كشفت الصحيفة الإسبانية “الإندبندينتي” تفاصيل غاية في الإثارة حول زعيم مرتزقة فاغنر الروسية “يفغيني بريغوجين” ووصفته بأنه “أمير حرب صعب وغير مريح ومثير للإزعاج بالنسبة لوزارة الدفاع الروسية”.
وعلى الرغم من خلافاته مع الجيش، قالت الصحيفة أن الأوليغارشي الروسي لا يزال مدعوما من قبل الرئيس فلاديمير بوتين.
ويقصد بالأوليغارشيين الروس مجموعة رجال الأعمال والبرلمانيين والضباط الأثرياء الذين برزوا سريعا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، وعاد هذا المسمى إلى الظهور بشدة عقب استهدافهم من قبل أميركا وأوروبا بعقوبات قاسية بعد غزو أوكرانيا.
ونوهت الصحيفة بأن بريغوجين أصبح في مواجهة مع وزارة الدفاع الروسية، بقيادة سيرجي شويغو، إلى جانب القوات المسلحة الروسية وقيادتها في أوكرانيا، التي باتت اليوم في يد فاليري جيراسيموف.
لقد أصبح الانقسام بين الطرفين بارزًا أكثر من أي وقت مضى بعد أن اشتكىزعيم فاغنر من نقص الذخيرة واتهم القوات المسلحة الروسية بهذا الأمر، بحسب الصحيفة الإسبانية.
ووفق رئيس فاغنر: ” هذه المشكلة إما بيروقراطية مفرطة أو خيانة”، ووصل به الأمر إلى إصدار تهديد خطير للغاية، جاء فيه أنه “إذا انسحب فاغنر، فسوف ينهار خط الجبهة الروسية”.
وفي مقطع فيديو نُشر على موقع يوتيوب، أشار رئيس فاغنر إلى أن “الوضع لن يكون جيدا بالنسبة لجميع التشكيلات العسكرية التي تحمي المصالح الروسية، ,حتى حدود روسيا وربما ما وراءها”.
إلى ذلك واستعرضت الصحيفة الإسبانية السيرة الذاتية لـ” يفغيني بريغوجين” فقالت أنه أمضى فترة من شبابه في السجن، وعندما تمكن من مغادرته، بذل جهده ليصبح رجل أعمال في مجال السياحة مقربا من بوتين.
بعدها وفي وقت لاحق، أسس بريغوجين الملقب بطباخ بوتين، مجموعة فاغنر المكونة من مرتزقة مدربين في إفريقيا، كما تدخل في الانتخابات الأميركية، عبر إنشاء “جيوش إلكترونية”، بحسابات مزورة.
أما بالنسبة لجيش فاغنر، فهم من شنوا الهجوم في باخموت الأوكرانية، حيث لا يزال القتال شرسا في جميع أنحاء المدينة الإستراتيجية.
وباخموت والمناطق المحيطة بها تشهد معارك شرسة مستمرة منذ أسابيع من أجل السيطرة على المدينة، التي تعد محورا مهما لتزويد القوات الأوكرانية في إقليم دونباس.
وعلى الرغم من أنه من المفترض أنه سيكون هناك انسحاب للقوات الأوكرانية عاجلا أم آجلا، فإن التكلفة البشرية والمادية تجعل النصر الروسي المتوقع باهظ الثمن.
ونقلت الصحيفة أن مجموعة فاغنر هي من أخذت زمام المبادرة في المعركة الدموية على باخموت، وفي هذا السياق، قال بريغوجين نفسه إن الحرب في مدينة دونيتسك هذه، والتي لها أهمية رمزية قبل كل شيء، قد تحولت إلى “مفرمة لحم”، ووفق مصادر أوكرانية، يموت 500 جندي روسي على هذه الجبهة كل يوم. وعلى الرغم من أن بريغوجين أكد أنهم قد حاصروا المدينة بالفعل، فإن الأوكرانيين يواصلون المقاومة.
وقالت مصادر عسكرية أوكرانية لصحيفة “الإندبندينتي” الإسبانية إنه “ليس هناك انسحاب تكتيكي، بل تناوب على الجبهة”، وبما أن الذخيرة لم تصل بعد، وجه بريغوجين خطابا في مارس “إلى قائد العملية العسكرية الخاصة” وأرسل ممثلا عنه إلى مقر القيادة الروسية، إلا أنهم لم يفتحوا الباب حتى، وتجاهلوه.
وأضافت الصحيفة أن بريغوجين، الذي حظى حتى الآن بدعم بوتين، ساعد الجيش الروسي على تجنب قدر كبير من الخسائر في القوات، وتحديدا، جنّد رئيس فاغنر المعتقلين في السجون الروسية الذين سيجري العفو عنهم إذا قاوموا ستة أشهر في الجبهة، في هذا المعنى، اعترف سجين مجند لزوجته في محادثة هاتفية بأن “قلة هم من سيتمكنون من المقاومة طوال هذه المدة”.
في الأثناء، اعترف أحد المحتجزين من قبل القوات الأوكرانية بأنه تلقى تدريبا لمدة شهر فقط على مهمة واحدة: كيفية التحرك على ركبتيه عبر الغابة، وأوضحت الصحيفة أن رئيس فاغنر في علاقة صدام مع شويغو، الذي زار لتوه ماريوبول، وجيراسيموف، لكن تربطه علاقة جيدة بالزعيم الشيشاني، رمضان قديروف، وهو أمير حرب آخر.
كان شويغو إلى جانب بوتين منذ عقود ويتحرك بشكل جيد في أروقة الكرملين. ومع ذلك، يتحرك بريغوجين على مقربة من خط المواجهة؛ إنه قومي مخلص يشك في البيروقراطيين الذين يصدرون “عن بعد” الأوامر التي تتعلق بالمعارك، النسبة إلى الفريق الجنرال في الاحتياط، فرانسيسكو جان بامبولز، فإن الاشتباك بين رئيس فاغنر ووزارة الدفاع يرجع إلى حقيقة أن “القوات المسلحة الروسية تريد السيطرة على جميع الإجراءات وتفرض تنسيق العمليات، في حين يريد بريغوجين قيادة دور بطولي”، وفق الصحيفة.
منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، قبل أكثر من 12 شهرا، لم يتمكن الجيش الروسي من تحقيق أي نصر يذكر، باستثناء الاستيلاء على ماريوبول، بعد حصار وحشي سلط الضوء على استبسال الأوكرانيين، وكان عليهم الانسحاب من منطقة خاركوف، والآن يتطلعون لكسب موطئ قدم في دونيتسك. في المقابل، يشكل مرتزقة فاغنر الجماعات المهاجمة في باخموت.، ونقلت الإندبندينتي عن محلل الأمن والدفاع خيسوس مانويل بيريز تريانا، أن “فاغنر روّج، بفضل المؤثرين الذين تغنوا بإنجازاته، لتقدمه على ساحة المعركة، رغم أنه لم يكن مهما للغاية”.
وأردف: “لقد نقل صورة مفادها أنهم أكثر فاعلية من الجيش الروسي، الذي يتهمونه في كثير من الأحيان بأنه يفتقر إلى المهنية”، في الأثناء، “أظهر بريغوجين نفسه في صورة المدير الفعال الذي يحقق ما لا يستطيع الجيش تحقيقه. وقدم هو وقادروف نفسيهما بمثابة بديل فعال، لكن في الواقع، كان تقدم فاغنر بطيئا”.
ويضيف بيريز تريانا: “كل شيء يشير إلى أنهم يحاولون الآن قص أجنحة فاغنر، لقد سلط عليه الكثير من الأضواء”، وأردف: “في البداية، منعته وزارة الدفاع من تجنيد السجناء كما كان يفعل، والآن، يواجه جيش المرتزقة مشاكل في الذخيرة، لكن، ما يبدو لي مبالغا فيه هو قول إنه دون فاغنر فإن الجبهة الروسية ستنهار”.
بالإضافة إلى مقابلة مطالب فاغنر بآذان صماء، هناك علامة أخرى على أن بريغوجين يفقد الدعم في الكرملين. في هذا المعنى، تلقت وسائل الإعلام الرسمية في روسيا أوامر بعدم تكرار ما يقوله أو يفعله، ما لم يكن ذلك ضروريا للغاية.
وفقًا للخبير في الشؤون السياسية والاقتصادية والأمنية الأوكرانية لتاراس كوزيو، فإنه “إذا كان بريغوجين يستطيع الانتقاد، فذلك لأن بوتين على علاقة جيدة به”، وتابع: “لقد قدم لبوتين معروفا عظيما بوضع باخموت تحت السيطرة. إذا لم يلق استحسان الرئيس الروسي، فسوف يتخلص منه”.
هناك فرضية أخرى، تشير إلى أن الزعيم الروسي يستخدم هذه المواجهات للسيطرة على كل من الجيش ووزارة الدفاع وأمراء الحرب، تشير الصحيفة.