عندما نتحدث عن اللواء أركان حرب السيد عبدالفتاح حرحور، بتاريخه العسكري المشرف الذي يجسد القوة والتنظيم، فإنه يُفْترَض أننا أمام شخص، يمتلك مجموعة من الصفات الفريدة التي يمكن أن تجعل منه قيمة مثمّنة في عالم الأعمال المدنية. إن تلك الصفات تجمع بين النظام والدقّة والتحدّي، بما يمكّنه من توظيفها في تحسين الأداء والإنتاجية.
فالرجل بما سمعنا عنه مؤخرّا من مصادر اقتربت منه في أوقات سابقة، يتمتع بالتدقيق الصارم والانضباط الواضح الذي يُميز جميع العسكريين. هذا التدقيق هو ما مكّنه من التعامل مع الظروف الصعبة واتخاذ القرارات الحاسمة في لحظات مهمة من حياته العسكرية، لكّن في عالم الأعمال، فهل استحضر الرجل هذه الصفات لضبط منظومة الأداء وتحقيق الأهداف بفعالية داخل مجموعة مصر للأسمنت؟ أم اعتبر عمله فيها إنّما هو استراحة أخيرة لمحارب أعيّته التجارب الطويلة، وجاء فقط ليحصل على مكافأة سهلة، دون أن يُجهد نفسه في التفاصيل أو يجتهد في استحضار ما لديه من خبرات لضبط منظومة الأداء بالمجموعة؟
مصادرنا تقول أن الرجل يتمتع بمهارات القيادة الاستثنائية. و في تاريخه محطّات متعددة كان يتميّز فيها بتحفيز وتوجيه رجاله نحو تحقيق الأهداف بدقّة وسهولة واقتدار. لديه قدرة واضحة على تنظيم الجماعات وتطوير استراتيجيات العمل بشكل دائم ومستمر، لكّن؛ لماذا لم نجد الكثير من هذه القدرات في طريقة أداء الرجل وهو يقود مجموعة مصر الأسمنت، حتى بدا كما لو أنّه غير عابئ بالإدارة، عندما ترك مفاصل الشركة بشكل شبه كامل في يد العضو المنتدب المهندس طارق طلعت. على النحو الذي أشرنا له في الحلقة السابقة من هذه السلسلة التي تتناول مجمل الأوضاع في مجموعة مصر للأسمنت.
الرجل العسكري يمتلك تفكيرًا استراتيجيًا وقدرة على التخطيط بعيد المدى. يعتمد على تحليل البيانات والمعلومات لاتخاذ القرارات الصحيحة. يتمتع بالتفاني والاجتهاد من أجل تحقيق الأهداف والالتزام بالمهام الموكلة إليه. بما يجعل منه قيمة حقيقية وإضافة ملموسة في إدارة الشركات المدنية عبر الاستفادة من خبراته الطويلة عبر السنين، في تحسين أداء هذه الشركات وتحقيق نجاحات أكبر. إنه لا يجب أن يكون فقط رمزًا للقوة التي يستمدها من تاريخه الوطني، بل يجب أن يكون قائدًا ومديرًا متميزًا يمكن أن يسهم بشكل كبير في تطوير البيزنس المدني وضبط منظومة الأداء فيه لتحقيق النجاح والازدهار. اللواء أركان حرب عبدالفتاح حرحور في حاجة إلى استدعاء قدراته.. في حاج إلى ضبط منظومة مصنعين كبيرين يعملان في انتاج الأسمنت بقنا، وتقول مصادرنا أنهما يتهددهما مستقبل غامض في ظل نمط الإدارة الحالي المعمول به مجموعة مصر للأسمنت. إن لم يتحرك الرجل على النحو المطلوب.
تعالوا نفتش في فريق العمل المعاون للواء عبد الفتاح حرحور في مجموعة مصر للأسمنت، لنفهم أكثر كيف تجري الأمور في هذا الصرح الكبير.
* الرجل المعجزه الذي استعان به طارق طلعت فور تنصيبه عضوا منتدبا لشركتي المنيا وقنا
كنّا في الحلقة الماضية أشرنا إلى ما يأتينا من رسائل لأفراد بالمجموعة ضاقوا ذرعًا من رجل بلغ من العمر عِتيّا، حتى أنّ العاملين في الشركات الأربع بالمجموعة يتساءلون: لماذا عيّنه العضو المنتدب المهندس طارق طلعت مباشرة بعد مجيئه إلى الشركة؟! ثم ولماذا وافق هذا الرجل أن يعمل براتب زهيد قدره ٢٥ ألف جنيه فقط؟! أيضًا و لماذا وافق أن يعمل كمستشار في هذه الشركات الأربع بهذا المبلغ الزهيد ؟!.
قبل الدخول إلى مضامين الرسائل التي وصلتنا بحق الرجل بطل هذه الحلقة فإنه يتحتم علينا توضيح معنى “العِتيّْ” حتى لا يتم أخذها خارج السياق، هي: (اسم) والجمع : أَعْتَاءٌ، ومعناها :”بَلَغَ مِنَ العُمْرِ عِتِيّاً أي تَقَدَّمَ كَثِيراً فِي السِّنِّ”. تعالوا نفتش في الرسائل:-
هناك من مضامين ما جاء في هذه الرسائل، ما نصدّقه، لأنه يتوافق والمنطق، ومنها ما لا نصدّقه، لأنه لا يستند إلى دليل أو حتى قرينة، وكما نجد أنّه من واجبنا أن ننتقد الرجل في بعض ما يُثار بحقه، فإننا يجب من الناحية الأخرى أن ندافع عنه وندحض ما يثار ضده من اقاويل مغرضة، ومن تلك الأقاويل التي ندحضها ما قيل إنّه: ” مع مرور الوقت ومن خلال تصرفات وأفعال هذا الرجل العِتيّْ-فتحي عارف رئيس الموارد البشرية- لاحظ العاملون بالشركة أن نفوذه بدأ يتزايد يومًا من بعد يوم، وشهرًا من بعد شهر، خاصّة عندما بدأ في التخلص من العديد والعديد من قيادات الشركات الأربع، حتي جعل من نفسه في عدّة شهور معدودة الرجل الأول والذراع الأيمن والأيسر للمهندس طارق طلعت بل وأصبح الآمر الناهي في الشركات جميعها”.
صراحةً.. فإنّ ما سبق وما اعتبره البعض مذمّة في الرجل العِتيّْ، يمكن أن يكون بالأساس مجموعة من الخصال الحميدة التي تشير ربّما إلى قدراته في التخطيط والتنظيم، في الإدارة والتوجيه، وهي تبرر ربّما لماذا زاد راتبه حتى تجاوز الـ 170 ألف جنيه في الشهر بخلاف نسبة الـ 30٪ التي يحصل عليها من الأجر الشامل.. والتي يأخذها دفعة واحدة عن السنة بالكامل بداية كل عام، هذا بخلاف سيارة تويوتا فرنتشر يتجاوز ثمنها الـ 2 مليون جنيه بالسائق، وتجدّر الإشارة هنا أننا لا نصدق بالمرّة ما يردده مغرضون كارهون للرجل عن : (سيارة تانية هيونداي توسان شغالة بس لخدمة البيت.. بتجيب الخضار وتخلص مشاوير المدام والأولاد)، ذلك لأنّ نؤمن بأنّ مهمتنا تدور فقط في النقد البناء.
تقول إحدى الرسائل: “لقد نجح فتحي عارف في رسم خطط الإحكام والسيطرة.. فتم له النفوذ شبه الكامل علي الشركات من خلال انشاء هيكل تنظيمي جديد مكون من العاملين المقربين والمحظوظين بعدما تخلص بهذا الهيكل مما يقرب من ٨٠٪ من المديرين بالشركات الأربع واستبدلهم بمن يدينون له بالطاعة، الهيكل الجديد حظي بالمنح والمكافآت والهبات والعطايا وكأنها عزبة خاصة، لا شركة تعمل في جزء منها بأموال اليتامي من صندوق التاميناتْ، أو من المال العام المملوك لبنوك ومؤسسات عمومية”. هذا المحتوي في هذه الرسالة يدخل في إطار النقد البنّاء، ويمكن لمتخذ القرار -اللواء حرحور- أن يفتّش في وجاهة هذا القول من عدمه، من أن تكون خطّة قد اكتملت بالفعل لفتحي عارف وطارق طلعت وانتهت إلى بناء شلّة تعمل فيما بينها بعيدّا عن اللواء حرحور، وتسعى إلى تغفيله، وحجبه عن كثير مما يدور بالشركة، أو أنّ هذا القول مجرّد نفسنة بين الموظفين.
تعالوا نفتّش أكثر فيما يتردد عن إحكام الثنائي-طلعت وعارف- السيطرة على مفاصل الشركة، ونتناول هنا طريقة تعيين القيادات المعاونة والمحورية في الشركة:-
أ- سياسة التوظيف و الاختيار
لقد استوقفتني طريقة تعيين قيادات جديدة بالشركة، والتي تم حصرها في 3 توقيعات على طلب التعيين، بعدها يحصل طالب الوظيفة عليها، هذه الطريقة وضعها فتحي عارف وتنص على أنه يجب توافر ثلاثة توقيعات على طلب التعيين :
- رئيس المجموعة للوظيفة المطلوبة ( وهو حاليًا أيًا كان موقعه فهو من الموالين لـ فتحي عارف وطارق طلعت)
- رئيس مجموعة الموارد البشرية (فتحي عارف)
- العضو المنتدب (طارق طلعت )
أين دور اللواء حرحور في الموافقة على أو رفض التعيين؟
كما استوقفتني أكثر، شروط تعيين الوظائف القيادية العليا:-
(.. يقوم رئيس المجموعة للموارد البشرية بالتوصية للتعيين مقدمة للسيد العضو المنتدب مع وضع المرتب المناسب وفقا لهيكل الاجور المعتمد، وفي حالة موافقه السيد العضو المنتدب علي تعيين المرشح يوقع له بالموافقة، مع اعتماد المرتب المقترح من رئيس مجموعة الموارد البشرية وفقا لهيكل الاجور المعتمد).
أيضًا أين دور اللواء حرحور في الموافقة أو رفض التعيين؟!
قد يقول قائل ” إن تلك السياسة يمكن أن تكون بداية التمهيد لتكوين شلة المقربين والمحظوظين من “طلعت وعارف” ، ذلك أنّه بمجرّد أن يتم التعيين وينزل الراتب، سيكون الفضل في ذلك لثلاثة، ليس من بينهم أبدّا رئيس مجلس الإدارة، الذي يتم إحاطته بشكل دوري بالتغييرات في مستوي الوظائف العليا سواء أكان المعيّن رئيس مجموعة أو مدير عام، وهي وظائف تمثل تروس حقيقية في ماكينة التشغيل، هذه التروس من الطبيعي أن تدور في فلك قريب من الترس الرئيس الذي يقوم بتدويرها، والترس الرئيس هنا هو الذي شغّلها في البداية ويقوم بتشغيلها بانتظام”. أقول: إنّ ذلك يتوقف على مدى إحاطة رئيس مجلس الإدارة، اللواء حرحور فهو االوحيد القادر على موافقة أو رفض هذا القول الوجيه. خاصة إذا علمنا أن التعيينات قبل هذا الوضع لم تكن تتم إلا من خلال مجلس الإدارة، لا من خلال العضو المنتدب مع مجموعته من الموظفين.
ب- سياسة الترقية
وهنا سيتجدد الكلام عن سياسة ضمان الحصول على ولاء المقربين والمحظوظين أو ما يعُرفون بـ “الشلّة” فلا يتجرأ أحد منهم على الخروج من العباءة، خاصة في ظل وجود “الاستثناء” الخاص بجواز اعتماد الترقية بعد العام الاول، وتكون بعد اعتماد رئيس المجموعة المختص (الشلّة) و رئيس مجموعة الموارد البشرية (فتحي عارف) و اعتماد السيد المهندس العضو المنتدب (طراق طلعت).
ج- فترة الاختبار
وهي لا تختلف عن “التعيين” أو “الترقية” إذ يجوز في وظائف محددة إسقاط فتره الاختبار و اعتماد عقد العمل محدد المدة أو غير محدد المدة و ذلك بتوصيه خاصة من رئيس مجموعة الموارد البشرية و اعتماد العضو المنتدب ..
د- هيكل الاجور المعتمد
وفيه تم اعتماد هيكل الأجور في عام ٢٠٢٠ بعدما تم تعديله بزيادة قدرها ٢٠٪ في عام ٢٠٢١ ثم تعديله مرة أخرى في عام ٢٠٢٣ بزيادة ٣٠٪ .
و- نظام المكافآت المتغيرة
ولقد استوقفني هذا الحافز المسمي ٣٠٪ المذكور من قبل في مقال سابق هذه السلسلة و الذي لوحظ بأنه لا يصرف عادة إلا لفصيل معين، فعلي سبيل المثال لا الحصر السيد رئيس المجموعة الفنية/ بسام عبد الرسول الذي تم تعيينه في آواخر ٢٠٢٠ و مع ذلك في فبراير ٢٠٢١ وصل مرتبه ٩٠,٤٢٦.٦٠ ، ثم زاد مرتبه في عام ٢٠٢٢ بنسبه ٢٠٪، ليصبح راتبه ١٠٨,٥١١.٩٢ ، هذا غير ما حدث له في ٢٠٢٢ عندما صُرِفتْ له مكافأه ٣٠٪ من راتبه فوق راتبه (٩٠٤٢٦.٦٠) المرتب الشهري ×١٢ شهر×٣٠٪ مكافأة المجموعة= ليصبح إجمالي مبلغ المكافأة- بصفته معين في المجموعة- مبلغًا وقدره 325 ألف جنيه، تحديدًا مبلغ 325 ألف و 535 جنيه و 76 قرش.
و في ٢٠٢٣ زاد مرتبه بنسبة ٣٠٪ أخرى ليصبح ١٤١,٠٦٥.٤٩ و وصُرفـتْ له مكافاة المجموعة بنسبة ٣٠٪ من المرتب بمبلغ 390 ألف و642 جنيها و 91 قرشًا، وفق المعادلة ( المرتب 108.511.92×12 شهر ×30%) = 390.642.91
وفي شهر يناير القادم أي بعد 3 شهورتقريبًا ووفقًا للمعادلة السابقة سيحصل على مكافأة بخلاف الزيادة في راتبه قدرها 507 ألف و 834 جنيها، وبالقياس على جميع المقربين نجد أن الخمسة الكبار مزاياهم واحدة و يحصلون علي نفس تلك المزايا بالتساوي، فنجد المحصلة انهم حصلوا علي مكافأت خلال ٢٠٢٢ بمبلغ يزيد علي ١,٧٠٠,٠٠٠ جنيها لخمسة موظفين فقط.
وبسبب طريقة التعيين وصرف المكافآت والعطايا والمميزات والرحلات إلى قطر وإسبانيا للمقربين والمحظوظين، فلا يمكن هنا أن تحدثني عن ولاء ” رامي” أو “ميزار” أو “بسام” أو “قاسم” أو “فتحي” أصحاب سيارات التيوتا فرنتشر بالسائق، للواء حرحور أو لمجلس الإدارة، فالولاء فقط لمن عينهم، ومن زود رواتبهم كل عام، ومن يغدق عليهم بالمكافآت، وهو هنا بالطبع المهندس طارق طلعت العضو المنتدب الذي غيّر في اللوائح لتصبح أغلب مقاليد السلطة في يده بعدما جرّد رئيس مجلس الإدارة ومجلسه من معظم هذه الصلاحيات، بشكل لم نشهده في أي شركات شبيهة تعمل في نفس المجال أو في غيره.
ومؤخرًا وبعدما زاد اللغط حول مجموعة الموظفين الخمسة، من موظفين آخرين بعدهم في الترتيب، بأن مجموعة الخمسة تحصل على مزايا كثيرة ومتعددة،وهم لا يحصلون مثلهم على امتيازات، تفتق ذهن فتحي عارف إلى ترضية الصف التاني، كلفّت الشركة 14 مليون و 700 ألف جنيه، اشترت بها الشركة عدد 14 “سيارة رينو” تم توزيعها على الصف الثاني.
وطبعا هنا لا يمكن إغفال سيارة الأنسة تسالي التي اشترتها منذ فترة قريبة بمبلغ يقترب من 5 ملايين جنيه، لتفرض الواقعة عدّة أسئلة حول الآنسة تسالي، منها: كيف لموظفة لا يتجاوز راتبها 40 ألف جنيه في الأحوال أن تشتري سيارة بخمسة ملايين، وهي موظفة لم يمر على عملها بالشركة أكثر من عامين.
وهنا لا يمكن في اعتقادنا أن يكون اللواء حرحور على علم بأن التمييز لصالح الشلّة امتد حتى إلى بند العلاج الطبي عندما رفع الحد التأميني لهم لمبلغ ٥٠٠ الف جنيها أما البسطاء فلا يتعدوا الـ ١٥٠ ألفً فقط.
واستمر التمييز لهذه الفئة في المأموريات، فالمقربين يتم الحجز لهم في الفنادق الفاخرة ذات الخمس نجوم، يستمتعوا بالمأكولات و المشروبات الفاخرة بل و الكحولية وغيرها بينما يتم الحجز لباقي الموظفين في فنادق أدني بكثير لـ”توفير النفقات”.
كذلك مأموريات المقربين، تكون على طيران الدرجة الأولي في رحلة لا يتعدى زمنها الساعة و نصف الساعة، بينما المطحونين تكون رحلاتهم على قطارات الدرجة المميزة، برغم أن زمن الرحلة يزيد عن ١٢ ساعة.
هذا فضلًا عن تم تليفونات الـ “سامسونج” الحديثة مع خط تليفون مفتوح علي حساب الشركة، بينما بقية الموظفين والعمال البسطاء الذين يكدّون في الصحاري وبين الجبال وهم سبب النجاح الرئيس، فيقتصون من رواتبهم الزهيدة حتي يتمكنوا من شراء كارت فكة لإجراء مكالماتهم بذويهم أو بقياداتهم في الشركة.
يحدث ذلك في عالم الأعمال المعاصر، الذي انتهى إلى أن التمييز بين الموظفين أمر بالغ الخطورة على تقدّم وازدهار أي مؤسسة انتاجية. ذلك أنه وعلى الرغم من أننا يجب أن نقدر تنوع وتعدد الخبرات والخلفيات، إلا أن التمييز يمكن أن يكون ضارًا بشكل كبير على سير العمل وكفاءة التشغيل.
فعندما نفصل موظفين أو نعاملهم بشكل غير عادل بناءً على عوامل شخصية، أو لاعتبارات شللية، فإننا بذلك نخلق بيئة مؤذية تؤدي إلى تدهور الروح المعنوية للفريق وتقليل الإنتاجية. واللواء حرحور وهو رجل يفهم جيدًا مدى تأثير الروح المعنوية على أداء الجنود نظنه يعلم أنه إذا شعر الموظفون بأنهم يتعرضون للتمييز، فإنهم قد يفقدوا الدافع لتقديم أفضل أداء لهم. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي التمييز إلى فقدان الفرص أمام لمواهب الحقيقية، حيث يمكن أن يكون لدى الأشخاص المميزين القدرة على تقديم إسهامات مبتكرة تساعد بقوة في احداث التغيير الإيجابي والتطوير وتسهم في تحقيق النجاح المستدام، خاصة إذا علمنا أنّ شلّة الخمسة قدراتهم المهنية محدودة للغاية باتفاق أغلبية العاملين.
وهنا فلا يمكن القول بأن زيادة الأجر الأساسي لقلّة قليلة من الموظفين (الشلّة) بهذا المستوى الضخم خلال الـ 3 سنوات الماضية بنسب تتعدي ال 60% بينما بقية الموظفين لا تتعدى نسبة الزيادة في الأجر الأساسي لهم الـ 7%، بأنها تستند إلى معايير مهنية، قول غير دقيق، إذ ليس من الطبيعي أن ينحصر التميّز في هذه المجموعة وفقط خلال هذه السنوات، ولا يمتد لغيرهم، إنّه أمر بالغ الخطورة، ويهدد بتراجع معدلات الولاء بين صفوف العمال إلى حدٍ كبير، ونظن أنّ الفريق حرحور يعرف جيدًا مدى تأثر الروح المعنوية بين العاملين بمثل هكذا تمييز.
وهنا ننتقل إلى حالة من الانسجام بين طارق طلعت وفتحي عارف، بعدما اتفقا على توزيع الأدوار، طارق أعطى جزءًا كبيرًا من وقته للدعاية لنفسه وللمقابلات التليفزيونية والصحفية وإنهاء بعض من الصفقات للشركة وبخاصة صفقات المواد الخام مثل الفحم تحديدًا، حتى بات يتغيب بالأيام والأسابيع في السفر داخل وخارج البلاد، تحديدًا البلاد الأوربية.
وهنا لا يمكن عبور هذه الجزئية من دون الإشارة إلى تويجهات صدرت بمنع الاقتراب من اللواء حرحور الا بإذن، حتى عندما يطلب اللواء حرحور أي موظف إلى مكتبه فإنه لابد وأن يمر قبلها على أصحاب المعالي، ثمّ وبعد الخروج يقدّم تقريرًا حول ما تم في المقابلة، ما أشاع جوًا من العزلة حول الرجل، بات متعارفًا عليه في أوساط العمال والموظفين.
وعلى جدّيّة ما سبق، فإن رسالة طريفة وصلتنا من سيدة تعمل في الشركة، نرى في عرضها نوعًا من الترويح النفسي لمن وصل من القراء إلى هنا، أن يسترح معنا قليلًا عند هذه الرسالة عن “أبو كراع” الذي يتكرّع كثيرًا في وجه الموظفين، ويتحملونه على مضض بحكم موقعه الوظيفي المقرًب من طارق طلعت، الرسالة تناولت واقعة دخول موظفة في الشركة إلى مكتب “أبو كراع” وقت العصاري، بعدما خبطت خبطتين خفيفتين على الباب، وفتحته فوجدت “أبو كراع” يتسلّى تسلية التسالي، وفي وضع مخجل مع @@@ فانتفضا – أبو كراع ومن يتسلى معها- مهرولًان خارج المكتب، واتجه أبوكراع ناحية الحمام، ومن ارتباكه، دخل حمام السيدات، دون حمام الرجال، ومن يومها وإمعانًا في أنه لم يكن مرتبك، وإنما دخل حمام السيدات عن قصد –لأن ريحته حلوة- وهو دائم الدخول إلى حمام السيدات.. فهل هذا مناخ يناسب شركة كبيرة.
ما لم تقله الرسالة وكشفته رسالة أخرى وهو أهم من قصة التسالي وحمام السيدات.. ذلك الأمر المتعلق ببرنامج رحلة أسبانيا التي ستسغرق 9 أيّام، تكلّفت ما يقرب 15 مليون جنيه، بخلاف بدلات السفر بالدولار لمجموعة منتقاة من الموظفين وما يجري فيها من بذخ مغالى فيه، يتضمن وصولهم اليوم الأربعاء –ساعة كتابة هذه السطور- إلى مدريد، وغدّا الخميس سيقومون بتجربة الإنزلاق على الحبل، بينما الجمعة والسبت للتسوق، أمّا الأحد 17 سبتمبر فسينتقلون في رحلة بالقطار السريع من مدريد إلى برشلونة، ويوم الاثنين 18 سبتمبر سيقومون بجولة مفتوحة في الهواء الطلق بساحة كاتالونيا، فيما يتضمن البرنامج رحلة بحرية جوية بطائرة هليكوبتر.
المجموعة المسافرة تضم أحمد نيزار رئيس قطاع المشتريات، والشاب المعجزة رامي موسيى رئيس قطاع المالية، وحسين الشاذلي ومايكل جورج من المبيعات، وبعض التجّار المتعاملين مع الشركة بالاضافة إلى طارق طلعت الذي سيلحق بهم في وقت لاحق.
في الحلقة القادمة: صفقة المبني الإداري الجديد، من رعاها ومن نفذها والمبلغ المقبوض فيها، وتجربة بسّام عبدالرسول في مصانع اسمنت العريش، وأعطال مصنعي قنا والمنيا.