعامل بحكمة.