أكتب هذا المقال فور خروجي من صلاة الجمعة، يتقبل الله مني ومنكم. ما أن فتحت جهاز الهاتف فإذا بخير مفاده أن نمبروان يرد على حملة مقاطعته باحتفاله بفيديو جديد بقناته على اليوتيوب التي تخطى عدد مشاهديها ال٢ مليار كائن!!!
السؤال هنا، إذا كانت مواقع التواصل مقلوبة على هذا الشخص وأمثاله، وفي كل مكان حالة قرف منه ومن أعماله، وقناعة تامة لدى كل غيور ومحترم بأنه أفسد أجيال…فمن هؤلاء الملايين الذين يتابعونه؟!
الإجابة ببساطة، يتابعة المراهقون والكثير من الفئات الأقل تعليما، وأيضا الفئة التي تعيش على أرض مصر في التجمعات والمنتجعات والذين يتمرغون في خير مصر (في الميغة!) وغالبا من حرام، كل هؤلاء لا تعنيهم تلك الحملة وكل هؤلاء ينامون ويستيقظون ويتراقصون كما الشياطين على أعمال قدوتهم هذا!!
فلا يتابع زبالة العرب إلا زبالة العرب…ولا يتبع فاسد إلا فاسد!
إذا، علينا أن نقر بأن الجميع أجرم بحق مصر بل والعرب (لأننا القدوة) عندما سمحنا لتلك النماذج الهدامة، والتي لا تختلف قيد أنملة عن شيوخ الفتنة (شيوخ القطاع الخاص)، أخطأنا جميعا عندما سمحنا لتلك الكائنات بأن تدخل حياتنا وتهدم مستقبلنا وهم الشباب…نعم.
وكما أكرر دائما، هي منظومة فاسدة يخدم بعضها بعضا، فالفضائيات الخاصة هي من صنع تلك الكائنات ليتغذي عليها ويسترزق من ورائها…ولهذا وجد نموذج مثل السبكي وأمثاله ضالته في شخص كهذا، ووجد النافذة ممثلة في الفضائيات الخاصة وفي سينيمات المولات التجارية…هنا اكتملت المنظومة، وبالتالي عمل كل هؤلاء على اقتناص الفريسة وهو المواطن المصري!!!!
تم كل هذا في ظل غيبة من الدولة أو لنقل تغييب لدور الدولة عن مجال هو صميم عملها ورسالتها وهو بناء الإنسان والحفاظ على موروثاته…تركنا كل هذا لأرزقية القطاع الخاص الفني والإعلامي.
ولهذا لا تعجب من رؤية الهرم الاجتماعي مقلوبا…الفلاح والمعلم والعامل المجتهد يكافح ليكمل يومه بالحلال ويستر أولاده، وفياضة المجتمع من عينة شاكوش ونمبروان وبيكا وأمثالهم ينعمون بخيرها ويتباهون بسياراتهم وقصورهم…كل هذا حصاد طبيعي لزرع نتن وعفن.
وبالتالي، بعد عشرات السنين من الهدم، صار لهؤلاء جمهور وأنصار وحواريين ومغيبين، ودليل ذلك، ورغم تلك الحملة الشعبية، ليعلن هذا النمبروان عن حفل في الساحل التذكرة ب١٠ الآف جنيه غدا؟!! والله ستشاهد وفودا وطوابير من المغيبين!!!
ولهذا لا تعجب من عدد الملايين الذين يتابعون قناته، فهؤلاء هم عبيده وحوارييه وأطفاله الذين رباهم وغذاهم في عالمنا العربي المنكوب!!
نحن إذا أمام حصاد لزرع نتن…ولن ينصلح الحال ويستقيم الوضع وينضبط الهرم إلا إذا تدخلت الدولة وبكل حزم..فالدولة هي الأمين الأوحد على منظومة القيم والثقافة وبناء الإنسان…فهانحن نرى بأم أعيننا ترك هذا الأمر لأرزقية القطاع الخاص…ماذا حصدنا؟! وأي قدوة نقدم لأبنائنا؟! العالم والمخترع أم شاكوش ونمبروان؟!
الكرة الآن في ملعب الدولة…والظهير الشعبي داعم وبكل قوة…اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.
مصر
محافظ الشرقية الأسبق