إذا كان تخفيض نفقات التشغيل هدف أساسي في حد ذاته لأي قيادي يتولى مسئولية الإدارة فإنه في مثل هذه الأيام التي تئن فيها ميزانيات الشركات المملوكة للدولة في كافة القطاعات، يصبح هذا الهدف شرط صحة لاستمراره في موقعه خاصة ونحن نعيش هذا الظرف الاستثنائي في التاريخ والكوكب.
أقول هذا الكلام بمناسبة ما تبين لي عن قيادات في قطاع الطيران بشكل عام وفي الشركة القابضة للمطارات بشكل خاص، يجلسون في منازلهم بينما تصلهم مرتباتهم كاملة بغير نقصان لا لشيء إلا لأنهم كانوا في يوم من الأيام أصحاب سلطة على مقاعد المسئولية..! أيعقل هذا؟ طبعًا لا يُعقل، لكن هذا ما حدث ويحدث بالفعل في الشركة القابضة للمطارات.
هذا المقال تحديدًا أرفعه الى وزير الطيران أن يتخذ فيه الإجراء المناسب وقد أقسم سيادته على رعاية مصالح الشعب رعاية كاملة، وهي الرعاية التي لا تستقم أبدًا وهذا الوضع المعوّج باقٍ على حاله.
السيدان وائل النشار رئيس شركة المطارات المصرية الأسبق و حسن التهامي أمين عام وزارة الطيران الأسبق، يجلسان الآن في بيتيهما ومنذ فترة لا يؤديان فيها أي عمل سواء بالوزارة أو القطاع بينما كافة المرتبات والبدلات وخلافه تصل إليهما كاملة ً بدون نقصان في انتهاك صارخ لكافة اللوائح والقوانين المنظمة للعمل في مصر.!
سألتً أحد مصادري بالوزارة: كيف يستقيم هذا الأمر؟ فقال: لقد انتقلا بعد تركهما مواقع القيادة في وظيفتيهما السابقتين إلى وظيفة مستشار لرئيس القابضة للمطارات، وهي وظيفة شرفية في الغالب ليست لها مهام واضحة، وهنا أتوجه بالسؤال إلى معالي السيد وزير الطيران والسيد رئيس القابضة للمطارات: هل مثل هذا الأمر يمثل بحد ذاته وعلى النحو المعوّج هذا رعاية لمصالح الشعب؟!

اللواء النشار الذي أتى إلى الوزارة قبل عام من تولي السيد وزير الطيران السابق مسئوليته، فأصبح رئيسًا للشركة المصرية للمطارات، وبعيدًا عن الأداء الذي مارسه في هذه الفترة فإننا الآن بصدد الإجابة عن السؤال المهم والخطير: ما العمل الذي يقوم به اللواء النشار الآن ويتقاضى بموجبه راتبه؟ وكيف يستقيم الوضع أن يجلس الرجل في بيته بينما يحصل على أجره كامًلا بغير نقصان؟ أم أن الرجل يمارس من منازلهم عملًا لم يتصل إلى علمنا طبيعته، وإن كان فما هو هذا العمل؟ نفس الأمر بحدوده وأبعاده نتوجه معه بالسؤال عن طبيعة ودور وشكل العمل الذي يقوم به السيد حسن التهامي.

ألم يحن الوقت لتخفيض النفقات، أو على الأقل إما تشغيل الطاقات المُعطلة أو وقف النزيف المستمر والمتواصل لخزينة الدولة بمرتبات بدون عمل يتم دفعها كل شهر، والدولة أولى بكل مليم في هذا الظرف الاستثنائي والحساس.
فلا يُعقل أن يستمر هذا النزيف الذي تدفعه الشركات كل شهر في شكل مرتبات لأناس تجاوزا سن الستين بعد أن يتم التجديد لهم بعقود مصنوعة فقط لكي يستمروا في القبض من زكائب الشركات المختلفة في قطاع الطيران، هذا أمر يرفضه رئيس الجمهورية، وينتهك الخط الأساسي في سياسة الدولة الآن، ولا يُعقل أنه مع قدوم كل وزير لوزارة الطيران أن يأتي بأحبابه ومريديه إلى المناصب القيادية، فيذهب الوزير ويبقوا هم، نتجرع تكلفه بقائهم كل شهر من المال العام.
في المقال القادم نفتح ملف الانحرافات المالية والإدارية في سلطة الطيران المدني .. تابعونا