كتب: محمد عبد اللطيف
حسين كمال الدين إبراهيم سالم وشهرته حسين سالم، من أبرز رجال الأعمال المصريين، ولد عام 1933 وينتمي إلى أسرة من عرب أبو طماع مركز الصف وتقيم بمدينة حلوان.
تخرج “سالم” من جامعة القاهرة كلية التجارة قسم محاسبه والعلوم الاقتصادية عام 1956 ، وبدأ حياته براتب شهري يساوي 18 جنيهًا كموظف بصندوق دعم صناعه الغزل والمنسوجات القطنية، فنبغ وأنشأ في هذه المؤسسة قسم البحوث الاقتصادية وحينها كانت المصانع المصرية تتكدس بالأقمشة نتيجة للحصار الاقتصادي، فتولى مهمة دعم تصدير المنسوجات المصرية لإنقاذ المصانع من الإفلاس حيث أنها كانت أهم صناعه مصريه حينذاك، ثم تم إيفاده للخارج لتسويق المنتجات المصرية وكان لا يتعدى 24 عام ضمن وفد كبير يضم خيرة العقول النيرة وعباقرة الاقتصاد بتوجيهات الزعيم عبد الناصر، لتأمين منابع النيل بمد أواصل العلاقات و اتصالات مصر بكل الدول المحيطة بنهر النيل.
وسافر إلى شرق إفريقيا إلى الصومال ثم غانا ثم السودان وعمل صفقات أقمشه بـ2 مليون جنيه، ثم سافر أمريكا وعمل صفقة اقمشه بـ4 ملايين جنيه لصالح الدولة المصرية وهنا كان التاريخ الفاصل فى حياة حسين سالم وتم نقله إلي المؤسسة الاقتصادية، فعمل تحت إدارة الفريق طيار حسن إبراهيم- نائب رئيس الجمهورية- وسافر عبر الشركة العربية للتجارة الخارجية إلي موسكو، ونجح في بيع صفقه أقمشة كبرى للاتحاد السوفيتي.
بقي “سالم” في الشركة الحكومية بنفس درجته وزيادة راتبه إلى أن تقرر افتتاح المراكز التجارية لجمهورية مصر العربية الخارجية وسافر إلي كازابلانكا وقام بإنشاء أول مركز هناك وافتتح المركز التجاري لجمهورية مصر العربية المتحدة في كازابلانكا وبقي بها عامين ثم تم إيفاده للجزائر وافتتح المركز التجاري في الجزائر ثم تم إيفاده إلي العراق من قبل آمين هويدي -مدير المخابرات العامة وقتها- وأنشأ مركز تجاريًا، وعاد من العراق 1967 وبقي بالعمل الحكومي التجاري حتي عام 1972.
بعد عام 1972، قرر “سالم” العمل الحر الخاص وترك القطاع العام، ومن وقتها لم يتقلد أي منصب رسمي في الدولة، فسافر إلى أبوظبي للعمل وشارك رجل أعمال كويتي بمشروع لمركب فى ليفربول، واقترض من البنك ليغطي حصته في شراء المركب وكانت صفقه رابحه، ليبدأ في تكوين رأس ماله بنفسه.
وعقب اغتيال الشهيد السادات أخطرت السفارة المصرية بواشنطن حسين سالم، بتأمين ابن الرئيس “جمال السادات” والعمل علي إعادته لمصر سالما، نتيجة لاضطراب الأمور وعدم اتضاح أبعاد المؤامرة حينها، نفذ “سالم” المهمة بنجاح ورافقه على متن طائرة خاصة إلى أرض الوطن.
بعد سنوات من عمله بأبوظبي قرر السفر لأمريكا مرة أخرى، وكانت حينها تجرى مفاوضات كامب ديفيد، وعلى حد قول حسين سالم، فإن الفريق كمال حسن علي -المفاوض الرئيسي علي مائدة كامب ديفيد-، أخبره أن المعونة الأمريكية حددت نقل السلاح عن طريق شركات أمريكية بتكلفة عالية جدًا، وصلت إلى 26.5% من قيمة المعونة، هنا رأت المخابرات المصرية أن تؤسس شركة بمعرفتها فكانت شركة حسين سالم شركة “إياتسكو المصرية لخدمات النقل”، ليصبح المسئول عن تنفيذ المعونة الأمريكية للقاهرة في إطار اتفاقية السلام مع إسرائيل، وتنافست الشركة في مزاد علني، أقيم من أجل المعونة، وفازت بالعقد بتكلفة 8% ، فخسرت الشركات الأمريكية الضخمة وضغط أباطرة النقل في أمريكا على الحكومة الأمريكية بحجه أن قوانين النقل والشحن تقدر بالحجم والكم والوزن وليس بالنسبة وتم إلغاء العقد وفض حساباته بالشركة وعاد إلي إسبانيا أواخر عام 1983 ، وهو ما يؤكد أنه “سالم” لم يشارك في أي عملية تسليح للجيش المصري، وتم الإعداد لعملية النقل بطريقة أخرى.
عاد إلي مصر عام 1986 وعمل بالمقاولات عبر شركة “ميلسم” وتولي مهمة إنشاء مساكن لضباط الجيش بأوامر من المشير أبو غزالة، في مدة قياسية عندما كلف بالسفر لأبوظبي لمقابلة الشيخ زايد، وكانت العلاقات مقطوعه مع بعض الدول العربية بعد معاهدة السلام، ومصر تمر بأزمة اقتصادية وإشكالات بين مصر والهيئة العربية للتصنيع، فعاد بتسعين مليون دولار كبداية احتياطي نقد أجنبي لمصر.
وفي جنوب سيناء يعتبرونه الأب الروحي لمدينة شرم الشيخ حيث أنه أول من استثمر فيها، وأنشأ محطة مياه نقية وبنى مسجد السلام على نفقته الخاصة بتكلفه 2 مليون جنيه، كصدقة جاريه، وأيضًا أنشأ أكبر قاعة مؤتمرات بالشرق الأوسط التي استقبلت ضيوف مصر -قاعة السلام- فحينما نجحت مصر في جذب منظمين منتدي “دافوس” العالمي، لتنظيم إحدى دوراته في مدينة شرم الشيخ، وكان هناك ضيق في الوقت ولم تجد الحكومة المصرية أي مكان يستوعب هذا الحشد -الذي يعد الأكبر في مجال الاقتصاد حينها-، أعلن حسين سالم عن إقامة هذه القاعة قبل الانعقاد بـ 6 أشهر وأهداها للدولة المصرية، لينقذ الموقف.
ويعد حسين سالم صاحب وراعي فكرة مسابقات الجولف العالمية والتي تقام سنويا في شرم الشيخ، وهو من أقام أول مصفاه معمل تكرير بترول في مصر تنتج حتى الآن 25% من إنتاج السولار والبنزين عن طريق استثمارات أجنبية وهي ملك للحكومة المصرية الآن ملكيه خالصه، بينما مشروع تصدير الغاز إلى إسرائيل فهو عبارة عن مشروع عالمي، فالخط كان مُعد في الأساس ليمتد من العريش حتى ميناء جيهان التركي، ثم إلى رومانيا ثم بولندا ومنها إلى أوروبا الغربية كلها، ووقع بالفعل عقود و مذكرات تفاهم مع حكومة إسطنبول ورومانيا حينها، وكانت البداية الأردن وإسرائيل 2005 ، لأغراض استخباراتية ولفرض النفوذ المصري علي الدولة العبرية بما يسمي مشاريع السيطرة ومنع الحروب والأهداف الاستراتيجية وليس الربح فقط، فحسين سالم فعل كل ذلك فى إطار منظومة الأمن القومي المصري ولا يمكن لأحد من أبناء مؤسسة الأمن القومي مثل عمر سليمان أن يقوم بهذا التبادل التجاري مع العدو دون أن يكون ذلك في إطار دور مرسوم يؤديه لخدمة الوطن.