في مثل هذه الليلة قبل 46 عام.. كانت الأمة العربية حبلى بالنصر، في مثل هذه الليلة كانت الأمة العربية تعيش إرهاصات أروع معاني التضامن العربي، ومع حلول الذكرى 46 لنصر اكتوبر العظيم تجدد مصر التحية للأشقاء العرب وللجيوش العربية التي شاركتنا النصر والفخر، ومنها على سبيل المثال لا الحصر
كتب/ رئيس التحرير
كانت الجزائر التي أرسلت الفوج الثامن للمشاة الميكانيكية، والذي ضم أكثر من 3 آلاف جندي وضابط بالمدافع وأسراب الطائرات ولواء مدرع كامل يضم 90 دبابة، و ليبيا التي شاركت بقوات عسكرية على الميدان كان يقودها، القائد العام الحالي للجيش الليبي، خليفة حفتر، والذي حاز في أعقاب الحرب على نوط نجمة العبور المصرية، التي تمنح للضباط الذين ساهموا في عبور قناة السويس، و العراق التي تمركز سربها الجوي “هوكر هنتر” قبل الحرب بفترة في مطار قويسنا، وشاركت طائراته في الضربة الجوية المركزة يوم 6 أكتوبر، و اليمن التي انطلق منها الفريق فؤاد ذكري بثلاث قطع بحرية مصرية إلى مضيق باب المندب، في سرية تامة، عند نقط تسمح لها بمتابعة حركة جميع السفن العابرة في البحر الأحمر راداريا وتفتيشها، إذ لم تجرؤ سفينة عسكرية إسرائيلية واحدة على عبور مضيق باب المندب طوال الحصار، و المغرب التي أرسلت إلى الجبهة المصرية، لواء مشاة دخل ضمن تخطيط الخطة “شامل”، و الكويت التي كان لها قوة مشاة في منطقه كبريت غرب القناة من قبل الحرب، وبعد اندلاع الحرب، أرسلت الكويت قوة حربية إلى الجبهة المصرية، أسوة بما أرسلته إلى الجبهة السورية (قوة الجهراء). وبعثت 5 طائرات “هوكر هنتر” على الرغم من امتلاكها 8 طائرات فقط، بالإضافة إلى طائرتي نقل من طراز سي-130 هيركوليز، لحمل الذخيرة وقطع الغيار، ووصلت الطائرات إلى مصر في مساء 23 أكتوبر ونزلت في قاعدة قويسنا التي كانت أنوارها مطفأة لظروف الحرب، وحال وصول الطائرات الكويتية أضيء المدرج لثوانٍ محددة لنزول الطائرات، ثم أغلقت أضواؤه فورا.
كما ويثمن المصريون الدور العظيم للملك فيصل بن عبد العزيز الذي قاد حظًرا عربيًا علي تصدير النفط يستهدف بلدان العالم بشكل عام وأمريكا وهولندا بشكل خاص لدعمهم لإسرائيل، كما يحفظ الشعب الميري عن ظهر قلب هذا الموقف التاريخي لحكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان الذي قرر أثناء زيارته للندن ومع الدقائق الأولى لحرب أكتوبر قطع النفط عن إسرائيل والدول التي تساندها.
وعندما سئل الشيخ زايد وهو في لندن عن موقف الولايات المتحدة تجاه بلاده من سياسة حظر البترول، ألا يخشى العدوان على بلاده، أجاب: (أن دولتنا جزء من الامة العربية يوجد بيننا دين و التاريخ واللغة والآلام و الامال و المصير المشترك
وأكد الشيخ زايد من قلب لندن على أن البترول العربى ليس اغلى من الدم العربى، ثم قطع زيارته ليعود ويشارك مع باقي الدول في دعم مصر بمعركتها ضد إسرائيل، وعندما حصل نقص فى الاسلحة قام باقتراض مليار دولار من البنك الدولى وتحويلها للاتحاد السوفيتى تحت حساب الاسلحة التى تحتاجها مصر وسوريا للحرب.
أيضًا لا يجب أن يغيب الموت عن بالنا المواقف الصلبة والواضحة للرئيس الشهيد صدام حسين وكان وقتها الرجل الثاني في الحكومة العراقية الذي طار بتكليف من حكومة العراق إلي فرنسا لشراء معدات عسكرية للجانب المصري ووصل من العراق السرب المقاتل التاسع والعشرون (طائرات هنتر) والسرب المقاتل السادس (طائرات هنتر) وبلغت مجموعات طائرات الهنتر العراقية التي إلي وصلت مصر 20 طائرة استقرت في مطار قويسنا بمحافظة المنوفية.
كما لازال الوجدان الشعبي والرسمي في مصر يحفظ للرئيس الشهيد معمر القذافي مواقفه التاريخي الذي منح فيه الرئيس السادات مليار دولار لشراء أسلحة عاجلة خلال الحرب، أيضًا ودور الرئيس الصنديد هواري بو مدين الذي طار إلى الاتحاد السوفييتي وبذل كل ما في وسعه، بما في ذلك فتح حساب بنكي بالدولار، لإقناع السوفييت بالتعجيل بإرسال السلاح إلى الجيشين المصري والسوري.
هدد بومدين وقتها القيادة السوفيتية قائلا “إن رفضتم بيعنا السلاح فسأعود إلى بلدي وسأوجه خطابا للرأي العام العربي أقول فيه بأن السوفييت يرفضون الوقوف إلى جانب الحق العربي وأنهم رفضوا بيعنا السلاح في وقت تخوض فيه الجيوش العربية حربها المصيرية ضد العدوان الإسرائيلي المدعم من طرف الامبريالية الأمريكية”، ولم يغادر بومدين موسكو حتى تأكد من أن الشحنات الأولى من الدبابات قد توجهت فعلا إلى مصر.
في مثل هذه الليلة كان الدم يغلي في شرايين وأوردة الزعيم الشهيد محمد أنور السادات قبل ساعات من انطلاق شرارة الحرب، وفي هذه الليلة لا يمكن أن نغفل دزر الرئيس السابق محمد حسني مبارك، هو ورفاقة في سلاح الجو المصري الذين تمكنوا من هزيمة سلاح الجو الصهيوأمريكي القوة الجوية الأولى في العالم بطائرات متواضعة.
وبينما انتهي الآن من تدوينتي عن حرب أكتوبر المجيدة الاحظ سطوري وهي تنحني تقديرًا واحتراماً واجلالاً لهذا الرجل المخلص الواعي والعنيد الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي لاقى ما لاقى من تحديات، لكنه وبرغمها وبعد ما يقرب من نصف قرن على آخر حرب نظامية للجيش المصري على أراضيه استطاع وهو يخوض بالجيش حرب اقتصادية للنهوض بالإقتصاد المصري، أن يبني استراتيجية دقيقة لبناء قوة عسكرية تحقق الردع والقدرة على الدفاع عن أمن مصر القومى، ففي الوقت الذي وجه فيه فائض المنظومات والخبرات الانتاجية والادارية والهندسية لمعاونة اجهزة الدولة فى تنفيذ خطط وبرامج التنمية الشاملة فى كافة ربوع مصر قام على الناحية الأخرى بخطى متسارعة للإعادة بناء منظومة الجيش المصري التسليحية وإعلاء قدراتها القتالية على كافة المحاور الاستراتيجية بما يتسق مع التطور التكنولوجى للقرن الواحد والعشرين وبما يمكنها من مواجهة التحديات الاقليمية والمتغيرات الدولية بما فى ذلك تأمين الاهداف الحيوية والمشروعات التنموية العملاقة من التهديدات بصورها المختلفة من جانب، وحماية مصالحها الاستراتيجية وتحقيق الردع بمحيطيها الاقليمى والدولى من جانب آخر.
أصبح بالجيش المصري الآن أحدث الفرقاطات ولنشات الصواريخ والغواصات وحاملات المروحيات المسترال بما لها من خواص استراتيجية وتكتيكية تعزز من القدرات الهجومية والدفاعية لقواتنا المسلحة، إضافة إلى تطوير قدرات سلاح الجو المصري بأحدث أجيال المقاتلات متعددة المهام القادرة على الردع والوصول لأبعد الاهداف وتحت مختلف الظروف، وعمل نقلة جبارة في تطوير منظومات الدفاع الجوى لحماية سماء مصر بالتزامن مع اعادة تسليح ورفع كفاءة التشكيلات التعبوية بجميع وحداتها وبمختلف الاسلحة المعاونة وعناصر الدعم وتطوير الوحدات الخاصة بما يتناسب مع تطور نظم واساليب القتال الحديثة.
الليلة ليلة عيد، أهم وأجمل وأقدس عيد
عبده مغربي
رئيس تحرير جريدة البلاغ