تورط صحيفة “الأخبار” في الجريمة بصفحة كاملة تروّج لشعوذة جودة عبد الخالق على صفحاتها والهيئة الوطنية للصحافة كأن لم تكن
قبل قليل ألقت الشرطة القبض على الصيدلي أحمد أبو النصر، الشهير بطبيب الكركمين، لاتهامه بحيازة أعشاب وأدوية مجهولة المصدر بالشيخ زايد، وتمت إحالته إلى النيابة المختصة للتحقيق،
الحقيقة أنها ليست خطيئته وحده، ذلك الطبيب الشهير بترويجه لأفكار ومنتجات طبية فاسدة، بقدر ما هي خطيئة بعض الفضائيات والصحف التي منحت مساحات واسعة على منصاتها يقوم من خلالها “أبو النصر” و “حساسين” و “جودة” وغيرهم من أطباء الدجل والشعوذة بخداع المصريين البسطاء في حلقات متعددة عن “قدراتهم الخارقة” في شفاء كل الأمراض بمنتجات مجهولة ومن صنع أيديهم لم تحصل على أي اعتراف رسمي من وزارة الصحة.
على سبيل المثال لا الحصر.. هناك طبيب آخر لا يقل شعوذة عن “أبوالنصر”يعالج كافة الأمراض” بحسب فيديوهاته على الانترنت وأحاديثه في الصحف، حتى أن مؤسسة عريقة مثل أخبار اليوم أفردت له صفحة كاملة لترويج أكاذيبه.
هذا الطبيب يقول أنه يعالج معظم الأمراض والكثير من الحالات يعالجها بالمجان، لكن ما إن يصل المريض إلى عيادته حتى يجد نفسه يدفع 500 جنيه في الكشف بخلاف التحاليل التي يجريها في عيادته، وأيضًا بخلاف الأدوية مجهولة المصدر التي يبيعها للمرضى من ضحاياه، ليجد المريض القادم إليه من الأقاليم مطالبًا بدفع أضعاف ما كان سيدفعه لأطباء مختصين.
هذا الطبيب الذي قدّمته لنا صحيفة “الأخبار” اسمه “جودة” وهو لديه مستشفى صغير غير مرخص، بها صيدلية تبيع أدوية غير مرخصة، وعنابر لحجز للمرضى، في عمارة تقع مباشرةً أمام قسم الازبكية في شارع الجلاء بمنطقة رمسيس .
قبل أيام جاء نفر من أقاربي بالصعيد يقصدون مستشفى الدكتور “جودة” فصحبتهم على العنوان الذي معهم، حتى فوجئت بكارثة طبية جلية على أرض الواقع، مستشفى غير مرخص، ومعمل تحاليل، وعنابر للمرضى، ومجهولون يمارسون مهنة الطب في وضح النهار بلا حسيب ولا رقيب.
قبل أن تحاكموا “أبو النصر” أو “جودة” ومؤخرًا ” دعاء سهيل” حاكموا المنصات التي قدمتهم للمصريين على أنهم خبراء في الطب وعلاج الأمراض المستعصية، حتى أن إحداهن ممن يعملن في مجال الإعلام الطبي مع تلك الحفنة من أطباء الشعوذة استحصلت لنفسها قبل فترة قليلة على ترخيص رسمي لقناة فضائية بذاتها، جل برامجها في هذا النشاط المشبوه،
وقبل ذلك كله اسألوا المجلس الأعلى للإعلام: لماذا لم يُفعّل المعايير والأكواد الخاصة بالإعلام الطبي حتى الآن؟!
لماذا لم يجبر وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي والإلكتروني على تطبيقها؟!
لماذا لم يطبق العقوبات على أصحاب تلك الفضائيات أو الصحف أو البرامج؟! خاصة وأن أرباحهم المشبوهة بعشرات الملايين.
لماذا لا يفعل ما تفعله مؤسسات عريقة شبيهة له في دول العالم المتقدم مثل هيئة ofcom في بريطانيا. و المجلس الأعلى للصوتيات والمرئيات في فرنسا، و”مجلس الصحافة” في ألمانيا، الذين يقومون بفرض رقابة صارمة على مثل هكذا نشاطات؟!
انها منظومة متكاملة جعلت الفساد والتراخي في تطبيق القانون، وترويج العلاجات الطبية المجهولة يقفون صفًا واحدًا في خداع مرضى المصريين.
إننا مع بزوغ نجم الجمهورية الجديدة نحتاج إلى وقفة جادة وسريعة لضبط المنظومة الإعلامية التي يطل منها مثل هؤلاء.
✍️/ عبده مغربي