تنظر الحكومة الانتقالية في السودان إلى ما وصفتها إصلاحات اقتصادية، والتي أعلنت عنها خلال وقت سابق من الأسبوع الجاري، كمحرك لتحفيز القطاعات المحلية المتراجعة لمستويات متدنية.
يتصدر التعويم الجزئي للعملة (الجنيه)، أحد أعمدة خطة الإصلاح الاقتصادي التي أعلنت عنها الحكومة، في وقت تزداد فيه الفجوة بين أسعار الصرف الرسمية، وتلك المتداولة في السوق الموازية.
كذلك، تشمل خطة الإصلاح، البدء برفع تدريجي عن أسعار الوقود المدعومة حاليا، وصولا إلى سعرها الحقيقي، بحلول 2022، وتغييرات في سعر الدولار الجمركي.
والدولار الجمركي، هو ما يدفعه المستورد من رسوم بالعملة المحلية بما يوازي الرسوم الدولارية المفروضة عليه، نظير الإفراج عن البضاعة المستوردة والمحتجزة في الجمارك.
ومنذ 2019، تجتهد حكومة حمدوك في تطبيق سياسات إصلاحية تشمل رفع الدعم وتحرير سعر الصرف، إلا أن رفض القوى السياسية للأمر حال دون ذلك, فتمت إجازة موازنة العام الجاري بدون تلك السياسات.
في ديسمبر الماضي، أجازت الحكومة الانتقالية موازنة 2020 بإيرادات 568.3 مليار جنيه (12.59 مليار دولار)، ومصروفات 584.4 مليار جنيه (12.95 مليار دولار)، والعجز 16.1 مليارات جنيه (360 مليون دولار).
فيما لم تفلح جهود وزير المالية الأسبق، إبراهيم البدوي، في تطبيق رؤيته القائمة على ضرورة تحرير المحروقات وسعر الصرف على أرض الواقع، بسبب رفض الرؤية من جانب الحاضنة السياسية للحكومة، ممثلة بقوى الحرية والتغيير، التي تمثل الجناح السياسي في الحكومة.
ويرزح السودان، الذي يواجه أزمة اقتصادية أثارت احتجاجات واسعة، تحت دين يبلغ 56 مليار دولار؛ ويعاني في الوقت نفسه من أزمات متجددة في المحروقات والخبز، وتدهور مستمر في عملته الوطنية .
والأربعاء، أكدت وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي المكلفة، هبة محمد علي، أن تعديلا طرأ على موازنة 2020، شملت إصلاحات العملة والوقود، لأسباب تتعلق بتخفيف الأثر السلبي لجائحة الكورونا.
وقالت: سبب تعديل الموازنة، هو الحاجة لتبني سياسات من شأنها تخفيف التأثير السلبي لجائحة كورونا على الوضع الاقتصادي.. العجز كبير ما استدعى مراجعة الميزانية واتخاذ إجراءات طوارئ.
وتوقعت أن تساعد الإجراءات الأخيرة، في إحداث نمو اقتصادي متدرج خلال ثلاث سنوات، بحيث يحقق الاقتصاد نمواً متدرجاً بثماني نقاط مئوية، تخرجه من منطقة الانكماش، وخفض التضخم.
ويرى الخبير الاقتصادي، نادر الهلالي، أن البنود التي شملها التعديل، تتباين في استطاعتها على إنقاذ الاقتصاد السوداني من براثن الانهيار، فيما تبقى من العام الجاري.
وبحسب حديث الهلالي فخطوة تخفيض الجنيه السوداني تدريجيا، قد لا تصب في مصلحة الاقتصاد القومي، لأسباب تتعلق بزيادة الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي.
ويسجل سعر الدولار في تداولات الأسواق الموازية، 145 جنيها، فيما يحدد المركزي السوداني السعر بـ55 جنيها.
فيما ينظر رئيس اللجنة التسييرية للغرفة القومية للمستوردين السابق الصادق حاج علي، لجائحة كورونا، بأنها ضاعفت من الأثر السلبي للاقتصاد السوداني، لتزامنها مع ظروف بالغة التعقيد.
ووصف الخيارات التي تمكن الاقتصاد السوداني من العبور إلى الضفة الآمنة، بأنها محدودة للغاية لا سيما في مسار إجراء الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، لإعفاء ديون السودان التي تبلغ 56 مليار دولار.