شاهدتُ قبل يومين فيديو قديم يرد فيه السيد الرئيس على ما أثاره إبراهيم عيسى في حفل تدشين الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي نظمتها اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان بالخارجية المصرية.
حقيقةً.. لم أندهش من جدية الحوارات وصراحتها رغم القضايا الشائكة التي تناولتها، كما لم أندهش من كلمة السيد الرئيس التي جاءت راقية وهادئة ومتحضرة في خطابها للمصريين والعالم.
لكن دهشتي جاءت فيما تناوله أحد المشاركين في الندوة بصفته مسئولاً عن الملف الثقافي، بحسب ما تم تعريفه بالجلسة، ألا وهو الصحفي إبراهيم عيسى.. عندما طالب بفرض عقوبات على الطفل الثالث في الأسرة المصرية بمنعه من التعليم المجاني وحذفه من بطاقة التموين، دون أدنى ذنب اقترفه هذا الطفل..!
مبعث الدهشة أن هذا الكلام أو بمعني أدق هذه الجعجعة جاءت في جلسة رفيعة المستوى تختص بحقوق الإنسان.
لقد كان الكلام من إبراهيم عيسى أخطر من أن يتم تجاوزه، وإلا كان سيتم تفسيره بأنه رؤية رسمية من الدولة المصرية عبّر عنها من تم وصفه بالجلسة بأنه ممثلٌ المثقفين فيها، ويا خجل المثقفين أن يكون عيسى ممثلًا لهم، وهو يطالب بعقاب الطفل الثالث وحرمانه من التعليم والغذاء.
صراحةً.. لقد كان حديث إبراهيم مستفزًا وغريبًا إلى الدرجة التي جعلت السيد الرئيس يتدخل بنفسه للرد عليه، وحسنًا فعل السيد الرئيس عندما أفهم إبراهيم عيسى أن علاج تنظيم النسل قضية ثقافية بالأساس تخص الأسرة ولا تخص الطفل، الذي طالب عيسي بحرمانه من حقوقه في الحياة والتعليم والطعام.
لقد كان تدخل الرئيس واجبًا في التصدي لهذه الجعجعة التي تحدث بها عيسى، لخطورة أن تمر دون أن يتم التصدى لها، خاصة وأنها تتعلق بطفل لا يقوى على الدفاع عن نفسه ضد جريمة تمييز بحقه ارتكبها عيسى في وضح النهار، ويريد أن يصدر لها تشريعا يقننها..!
اعتدنا من إبراهيم عيسى الجعجعة في القضايا التي يفهم فيها والتي لا يفهم، هذه هي عادته طوال حياته، لكن أن تأتي هذه الجعجعة في محفل دولي أمام رأس الدولة والضيوف الأجانب وشاشات الإعلام الدولي فإنها لا يمكن أن تمر، وحسنًا فعل الرئيس.
إن ما قاله إبراهيم عيسى يُعد خطيئة كبرى في قاموس حقوق الإنسان، خطيئة أن يطلب تشريعًا رسميًا للتمييز والحض على الكراهية ضد الطفل الثالث في الأسرة.
خطيئة يجب عليه أن يخرج فورًا ويعتذر عنها وإلا يكون متهما -قاصدًا أو غير قاصد- بإفساد احتفالية مصر الدولية بتدشين استراتيجيتها لحقوق الإنسان أمام العالم، بدعوته لانتهاك حقوق الإنسان-الطفل-في فعالية لحقوق الإنسان .