فتحت صحيفة إسبانية نافذة جديدة على التنافس العسكري بين الجارتين الجزائر والمغرب، مشيرةً إلى تسابقهما على تعزيز قواتهم العسكرية في ظل سباق يشتد على خلفية اتفاقات الغاز والتحالفات الدولية. الإنفاق العسكري للبلدين شهد قفزة نوعية، حيث تصدرا قائمة الدول الإفريقية ذات الإنفاق العسكري الأعلى، مع تزايد إنفاق الجزائر بنسبة 76% خلال عام 2023. وقد تبادلت الجارتان العداء والخطاب الحربي، مما أدى إلى تشديد الاستعدادات العسكرية وتصاعد التوترات على الحدود.
يشير تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى أن الجزائر والمغرب تحتكران نسبة 86% من الإنفاق العسكري في شمال إفريقيا، مع تصاعد الطلب على الأسلحة من مصادر متنوعة، بينما تختلف التحالفات ومصادر الواردات بين البلدين. وتأتي هذه التطورات في ظل توترات دبلوماسية مستمرة منذ العام 2021، وزيادة حادة في عائدات صادرات الغاز، مما يجسد التحديات الجديدة التي تواجه المنطقة وتأثيراتها على الساحة الإقليمية والدولية.
ويتصدر البلدان قائمة الإنفاق العسكري في القارة الإفريقية، وفضلا عن ذلك، زادت الجزائر إنفاقها الدفاعي بنسبة 76 بالمئة خلال سنة 2023. وقالت صحيفة الإندبندينتي الإسبانية إن الحدود بين الجزائر والمغرب مغلقة، كما أن الخطاب الحربي بلغ أشده بين الجارتين، فضلا عن التنافس التاريخي الذي تغذيه الأعمال العدائية الأخيرة.
وبعد الأزمة الدبلوماسية الحادة منذ سنة 2021 (قطع العلاقات)، اختارت الجزائر والمغرب التسليح حد النخاع في تصعيد بين دولتين جارتين تقول الصحيفة إنه يجب أن يثير قلق الثكنات الإسبانية.ومن خلال هذه الأرقام، تبيّن أن الجيشين المغربي والجزائري يتصدران قائمة البلدان الإفريقية ذات أعلى ميزانية دفاعية. ونقلت الصحيفة عن مصادر من معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن “الجزائر هي البلد الإفريقي الأكثر إنفاقا: ففي سنة 2023، خصصت حوالي 18.300 مليار دولار للجيش؛ في حين استثمر المغرب حوالي 5.2 مليارات دولار”.
في المقابل، بلغ حجم الإنفاق العسكري الإسباني حوالي 22.223 مليون يورو خلال 2023، ما يمثل زيادة بنسبة 9.8 بالمئة مقارنة بالسنة السابقة، وذلك تماشيا مع التزامات الإنفاق العسكري التي تعهدت بها في قمة حلف شمال الأطلسي “الناتو” التي عقدت في مدريد سنة 2022. وتحتل إسبانيا المركز 17 على مستوى العالم من حيث الإنفاق العسكري. أما الجزائر، فقد جاءت في المرتبة 19، في وقت لم يتمكن فيه المغرب من أن يجد مكانه بين الدول الأربعين الأولى التي تملك أعلى ميزانية عسكرية.
وعلى الرغم من الهامش الذي يفصل الجزائر والمغرب على الساحة الدولية، تقلصت هذه المسافة على الساحة الإفريقية، حيث جاء المغرب في المرتبة الثانية في قائمة الدول التي لها أعلى ميزانية دفاعية. وعند مقارنة أرقام سنة 2022، ارتفع الإنفاق الدفاعي الجزائري بنسبة 76 بالمئة، في حين حققت الميزانية الدفاعية المغربية انخفاضا طفيفا، ووصل إلى نسبة 2.5 بالمئة. ونقلت الصحيفة أن الجزائر أعلنت سنة 2022 أنها ستضاعف ميزانيتها العسكرية جزئيا لاستبدال المعدات القديمة.
ويؤكد المعهد السويدي أن “هذه الأرقام هي أعلى مستوى من الإنفاق العسكري الذي سجلته الجزائر على الإطلاق”.ويعود ذلك إلى حد كبير إلى الزيادة الحادة في عائدات صادرات الغاز إلى الدول الأوروبية، التي نأت بنفسها عن الإمدادات الروسية، وأشارت الصحيفة إلى أن الجنرالات الجزائريين تمكنوا من تمويل هذه الزيادة بفضل ارتفاع حجم مبيعات الغاز الطبيعي إلى أوروبا بعد بدء الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
ومنذ ذلك الحين، سعت الدول السبعة والعشرون إلى البحث عن مصادر بديلة للغاز الروسي، وأصبحت الجزائر لاعبا أساسيا في هذا السياق، حيث وقعت اتفاقيات جديدة مع ألمانيا وإيطاليا على سبيل المثال.
وأوردت الصحيفة أن الجزائر أسهمت بالزيادة المطردة في الإنفاق العسكري في إفريقيا. وبلغ الإنفاق الدفاعي في القارة بأكملها حوالي 51.6 مليار دولار سنة 2023، بزيادة 22 بالمئة مقارنة بسنة 2022.
وكانت حصة دول شمال إفريقيا تقدر بحوالي 28.5 مليار دولار سنة 2023، حيث ارتفع الإنفاق العسكري بنسبة 38 بالمئة مقارنة بعام 2022، وبنسبة 41 بالمئة مقارنة بـ 2014.
وكشفت الصحيفة أن الجزائر والمغرب تحتكران نسبة 86 بالمئة من الإنفاق العسكري في شمال إفريقيا لسنة 2023. وتفصلهما مسافة شاسعة عن تونس، التي تملك جيشا صغيرا، وليبيا المقسمة إلى دولتين ومليشيات متعددة.
في الجزائر، يمثل الإنفاق العسكري نسبة 8.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يضعها في المركز الثالث بين الدول التي تخصص أعلى نسبة من الناتج المحلي الإجمالي للدفاع.
ولا يتفوق عليها سوى أوكرانيا (37 بالمئة) ولبنان (8.9 بالمئة). وخلفهما المملكة العربية السعودية (7.1 بالمئة) وجنوب السودان (6.2 بالمئة) وروسيا (5.9 بالمئة). الواردات والحلفاء وأوضحت الصحيفة أن الاختلاف الرئيس بين المغرب والجزائر يكمن في مصدر وارداتهما من الأسلحة والمواد الدفاعية، الأمر الذي يزيح الستار عن تحالفاتهما أيضا.
روسيا هي المورد الرئيس للجزائر والولايات المتحدة هي المورد الرئيسي للمغرب.
وتعد الجزائر ثالث أكبر مشترٍ للأسلحة الروسية. وبحسب معطيات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تمثلت مشتريات هذه الدولة المغاربية من موسكو بالأساس في 75 صاروخ أرض-أرض من طراز 9 إم 723 إسكندر، و30 طائرة سوخوي سو-30 إم كيو.ويضاف إلى هذه القائمة 14 طائرة متعددة الأغراض من طراز ميغ-29إم و323 دبابة تي -90 ونظام صواريخ أرض جو بوك أم 2.
ومن الدول المصدرة الأخرى إلى الجزائر تبرز الصين وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وغيرها.وتشمل الطلبات الرئيسة الأخرى دبابات روسية من طراز تي -90 أس، و980 ناقلة جنود مدرعة من طراز فوكس-2 من ألمانيا، وفرقاطة صينية من طراز 056 وفرقاطتين ألمانيتين من طراز ميكو -إيه 200.
بالنسبة للمغرب، خلال نفس الفترة الزمنية، شملت مشتريات الرباط من الأسلحة “24 طائرة مقاتلة من طراز أف -16، وصواريخ وقنابل موجهة، و24 مروحية من طراز إيه إتش-64 أباتشي. وهذا إضافة إلى 441 صاروخا من طراز هيلفاير، و796 ناقلة جنود مدرعة من طراز إم 113، و384 دبابة من طراز إم -1 أبرامز”.
وأضافت الصحيفة أن الجيش المغربي استفاد من إقامة علاقات مع إسرائيل، حيث حصل منها على طائرات صغيرة دون طيار وأنظمة الدفاع الجوي المضادة للصواريخ باراك-إم إكس. وتتمثل الدول المصدرة الأخرى إلى المغرب في فرنسا وألمانيا وإيطاليا والصين وإسبانيا وتركيا.