عقد الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الوزراء مؤتمرا صحفيا بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء، للإجابة عن كافة الاستفسارات والتساؤلات لدى الشارع المصري حول مستقبل العقارات المخالفة، هل سيتم إزالتها نهاية الشهر الجاري ومن المسئول عن تقديم طلبات التصالح هل المالك الأصلي أم شاغل العقار؟ وهل سيتم تخفيض رسوم المتر في بعض المناطق مراعاة للبعد الإجتماعي أم لا؟
وقال الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء إن ظاهرة البناء العشوائي بدأت في مصر منذ عقد السبعينات من القرن الماضي، نتيجة لتزايد النمو السكاني الكبير وعدم قدرة الدولة علي توفير السكن من الوحدات السكنية للمواطنين.
وأضاف في مؤتمر صحفي بمقر مجلس الوزراء، أن أغلب البناء المخالف تم على الأراضي الزراعية، مشيرا إلى أن الظروف السياسية والاقتصادية التي كانت تمر بها البلاد في تلك الفترة كانت تجعل الدولة تغض الطرف عن هذه المخالفات.
قال الدكتور مصطفى مدبولي إن البناء العشوائي أدى الي حجم هائل من التحديات أمام الدولة، وأضاف أن حجم البناء العشوائي من الثمانينات حتى 2011 بلغ 400 ألف فدان ومن 2011 حتى الآن 90 ألف فدان من الأراضي الزراعية.
وأشار إلى أن تكلفة استصلاح الفدان الواحد تبلغ 90 ألف جنيه بما يعني أن الـ 90 الف فدان التي فقدت من 2011 حتي الأن تبغ 18 مليار جنيه.
وقال إن تكلفة مشروعات الصرف الصحي في القرى عام 2014 كان يبلغ 180 مليار جنيه، مشيرا إلى أن 40% من الريف المصري أصبح مغطي بالصرف الصحي.
وأضاف أن التوسعات التي تمت والبناء علي الأراضي الزراعية وهو ما نشأ عنه تجمعات عمرانية جديدة زاد من التحديات وأصبحت الدولة مطالبة بـ300 مليار جنيه لتغطية كافة القرى بخدمات الصرف الصحي.
وقال إن الأحياء التي كانت مخططة مثل الدقي والعجوزة ومدينة نصر بدأت تتلاشى بعد أن تم هدمها وعمل عمارات سكنية بالغة الإرتفاعات.
وأضاف أن قدرة الشبكات التي كانت مصممة لخدمة عدد معين من السكان ان تتضاعف مما دفع الدولة للإسراع في زيادة قدرة المحطات.
وأشار إلى أن هناك مشكلة في نقص المياه مثل فيصل والهرم والطوابق ومنشأة البكاري، وهو ما دفع الدولة لإنشاء محطات عملاقة لاستيعاب هذه الزيادة رغم أن هذه المنطقة مخالفة، ولكن بدأت مرة أخرى عودة ضعف المياه بسبب النمو العشوائي الهائل، وهو ما استدعى إقامة مشروعات جديدة لاستيعاب الزيادة.
وتابع مدبولي: “لما بنسافر بره بيصعب علينا حال البلد، ليه بقينا كده”، مطالبا المواطنين بالتعاون مع الدولة ومنع البناء المخالف وهدر الأراضي الزراعية.
وقال إن الدولة عملت على توسيع الأحوزة العمرانية للمدن والقرى والعزب والتوابع بمساحة 160 ألف فدان.
وأضاف أن هذه المساحة كانت تكفي احتياجات توسعات المواطنين حتى عام 2030 بما يكفي حاجة 24 مليون مواطن، حيث أن الفدان الواحد يستوعب عمليا 150 فردا.
وأشار إلى أن كل مواطن يرغب في البناء على الأرض التي يمتلكها بغض النظر عن وقوعها في الحيز العمراني أم لا.
وقال إن الحكومة بدأت في إنشاء مدن الجيل الرابع في محافظات مصر لاستيعاب الكثافة السكانية وتلبية احتياجات المواطنين ومحاولة مواجهة البناء المخالف وهدر الأراضي الزراعية.
وأضاف أن التصالح في مخالفات البناء جاء لمعالجة القانون رقم 119 لسنة 2008 الذي كان ينص على عدم التصالح في مخالفات البناء وضرورة إزالة المخالفة تحت أي ظرف.
وأشار إلى أن قانون التصالح صدر واللائحة التنفيذية تم اعتمادها، مؤكدا أن عدد الطلبات التي تم تقديمها لم يكن بصورة منطقية وطبيعية.
وأوضح أن مجلس النواب بدأ مشاورات مع الحكومة لتفعيل الاستفادة من قانون المصالحات، وهو ما تطلب التعديل والذي صدر في نهاية شهر يناير 2020، وهو ما سهل أنه فتح المجال لكافة المخالفات في كل السنوات للتصالح، وأنه نص على سداد قيمة التصالح على 3 سنوات وبدون فوائد وسمح للمواطن بالتظلم من قيمة التصالح.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن التعديل الجديد قضى على جشع المكاتب الاستشارية التي كانت تستغل المواطنين الراغبين في استخراج شهادة سلامة المبنى من الناحية الإنشائية.
وأضاف رئيس الورزاء أن قانون التصالح ليس إجراء عقابي، بل على العكس يخدم المواطنين الذين استثمروا أموالهم في البناء.
وأضاف أن المترتب على التصالح أن المبنى أصبح له صفة الرسمية وهو ما يلزم الدولة بتوصيل المرافق بشكل رسمي وطبيعي ودون أي معاناة.
ودعا الدكتور مصطفي مدبولي المواطنين لسرعة تقديم طلبات التصالح في مخالفات البناء قبل انتهاء شهر سبتمبر الجاري.
وأضاف أن بعض المواطنين اشتكوا من كثرة عدد المستندات ورفض جهة التصالح استلام الطلبات بدون استيفاء المستندات.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة أيضا لديها شكاوى حول الأرقام المخصصة للتصالح في مخالفات البناء وأنها مرتفعة، موضحا أن هناك لجنة هندسية تحدد رسوم المتر وهي ليست “جزافية”.
وأوضح أن بعض المناطق “متميزة” ولكن يسكن فيها مواطنون محدودو الدخل وصدرت تعليمات لتخفيض قيمة التصالح لهم ومراعاة البعد الاجتماعي.
وحول المسئول عن التصالح في مخالفات البناء هل مالك العقار أم شاغل العقار، أكد أن الذي استخرج الرخصة هو المسئول عن قيمة التصالح.
واستعرض رئيس الوزراء ما يعرف بمصطلح “الكاحول” وهو الشخص الوهمي الذي استخرجت باسمه الرخصة، مؤكدا أن على الشاغل في هذا الوقت التقدم بطلبات التصالح بديلا عن المالك.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي إنه أعطي تعليمات واضحة لرؤساء المدن والأحياء وأجهزة المدن الجديدة باستلام طلبات التصالح في مخالفات البناء بغض النظر عن استيفاء جميع المستندات المطلوبة.
وأضاف: من يسلم طلب التصالح سيحصل علي نموذج 3 وهو الذي يحمي المتقدم من اتخاذ أي إجراء ضد المبنى من الهدم والإزالة لحين الانتهاء من إجراءات التصالح.
وأشار مدبولي إلى أنه سيتم منح من تقدم بطلب التصالح شهرين مهلة للانتهاء من استيفاء كافة المستندات المطلوبة.
وأوضح أنه بمجرد تسليم المواطن نموذج 3 يخطر كل أجهزة الدولة بعدم التعامل مع المبنى لحين الانتهاء من إجراءات التصالح.
وقال إن رخصة البناء ستصبح عقدا بين المواطنين والدولة، وأنه تم توجيه تعليمات لكافة المحافظين بتخفيض رسوم التصالح في مخالفات البناء بسبب شكاوى المواطنين من ارتفاعها.
وأضاف رئيس الوزراء أن من تقدم بطلبات التصالح ودفع مقدم الطلب على الرسوم الحالية قبل التخفيض سيتم إعادة حساب إجمالي التصالح الخاص به بعد التخفيض.
وأكد مدبولي أن الدولة لم تقم مؤخرا بإزالة مباني مأهولة بالسكان كما تردد على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن ما تم إزالته حاليا هي المخالفات الصارخة والتعديات.
وأشار إلى أن الدولة لن تسمح بأن تكون هناك مخالفات جديدة، محذرا من يقدم على المخالفة بأنه سيواجه بمزيد من الحسم.