شريف الوكيل يدون تفاصيل مثيرة من حياة أبطال فيلم “رجل لا ينام”.. إقرأ واستمتع
یعیش الدكتور منیر “یوسف وهبى” حیاة ملتزمة حیث نجده یتعامل بحكمة ومثالیة فى كل تصرفاته وخاصة فى عمله، یتصادف فى یوم من أیام سفره الدائمة أن یلتقي في القطار بسیدة جمیلة تجلس بجوار صدیقتها، یعجب الدكتور منیر بها لتنشأ بینه وبین خمریة “مدیحة یسرى” علاقة غرامیة على الرغم من أنه متزوج ویكتشف الدكتور منیر ان خمریة مریضة فیقوم بعلاجها من مرض تعانى منه نتیجةشرب الخمور بكثرة حیث تعمل غانیة بإحدى الكباریهات.
یقع الدكتور منیر في حبها ولكن تستغل خمریة هذه الفرصة وحبه الشدید لها لتستدرجه وتستنزف أمواله لتقدمها لعشیقها البلطجي أبو مشرط “فرید شوقى”، وتكتشف حمیدة “نجمة ابراهیم” زوجة الدكتور منیر ضیاع ثروتها التي كانت تدخرها والتي صرفها زوجها بإغداق شدید علي عشیقته خمریة فینشب بینهما مشادة وشجار قوی مما یؤثر على صحة زوجته فتصدم ثم تموت من شدة الصدمة .
یحاول منیر الزواج من خمریة و لكنها تصده و تهینه بعد ان اوصلته لحالة الإفلاس التام مما یجعله هذا الحال ان یدبر فكرة بدوره للإنتقام ومحاولة التخلص منها بقتلها، وتشاء الصدف أن یعتقد صدیقها البلطجى جلال ابو مشرط أنها غدرت به وأرشدت البولیس عنه وعن أفعاله فیقوم بقتلها. وبالفعل یعثر علیهامقتولة.
یعتقدالدكتور منیر انه السبب في قتلها وأن صدیقها أبو مشرط اتهم ظلما فیحاول انقاذه من حبل المشنقة و لكنه یفشل وبعد صراع مریر بداخله یكتشف انه برئ ولم یقتلها خاصة بعد أن اعترف القاتل الحقیقى”جلال ابو مشرط” بالحقیقة، فیعود الدكتور منیر إلى صوابه مرة اخري بعد نجاته من تلك الفكرة الحمقاء التى راودته وكادت
تودى به الى الهلاك ، لیرجع إلى التزامه و مثالیته بعد أن اراح ضمیره.
قدم الفنان یوسف وهبى هذه القصة الى السینما عام ١٩٤٨ من تألیفه وهو من قام ایضا بكتابة السیناریو لها والجدیر بالذكر أن عمید المسرح العربى قد ولد في مدینة الفیوم على شاطىء بحیرة “بحر یوسف” حیث كان والده “عبداالله باشا وهبى” یعمل مفتشا للرى بالفیوم، وسمى تیمنا بإسمها، وهكذا نشأ یوسف وهبى في بیت من بیوت علیة القوم ذو الشأن المادي والأدبى وكان شغوفا بالتمثیل خاصة عندما شاهد لأول مرة في حیاته فرقة للتمثیل یقودها الفنان اللبنانى “سلیم القرداحى” في سوهاج،
وكانت ضخامة جسمه وبنیته الجسدیة القویة قد أهلته
لیعمل مصارعا في السیرك ، حیث تدرب على ید أحد أبطال المصارعة فى ذلك الوقت ، ولم یستمر طویلا فقرر السفر إلى إیطالیا بعد إلحاح صدیقه محمد كریم وهناك تدرب على ید الممثل الإیطالى “كیانتونى” ، ولكنه سرعان ماعاد لمصر بعد وفاة والده حیث حصل على نصیبه من المیراث مما ساعده على تكوین فرقة رمسیس من مجموعة ممثلین منهم حسین ریاض واحمد علام وفتوح نشاطى وعزیز عید وایضا زینب صدقى وأمینة رزق وفاطمة رشدى وغیرهم الكثیر.
كل هؤلاء قدموا للمسرح الكثیر من المسرحیات العالمیة المعربة والمقتبسة فحققت الفرقة نجاحا غیر مسبوق وقتها وأصبح یوسف وهبى معروفا كألمع فنان مسرحى عربى مما جعل الملك فاروق ملك مصر آنذاك یمنحه لقب البكویة بعد حضوره للعرض الأول لفیلم “غرام وانتقام” بسینما ریفولى بالقاهرة .
اهتم يوسف وهبي بتوعیة جمهور المسرح، وتغییر الاهتمام بالمسرح الهازل إلى الاهتمام بالفن والمسرح الجاد، وقد منع التدخین في قاعات العرض، وعمل على احترام مواعید رفع الستار.
ووضع يوسف وهبي قواعد للممثل، أهمها الحفاظ على المواعید، والالتزام بالنص، وتنفیذ تعلیمات المخرج، وهو ما دفع الحكومة لتكلیفه عام ١٩٣٣ بتشكیل فرقتها المسرحیة التي كانت نواة المسرح القومي فیما بعد.
لم یكتف یوسف وهبى بهذا، فطموحاته لیس لها حد، فقد أنشأ مدینة فنیة متكاملة، أطلق علیها اسم مدینة رمسیس فى مساحة عشرة أفدنة تقریبا حیث مسرح البالون والسیرك القومى الآن، وكانت تضم مجمعا هائلا یضم دارین للعرض السینمائى، ومسرحا صیفیا ضخما یسع ألف متفرج، بالإضافة إلى متنزهات ومقاهى وصالات للغناء وموقف للسیارات ، وكذلك أستودیوسینمائى تم فیه تصویر أولى أفلامه “ابن الذوات” سنة ١٩٣٢ .
وقدم لنا ایضا فیلمنا “رجل لاینام” مع الفنانة الرائعة مدیحة یسرى ، والتى لعبت دورا من أخطر مایكون حیث طبیعتها الهادئة الخجولة ، والذي ساعدها فیما بعد بتقدیم أدوار الفتاة الأرستقراطیة التى تحمل شخصیة قویة وایضا أدوار الحبیبة والعاشقة الرومانسیة الطابع ، ولكنها فى هذا الفیلم استطاعت ان تقدم دورا للغانیة التى تقضى وقتها بین الكباریهات لتتصید فریستها من خلال بلطجى تحبه ویقوم بحمایتها .
بدأت مدیحة یسري أو “غنیمة خلیل حبیب”مشوارها الفني في بدایة الاربعینات من القرن الماضي، كانت عیناها سابقتین لها في الظهور على الشاشة السینمائیة حیث اختارها المخرج محمد كریم لجمال عینیها ان تتصدر تلك العینین كادرا كبیرا یتخلل اغنیة “بلاش تبوسني في عینیا” في فیلم “ممنوع الحب” بطولة الموسیقار محمد عبدالوهاب عام ١٩٤٢ وبلغ رصیدها ٧٩ فیلما بالإضافة للعدید من الأعمال التلفزیونیة ، كما نالت عددا كبیرا من الجوائز والنیاشین المحلیة والدولیة، الى جانب اختیارها عضوة في مجلس الشورى مندوبة عن الفنانین.
قدم لنا الفیلم أیضا الفنانة “نجمة إبراهیم” الشرهة لتجسید أدوار الشر بقدرتها الهائلة والمرعبة والتى قد غیرت شخصیتها فى هذا الفیلم لتقدم دور الزوجة المخدوعة فى زوجها، ولدت “بولینى أودیون” نجمة ابراهیم لأسرة یهودیة ثم بدأت تعلیمها في مدرسة اللیسیه في القاهرة إلا أنها لم تكمل دراستها إذ فضلت الاتجاه إلى المجال الفني .
شجعتها على التمثیل أختها الكبرى غیر الشقیقة سیرینا إبراهیم، التي كانت رائدة من رائدات المسرح في ذلك الوقت، فكانت تصطحب معها أختها الصغیرة إلى المسرح وتعلقت نجمة بتلك الهوایة، ویقال أنها اعتلت خشبة المسرح وهى في التاسعة من عمرها، قدمت نجمة ابراهیم مایقرب من ٤٠ فیلم منها “غادة الكاملیا” و “انا الماضى” ولایمكن أن ننسى دورها الأشهر فى فیلم “ریا وسكینة” ولكم ان تتخیلوا أن ملكة ادوار الشر كانت مغنیة ناجحة تنافس”منیرة المهدیة” فى الغناء المسرحى وأیضا “أم كلثوم” فى الطرب لكنها فضلت الإتجاه للتمثیل، وكانت محبة لمصر وعاشت بها رغم رحیل اسرتها، كما اوصت بدفنها فى مصر.
أيدت نجمة إبراهيم أو بوليني أوديون اسمها الحقيقي ثورة يوليو 1952 وعاشت في مصرؤ رغم رحيل أسرتها اليهودية حتى توفيت في 4يونيو من العام 1976 ودفنت في القاهرة.
قدم لنا أیضا یوسف وهبى فى فیلمه هذا فنانة اطلق علیها فى بدایتها الفنیة “الطفلة المعجزة” وهى نیللى مظلوم ولدت نیللي كاثرین مظلوم كالفو، بالإسكندریة عام ١٩٢٥ ، من أصل یوناني، وتألق نجمها الفنى على خشبة المسرح فى عمر الخامسة بفضل موهبتها فى فن “البالیة” والرقص الكلاسیكى ورقصت أمام الملك فاروق وهى فى العاشرة من عمرها إكتشفها المخرج عباس حلمى وقدمها للجمهور لأول مرة فى فیلم”صاحب بالین” . ولكن حبها لفن البالیه منذ صغرها، وتمكنها من رقصه، دفعها لتأسیس معهدا للرقص الإیقاعي، ولقبت بأشهر راقصة بالیه مصریة، وذاع صیتها بشكل كبیر وكانت تنافس تحیة كاربوكا وسامیة جمال، ومثلت مایقرب من ٢٠ فیلما وتزوجت من یونانى اسمه اندریاس روسوس وهو والد المطرب الشهیر “دیمس روسوس” والتى قامت برعایته صغیرا .
تزوجت الطفلة المعجزة ايضًا من رئیس وزراء مصر الأسبق “عاطف صدقى” ومن أشهر افلامها ابن حمیدو وصاحبة الملالیم وفاطمة وماریكا وراشیل.
فیلم رجل لاینام انتاج ١٩٤٨. قصة وسیناریو وإخراج: یوسف وهبى بطولة : یوسف وهبى ومدیحة یسرى ونجمة ابراهیم ونیللى مظلوم واحمد علام وفرید شوقى وایضا رشدى اباظة )وسوف نتحدث عن أعملهما بإستفاضة فى لقاءات قادمة( موسیقى الفیلم من أعمال : مدحت عاصم غناء: شهر زاد وعبد العزیز سلام .