وفي هذا الموضوع نكشف بالأرقام والأسماء ملايين الشركة التي تذهب إلى
حفنة قليلة من الكبار وننشر أيضًا قائمة المحظوظين في شركة مصر للاسمنت
أثناء كتابة هذه السطور يكون قد مرّ حوالي اسبوع كامل على اعتصام عمال شركة مصر للأسمنت في مصنعها على طريق قفط القصير بمحافظة قنا، العمال طوال مدّة الاعتصام طالبوا بما وصفوه حقوقهم المنهوبة بالشركة.
إلى ذلك كنّا قد نشرنا هنا في هذه المنصة سلسلة مقالات عن الإنحرافات العنيفة التي تتم في شركة يُفترض أنها مملوكة في غالبيتها للمال العام، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، عمولات بيع الأسمنت التي يقوم أحد النافذين في الشركة بتحصيلها من تحت الطاولة ولا تدخل في الدفاتر، أحد المصادر قدّرها بحوالي 200 مليون جنيه، وقال: “تذهب في السر إلى حفنة من المحظوظين” بالشركة.
على أن هذا الانحراف يصعب على أعتى الأجهزة الرقابية أن تكشفه مستنديًا، لإنها عمولة تتم بعيدًا عن الأوراق، اللهم إلا إذا تم تتبع تحويلات وحركة الأرصدة في حسابات بعض قيادات المصنع، وتقدير حجم الزيادة في ثرواتهم التي تضخمت بشكل عنيف في فترة وجيزة، ومقارنتها مع مدخولاتهم الطبيعية.
يحدث ذلك في ظل ما قيل عن حماية مزعومة يتمتع بها عدد منهم، ولا أظنّه السيد اللواء عبد الفتاح سالم حرحور، الذي يردد مقرّبون منه أنه وثيق الصلة بدائرة الحكم الرئيسية في البلاد، ذلك أن الرجل، بحسب أفراد في الدائرة المقرّبة منه، لا يعلم شيئًا حتى اللحظة عن عشرات الملايين التي تدخل جيوب حفنة من المحظوظين في المصنع، في شكل عمولات من تحت الطاولة.

الحمايّة “المزعومة” تلك، يلتحف بها تشكيل عصابي احترف المتاجرة بمكانة الرجل، وبأنه على علم بكل ما يدور بالمصنع، في حين تقول مصادرنا أن الرجل، أشبه بالرئيس الشرفي للمصنع، وهو بحكم ما تقلّده من مناصب سيادية، قد زهد في كثير من الأعمال التي تفرضها عليه واجبات منصبه رئيسًا لمجلس إدارة الشركة بمصانعها الضخمة الثلاثة في “قنا” و “المنيا” و”الخرسانة”..”حتحور لا يعلم شيئ تقريبًا عن مئات الملايين التي يتم تحصيلها في شكل عمولات تحت الطاولة من بعض التجّار الكبار إلى موظف نافذ في قطاع المبيعات”: قالها مصدر هام بالشركة.
على ذلك هل نخلي مسئولة “حرحور” مما يجدث بالشركة؟! بالطبع لا، فهو مسئول تضامنيًا عن أغلب تلك الانحرافات التي تتم دون علمه ومن خلف ظهره، وهي بمئات الملايين، تذهب إلى حفنة من المحظوظين، وكان جديرًا بالرجل أن يفتّش في كل صغيرة وكبيرة بالشركة، الشركة التي يهيمن على قطاع مهم في قراراتها كلًا من طارق طلعت و فتحي عارف وبسّام عبد الرسول وقاسم عبده قاسم و رامي سيد موسى و أحمد نزار، حتى أن الشركة في سبيل مكافأتهم خصصت لكل واحد منهم سيارة تويوتا سعرها يقترب من 2 مليون جنيه.
مصر للأسمنت – قنا هي شركة مساهمة مصرية يقع مصنعها الرئيسي بمحافظة قنا، عند الكيلوا 8 على طريق قفط-القصير، الشركة تأسست في 25 مايو 1997 برأسمال قدره 600 مليون جنيه مصري، وساهم في تأسيس الشركة وقتها العديد من البنوك وشركات التأمين والاستثمار ورجال الأعمال قبل أن تتوسع الشركة في شراء مصنع آخر للاسمنت بمحافظة المنيا، إضافة إلى مصنع للخرسانة الجاهزة، اشترتهما بقروض بنكيّة من شركة أسيك (أحمد هيكل)، وتتوسع مؤخرًا بتأسس شركة أخرى هي “مصر للأسمنت للصيانة”.
تعالوا نفتش في المستندات:
طبقًا لما هو مدوّن في صفحة الشركة بالبورصة فإن تشكيل أعضاء مجلس الإدارة يتكوّن من السيد عبد الفتاح سالم حرحور (من ذوي الخبرة) رئيسًا لمجلس الإدارة، والسيد طارق طلعت أحمد عبد الفتاح (من ذوي الخبرة) عضوًا منتدبا، والسيد حسن عبد العزيز حسن عضو مجلس إدارة.. أيضًا(من ذوي الخبرة).
فيما يمثل السيد خالد مختار عبد الباقى عضو مجلس إدارة عن شركة “مصر لتأمينات الحياة”، والسيد جمال صلاح عضو مجلس إدارة ممثلًا لـ”بنك الاستثمار القومي”، والسيد أحمد محمد حمدي أبو زيد عضو مجلس الإدارة ممثلًا لـ”مصر للتأمين” والسيدة ميادة أحمد رفعت عضو مجلس الإدارة ممثلًا لـ”المصرية للمشروعات الاستثمارية”، والسيد أحمد نبيل محمد السعيد عضو مجلس الإدارة ممثلًا لـ”الأهلى كابيتال القابضة”، والسيدة داليا عبد الله محمد الباز عضو مجلس الإدارة ممثلًا لـ”الأهلى كابيتال القابضة”، والسيد محمد عبدالمنعم محمد عياد عضو مجلس الإدارة ممثلًا لشركة “الاستثمار الكويتية المصرية ش.م.م”.
وعلى ما سبق فإن هيكل الملكيّة في الشركة يتوزع على:-
- الأهلى كابيتال القابضة (21.31%)
- الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد و البناء (11.27%)
- فهد حمد إبراهيم الحرقان (10.09%)
- المصرية للمشروعات الاستثمارية (10.07%)
- بنك الاستثمار القومي (9.88%)
- الاستثمار الكويتية المصرية ش.م.م (9.58%)
- مصر لتأمينات الحياة (9.37%)
- كيو ان بي للخدمات المالية (6.70%)
- بيت الخبرة القابضة كامار (4.939%)
- مصر للتأمين (4.68%)
- نورجس بنك (1.59%)
- ميد بنك ش م م (0.96%)
- ﺷﺮﻛﺔ بيت الخبرة للتأجير التمويلي (0.148%)
- محمد علاء الدين محمد إسماعيل (0.0046%)
- أحمد عبد الحميد إمام (0.003%).

في الإطار أعلاه يكون ما يتقاضاه عضو مجلس الإدارة من بدلات وخلافه هو حق أصيل للجهة الممثل لها في المجلس، يتم تحويله إلى حساب تلك الجهة فور استلامه الشيك من الشركة، وهنا مربط واحد من أهم أحصنة الملايين التي تصل إلى جيوب أعضاء المجلس كل عام، من شركة تتراجع أرباحها بنسبة كبيرة، جعلت السهم يتصدر الأسهم الأكثر تراجعًا يوم 28 ديسمبر 2022 مع بداية اعتصام العمال، الذين يطالبون بما وصفوه حقوقهم المنهوبة بالشركة، و احتل سهم مصر للاسمنت – قنا المرتبة الثانية في الأسهم الأكثر تراجعًا في 28 ديسمبر 2022، بنسبة تراجع بلغت 3.44% عند 21.89 جنيه.
أعضاء مجلس الإدارة في شركة مصر للأسمنت (قنا) هم أنفسهم بذات الإسم والصفة أعضاء مجلس إدارة في شركات (المنيا) و(بيتون) و (الإدارة والصيانة)، موزعون فيما بينهم بنسب متساوية فيها، ونسب متساوية كذلك في البدلات والمكافآت عن اجتماعات المجلس واللجان.
فإذا جمعنا اجتماعات اللجان وقدرها 3 اجتماعات كل شهر، بالاضافة إلى إجتماع واحد على الأقل لمجلس الإدارة كل شهر أيضًا، يصبح تقريبًا جملة تلك الاجتماعات الشهرية لكل واحد من الأعضاء في مجلس الإدارة .. أربعة اجتماعات على الأقل، تعالوا نترجم هذه الإجتماعات إلى أموال.
بحسب قرار مجلس الإدارة رقم 9 لسنة 2022 فإن بدلات الحضور والانتقال لكل جلسة، تستمر بنفس قيمتها في السنوات السابقة (10 آلاف جنيه).
وهنا سيقول قائل، أنني ذكرت أعلاه أن هذا البدل قانونًا يتم توريده إلى الجهة الممثل لها العضو في مجلس الإدارة، فلا قيمة من حسابات ومعادلات لا يحصل منها هؤلاء الأعضاء على شئ في جيوبهم؟!!.. أقول: “تعالى نفك خيوط اللعبة مع بعض”، ونتابع التفاصيل.
لقد تم إقرار قيمة بدلات الحضور والانتقال لأعضاء مجلس الادارة عن اجتماعات المجلس واللجان المنبثقة بدون حد اقصي، لتكون (٩ آلاف جنيه بدل انتقال) و(ألف جنيه واحد فقط بدل حضور)، فنكتشف أن ما يقوم العضو بتوريده إلى الجهة الممثل لها فقط هو بدل الحضور، يعني أنه يورّد الـ “ألف جنيه”، بينما يحصل لنفسه على بدل الانتقال (المواصلات يعني من بيته للشركة) وقدره ” 9 آلاف جنيه” عن كل اجتماع..!
نعود إلى المعادلة:
أربعة اجتماعات في الشهر لكل عضو، في عدد شهور السنة يكون الإجمالي 48 اجتماع تقريبًا في شكل (لجان ومجلس إدارة) وعليه يكون إجمالي ما يصل إلى جيوب أعضاء مجلس الإدارة (9 آلاف عن كل اجتماع مضروبًا في 4 اجتماعات كل شهر، مضروبًا في عدد شهور السنة، يصبح الإجمالي 432 ألف جنيه تدخل إلى جيب كل عضو من أعضاء مجلس الإدارة الـ 11، بينما يتم توريد 48 ألف جنيه فقط هي قيمة بدل الحضور، وهي حيلة مبتكرة، جعلوا فيها تكلفة الانتقال (المواصلات) إلى الاجتماع الواحد (9 آلاف جنيه) وتكلفة الحضور المنصوص على توريدها إلى الجهة الممثل عنها، لتكون فقط ألف جنيه.
وهنا لا يمكننا أن نعبر تلك النقطة من دون الكشف عن سيارتين قيمتهما تقترب من 6 ملايين جنيه تم تخصيصهما لرئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب.
ما يجعلنا نطرح السؤال عن ماهيّة بدل الانتقال لكيلهما “حرحور” و “طلعت” في حصولهما على 480 ألف جنيه لكل منهما سنويًا كبدل للإنتقال وتحت تصرف كل واحد فيهم سيارة فارحة حديثة لكافة التنقلات..؟ّ الإجابة عن الجهات الرقابية.
وكون بدلات الانتقال للسيد عبد الفتاح سالم حرحور رئيس مجلس الادارة، والسيد طارق طلعت أحمد عبد الفتاح العضو المنتدب، تصرف كاملة لهما هما والسيد حسن عبد العزيز حسن عضو مجلس الإدارة فإنهم استثناءًا.. يحصلون على480 ألف جنيه كاملة في جيوبهم فذلك لا بوصفهم يمثلون المًلّاك، بل لأنهم من “ذوي الخبرة”.
إلى ذلك ويحصل السيد “حرحور” رئيس مجلس الإدارة على أكثر من 200 ألف جنيه في شكل مخصصات شهرية، وبدلات حضور اللجان ومجلس الإدارة في الـ 4 شركات بما قيمته 60 الف جنيه، إضافة إلى المكافأة السنوية بحوالي 400 ألف جنيه، ومبلغ يزيد أو يقل قليلًا عن المليون جنيه لحصته في نسبة الـ10% من الأرباح المخصصة لمجلس الإدارة نهاية السنة المالية.
بينما يحصل طارق طلعت العضو المنتدب على ما يقرب من 300 ألف جنيه مرتب شهري من شركتي “قنا” و “المنيا” كمخصصات شهرية، بخلاف حصوله على بدلات حضور اللجان ومجلس الإدارة في الـ 4 شركات بمبلغ يقترب من 60 ألف جنيه كل شهر، مع نصيبه في الأرباح السنوية بمبلغ يزيد قليلًا أو يقل عن مليون جنيه من شركتي “قنا” و “المنيا”، مضافًا إليها مبلغ مكافأة عضويته بمجلس الادارة وقدره 400 الف جنيه، وهذا كله بخلاف مبلغ يقترب من 3 ملايين جنيه يقبضها بوصفه العضو المنتدب في شركتي “قنا” و “المنيا” في شكل مكافأة خاصة بوصفه العضو المنتدب.
لنسأل السؤال الأهم، كيف ولماذا ومع تلك الملايين الكثيرة التي يحصل عليها أعضاء مجلس الإدارة الـ “11”: يضجر العاملون في مصنع أسمنت قنا، من تدنّي المرتبات..؟ّ! ثمّة إجابة عند هؤلا العمّال، يقولون : “لأن حقوقنا منهوبة”.
على أن السؤال الأخطر، كيف والحال كذلك مع تلك الملايين الكثيرة التي يحصل عليها مجلس الإدارة أن تظهرالقوائم المالية المجمعة لشركة مصر للأسمنت – قنا، خلال التسعة أشهر الأولى من العام 2022، تراجعًا ملحوظًا في أرباحها بنسبة 20% على أساس سنوي.
إذ حققت الشركة صافي أرباح بلغت 96.89 مليون جنيه خلال الفترة من يناير حتى نهاية سبتمبر2022، مقابل أرباح بلغت 122.06 مليون جنيه خلال الفترة ذاتها من العام الذي سبقه، بتراجع في الأرباح قدره 26 مليونًا و 170 ألف جنيه.
حتى أن نصيب ملكية الشركة الأم قد تراجع في الأرباح خلال تلك الفترة من يناير حتى نهاية سبتمبر2022 إلى 63.09 مليون جنيه بنهاية سبتمبر، مقابل 107.4 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام الذي سبقه.
وعلى مستوى الأعمال المستقلة، تراجعت الأرباح خلال التسعة أشهر الأولى من العام 2022 لتصل إلى 52.13 مليون جنيه، مقابل أرباح بقيمة 80.77 مليون جنيه خلال الفترة ذاتها من العام الماضي بانخفاض في الأرباح قدره 28 مليون و640 ألف.
وتراجع نصيب حقوق ملكية الشركة الأم من الأرباح خلال الستة أشهر إلى 53.65 مليون جنيه بنهاية يونيو، مقابل 61.41 مليون جنيه خلال نفس الفترة من العام الذي سبقه.
هنا استسمح القاريء ألا أدرج به إلى قراءة مهنية في حقيية أرقام تلك الأرباح، لأنها ستأتي في موعد لاحق، ولنستمر في التعاطي مع أرقامها وفق بيانات الشركة.
هذا التراجع الكبير في الأرباح وفق دفاتر الشركة، مقارنة بالأموال الضخمة التي يحصل عليها مجلس الإدارة وفق دفاتر الشركة أيضًا، فتح أمامنا طريق البحث في الأسباب، سلكناه، فوجدناها مجموعة من الإنحرافات المالية والإدارية، التي سنفرد لها الكثير من المفاجآت في الحلقة القادمة من هذه السلسلة.. ومن ذلك:-
- قصة شقيقة السكرتيرة التي حصلت على 11 مليون جنيه في مهمة وهمية.
- قائمة مرتبات المحظوظين وسياراتهم الفارهة على حساب الشركة
- سر الإبقاء على حسين الشاذلي في “المبيعات” بعد طرد علاء اسماعيل منها