هناك.. في أرض المعجزات.. يتعانق شعار رابعة، مع شعار تحيا مصر، هناك لا حديث في السياسة، ولا حديث في الدين، هناك.. لا صوت يعلو فوق صوت الآلة الحاسبة، وصوت فض أكياس الهدايا الثمينة القادمة من متاجر لندن.
لقد وصلنا أرض المعجزات، وصلنا قرية منشاة أبومليح بمركز سمسطا في محافظة بني سويف، ففي هذه القرية تجتمع التناقضات، تناقضات تتشابه في وقعها مع وقع خطبة السيد وزير الأوقاف محمد مختار جمعة قبل 30 يونيو وخطبته بعدها، في كلماته الرنانة عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وقت حكم الإخوان، وكلماته الرنانة أيضًا عن الرئيس السيسي اليوم برغم ما بين الموقفين من تضاد
هناك في هذه القرية أسرار يهتز لها جبين الشهداء في معركة الوطن مع الإرهاب، هناك يختلي الأخلاء بعضهم إلى بعض يقتسمون الأرباح ويتبادلون العطايا، كانوا بالأمس من أهم دعاة الإخوان ثم أصبحوا اليوم من أنصار 30 يونيو.
دعك مما سبق، فما هو آت يختلف في الشكل والمضمون عما هو أعلاه، دعك مما سبق وهيا بنا نتحدث عن القضية الأخطر في وزارة الأوقاف، القضية التي تكشف حدود العلاقة بين إرهابي سابق، وأحد أهم أعوان وزير الأوقاف
الإرهابي السابق معروف جيدًا في الوزارة، ليس كإرهابي ولكن كرجل أعمال بارز في قطاع المقاولات في هيئة الأوقاف المصرية، القطاع الذي نفذ فيه هذا الإرهابي عدد ضخم من مشروعات هيئة الأوقاف المصرية.
إنه القيادي البارز في تنظيم الجماعة الإسلامية المسلح الذي وفر لعدد كبير من قيادات الجماعة الإسلامية وتنظيمي “القاعدة” و “الجهاد” سبل العيش الرغيد، بعدما ظن وظنوا أن الأمر قد استتب لهم في مصر بعد 25 يناير وجاءوا يهرولون إليها لمشاركة الجماعة الإرهابية في حكم مصر، كانت مهمة هذا الإرهابي هي رعاية قيادات تنظيم الجماعة الإسلامية المسلح، وتسليمهم بعض الأموال من المحفظة التي أدارها لهم طوال فترة هروبهم في أفغانستان وإيران.
كانت محفظتهم المالية التي يتم إدارتها سرًا في مصر قد تضخمت فجأة وبشكل يفوق المنطق على يد هذا الإرهابي الذي تحولت وزارة الأوقاف على يديه بعد 25 يناير 2011 إلى وسيلة لغسيل هذه الأموال التي قدرها مقربون منه بعدة مليارات، محفظة مملوكة في الظاهر له، لكن الحصة الأكبر منها مملوكة للتنظيم من الباطن.
بفضل زياراته المكوكية من لندن إلى قرية منشاة أبومليح بمركز سمسطا في محافظة بني سويف تحول فأصبح صديق داعية مقرب من الوزير سافر ويسافر له إلى قريته في مركز سمسطا في بني سويف، الأجهزة الرقابية تعرف خطورة اللقاءات التي تتم في هذه القرية وأثرها على عمليات الإسناد والاستلام وصرف المستخلصات في مشروعات وزارة الأوقاف.
هذا الإرهابي يمتلك الآن شركة مقاولات استحوذت على عدد كبير من مشروعات المجموعة الوطنية للأوقاف بإسم شركته الخاصة التي يقع مقرها بجوار استراحة الوزير، كما يستحوذ على عدد آخر من مشروعات المجموعة الوطنية للأوقاف من خلال كيان تعاوني “جمعية”، تحظى بمعاملة خاصة جداً في المجموعة، لأنهم يعرفون أنها -أي هذه الجمعية- هي الباب الخلفي لرجل الإعمال الإرهابي في الحصول على أكثر من مشروع، مرة باسم شركته، ومرة باسم الجمعية التي تتخذ من محافظة بوسط الصعيد إسمًا لها.
وقد أكد رفاعي أحمد طه رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية عقب وصوله إلى مسقط رأسه في نجع دنقل بمدينة أرمنت جنوب محافظة الأقصر في سبتمبر 2012 بعد غياب امتد لثلاثة عقود ما بين السودان وأفغانستان وإيران أنه كان دائم التواصل مع صديقه الإرهابي المقاول الذي أصبح بفضل وزير شباب سابق الصديق الصدوق الآن لوزير الأوقاف .
هذا الإرهابي المقاول الذي يزور وزير الأوقاف الآن بشكل مستمر في مكتبه بالوزارة بصحبة وزير شباب سابق ارتبط معه بعلاقة شراكة من الباطن في مجال المقاولات تحول هذا الإرهابي فأصبح ملازمًا لداعية شاب من أصل طيب من بني سويف ومقرب جدًا جدًا من الوزير وبفضل هذا التقارب أصبح الحاكم بامره في المجموعة الوطنية لإستثمارات وزارة الأوقاق ووزارة الأوقاف نفسها.
قد لا يعلم وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة أن أمير الجماعة الإسلامية هذا وبحسب المصادر في هيئة الأوقاف قد استخدم في أغلب مشروعاته خرسانات غير مطابقة للمواصفات، هناك تقارير تعج بها أرفف المجموعة الوطنية لإستثمارات الأوقاف تتناول هذه الإنحرافات المالية والفنية، وقد لا يعلم محمد مختار جمعة أن هذا المقاول الأرهابي تلاعب في مكعبات الخرسانة، و أنه يستخدم خرسانة غير مطابقة للمواصفات في أغلب المشروعات التي نفذها في قنا وأسوان، وأيضًا قد لا يعلم شيئًا عن محاضر التسليم التي يختلف المدون فيها عما هو كائن على أرض الواقع، فمثلاً وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الأعمال الصحية” قعدة الحمام والحوض” في بعض المشروعات التي تم تسليمها بمحاضر تسليم في عدد من المشروعات بالصعيد وهي بعشرات الملايين من الجنيهات تضمنت غش وتدليس إذ لم تكن في أغلبها أكثر من مجرد هياكل بدون شبكات أو مواسير، بل إن بعضها بدون هياكل أصلًا، ومع ذلك حصل على كافة مستخلصات هذه الأعمال بسهولة ويسر بفضل زيارته إلى قرية قرية منشاة أبومليح بمركز سمسطا في محافظة بني سويف، لو فتش الوزير جيدًا لعرف سر العلاقة بين هذا الإرهابي والشاب الطيب الذي يستغله هذا الإرهابي أسوأ استغلال في الفترة الأخيرة بهدايا من لندن ما كان يمكن أبدًا للفتي وهو من أسرة صالحة أن يسقط هذه السقطة الكبيرة.
المثير في هذا الأمر أن الإرهابي المقاول جار للوزير يسكن في نفس الشارع وعلي بُعد خطوات قليلة تجمع بينمها في الإطلالة ذاتها على النيل.
أصبح هذا الإرهابي المقاول الضيف الدائم الآن على قرية منشاة أبو مليح بمركز سمسطا في محافظة بني سويف، هذا الإرهابي المقاول هو واحد من قلائل في تنظيم الجماعة الإسلامية “المسلح” الذي استطاع أن يتخفى عن أجهزة الأمن المصرية، لكن ملفه في جهاز الأمن الوطني بقنا، ما زال شاهدًا على محطات مهمة في عمر التنظيم، تكشفت أغلبها عندما ظهرت حقيقته بعد 25 يناير2011، وتحويل مقره في المنيل إلى مقر رسمي لأعضاء التنظيم الذين هبطوا على مصر بعد 25 يناير من أفغانستان.
صاحب الشركة الأخطر التي تنفذ عدداُ من مشروعات الأوقاف الآن، هو نفسه المقاول مسئول الملف المالي لتنظيم الجماعة الإسلامية المسلح، لذلك لم تظهر بصماته إلا قليلًا في عمليات التنظيم عندما كان يقوم بأعمال إرهابية في الصعيد منتصف التسعينات، على انه وهو كذلك فإن مباحث أمن الدولة بقنا الأمن الوطني حاليًا يحتفظ له بملف مدون فيه بعضًا من نشاطاته.
خلال التسعينات نجح قيادي بارز بالحزب الوطني في الإفلات به من قبضة أمن الدولة بقنا وظل هاربًا لسنوات في محافظة الإسماعيلية، حتى هدأت الدنيا، لينتقل بعدها إلى محافظة البحر الأحمر في عصر اللواء سعد أبو ريدة، وبعد أشهر معدودة له في مجال المقاولات بالمحافظة اكتشف “أبو ريدة” عمليات استيلاء واسعة بعدة ملايين من الجنيهات في مشروعات إسكان بالمحافظة فأحالها إلى القضاء لتثبت النيابة وقتها أن بطل هذه القضية هو نفسه الإرهابي الهارب.
بعد اكتشاف أمره بالغردقة عاد هاربًا مرة أخرى إلى الإسماعيلية حتى تم تسوية القضية، ليعود بعدها في بداية الألفية الجديدة ليزاول أنشطة محدودة في مجال المقاولات بمشروعات هيئة الأوقاف حتى تولي مختار جمعة مسئولية الوزارة.
تعرف الإرهابي المقاول على وزير شباب سابق، صارت بينه وبين الإرهابي المقاول علاقة عمل من الباطن، سبق لهذا الوزير أن دخل بهذا الإرهابي إلى مكتب وزير الأوقاف مختار جمعة، ومن وقتها تعاظمت ثروة الإرهابي فتجاوزت المليار الأول واقتربت من الثاني دون مبررات واضحة لهذا الثراء الفاحش.
في عام 2011 بدأ نجمه يتألق من جديد بعدما بدأ اتصالا مع حسين شميط المتهم العضو البارز في محاولة اغتيال الرئيس المصري الراحل حسنى مبارك في إثيوبيا عام 1995.
كان “شميط” وقتها هاربًا في إيران، وعبر وسيط مقيم في تركيا وصلت الأموال إلى مصر حيث كان يتم تحويلها له بالتنسيق مع هذا الوسيط التابع لجماعة الإخوان السلمين، ربما من غير المصادفة أن هذا المقاول الإرهابي يمتلك شقة في نفس العمارة التي بها مقر الجماعة الشهير.
قبل 25 يناير 2011 ارتبط هذا الإرهابي المقاول بعلاقات مخفية مع جماعة الإخوان وأذرعها المختلفة من التنظيمات الأخرى المتطرفة، لكنه في العلن كان يرتبط بعلاقات مع قيادات بارزة في الحزب الوطني حتى انه نجح في الترشح على قوائم الحزب في انتخابات الشعب 2010، بعد دفعه 5 ملايين جنيه لمقرب من أحمد عز الذي وضعه على القوائم، لكن يقظة أمن الدولة وقتها حالت دون وصوله إلى قبة البرلمان، ليتأكد بعدها حدس الأجهزة الأمنية المصرية، عندما أعلن علاقته القديمة بالتنظيم المسلح، الآن يراهن على أن الجيل الجديد في الأجهزة الأمنية قد لا ينتبه إلى تاريخه القديم.
الآن وبعد أن أصبح واحدًا من أباطرة المقاولات في مصر، وله مقعد دائم في الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء وبفضل شبكة من العلاقات المشبوهة التي يدفع لها تحت الطاولة، وأموال ضخمة مملوكة لتنظيمات تكفيرية، حصل على اغلب مشروعات هيئتي الأوقاف والمجتمعات العمرانية، واسندت له مشروعات بالأمر المباشر، وكانت الرقابة الإدارية قد سجلت له منذ سنوات قضية رشوة في شكل سيارة أهداها إلى موظف كبير في هيئة الأوقاف، لكنه بعد أن انتبه للملاحقة، قام بإثبات عملية الشراء باسم نجل هذا المسئول الكبير مباشرة، ولم تكن التسجيلات بالنسبة لعناصر الرقابة الإدارية وقتها كافية لإدانته، فنجا منها في اللحظات الأخيرة.
ملف الإرهابي المقاول بالرقابة الإدارية يسجل تفاصيل عملية رشوة كبرى لم تكتمل فصولها بسبب عدم كفاية الأدلة
الأغرب مما سبق كله أن أنصار امبراطور الفساد محمد فودة صديق وزير الأوقاف مختار جمعة وقد دشنوا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية حملة للطعن في سمعة كاتب هذه السطور ردًا على ما كتبه في سلسلة مقالات عن أبعاد العلاقة التي تربط وزير الأوقاف محمد مختار جمعة بمحمد فودة امبراطور الرشوة الأكبر في مصر، والعلاقة الأكثر غموضا بين فودة وصاحب فضائية المحور حسن راتب، تبرع هذا المقاول الإرهابي من جهته أيضًا بدعم هذه الحملة التي استمرت تنهش في سمعة كاتب هذه السطور، وكأنه يجسد بذلك ويؤكد على ما بحت الأصوات الوطنية لإثباته من أن الإرهاب والفساد إيد واحدة في مصر.
اللهم ثبتنا على الحق وانصرنا بالحق ومن أجله
عبده مغربي