أكد الخبير الدولي المهندس دياب حسين دياب، عضو لجنة الخبراء الدوليين لتقييم سد النهضة، أن إثيوبيا اتبعت نظام كنترات تسليم مفتاح Turn key ، وفى هذه الحالة المسؤولية على كاهل المقاول وهو المقاول والمستشار، مما يجعل الدراسات الكاملة لم تقم بها في جميع المحاور الثلاثة، واكتفت فقط بدراسة موقع السد فقط، وتصاميم على مراحل مع التشييد وبدون أي تأمين، لذا وجدنا كل الدراسات غير مكتملة.
وأضاف: في مثل هذه السدود توصى Icold بأن يتعامل على نظام measure contract يعين صاحب العمل المستشار لإعداد الدراسات لكل المراحل من دراسات جدوى وتصاميم وتنفيذ، وهذا لم يحدث في سد النهضة، وبالنسبة لسد النهضة أنا كنت عضو في لجنة الخبراء الدوليين وناقشنا في اجتماعات كثيرة، وقمنا بزيارة الموقع لمراجعة العمل أكثر من ثلاث مرات، والتقرير الختامي في شقه الأول أوضح المطلوب من إثيوبيا ادخالها في التصميم.
وفى أثناء عمل اللجنة تم تكليف لجنة جانبية سميت بـ geotechnical mission لمراجعة الأساسات والحفر وعمل تقرير بالملاحظات من لجنة الخبراء، وتم رفع التقرير بالمطلوب عمله إلى الشركة المنفذة، وأهم الملاحظات هي وجود ترسيب الصخور والنظافة والحشو في السد الرئيسيmain dam أما السد السروجي فوجدت الأساسات غير ثابتة وصخور هشة Residual soil يجب إزالتها، وبالتالي تصل إلى أعماق أكثر من 45مترا، ولم توجد صخور ثابتة، وفى المنتصف توجد كهوف أخطر من التربة، لأنك لا تعرف مداها.
وأضاف دياب: اختلف الخبراء هل توجد فوالق أم لا، ومندوبنا د.الطلب في الوفد قال لا توجد فوالق لأن الوادي عبارة عن تعرية مما يجعل التربة هشة والجبلين في طرفي الوادي مختلفان، لذا استبعد الفوالق، ولكن أكد وجود الكهوف، رغم إنكار إثيوبيا، وفى رد إثيوبيا عن التقرير قالت لا توجد فوالق ولا كهوف في الموقع، ولكن لا يستبعد وجود فوالق داخل البحيرة على بعد مائة كيلومتر.
وتعليقي أولا إثيوبيا لم تقم بعمل دراسة مسح مائي مفصل بشبكات لمعرفة أي مشاكل تؤدي لحدوث شقوق وفوالق، وانتقدنا التقرير للمسافة، وقلنا يمكن تكون موجودة في أقرب مسافة، لأن المسح المائي لوعورة المنطقة من ناحية السلامة ووجود فوالق أو شقوق داخل بحيرة محملة بإطماء وأخشاب، ومع ضغط المياه والطمي تؤدي إلى حركة قوية مثل تسونامي ممكن تصل السد ويحصل موج sessamic عالي يطفو فوق السد السروجى قد يؤدى لانهياره رغم ارتفاع free board ، وطالبنا إثيوبيا بعمل مسح مائي بدقة، ولكن لم تلتزم بالخطورة الثانية.
ومعاملة إثيوبيا مع أساسات السد المساعد بعد الذهاب لأعماق بعيدة بل استعمل التكنولوجيا لعمل نظام الحقن حتى الارض الثابتة وفى منطقة الكهوف استعمل plastic sheet cutoff wall بالإضافة للحقن، هذا جاء في التصاميم على حسب تقرير الخبراء الجيولوجيين، ويفترض أن إثيوبيا بعد أن تنهى الملاحظات يجب عمل زيارة للموقع mission، وهذا لم يتم واكتفى بزيارة لجنتنا رغم مطالبنا، وبدأ العمل في صب الخرسانة.
وأيضا في مثل هذه السدود الكبيرة توصى خبراء Icold والبنك الدولي بتكوين لجنة دولية دائمة من خبراء لزيارة الموقع على الأقل كل 3 شهور لمراجعة التصاميم والعمل الإنشائي وعمل ملاحظات للمقاول والمستشار، ولكن إثيوبيا لم تقم بهذا، فقط اكتفت بخبراء الجيش الأثيوبي ومحليين، وللأسف قتل مدير الموقع لأسباب لا أعرفها، وخبراء الجيش الأثيوبي الآن قدموا لمحاكمات بالفساد، فكيف تثق في المقاول والمستشار تابع للمقاول.
ويضيف الخبير الدولي: أرسلت إثيوبيا مستندات بعد التعديل لإبداء الرأي ولم يكن مكتملا في أساسات وجسم السد السروجى، وغير مكتمل، وتم عمل ملاحظات من الخبراء السودانيين، وأرسل إليهم، وهل تم اعتمادها أم لا، الله أعلم.
والعيب الثاني في السد السروجى فلا توحد أبواب سطح لتمرير الفائض، بل توجد فتحة بطول أكثر من كلم على الجهة اليمنى وتفرق في السهل بدون أي حماية للسد، ويمكن يحصل انهيار من الناحية الخلفية، عموما عالميا انهيار سدود CFRDسد حجري مغطى بخرسانة تتم بسبب تسريب من الأساسات أو أن فواصل الخرسانة غير محكمة أو طفح من أعلى، وهذا وارد إذا وجد خلل في التنفيذ، أما السد الرئيسي فنسبة السلامة فيها عالية في هذه النوعية، وتوجد منها سدود أعلى من سد النهضة في الصين وباكستان بارتفاعات فوق 200متر، في حين سد النهضة ارتفاعه مائة وخمسة وأربعون مترا، وفى المجرى الرئيسي مائة وسبعة وستون مترا. ولمعرفة الأضرار اذا حصل انهيار لا قدر الله يفترض عمل نموذج حسابي two dimensional model ويسمى النموذج dam break analysis لتوضيح الكميات المنسابة والسرعة والأبعاد والإنشاءات المتأثرة، وإثيوبيا وعدت من البداية بأنها ستقوم بهذا العمل، ولم تلتزم حتى نهاية عمل اللجنة، وتم ضمها في التقرير الختامي، وحتى هذه اللحظة اثيوبيا لم تقم بهذا العمل، وهذا إن دل على شيء يدل على خطورة هذا السد إذا انهار، وسيكون على السودان السلام، لذا لا يوجد أي تأمين، لأن الإشراف على التنفيذ ضعيف مما يزيد من قلق الشعب السوداني.
ويضيف خبير المياه الدولي: إثيوبيا قدرت كميات الإطماء المنجرفة من الهضبة تجاه البحيرة بحوالى270 مليون م3 وهذه الكمية يفترض يترسب منها 97% طبقا لحسابات إثيوبيا، ولكن وجهة نظرهم الترسيب سيكون في نهاية البحيرة لأن حجمها كبير يبلغ 74 مليار م3 واستندوا في ذلك إلى أن بحيرة السد العالي الترسيب داخل السودان وبعيد من السد نفسه، ولكن الميلان في النيل يكاد يكون معدوم مقارنة بالميلان في بحيرة سد النهضة يقارب متر في كل كلم، وهذا يعنى الترسيب سيكون أمام السد داخل الأخدود وفى بحيرة السد السروجى، مما سيسبب مشاكل في التشغيل وتعطيل العمل، وخاصة في ظل عدم وجود فتحات كافية لتمرير المياه سيعانى السودان أولا ومصر ثانيا بالنسبة لما ذكرت من آثار التقرير الختامي في المحورين الثاني والثالث، وأوضح ما يجب القيام به لتكملة دراسات السد، وفى هذا اثيوبيا لم تقم بعمل دراسات للآثار المترتبة من تشغيل السد، مما أدخل لجنة الخبراء في تساؤل، لأن هذه اللجنة تكونت بناء على توصية من إثيوبيا بأن السد مفيد، وعندما طالبنا الوفد الأثيوبي بتقديم الدراسات التي تفيد دولتي المصب لتقييمها- وكان هذا الهدف الأساسي للجنة- لم نجد أي دراسات، وكان من الخطأ الاستمرار، لأن عمل اللجنة الرئيسي تقييم الدراسات ووضع الحلول، وللأسف لم نجد أي دراسة، وقلنا كيف يقوم سد بهذا الحجم في ممر مائي دولي بدون دراسة الآثار المترتبة من قيام السد على هذه الدول.
ويختتم الخبير الدولي بقوله: عموما تحت إصرار إثيوبيا بمواصلة تنفيذ المشروع وضعف حكومتي السودان ومصر، قررت اللجنة دراسة كل الآثار المترتبة من قيام السد، وأدرجت في التقرير الختامي أن تتم الدراسة في خلال عام، لكى ندرك إذا كان هناك تعديل في تصاميم السد، وللأسف مضى 7 سنوات ولم تقم أي دراسة، واثيوبيا أكملت السد، ويجب محاكمة القائمين على هذا الأمر وتحميلهم المسؤولية، لأن في يوليو القادم إن شاء الله سيبدأ الملء، ونحن سنتلفت شمال ويمين كالعادة.