انفرد بها وحققها الكاتب الصحفي محمد سعد خطاب
داكر استولى على 40 مليون جنيه بخطابي ضمان مزورين منسوبين لبنك البركة
شريكه عادل فتحى قدم الخطابات لجهاز 6 أكتوبر للاستيلاء على عملية بـ 300 مليون جنيه
اتهامات النيابة نسخة مما كشفته عن جرائم داكر في وزارة الإسكان قبل 15 عاما
الزمن يعيد نفسه.. الشبكة تضم صهر داكر وأشقاءه المتورطين في قضية الرشوة الكبرى
استمرار حبس داكر و4 آخرين في نيابة أكتوبر على ذمة التحقيق
محلب يعيد حسن عبد العزيز إلى الملعب من بوابة اتحاد المقاولين ردا لجميل سابق
..وحسن يعيد أعوانه السابقين يسري وعبداللاه إلى الواجهة
داكر يهدد منافسيه بقربه من الرئيس وينشر دعوات الرئاسة على فيسبوك
من سمح باستضافة داكر وفودة في الصف التالي لمقعد الرئيس؟لغز التعتيم على قضية خطابات الضمان المزورة في شبكة رجال الأعمال !
“المركزى للمحاسبات” طلب الحجز الإدارى على شركات عبداللاه قبل 4 سنوات !
عبداللاه تسبب في خسارة 35 مليون جنيه في مشروعات الصرف الصحي بالعبور
أعين الرقباء والحراس في هذا البلد لا تجيد النظر في الظلام.. آذان الراقدين في حضن السلطة وفوقها وتحتها مغلقة طويلا للتحسينات.. ساعاتهم متأخرة 15 عاما.
لولا هذا كله، لما تأخر سقوط داكر عبداللاه متلبسا بالتزوير – هذه المرة- وبالصدفة البحتة، في قبضة العدالة، كل هذه السنوات، بعد ما نشرته – علنا- حول دور المقاول المعجزة في عدد من قضايا ووقائع فساد وزارة الإسكان، فيما يشبه عريضة اتهام طويلة محققة، في واحدة من أكثر الصحف الأسبوعية انتشارا ومصداقية.
عريضة اتهام، تكاد تكرر نفسها طوال تلك السنوات في كل عطاء أو إرساء لمناقصة مشبوهة، من جهات رسمية، لصالح شركات هذا الشاب الذي لم يتجاوز عمره 48 عاما، بينما يسبح في محيط من الملايين، ما كان ليربحها لو أن أحدا ألقى السمع لما كتبته على مسؤوليتي في صيف 2005، محذرا من خطورة هذا الرجل على المال العام.
لكن شيئا راعنى وساءني، أود التذكير به قبل كشف التفاصيل، وهو أن أحدا لم يحل في المرة الأولى دون أن أكتب ما كتبت مدعما بوثائق وتحقيقات وسجيلات رسمية، في ذروة غضبة الرئيس الأسبق مبارك على الصحفيين المعارضين، وإن طالنى بعض شرور رجاله في شكل ملاحقات قضائية مفبركة وأحكام جائرة سابقة التجهيز بالسجن والتغريم من قوت أولادى دفعت ثمنها راضيا في سبيل مصر.
أما الآن، فإن أقلامنا مقصوفة، وصحفنا مؤممة، وأصواتنا محرومة من البوح، وألسنتنا ممنوعة بفعل فاعل، ترك واحدا من ثعالب الفساد يفرح ويمرح ويعود للأضواء من جديد مزورا بعد أن كان راشيا، ومتصدرا بعد أن كان منبوذا، ومتربحا للملايين بعد خروجه من السوق تقريبا إثر قضية الرشوة الكبرى في وزارة الإسكان، قبيل خروج إبراهيم سليمان من وزارة الإسكان في العام 2005 غير مأسوف عليه.
لقد كان داكر رغم صغر سنه في ذلك الوقت، حيث لم يكن تجاوز الـ 33 عاما، واحدا من حيتان المقاولات في مصر، بعد أن تسلم الراية من والده الذى كان صديقا للوزير باعتباره ابن حي الجمالية الذي نشأ فيه سليمان ثم أصبح نائبا له في مجلس الشعب، حتى أن شركة داكر استحوذت وحدها – وفقا لما جاء في تحقيقات قضية الرشوة الكبرى التي أحتفظ بنسختها الأصلية حتى اليوم- على ما يزيد عن حجم أعمال بقيمة 700 مليون جنيه في العام الواحد، قبيل القبض عليه وآخرين من مسؤولي الوزارة، وكاد داكر وفقا لما جاء في التسجيلات يضع قدم الوزير نفسه في شبكة التورط، بوصفه الطرف الأخير في مسار الأموال المشبوهة والرشاوى التي كانت تتدفق من أجل إرساء العطاءات والمناقصات عليه وعلى مقاولين ضمن عصابة تقسيم كعكة أعمال ومشروعات الوزارة، لولا أن يدا كبيرة تدخلت لتخرج الوزير كالشعرة من العجين، كما أخرجت داكر بعد اعترافه بالرشوة واستفادته بمادة “الاعتراف” القانونية سيئة السمعة، ليخرج بعد عدة أسابيع قضاها في محبسه قيد التحقيق والمحاكمة.
توارى داكر بعد خروجه من السجن، وخروج سليمان من الوزارة، وكان كالأجرب يتجنبه كل المقاولين والمسؤولين ورجال الأعمال، خوفا من الشبهة، حتى قامت ثورة يناير 2011، وعاد المهندس ابراهيم محلب إلى المشهد، وزيرا للإسكان، ثم رئيسا للوزراء، ففي 2012 جاء محلب بصديقه المهندس السبعينى حسن عبد العزيز رئيس جهاز القاهرة الجديدة ووكيل وزارة الإسكان الأسبق بعد خروجه على المعاش ليعينه رئيسا للاتحاد المصري لمقاولي البناء والتشييد ردا لجميله، إذ كان أحد المتعاطفين معه وداعميه، أثناء وجود سليمان في الوزارة، والذى كان يشعر بالنفور من محلب ويتعمد إهانته واستضعافه كلما واتته الفرصة.
وعلى الفور جاء حسن بالمحاسب هشام يسرى وكيل وزارة الإسكان الأسبق وأمين سر لجنة البت، بعد إبعاده عن موقعه المهم في اللوزارة وتحديدا لجنة البت إلى موقع آخر، بنحو عشر سنوات أيضا، أمينا عاما للاتحاد، وهو الذي أبعده سليمان لينجيه من مقصلة الرقابة الإدارية، على إثر إنذار مبكر من رئيسها اللواء هتلر طنطاوي إلى صديقه سليمان بأن يبعده “لأن ريحته فاحت وهيقع قريب”، إذ اعتاد هتلر على تنبيه سليمان كلما أحس بالخطر يقترب منه ومن رجاله، لما كان بينهما من مصالح مشتركة.
ولهذا الرجل الذي أصبح اليوم أمينا عاما للاتحاد المصري لمقاولي البناء والتشييد قصة معي، فور إبعاده من الوزارة، إذ اتصل بي أحد مصادري وهو المهندس على طنطاوي أحد أصحاب شركات المقاولات الذين دخلوا في خصومة مع وزير الإسكان في حينه، وتسببت هذه الخصومة في العصف بشركته وأعماله نهائيا لحساب آخرين، وقال لى إن هشام يسرى يريد أن يتعرف إلى ويقابلنى وأن لديه أوراقا ومستندات مهمة تدين الوزير بالفساد، ولم أجد مانعا في ذلك فالتقينا على مقهى في شارع الطيران، وأخذ يشكو الوزير الذى أبعده تعسفيا- حسب قوله- وأضر بقوت أولاده، إلا أنه لم يقدم شيئا مما وعد، فيما عدا كلام مرسل لا دليل عليه، ولم أكن من الكتاب الذين يفجرون في الخصومة بنشر اتهامات غير موثقة فقط لأنى في معركة قضائية حين ذاك مع الوزير، فلم تكن تلك المعركة ولا غيرها لدوافع شخصية بل لمصلحة الوطن والرأى العام أولا وأخيرا.
انتهى اللقاء العابر دون أن يترك لدى انطباعا بمصداقية يسرى ولا ماقاله ضد الوزير، ولم تدر عجلة الأيام قليلا، حتى جرى اعتقالي بعد سلسلة بلاغات من وزير الإسكان، عقب تأليفي ونشري وتوزيعي لكتاب “الكتاب الأسود لوزير الإسكان”، بكثير من التهم الملفقة، وصلت إلى حد التحريض وتهديد السلامة الشخصية وارتكاب جرم مخاطبة رئيس الجمهورية- تماما كما تقرأون- بسبب نشرى استغاثة موجهة إلى الرئيس في صحيفة معارضة، لوقف ملاحقات سليمان وزبانيته في أجهزة الأمن لى ومطارداتهم التى وصلت إلى محاولة الاختطاف في منتصف الليل، بواسطة ضابط أمن دولة يدعى ماهر وهبة، سأحدثكم عنه بعد قليل.
وكانت في انتظارى مفاجأة داخل محبسي، حيث جرى استدعائي إلى النيابة للتحقيق إثر بلاغ تقدم به الوزير شخصيا وبتوقيعه إلى النائب العام ماهر عبد الواحد يتهمنى فيه بأنى ذهبت إلى مكتب هشام يسرى في الوزارة، وطلبت منه أى مستندات فساد تدين الوزير، وعلمت أن يسرى قدم شهادة تؤيد بلاغ الوزير ودعواه، ولم يكذب النائب العام خبرا، فأحال البلاغ إلى محاكمة جنايات القاهرة التي أصدرت فيما بعد حكما غريبا بإدانتى وحبسي لمدة ستة أشهر.. وقد أبلغت رئيس النيابة والدهشة تملأني وأقسمت على ذلك أننى لم أدخل وزارة الإسكان في حياتي، فكيف أذهب لشخص لا أعرفه هو وكيل أول الوزارة وأطلب منه أوراقا ضد الوزير الذي عينه، ثم تساءلت مستنكرا: وعلى فرض أن ذلك وقع- وهو لم يقع يقينا- فما التهمة في أن أطلب كصحفي عرف بالتحقيق في ملفات الفساد مستندات تدين هذا الموظف العام أو ذاك، إذا لم يكن في الطلب أي أعمال احتيالية أو مخالفة للقانون؟
لكن النيابة لم تسمع لهذا الكلام، وأعادونى محبسي، فقد حصلت على البراءة في درجة الاستئناف بعد إسقاط الحكم الأول المثير للسخرية، فيما علمت بعد وقت قصر، أن هشام يسرى نال قبض مكافأة هذه الشهادة الزور بقرار من الوزير بتخصيص شاليه له في مارينا، وتعيينه رئيسا لجهاز القاهرة الفاطمية.
وبعد يسرى، سقط خليفته وهو محمد حسنى وكيل أول الوزارة أمين سر لجنة البت فيما كاد يتورط فيه سلفه، فلم يمض كثير حتى قبض عليه متلبسا بصحبة داكر عبداللاه في قضية الرشوة الكبرى، واقتيد برفقة أكياس الأموال المحرزة من منزله في مدينة نصر، وهى المنطقة التي يسكنها داكر أيضا، ليقضى سبع سنوات في السجن بعد إدانته، ثم يخرج ليستمتع بما جنته يداه ويقيم إلى جوار الكبار في قصره بمنطقة الجولف بالتجمع الخامس.
حسن عبد العزيز هو زميل ابراهيم سليمان في الدفعة الذهبية بكلية الهندسة جامعة عين شمس، دفعة العام 1969، والتي استولت على كل المناصب القيادية في وزارة الإسكان فور دخول سليمان الوزارة، وقد شغل رئاسة جهاز مدينة 6 كتوبر ثم القاهرة الجديدة، وعرف عنه طوال تلك الفترة أنه كان يصدر قرارات تخصيص الأراضي وخلافه لصالح زبائنه خلال عمله بالوزارة عبر كوافير رجالي “حلاق” كائن أسفل منزله في مدينة نصر، كان يتولى تسلم البطاقات الشخصية من زبائن المهندس حسن ليمروا في اليوم التالي لاستلام قرارات التخصيص غير الشرعية، وقد حصل على فيللتين في منتجع لاك فيو المملوك لرجل الأعمال عماد الحاذق صديق وشريك ابراهيم سليمان، وهو يقيم فيهما حاليا، وكان من صلته الوثيقة بسليمان أن جعله أمينا عاما للحزب اولطني في دائرة الوزير (الجمالية) رغم ان حسن من محافظة الشرقية.
جاء عبد العزيز بثالثهما داكر عبداللاه عضوا ونائبا في اتحاد مقاولي البناء، رغم ثورة الغضب على فساد النظام ونظام الفساد في يناير.
فما أشبه اليوم بالبارحة..
قبل ثلاثة أسابيع ألقت قوة من هيئة الرقابة الإدارية القبض على داكر عبداللاه- كما انفردت في مقال سابق- على رأس خمسة بينهم زوج شقيقته صاحب المجموعة المصرية للمقاولات، وشريك شقيقه هاني في شركة ريكاد للمقاولات، وأحد المحامين بالشركة العربية المملوكة لداكر، والقاطن في عمارته بشارع أبو داود الظاهري بمدينة نصر، فضلا عن مقاول كبير هو عادل فتحي صاحب الشركة الهندسية الكويتية، بتهمة تزوير خطابات ضمان منسوبة للبنك الأهلي المصري، وتقديمها إلى جهة رسمية هى جهاز مدينة 6 اكتوبر لتسوية مستحقات الجهاز بعد ترسية مشروع عملية إنشاءات كبيرة في الحي لحساب شركة فتحى بإجمالي 300 مليون جنيه.
ونترك محضر تحريات مروان الشهاوي ضابط الرقابة الإدارية الذي أجرى التحريات وقام بالستسجيلات للمتهمين الخمسة حكاية ما جرى في هذه القضية، التي قررت نيابة أكتوبر حبس أطرافها جميعا 4 أيام على ذمة التحقيق، ثم مدتها إلى 15 يوما وراعت التجديد للمرة الثانية..
( فتح المحضر بتاريخ 14/1/2020 الساعة 9 صباحا بمعرفتي مروان الشهاوي عضو هيئة الرقابة الإدارية.. أثبت الآتي: نفاذا لقرار لانياب العام بالقضية رقم 1223 لسنة 2019 جنح أكتوبر أول بإجراء تحريات تكميلية بشأن الواقعة وأطرافها وتحديد دور المدعو شادي جمال محمد خفاجة فقد تبين الآتي:
1- السيد شادي جمال محمد خفاجة، محام حر، مواليد 6/6/1992 يحمل بطاقة رقم قومي رقم 2920606010075، ومقيم في 75 شارع أبو داود الظاهري مكرم عبيد مدينة نصر أول القاهرة، وله محل إقامة اخر كائن 7 شارع المعز لدين الله الفاطمي درب الوراق الجمالية القاهرة، ويعمل المذكور طرف السيد داكر عبد اللاه محمد محمود صاحب الشركة الهندسية للاستثمار والمقاولات والشركة العربية للإنشاء والتعمير ومالك العقار المقيم به المتحرى عنه شادي..
2- السيد داكر عبداللاه محمد محمود، مواليد 19/10/1971، يحمل بطاقة رقم قومي رقم 27110192700631، ومقيم في 75 شارع أبو داود الظاهري مدينة نصر أول ومالك العقار محل الإقامة، كما أن له محل إقامة آخر كائن 3 مساكن المنصورية الجيزة، وكذا محل إقامة آخر كائن التجمع الخامس الحي الخامس القاهرة الجديدة، والمتحرى عنه عضو لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين وكذا عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء.
3- السيد محمد عبد الرحمن سيد عمر الصريف، مقاول، مواليد 25/9/1976، الزيتون، ويحمل بطاقة رقم 276095010697، ومقيم في 75 شارع أبو داود الظاهري ، وله محل إقامة آخر كائن 4 شاعر دار السلام كوبري القبة، وهو متزوج السيدة هدى شقيقة المتحرى عنه داكر عبداللاه، وصاحب مجموعة شركات أبرزها المجموعة المصرية للصناعات والتشييد – تامر حسين محمد للتشييد والكائنة بلوك 63 قطعة 1 م 6 مدينة نصر أول.
4- السيد طاهر محمد محمود محمد اخصائي علاقات عامة بالشركة العربية للإنشاء والتعمير المملوكة للمتحرى عنه داكر عبداللاه وشريك السيد هاني عبداللاه شقيق داكر بشركة ريكاد مصر للاستثمار العقاري والمقاولات، والمذكور مواليد 25/2/1972 ومقيم في بلوك 63 قطعة 1م6 مدينة نصر وهو ذات مقر شركةالمجموعة المصرية – تامر حسين والمملوكة للمتحرى عنه محمد عبد الرحمن سيد عمر الصريف ، وكذا له محل إقامة آخر كائن 43 شارع الصبان ناصية شارع فضول الشرابية القاهرة، وكذا محل إقامة آخركائن 21 شارع صالح عبد السلام مهمشة الشرابية، وكذا محل إقامة آخر كائن مشروع سينكو التجاري العاشر من رمضان.
5- تقدم المتهم عادل فتحي في المناقصات المحدودة الخاصة بجهاز مدينة 6 أكتوبر بشان تنفيذ أعمال ترميم طبقة أساس ومرمات أسفلتية وشبك الري وبردورات وأرصفة الجزيرة الوسطى بمنطقة غرب سوميد للمجاورات من 4 إلى 10 بالمدينة، وقيامه أثناء السير في إجراءات البت في المناقصات بتقديم خطاب ضمان ابتدائى بإجمالي 3.4 مليون جنيه للجهاز مغطى من موارده الذاتية وصادر من البنك الأهلي المصري فرع القرية الذكية.
6- بتاريخ 14/7/2019 تم إسناد المناقصات بقيمة إجماليها حوالي 310 مليون جنيه لشركة المتهم عادل فتحي وتضمن خطابا الإسناد التزام الشركة بتقديم خطاب ضمان نهائي من بنك محلي معتمد غير مقترن بأي قيد أو شروط بقيمة 5% من إجمالي قيمة كل عملية- مناقصة، وسارة المفعول لمدة عام من تاريخ الاستلام المؤقت باسم جهاز مدينة 6 أكتوبر خلال عشرة أيام تبدأ من اليوم التالي للإخطار بامر الإسناد.
وقد تبين قيام المتحري عنه داكر عبداللاه بالتواصل مع المتهم عادل فتحي، حيث أخطره بترسية المناقصات على الشركة الهندسية الكويتية، ونظرا لعلم داكر بعدم كفاية الملاءة المالية والقدرة الذاتية لدى المتهم عادل فتحي على تقديم خطابات الضمان النهائية المطلوبة منه لضمان الأعمال، وكذا عدم قدرته على السير في تنفيذ الأعمال لعجز موارد السيولة لديه، فقد عرض داكر عبداللاه على المتهم عادل فتحي أن يقوم بمشاركته في تنفيذ الأعمال وأن يساعده في تدبير السيولة اللازمة له وكذا خطابات الضمان النهائية المطلوبة لتقديمها إلى جهاز مدينة 6 أكتوبر، وقد طلب داكر من عادل فتحي ضمانات لهذا الاتفاق بعضها باسمه والبعض الآخر باسم معارفه المتحرى عنهم سالفي الذكر، وقد وافق المتهم عادل فتحي على عرض داكر عبداللاه والذى تم تنفيذه وفقا لطلبات الأخير كالتالي:
أ) عرض داكر عبداللاه على المتهم عادل فتحي أن يقوم بمعاونته في تدبير خطابات الضمان النهائية المطلوب تقديمها للجهاز مقابل الحصول منه على شيكات بإجمالي 30.8 مليون جنيه، وهي ضعف قيمة خطابات الضمان البالغة حوالي 15.4 مليون جنيه، حيث وافق المتهم عادل فتحي على العرض وقدم له شيك مسحوب على حسابه بالبنك الأهلي المصري مؤرخ 30/7/2019 بقيمة 3.4 مليون جنيه قيمة خطاب الضمان الابتدائي الذي قدمه عادل فتحي للجهاز، وككذا شيكات بقيمة 27.4 مليون جنيه مسحوبة على حسابه بالبنك التجاري الدولي وتبين أن المستفيد من الشيكات جميعا هو المتحرى عنه/ محمد عبد الرحمن سيد عمر زوج شقيقة داكر عبد اللاه.
ب) ألزم داكر عبداللاه المتهم عادل فتحي أن يقوم الأخير بتوكيل المتحرى عنه شادي جمال محمد خفاجة لصرف مستحقاته وتمثيله أمام جهاز مدينة 6 أكتوبر، وتقديم واستلام كافة الأوراق والمستندات وخطابات الضمان والشيكات الخاصة بالمناقصات والتوقيع نيابة عن السيد عادل فتحي على العقود والأوراق والمستندات والمراسلات واستلام المستخلصات واستلام وتسليم كافة أنواع خطابات الضمان وكافة أنواع التعاملات المالية دون الرجوع للسيد عادل فتحي، وبتاريخ 4/7/2019 قام المتهم عادل فتحي بتوكيل المتحرى عنه شادي بموجب عقد وكالة رقم 1368 لسنة 2019 موثق بمكتب توثيق مدينة نصر أول.
ج) طلب السيد داكر من عادل فتحي أن يقوم الأخير بفتح حساب خاص بالشركة الهندسية الكويتية طرف البنك المصري الخليجي حتى يتم من خلاله صرف مستحقات الشركة وتحويل قيمة المستخلصات التي تصدر عن الجهاز في ضوء تنفيذ العمليات، مع تفويض المتحرى عنه طاهر محمد محمود محمد شريك شقيق السيد داكر بالتعامل على حسابات الشركة بالبنك في جميع التعاملات المصرفية والسحب والإيداع.
د) طلب داكر من فتحي أن يقوم الأخير بتحرير شيك مصرفي مسحوب على حساب عادل فتحي بالبنك التجارى الدولي باسم المستفيد/ داكر عبداللاه ومؤرخ 30/3/2020 بقيمة 40 مليون جنيه كضمانة للسيولة التى زعم داكر أنه سيدبرها لعادل فتحي أثناء تنفيذ الأعمال وضمانة للأرباح المزمع الحصول عليها من الأعمال.
هـ) تم تنفيذ الاتفاق المؤثم في ضوء حصول داكر عبداللاه على كافة الضمانات المطلوبة من المتهم عادل فتحي وقام المتحرى عنه داكر عبداللاه بمعاونة شادي خفاجة بتدبير خطابات الضمان محل الواقعة والتي تبين أنها مزورة ومنسوب صدورها على خلاف الحقيقة لبنك البركة.
و) تبين استخدام شادي للتوكيل الصادر له من المتهم عادل فتحي في تقديم كافة خطابات الضمان المزورة مع علمه باصطناعها لجهاز مدينة 6 أكتوبر، وكذا في استرداد قيمة خطاب الضمان الابتدائي المقدم للجهاز بإجمالي 3.4 مليون جنيه، حيث تمكن المتحرى عنه محمد عبد الرحمن سيد عمر زوج شقيق داكر من استخدام الشيك المسحوب على حساب عادل فتحي بالبنك الأهلي المصري فرع القرية الذكية والمؤرخ 30/7/2019 في صرف الشيك وتحصيله لنفسه بتاريخ 1/8/2019.
أقفل المحضر عقب إثبات ما تقدم في ساعته وتاريخه ويعرض على السيد الأستاذ أحمد معتوق وكيل النائب العام الأول بنيابة 6 أكتوبر للنظر والتصرف. )
لقد ارتكب داكر ببساطة من واقع أوراق القضية وتسجيلات وتحريات الرقابة الإدارية جريمة تزوير وتربح وتربيح في آن واحد، حصل بموجبها على أكثر من 40 مليون جنيه، مقابل منح شريكه عادل فتحي خطابات الضمان المزورة، بهدف الاستيلاء على 300 مليون جنيه، هى إجمالي قيمة الأعمال التي أسندت إلى الشركة الهندسية الكويتية، وذلك بواسطة شبكة عائلية اعتادت العمل معه، طوال تلك السنوات التي عاد فيها داكر للظهور من جديد، في صورة رجل الأعمال والمسثمر الكبير الذي يمثل رجال المرحلة الحالية، وزاد من نفوذه وقدرته على هذا الصعود السريع تسهيلات غير مفهومة قدمها رجال في دائرة الحكم حول رئيس الجمهورية، الذي نكاد نجزم أنه لم يكن على علم بتقريب مثل هؤلاء المشبوهين إليه، ودعوتهم باسم رئاسة الجمهورية في كل مؤتمر ومحفل رئاسي، وآخرهم مؤتمر الشفافية ومكافحة الفساد في شرم الشيخ في خريف العام الماضى، قبل عدة أشهر، حيث جلس داكر في الصفوف الأولى إلى جوار مشبوه آخر أدين من قبل بتهم الكسب غير المشروع والرشوة قبل عشرين عاما وأدين بالسجن سبع سنوات، ثم خرج ليصبح واحدا من نجوم البزنس والإعلام – على عكس المفترض- حتى تورط في قضية رشوة أخرى قبل 4 أعوام، قادته إلى الحبس، قبل أن يطلق سراحه مستفيدا هو الآخر من مادة “الاعتراف بالرشوة” فيما عرف بقضية فساد وزارة الزراعة، والتي أدين فيها الوزير صلاح هلال بالسجن 10 سنوات، بينما خرج الوسيط والسجين السابق محمد فودة حرا طليقا ليعود للكتابة والظهور الإعلامي وشراء الصحف ومقابلة الوزراء، بل والجلوس في المؤتمرات الرئاسية إلى جوار داكر عبداللاه، خلف الرئيس عبد الفتاح السيسي مباشرة.
لقد دأب داكر على التباهي بالدعوات الرئاسية وظهوراته المتكررة في محافل الرئيس، ونشر الدعوات الموجهة إليه على صفحته الخاصة على الفيسبوك، إيحاء بنفاذه إلى قمة السلطة، ومدى القوة التي يتمتع بها عند أصحاب القرار، حتى أنه انضم إلى حزب مستقبل وطن، الذي أوحت دوائر هنا وهناك للناس بأنه اٌلأقرب إلى قلب الرئيس، والمعبر عن سياساته، والظهير لحكمه، ولأن كل ذلك كان وسائل لنيل أهداف أخرى تتمثل في التربح والإفساد في الأرض، فقد حرص داكر على أن يرأس لجنة مخترعة داخل الحزب باسم العلاقات مع الحكومة، ويصبح أمينها العام، ليسهل إقناع الشركاء والزبائن بأنه حلقة الوصل مع كل الجهات الحكومية، خاصة حين يقدم نفسه باسم حزب الرئيس.
ربما نجد في كل ذلك سببا ومبررا لكشف لغز التعتيم المفروض على نبأ القبض على داكر وممن معه في واحدة من قضايا الفساد الكبرى طوال ثلاثة أسابيع، رغم مسارعة الصحف ووسائل الإعلام للطنطنة بكل قضية يضبط فيها موظف صغير هنا أو هناك برشوة 20 ألف جنيه، أو مخالفة مهما كانت صغيرة.
وربما تشعر أجهز رقابية بالخجل مثلا، من أمثالنا، الذين حذروا طوال سنوات من تلاعب حفنة من المقاولين ورجال الأعمال بمساعدة مسؤولين وأصحاب نفوذ في دوائر مهمة، بالمال العام واقتصاد الدولة، والظهور بمظهر المؤيدين للنظام في سياسات البناء، فيما يعبثون بحوافرهم في كل زاوية لنهب المزيد من خير مصر، ويستئنفوا هوايتهم في ظل النظام السابق في الفساد والإفساد.
ما كان أغنانا اليوم عن مثل ذلك، لو أن أحدا فيمن وجه الدعوة الرئاسية للسيد داكر عبد اللاه، وهو بالمناسبة حاصل على دبلوم صنايع وليس مهندسا كما دأبت وسائل إعلامية وصحف على رأسها الأهرام – للأسف- على تعريفه، ضمن حملة التلميع المنظمة التي كان يدفع لها بسخاء هو ومن على شاكلته..
لو كان أحد راجع فقد ما نشرته بتاريخ 4 يوليو 2005 في جريدة صوت الأمة منفردا بنشر تحقيقات النيابة في قضية الرشوة الكبرى في وزارة الإسكان تحت عنوان “بالوثائق: 600 ألف جنيه رشوة لوكيل أول وزارة الإسكان و95 ألفا لمدير إدارة العطاءات والعقود” وكشفت فيه عن إسناد أعمال بقيمة 394 مليون جنيه لشركة احدة، فضلا عن انفراد شركات داكر عبداللاه وفاروق عبد الوهاب وعلاء والي – وهو بالمناسبة رئيس لجنة الإسكان في مجلس النواب اليوم !!- بكعكة مناقصات ومشروعات التجمع الخامس بالكامل من دون كل الشركات في مصر.. حيث كان الثلاثة يجتمعون كل مساءفي فندق فيرمونت ليتقاسموا كعكة ما سيطرح من مناقصات وأعمال ثم توزيع بعضها على بعض الشركاء من الباطن، قبل أن تبت الوزارة في إرساء أي مشروع، بل وأحيانا قبل الطرح نفسه، بمعرفة رجال الوزير إبراهيم سليمان.
ومما كشفته في تلك التحقيقات ألتي أجريت بمعرفة نيابة أمن الدولة العليا، ونشرته في الطبعة الثالثة من كتابي “الكتاب الأسود لإبراهيم سليمان”، أنه في الفترة من فبراير حتى 10 مارس 2005، بدائرة قسم أول مدينة نصر، اعترف المتهم الثالث داكر عبداللاه صاحب شركة عبداللاه للمقاولات بتقديمه مبالغ مالية وهدايا عينية على سبيل الرشوة للمتهمين الأول محمد حسني على حسين وكيل أول وزارة الإسكان لتنمية المجتمعات العمرانية الجديدة وأمين سر لجنة البت، والثاني جاد محمد جاد عبد المطلب مدير إدارة العطاءات والعقود بجهاز مدينة القاهرة الجديدة، بناء على طلب كل منهما مقابل مساعدته في ترسية وإسناد تنفيذ مشروعات إلى شركته في المدينة.
وقال إنه في بداية 2005 طرح الجهاز 3 مناقصات ردم لمنطقة امتداد غرب الجولف بالتجمع الخامس فتقدم باسم شركته للمناقصات الثلاث، واتفق مع المتهم الأول على دفع 600 ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل مساعدته في إسناد مناقصتين لشركته، وإن حسني بحكم منصبه كان يشترك في عضوية العديد من اللجان التي يدخل في اختصاصها النظر في أمور كثيرة تتعلق بالأعمال التي تنفذها شركته، وأهمها لجنة البت العليا التي تختص بإسناد مناقصات ردم منطقة امتداد غرب الجولف، واتفقا على أن يبدأ تقديم الرشوة على دفعات عقب الإسناد مباشرة.
وتتوالى اعترافات داكر بأن حسني شارك في حضور إجراءات فتح العروض المالية المقدمة من كافة الشركات المنافسة، وكان على اتصال دائم به من خلال الهاتف ومن خلال مقابلات شخصية في إحدى صالات الألعاب الرياضية بمدينة نصر أعلى العمارة الموجود بها البنك العقاري العربي بطريق الأوتوستراد، وكان يخبره خلالها بما تم اتخاذه من خطوات وإجراءات من دراسة وفحص للعروض الفنية والمالية، حتى انتهى إلى إسناد المناقصتين بالفعل إلى شركته بقيمة 120 مليون جنيه، وأخبره بأن أمرى الإسناد في سبيلهما إلى الصدور، وفعلا صدر الأمران مما أكد له قدرة المتهم الأول على تنفيذ ما وعد به.
لكن داكر لم يف بوعده، وأصاب القلق حسنى، وظل يطالبه بتنفيذ وعده بتقديم مبالغ الرشوة المتفق عليها بعد إسناد الأعمال إليه،نظرا لوجود التزامات مالية عليه حان وقت سدادها تتعلق بمستحقات مقاول يدعي محمد عبد الحميد يقوم ببناء الفيلا الخاصة به في التجمع الخامس، فضلا عن سداد أقساط فيلا مارينا، ورغبته في تغيير سيارته الخاصة إلى سيارة شيروكي أحدث.
داكر كان يرغب في التملص، واعترف أمام النيابة، أنه نظرا لإلحاح حسني عليه في دفع مبالغ الرشوة المتفق عليها، قام بتجهيز مبلغ 25 ألف جنيه يوم 9 مارس وسلمه إلى محمد عبد الرحمن الموظف بشركته والشهير ببندق، وهو زوج أخت داكر ( ما أشبه اليوم بالبارحة) ليقوم بتوصيلها إلى حسنى في منزله الكائن بشارع الفريق على عامر في مدينة نصر، وهو المبلغ الذي ضبطته الرقابة الإدارية بمنزل المتهم الأول بعد تسلمه مباشرة على كونسول مدخل الشقة، كما ضبطت في دولاب الملابس بحجرة النوم حقيبة “نبيتية” اللون بداخلها مبلغ 239 ألف و800 جنيه، وحقيبة أخرى جلدية سوداء بداخلها مبلغ 100 ألف جنيه، إضافة إلى مبلغ 6100 جنيه داخل حقيبة صغيرة، مع كثير من المستندات التي تثبت تضخم ثروة وكيل الوزارة بسبب استغلال وظيفته.
قبل ذلك دفع داكر إلى حسنى 900 جنيه من مبلغ الرشوة داخل سيارته ف طريقهما لتناول العشاء بأحد مطاعم فندق شيراتون هليوبوليس ( فيرمونت حاليا) يوم 6 مارس، وهناك طلب منه حسنى أن يسدد له اشتراك عضوية إحدى صالات الألعاب الرياضية “الجيم” في مدينة نصر، بقيمة 2900 جنيه، وسلمه صورتين شخصيتين، لعمل العضوية.
ونعود إلى عملية التلاعب الأصلية في المناقصات، حيث اعترف داكر بأن حسنى اخبره أنه أخطأ في العروض المالية المقدمة منه في المناقصات الثلاث بعدم تحرير بند يشترط فيه الحصول على نسبة 10 % من قيمة كل عملية كدفعة مقدمة وأن ذلك يترتب عليه قيام اللجان المخصصة بهيئة المجتمعات العمرانية بإجراء تصويب وإعادة تقييم للعروض المالية المقدمة من الشركات المتنافسة في ضوء ذلك، على نحو يمكن أن يترتب عليه إسناد المناقصات الثلاث له مع عدم حصوله على أية مبالغ كدفعة مقدمة وهو ما لايحقق مصلحته المالية.
وبناء على ذلك طلب منه المتهم الأول التوجه لمقابلة المتهم الثاني جاد محمد جاد عبد المطلب الذي كان بحوزته مستندات وأوراق العروض المالية في ذلك الوقت، ليقوم المتهم الثالث داكر عبد اللاه بإضافة بند خاص باشتراط حصوله على الدفعة المقدمة.
وتزداد الاعترافات سخونة حين يكشف داكر أنه كان يرغب في حصول شركته على عملية تكسير محطة الصرف بمنطقة محاجر غرب الجولف للاستحواذ على الحديد المسلح الناتج من عملية التكسير، فاتفق مع جاد على أن تقتصر دعوته للاشتراك في مزايدة تلك العملية على عدد محدود من الشركات التي حددها له داكر بالاسم، وكان سبق له الاتفاق مع ممثليها على عدم المزايدة عليه على أن يجرى إرساء العملية على شركته بإجمالي 150 ألف جنيه، في الوقت الذى اعترف فيه داكر بأنه اتفق مع مقاول باطن على شراء نفس العملية منه بمبلغ مليون و600 ألف جنيه.!
ومقابل المساعدة في هذه الصفقة الفاسدة طلب جاد رشوة 95 ألف جنيه وتليفون محمول، فقدم به بالفعل 10 آلاف جنيه والمحمول وقيمته 1300 جنيه، في ذلك الوقت، بواسطة محمد عبد الرحمن سيد أحد الموظفين لديه وشقيق زوجته ( وهو نفسه المتهم الثاني مع داكر اليوم في قضية التزوير)، كما قدم داكر بنفسه 10 آلاف أخرى إلى جاد بناء على طلبه خلال مقابلة في محطة البنزين الكائنة بجوار فندق ميراج القاهرة الجديدة، وعقب ذلك طلب منه جاد مبلغ 75 ألف جنيه في أول مارس، إلا أنه جرى القبض عليه يوم 9 مارس، عقب تقديمه جزءا من الرشوة للمتهم الأول (حسنى).
وقرر شقيق زوجة داكر (محمد عبد الرحمن) والموظف في شركته أيضا أنه بتاريخ 9 مارس في نحو الساعة 10.30 مساء استدعاه صهره داكر إلى مقر الشركة في شارع أبو داود الظاهري وسلمه لفافة بلاستيكية بيضاء اللون وطلب منه التوجه بها إلى مسكن المتهم الأول محمد حسنى وتسليمه إياها، فقام بتسليم اللفافة إلى عامل الأمن بالعقار وطلب منه توصيلها، ولدى مواجهته بالحرز أقر بانه ذات اللفافة التي سلمها بمبلغ الرشوة.
عندما سأل المستشار سامح أبو زيد رئيس نيابة أمن الدولة العليا داكر خلال التحقيق حول عدد عمليات الردم بالتجمع الخامس ولمن أسندت؟ قال إن عمليات ردم المرحلة الأولى بقيمة 37 مليون جنيه وأسندت إلى فاروق عبد الوهاب وعملية استكمال الردم بقيمة 57 مليون جنيه لصالح أولاد عبداللاه ثم إن عملية الردم الثالثة قيمتها 60 مليون جنيه وكانت من نصيب علاء والي.. وهكذا كان يجرى تقسيم الكعكة.
الطريف أن محمد حسنى الذى أصبح وكيلا أول لوزارة الإسكان والذراع الأيمن للوزير سليمان، لم يكن إلا مندوب مبيعات يبيع “البامبر” في السعودية، حصل على بكالوريوس التجارة في جامعة المنصورة عام 1981، وظل يتقلب في أعمال غير دائمة حتى فاز بفرصة سفر إلى المملكة السعودية عام 90 وظل بها حتى عام 98، حيث جاءته بشرى زوجته التي كانت تعمل لدى مكتب سليمان الاستشارى “ميسك” قبل تكليفه بالوزارة، فتوسطت لديه أن يوظف حسنى في أي وظيفة ترحمه من الغربة، وقد كان.. ووجد فيه سليمان غطاء جيدا لأعمال لا قانونية كثيرة منذ ذلك التاريخ حتى أنه صار يشغل 15 منصبا حتى خروج سليمان من الوزارة، وهى اللحظة التي شهدت سقوط حسنى وآخرين.
لا نقول هذا تعسفا أو رجما بالغيب، فقد جاء في تسجيلات المكالمات الصوتية التي قامت بها الرقابة الإدارية لهواتف المتهمين في القضية ما يؤكد ذلك، ومن بين تلك المكالمات ما جاء في المكالمة رقم 1 بين داكر وحسنى على النحو التالي:
(داكر: حتى لو الراجل قال أدوا لعلاء واحدة.
حسنى: حدخلك ومتقلقش على المظاريف.. مقفولة زى ماهي وهاوريها لك وانا المسئول.
داكر: اهم حاجة انها تتم وتكمل على خير.. وربنا يسهل وده على ربنا وعليم.
حسنى: يوم ما يقول تدى واحدة لعلاء.. بس أشيك أنه ينزل نفسه بس ممكن.. وقبل ما افتح هديلك ظرفك ولا فتحته.. اقسم بالله ماحد جه ناحيته ورب الكعبة وحياة ولادى..
داكر: يا عم متحلفش انا هاعرف شكلها ايه مش انت هتوريني..حاجتى.)
وفي المكالمة الثانية بين حسنى وداكر أيضا جاء ما يلي:
(داكر: قابلتك الراجل النهاردة؟
حسنى: لا
داكر: طلب امبارح؟
حسنى: ده كان في مجلس الوزرء ولما رجع قعد نص ساعة عشان يسجل حوار مع مفيد فوزي عن الكورنيش.)
وعندما سأل المحقق داكر عن هوية “الراجل الكبير” ارتبك وقال إنه يقصد حسن عبد العزيز رئيس جهاز القاهرة الجديدة، فباغته رئيس النيابة بسؤال استنكاري: “وهو رئيس الجهاز كان في مجلس الوزرا وكان بيسجل مع مفيد فوزي؟!!” فابتسم داكر ولاذ بالصمت.
كل هذا وضعته على سطور من عرق وحرية أمام أعين المسؤولين والجهات الرقابية علنا على صفحات الصحف، لكن ذاكرة هؤلاء تبدو شديدة الضعف فيما يبدو، ولولا ذلك لما عاد أمثال داكر للحياة والحيل من جديد.. بل وأكثر من ذلك، فقد كشفت بتاريخ 31 مارس 2014 على صفحتين من عدد “صوت الأمة” رقم 694 نص تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات حول قطاع الإسكان والذي تضمن وقائع خطيرة طالت بالأسماء عددا من المسؤولين والمقاولين على رأسهم داكر عبداللاه، ورصد التقرير تخصيص 3964 فدانا بالأمر المباشر ليعض شركات الاستثمار العقاري بموافقات شخصية من الوزير، دون التزام بتطبيق شروط الملاءة المالية، ثم ترك المجال لإبرام عقود بيع الأراضى المخصصة لآخرين – بالمخالفة للقانون- واعتمادها من الوزير بذات أسعار التخصيص، وتخصيص الأراضى المتميزة مثلا في مناطق القصور وشمال المشتل وامتداد غرب الجولف بسعر 250 جنيه للمتر، كما حدث لحساب أحمد عبد العظيم لقمة ابن رجل الأعمال الإخواني والذي استحوذ وحده على مساحة 67 ألف متر، في الجوف بذات السعر، ولم يضع فيها حجرا واحدا منذ 20 عاما، فيما شرع في بنائها قبل أيام، بعد أن أصبح سعر المتر 20 ألف جنيه، في واحدة من أفجر عمليات التربيح والفساد والتلاعب بثروة مصر العقارية.
والطريف أن لقمة الذى احتفظ طوال تلك السنوات بهذه المساحة بالمخالفة لقواعد التخصيص داخل الجولف، اكتفى بإنشاء مسجد مواجه للأرض أصبح مركز تجمع كبار مراكز النفوذ وشلة الفساد والسجناء السابقين من القلة التي سقطت بالمصادفة، ومن بينهم محمد حسنى الذي يظهر هناك كل جمعة، وماهر وهبة ضابط أمن الدولة السابق والذى كان ذراع ابراهيم سليمان في وقت من الأوقات ضد خصومه ومعارضيه، والذى توفي قبل أسابيع في 20 يناير الماضي ولم ينعه أحد إلا أحمد عبد العظيم لقمة بعزاء صغير في صحيفة الأهرام..فيالسخرية القدر.
وقد تجدد ذكر داكر عبداللاه ورائحته مرة أخرى في 2015، بعد إحالة قضية رشوة مشروعات الصرف الصحي ومياه الشرب في البحر الأحمر إلى محكمة الجنايات، حيث حصلت على تقرير آخر من الجهاز المركزى للمحاسبات قام برصد عدد من المخالفات الجسيمة ووقائع إهدار المال العام في وزارة الإسكان وقطاع المقاولات، قمت بنشره بتاريخ 16 فبراير 2015، تحت عنوان “داكر وهورس وصهر الحباك في وكر فساد الصرف الصحي منذ 10 سنوات”.
والمثير في هذه القضية التي لم يمض عليها 4 سنوات، كما كتبت وقتها، أن الجهاز الرسمى التابع للدولة طالب نفسه في التقرير الذي نشرت صورة منه بتوقيع الحجز الإداري على شركات داكر عبداللاه بسب إهداره 35 مليون جنيه بسبب تقاعسه عن استكمال أعمال مجمع الصرف الصحى بقطر 2500 بجهاز العبور، ما اضطر جهاز المدينة لسحب الأعمال منه.
لابد أن كوادر أمينة في أجهزة رقابية وأمنية وسيادية كانت تعلم جيدا كل ذلك، او على الأقل اطلعت على ما كشفته بنفسي مرارا على صفحات الصحف، متحملا مسئولية ما أكتب في وجه مراكز نفوذ طاغية، كانت تهدد خصومها سرا وعلنا بالويل والثبور وعظائم الأمور، بدعوى قربها من الرئيس، وهو ما لفت نظرى منذ اللحظة الأولى في بداية تنصيب الرئيس السيسي بعد انتخابه في المرة الأولى، حيث هالني أن يتم دعوة أحد تجار العملة وتهريب الذهب الكبار في حفل تنصيب الرئيس، وهو مصطفى نصار، وصرخت باعلى صوتى متسائلا: كيف سمحتم بدعوة هذا المريب في حفل رسمى يشكل بداية التعريف بالعهد الجديد، متنبئا بعواقب وخيمة لذلك، وهو ما تحقق بالفعل بعد أقل من أسبوعين حيث فوجئنا على صدر الصفحات الأولى لكل الصحف بخبر سقوط أكبر عصابة لتهريب الأموال والعملات الأجنبية مع صور تضم نجل وموظفي شركة مصطفى نصار نفسه في حى مصر الجديدة، وأمامهم تلال الأموال المضبوطة.
إن ثعالب ماكرة تريد وتخطط وتعمل على تلطيخ ثوب الرئيس والإدارة المصرية في عهد ما بعد سقوط الإخوان للأبد، منذ اللحظة الأولى، حيث توالى ظهور شخصيات ليست فوق مستوى الشبهات بعد نصار، في حضرة الرئيس، وربما دون علمه بهوية هؤلاء المدعوين وصحيفة سوابقهم السوداء، ما يترك أثرا من الإحباط في نفوس من يعلمون بواطن الأمور بل ومن يهتمون بالشأن العام، ومن عملوا طويلا لإصلاح هذا البلد، ودفعوا عرقا ودما في سبيل الانتصار على المفسدين، وأذكر أن صديقى المحامى حسن عبدالعال ابن حى الجمالية أفزعه هذا الصعود المستفز لرجل يعرفه يجيدا هو داكر عبداللاه، رغم سيرته غير المشرفة، إلى حد أن قال لي قبل أيام من القبض على داكر “دا ماشي يقول إنهم وعدوه بكرسي في مجلس النواب في الانتخابات الجاية..بعد ما أصبح أحد قيادات الحزب الكبيرة” ثم وجه كلامه لي بكل مرارة يحملها في حب هذا الوطن، قائلا: “يا عم لازم تعمل حاجة..تكتب حاجه..تقول حاجة.. هنسيب البلد تقع في إيد داكر عبداللاه”..!
ساعتها صارحته بأني أعد كتابا باسم “ثعالب مصر” وأني بالفعل خصصت فصلا لجرائم هذا الشاب المعجزة، الذي أصبح أهم مقاول لدى وزارة الإسكان، ولم نكن نعلم أن يد القدر أسبق، وان أبواب السماء كانت مفتوحة لصرخاتنا المتألمة، فإذ به يسقط بعد أيام قليلة من هذا الحوار.. إلا أننى عند وعدى بطرح الكتاب بما فيه من وثائق تنشر لأول مرة حول كل ثعالب الفساد في مصر.
محمد سعد خطاب
كاتب صحفي