على مدار عقود، لطالما عُرفت شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية بكونها لاعبًا رئيسيًا في سوق الأسمدة النيتروجينية في مصر والشرق الأوسط. ورغم تحقيق أرباح ضخمة، فإن التقرير المالي الأخير لعام 2023/2024 يكشف عن اختلالات عميقة بين الأداء الفعلي للشركة وأهدافها المعلنة. تشير الأرقام إلى نجاح ظاهري، لكن قراءة متأنية تسلط الضوء على التحديات والمخالفات التي تثير التساؤلات حول إدارة الموارد واستدامة العمليات
الأرباح المرتفعة لا تخفي الواقع المرير
– إيرادات ضخمة وانخفاض في الربحية:
– بلغت الإيرادات 18.53 مليار جنيه، لكنها تراجعت بنسبة 14.4% مقارنة بالعام السابق.
– تراجع صافي الربح إلى 13.5 مليار جنيه، بانخفاض 3.9%، في حين شهد هامش الربح الإجمالي انخفاضًا كبيرًا من 58.56% إلى 44.99%.
– انخفاض الإنتاجية:
على الرغم من الإعلان عن زيادة الإنتاج بنسبة 9% مقارنة بالمخطط، فإن الإنتاج الفعلي تراجع بنسبة 5% مقارنة بالعام السابق بسبب توقف مصنع أبو قير (1) لإجراء صيانة طويلة.
– التكاليف المتصاعدة:
ارتفعت تكلفة الإنتاج بنسبة 12.73%، لتصل إلى 10.19 مليار جنيه، نتيجة لارتفاع أسعار الغاز الطبيعي وتذبذب سعر صرف الجنيه مقابل الدولار.
مخالفات واضحة وممارسات تحتاج إلى تحقيق
-
غياب الشفافية في استخدام الموارد:*
كشف التقرير عن إنفاق ضخم على مشاريع لم تحقق العوائد المتوقعة، مثل مشروع “خفض انبعاثات الكربون” ومشروعات “شمال أبو قير للمغذيات الزراعية”.
– تكلفة المشروعات تحت الإنشاء بلغت 380 مليون جنيه، مع غياب أي توضيح للعائد المتوقع.
-
إهدار موارد بشرية:
– رغم وجود 2493 موظفًا، أظهر التقرير تراجعًا في الإنتاجية وتحميل ميزانية الشركة بتكاليف إدارية متزايدة.
– هناك تركيز على إعادة تأهيل العمالة، لكن دون وضوح في كيفية استغلال الكفاءات الموجودة.
-
مشروعات متأخرة
تأخر تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى مثل مصنع أبو قير (3) ومشروع الأسمدة الفوسفاتية في الوادي الجديد، مما يعكس سوء إدارة في تخطيط الموارد.
-
سياسات تسويقية غير فعّالة:
– تراجعت مبيعات “اليوريا المخصوص” بنسبة 18%، في حين انخفضت مبيعات “اليوريا العادية” بنسبة 12%.
– التركيز على أسواق التصدير تسبب في إهمال السوق المحلي، مما قد يؤثر على سمعة الشركة كمورد رئيسي للأسمدة.
الإدارة في مرمى الانتقادات
-
ضعف التخطيط الاستراتيجي:
– أظهرت إدارة الشركة عجزًا في توقع تقلبات السوق العالمية وتأثيرها على أسعار التصدير، مما أدى إلى انخفاض الإيرادات.
– عدم وجود خطة واضحة لمواجهة ارتفاع تكاليف الغاز الطبيعي أدى إلى زيادة الأعباء التشغيلية.
-
عدم استغلال الأصول بشكل كافٍ:
تمتلك الشركة أصولًا ضخمة، لكنها تواجه صعوبة في تحقيق عائد فعلي منها.
– مثال: أراضي مستأجرة لشركات مثل “الإسكندرية للأسمدة” لم تحقق العائد المتوقع.
-
الإفراط في الإنفاق الإداري:
– زيادة المصروفات الإدارية والعمومية بنسبة كبيرة دون تقديم قيمة مضافة فعلية.
– تم تسجيل 110.28 مليون جنيه كمصروفات تمويلية، مما يثير تساؤلات حول كفاءة الإدارة المالية.
هل هناك أمل في الإصلاح؟
-
إعادة تقييم الإدارة:
يجب أن تخضع الإدارة العليا لمراجعة شاملة لضمان كفاءة التخطيط والتنفيذ.
– يجب تفعيل دور المساهمين في مراقبة الأداء واتخاذ القرارات المصيرية.
-
تعزيز الشفافية:
– تقديم تقارير أكثر تفصيلًا حول تقدم المشاريع الكبرى.
– إنشاء لجنة رقابية مستقلة لمتابعة الإنفاق وتقييم الأداء.
-
التركيز على السوق المحلي: زيادة الاستثمارات في المنتجات الموجهة للسوق المصري، مع تحسين العلاقات مع المزارعين المحليين.
-
تحسين إدارة التكاليف: تطبيق استراتيجيات فعالة لتقليل الاعتماد على الواردات ورفع كفاءة استهلاك الغاز الطبيعي.