أبشروا.. ولا تهنوا، الولايات المتحدة الأمريكية سترسل سفنها إلى قنا، لا.. كما أرسلتها إلى سواحل غـ.زة لدعم جيش الكـ .يـان، بل لكي تدعم الإقتصاد القنائي، إنها المهمة المقدّسة للمهندس مجدي توفيق، سيقول قائل: “مين مجدي توفيق ده؟!” أقول: ” وهل في قنا أصلًا.. سواحل بحرية ؟!” لكن لله في خلقه شؤون.
القصّة ببساطة أنّ رجلًا إئتمنته الدولة على المال العام في مصنع أسمنت النهضة بقنا، فرأى أن تلك الأمانة تستوجب عليه أن يسافر خلال إلى “بيفرلي هيلز” على الجانب الغربي لمقاطعة لوس أنجلوس وعلى مسافة غير بعيدة عن مدينة غرب هوليوود بولاية كاليفورنيا الأمريكية، ليعرض عليهم شراء الأسمنت القنائي؛ “يابووووي.. أمريكا سابت كل بلاد الدنيا وجاية تشتري أسمنت من قنا..؟!
مهلًا مهلًا يا خال: القصة ليست كما وصلت إلى ذهنك، ففي لوس أنجلوس أصلًا لا يسمعون ولا يعرفون ولا يستهدفون شراء أسمنت من قنا؛ هذا إن كانت أمريكا تشتري أصلًا أسمنت من مصرـ أو حتى من الشرق الأوسط كلّه.. القصة ليست أكثر من رحلة ترفيهية لـ”جنابه” على حساب المال العام، في رحلة كلفتها في أقل تقدير 100 ألف دولار ، أي ما يقرب من 5 ملايين جنيه على أقل تقدير.
قديمًا قالوا في الأثر: كننتُ أبكي من “زيد” فلما جاء “عمرو” بكيتُ على “زيد”؛ و “زيد” في حالتنا هذه؛ هو الدكتور أحمد شيرين كُريّم العضو المنتدب السابق لشركة أسمنت النهضة، أمّا “عمرو” فهو المهندس مجدي توفيق العضو المنتدب الحالي للشركة؛ واسمحو لي هنا أن أتوجّه باعتذار صريح لحفيد المناضل محمد كُريّم الذي سبق وهاجمته في هذه المنصة من قبل؛ عندما قلتُ إنه يبدد أموال شركة أسمنت النهضة-وهي مال عام بالمناسبة- في عمل دعائي للمصنع من خلال توزيعه الحقائب المدرسيّة على أطفال المدارس الخاصّة بقنا، وكان الأجدر به إن كان يحب أن يكون لشركنه دورًا إجتماعيًا في قنا، أن يوّزعها على أطفال المدارس العامة أو على المحتاجين من تلاميذها، وقلنا كلامًا في مجمله أن أحمد كُريّم لازم يرحل، ورحل الرجل، فكان أن كافأه القدر بأن أصدر له رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي قرارًا بتعيينه نائبًا لرئيس هيئة الاستثمار والمناطق الحرّة.
بعدها أطلّ علينا المهندس مجدي توفيق؛ وهو رجل خلوق ومهذّب للأمانه، ليحل محل الدكتور أحمد شيرين كُريّم، وليجمع بين منصبيّ “العضو المنتدب” و “رئيس مجلس الإدارة” في الشركة، فيقبض مرتبًا عن المنصبين بالباطل، وبالمخالفة للقانون. و “بدل ما يتلهي على عملتة دي ويسكت، ويقول الحمد لله إن محدش واخد باله”؛ راح يفكّر في تبديد ما يقرب من 5 ملايين جنيه على رحلة ترفيهية له إلى الولايات المتحدة الأمريكية على حساب المال العام من خزينة شركة أسمنت النهضة بقنا. يزعم أنها رحلة عمل لتسويق إنتاج شركته من الأسمنت في الأسواق الأمريكية..!.
الغريب فيما سبق، أن الولايات المتحدة الأمريكية ستعبر المحيط الأطلسي، وتدخل إلى البحر المتوسط، ثم وتحط سفنها على سواحله، ومنها تتحرك شاحناتها لأكثر من مسافة ألف كيلومتر باتجاه الجنوب المصري، حتى تصل إلى صحراء مدينة قنا لتشتري إسمنتًا من مصنع ليس لديه سوى خط إنتاج واحد، وليس لديه فائض في التوزيع لأكثر من 30 ألف طن عن الكميّات المتعاقد عليها فعليًّا مع الموزعين، وهو فائض محدود للغاية يمكن أن يأخذه موزع واحد في مركز واحد من مراكز محافظة قنا التسعة من “أبو تشت” إلى “نقادة” أو “قوص”.
أمّا الأكثر غرابة فهو أن الولايات المتحدة الأمريكية إن قررت شراء أسمنت من المهندس مجدي توفيق؛ فهي ستترك كل بلاد الدنيا المحيطة بها في كندا وأمريكا الجنوبية ثم وتعبر الأطلسي لتصل إلى السواحل الإفريقية المطلة على الناحية الأخرى من المحيط فتترك كل دول غرب وشمال إفريقيا ثم وترغب عن أوروبا، لتتجه إلى الشراء من مصر..!. ثم وإن اتجهت للشراء من مصر؛ ستترك كل المصانع الضخمة الكبرى الموجودة فيها على ساحل المتوسط في سيناء والتي تضم مجموعة من كبرى مصانع الأسمنت المصرية في العريش، ثم و تتجاوزها لتترك كافة مصانع الأسمنت الضخمة المنتشرة في شمال مصر وهي بالعشرات، من الإسكندرية شمالًا، إلى السويس شرقًا، وطرّة بحلوان في المنتصف، إلى شمال ووسط الصعيد في بني سويف، و المنيا وأسيوط، والتي يُعد أصغر مصنع فيها يمتلك ما بين 2 إلى 7 خطوط إنتاج، لتذهب إلى أقصى جنوب مصر في قنا، فتشتري إسمنتًا من مصنع صغير ليس لديه سوى خط انتاج واحد يتيم، والأحرى – “واستحملها معاي دي”- أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تحظر مواصفاتها الأمريكية التعامل على خام إسمنت لا يتوافق مع المواصفة (ASTM ) وهي مواصفة أبعد من خيال مجدي توفيق أن يحصل عليها في أسمنت النهضة، لتتجاوز أمريكا ذلك كلّه؛ فتشتري إسمنتًا من شركة النهضة في قنا.
إذن لماذا يسافر الرجل إلى الولايات المتحدة؟
أكاد أسمعه صدى صوتك الذي يتردد بداخلك الآن عزيزي القارئ: “اُمّال الرجل ده رايح أمريكا يهبب إيه؟ “؛ الإجابة ببساطة: ذاهبٌ لنزهةٍ ترفيهيةٍ لمدة اسبوع في بيفرلي هيلز مدينة الأثرياء والمشاهير ، التي تضم باقة من أفخم الفنادق والمنتجعات عالية الرفاهية في كاليفورنيا، المدينة التي يقصدها مشاهير وأثرياء الأرض للاستمتاع بسحر منطقة هوليوود؛ حيث التسوق من أفخم وأرقى العلامات التجارية، والطعام الفاخر، وبالطبع رؤية نجوم السينما. الذاهب إلى “بيفرلي هيلز” قد يتكبد الكثير من المال عند التسوق في المتاجر الصغيرة والمحلات الراقية الموجودة في منطقة روديو درايف وشارع ويلشاير بوليفارد.ز لكن التجربة تستحق، كما وسيجد الزائر نفسه مضطرًا لتناول الطعام في أحد المطاعم الراقية التي يتردد عليها المشاهير ورؤية نجومه المفضلين، ولذلك.. فإنه مهما دفع من أموال فإنه لن ينزعج أبدًا من كلفتها، لإنها تجربة يندر أن يكررها أحد في حياته إلا إذا كان عضوًا في نادي المليارديرات. أو كانت رحلته على حساب الدولة ومن جيب المال العام في بلاده.
بحسب المعلومات التي كشفتها مصادر من داخل مصنع أسمنت النهضة فإن تذكرة الطائرة فقط تصل قيمتها إلى (388 ألف جنيه) للتذكرة الواحدة على طيران الإمارات، فإذا ضربنا الرقم في (2)على اعتبار أن الرحلة ستضم إلى جانب المهندس مجدي توفيق، المدير التجاري بالشركة المهندس وائل الأمير، يصبح قيمة تذاكر السفر فقط إذا ما تم الحجز على طيران الإمارات حوالي 400 ألف جنيه فقط تذاكر الطيران.
هذه الرحلة سببت إنزعاجًا شديدًا في اوساط الموظفين بالشركة؛ أحدهم قال موجهًا حديثه إلى رئيس مجلس الإدارة: ” إنت مسافر تعمل إيه في أمريكا، لا انت بتفهم في الأسمنت، ولا بتفهم في التسويق، ابعت المهندس وائل المير على الأقل مدير تجاري، ده لو افترضنا إن أمريكا حتشتري منك أسمنت أصلًا”.
المثير أنّ مجدي توفيق قد أوقع المهندس طارق المُلًا وزير البترول في حرج شديد مع الدكتور محمود عصمت وزير قطاع الأعمال، إذ كان ينتظر “المُلّا” أن يكون أداء مجدي توفيق أفضل من ذلك، خاصة في حسن إدارة المال العام في شركة أسمنت النهضة، وكان طارق المُلّا قد قال لمحمود عصمت : “شغّلنا الراجل ده عندك”، فاستجاب وزير قطاع الأعمال لتكون هذه هي النتيجة.
وقالت مصادر بالشركة إن شيماء ثروت التي جدد لها المهندس عقدها مع الشركة لمدّة ثلاث سنوات قادمة، بالمخالفة لما هو معمول به أن يتم التجديد عام بعام، لضمان الحصول على أداء جيد من المتعاقدين، هي من أشارت له بتلك السفرية، لدرايتها ببنود البدلات والصرف والمكافآت في لائحة الشركة، وهي البنود التي تسمح بصرف أموال خارج المرتب الرسمي لمجدي توفيق الذي يقبض 150 ألف جنيه عن عمله عضوًا منتدبًا للشركة، و 50 ألفًا عن عمله رئيسًا لمجلس الإدارة بالمخالفة لمبادئ الحوكمة المصرية التي تحظر الجمع بين منصبي “رئيس مجلس الإدارة” و “العضو المنتدب”، وفسّر موظفون بالشركة أن هذا الطرح منها هو ما شجّع مجدي توفيق لتجديد عقدها لثلاثة أعوام دفعة واحدة، إذ تعتقد “شيماء” ويعتقد “مجدي” أن فرصة استمرار الأخير بالشركة على كف عفريت.
في الحلقة القادمة: ماذا تفعل السيارة جراند شيروكي الذهبية في الإسكندرية؟ وكيف تمت عملية شراء شقتين متجاورتين في كمباوند شهير ؟ من الذي دفع ومن الذي اشترى؟ وهل للأمر علاقة بعمولات في الشركة؟ وما هي جهود شيماء ثروت في الشركة حتى تقبض أكثر من 30 ألف جنيه في الشهر ؟ وما هي تفاصيل العلاقة بين ضياء رشوان ومجدي توفيق؟ وهل لذلك علاقة بتعيين محمد عبدالله في العلاقات العامة؟
الحملة مستمرة.. تابعونا