يُعتبر علوي الجزار والذي ولد في عام 1923 ، أحد رجال الأعمال الذين تولوا منصب الرئاسة لنادي الزمالك في بداية الستينيات حينما كان عمره 39 عامًا، ليكون أصغر رئيس نادي في تاريخ القلعة البيضاء، الجزار ابن الحوامدية، خريج كلية الزراعة، انطلق في صناعة الشاي بمشاركة ثلاثة من أشقائه، تزوج وأنجب ثمانية بنات.
قصته مع الزمالك
كان “الجزار” أصغر من تولى منصب رئيس النادي، فقد صعد إلى الكرسي وعمره 38 عامًا فقط، وتولى المنصب لمدة عام واحد فقط، ولكنه حقق الكثير من الإنجازات الكبيرة للنادي خلال هذا العام، وقرر أن يستضيف على نفقته فريق كرة القدم العالمى “ريال مدريد”، ليلعب مباراة ودية مع الزمالك فى القاهرة، وقد كانت هذه المباراة حدثًا رياضيًا عظيمًا.
الزمالك يتسبب في تأميم ممتلكات الجزار
مباراة ريال مدريد، تسببت في تأميم ممتلكات علوي، على الرغم من كونها احدثًا كبيرًا حينها، إلا أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يُشاهد المباراة تليفزيونيًا، وكان الجزار يجلس في المقصورة إلى جوار رئيس نادى ريال مدريد، وقاما بإشعال سيجارًا فخمًا، فسأل عبد الناصر عن الشخص الذى يُدخن السيجار إلى جوار الضيف الأجنبي فقالوا له أنه علوي الجزار، فسألهم هل تم تأميمه أم لا؟، وكانت الإجابة لا، فكان قرار التأميم.
مسيرته الإدارية في نادي الزمالك
كان علوي الجزار رجل الأعمال الشهير والذي يعشق النادي والرياضة عموما. وذات يوم توجهت مجموعة من لاعبي وأعضاء نادي الزمالك إلي علوي الجزار رئيس مجلس إدارة شركة الكوكاكولا وصاحب أكبر الأسهم فيها وصاحب مصنع سكر، للمطالبة بالمساندة في بناء منشآت بالنادي، وضم هذا الوفد الزملكاوي محمد حسن حلمي سكرتير الكرة، والفريق سيد الدين متولي وكيل النادي، واللواء حسين لبيب مدير النادي، من أجل استكمال منشآت النادي، ولم يمل الرجل شروط ولا طلب قيود ولا ضمانات، وصباح اليوم التالي كان في موقع العمل لاستكمال منشآت النادي الجديدة، والتي لا يمكن أن تتوقف وشهر عن ساعديه، وتم استكمال البناء في أسابيع ونذكر صفحات الرياضة يومئذ أن حالة الترحاب بالرجل كانت كبيرة وعظيم والتف حوله، كل كبار ونجوم ولاعبي الزمالك وكان الأصغر سنا فيمن تولوا رئاسة النادي طوال تاريخه، وكان الأكثر سخاء ماديا.
أهم مشاريع الجزار في نادي الزمالك
كان من أهم المشاريع التي تولي الإنفاق عليها حمام السباحة الأوليمبي بالنادي الذي مازال شاهدا علي دور الرجل الإنساني البديع في استقبال وضخ أبطال أربعة ألعاب أوليمبية (سباحة_كرة ماء_غطس_باليه مائي) وكان يوم الافتتاح مبهرًا.
كرة القدم بالزمالك في عهد الجزار
حافظ “الجزار” علي كيان نادي الزمالك الذي أحرز بطولة الدوري سنة 60، وقاده بعد حالة الاستقرار المادي والمعنوي والفني للفريق إلي الحفاظ علي الدرع موسم 61 وكانت المرة الأولي التي يحرز فيها فريق الكرة الزملكاوي الدرع عامين متتاليين وابتهاجا بهذا الفريق استقدام على حسابه الخاص ودون نظر لحسابات المكسب والخسارة المادي فريق نادي ريال مدريد الإسباني، بقيادة أسطورة الكرة دي سيتفانو وبوشكاش وخنتو ودي ماريا، الفريق الذي احتكر بطولة أوروبا وقتها، وكان اللقاء في مصر حديث العالم، وقتها احتشدت في استاد ناصر – استاد القاهرة الآن- بعد افتتاحه بشهور، وأذاع التلفزيون المصري الذي كان قد تم افتتاحه منذ شهور، اللقاء.
علاقة الجزار بالألعاب الأخرى
استمر الرجل في الصعود بعد تأسيس العديد من الألعاب في النادي مثل الكرة الطائرة وكرة السلة وكرة اليد والبدء في تكوين كيانات قوية لها، ولكن أصابه سهم التأمين في النهاية.
يا زمالك يا مدرسة.. لعب وفن وهندسة.. الهتاف الشهير وعلاقته بالجزار
هتاف اشتهرت به جماهير نادى الزمالك، لتشجيع ناديها فى كافة الألعاب، ولكن ما السر وراء هذا الهتاف؟.. كان حسين حجازي لاعباً فى النادي الأهلي وانتقل منه إلى الزمالك، وحاول حجازي الانتقام من فريقه السابق، فجمع تلاميذ من المرحلة الثانوية، وكون فريقا لعب ضد الأهلي وفاز عليه، فقال الجميع مدرسة الزمالك فازت على الأهلي، ومن هنا جاء الجزء الأول من الهتاف “مدرسة”.
الكلمة الثانية فى الهتاف وهى “اللعب” جاءت من كلام وحديث الجماهير أن الفريق يؤدى أداءً مميزاً نظراً لأنه يضم بين صفوفه عمالقة الكرة، مثل حمادة إمام، وعلاء الحامولى، وعبده نصحى، وعلى شرف وغيرهم، فهو فريق..”اللعب”.
ولأن نادى الزمالك كان ينتمى له الكثير من أهل الفن وتعلقوا به بشدة، مثل صلاح ذو الفقار، ومحمد رشدي، وشكري سرحان وغيرهم من النجوم، فقيل إنه فريق “الفن”، وفى سبب آخر أن كلمة الفن جاءت من أداء اللاعبين داخل الملعب والذى شبهه البعض بالفن بجانب اللعب.
وبالعودة إلى التاريخ نجد أن علوى الجزار المقاول الكبير اتفق مع حلمى زامورا، رئيس الزمالك الأسبق، على بناء مدرجات، وتم الاتفاق أن يسدد النادي الأبيض المقابل المادي للمقاول بالتقسيط لأن النادي لم يكن به الأموال الكافية وقتها، فنال المقاول حباً فى قلب الجماهير الزملكاوية، التي رأت أن علوى الجزار فعل ما لا يٌفعل، فهتفت له “هندسة”، ليتكون فى النهاية الهتاف الخالد حتى الآن بين جماهير الزمالك “يا زمالك يا مدرسة.. لعب وفن وهندسة”.
استثمارات الجزار عبر تاريخه
مسيرة الجزار كانت مليئة بالاستثمارات والأعمال، فكان رئيسًا لمجلس إدارة مصنع كوكاكولا وصاحب 70% من أسهم هذا المشروع، واستطاع أن يثبت أقدام المنتج في مصر والمنطقة عموما بنجاح، بخلاف الشيخ الشريب وكوكاكولا، كان لديه مصانع للسجاد والبلاط والموبيليات والشربات وماركة البونبون الشهيرة “فينوس” وكريم نيفيا، وكان صاحب مزرعة كبيرة بشراكة مع الخواجة “إليكو” انبثق عنها مطعم أندريا الشهير، وكان أيضا صاحب سينما “الفانتازيو” الشهيرة فى ميدان الجيزة وفندق شهرزاد.
نجاحه على صعيد الشاي
كان نموذجا لصنايعي الأعمال تنطبق عليه مقولة يحول التراب إلى ذهب، وكان نجاح مشروع تصنيعه للشاي نموذجا يستحق الدراسة، كان يستورد الشاي الخام من “سيلان” ويصدره مُصنعّا إلى معظم الدول العربية وكان تقريبا الشاي الرسمي المعتمد عند المصريين، بالرغم من وجود منافسين مثل شاي “زوزو” إنتاج مصنع الحوامدية، وشاي “كراون” إنتاج مصنع بورسعيد، لكن شاي “الشريب” تفوق بخلاف الجودة بسبب العقلية الدعائية للجزار، فقد رسم فى وجدان المصريين بصورة الشيخ الشريب ملامح لشخص ارتاحوا له ولابتسامته سريعا، شخص من بينهم وليس نجما سينمائيا، به أبوة ويشعرك بقرابة ما أو بأنك حتما التقيت به، كما كانت إعلانات الصحف والمجلات تخاطب صاحب القرار في موضوع الشاي في كل بيت.
علاقة الجزار بالسياسة
علوي الجزار نشأ في أسرة أرستقراطية وحصل على سنوات دراسته الأول في الحوامدية، وفي التوجيهية التحق بالسعيدية قلعة الأبطال ومارس خلالها الرياضة ولكنه أصرّ علي الالتحاق بكلية الزراعة حتي يتولى الإشراف علي المزارع الخاصة بالعائلة في عموم الحوامدية، وتعلق بالسياسة وكان أحد الانتاجات الثقافية والإنسانية لثورة الشعب 1919، وانضم لمحبي ومؤيدي ثورة يوليو 1952 ذوبانا في عرق الوطن والحفاظ علي تراث الأجداد، وفي مصنع السكر التي تمتلكه العائلة ويديره علوي الجزار فتح باب العمل والإنتاج للآلاف من أبناء الوطن وبسطاءه.
يوم رحيل الجزار
في 26 إبريل من العام 1987 رحل بهدوء وصمت وأنطوت واحدة من أهم صفحات التاريخ الرياضي الإنساني في مصر القرن العشرين لرجل يستحق اسمه وأعماله التقدير والاحترام.