كشفت وثائق سرية بريطانية، نشرها موقع “بي بي سي” اليوم، أن بريطانيا والولايات المتحدة قللتا من إرادة العرب وقدرتهم على وقف ضخ النفط للغرب، خلال حرب السادس من أكتوبر عام 1973.
وأظهرت الوثائق أن البريطانيين فوجئوا بإعلان الدول العربية المنتجة للنفط الحد من الإمدادات للغرب بعد عشرة أيام من العمليات العسكرية، في حرب أكتوبر، التي تحل غدا الخميس ذكراها التاسعة والأربعون.
وذكر الموقع أنه في 11 يونيو عام 1973، أي قبل الحرب بأربعة أشهر، زار ويليام روجرز، وزير الخارجية الأمريكي، إيران لحضور اجتماع مجلس وزراء منظمة معاهدة الشرق الأوسط (حلف بغداد).
وروى أنتوني بارسونز، الوكيل الدائم لوزارة الخارجية البريطانية آنذاك، ضمن الوثائق، أن “روجرز” قلل من شأن تهديدات العرب باستخدام النفط سلاحا للضغط على الغرب لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي المحتلة في حرب عام 1967.
وأضاف بارسونز، في تقرير سري عن حوار جرى بينه وبين الوزير الأمريكي في طهران، أن روجرز “تحدث ببعض القوة عن موقف العرب تجاه النفط”. ونقل عنه قوله إن “كل الكلام عن استخدام العرب نفطهم سلاحا سياسيا كلام فارغ، حسب رؤية الولايات المتحدة”.
وكشف الوزير للمسئول الدبلوماسي البريطاني أنه “كلما تحدث إلى العرب، أبلغهم بلغة صارمة أنه لا مجال على الإطلاق لأن تؤخذ الولايات المتحدة رهينة”.
ووفق الموقع، فإنه بعد أيام قليلة من بدء العمليات، التي فاجأت إسرائيل والغرب، واجتياز الجيش المصري خط بارليف الحصين ليعبر قناة السويس، استغاثت إسرائيل بالولايات المتحدة.
وبعد سبعة أيام وفي يوم 13 من الشهر نفسه، أقامت الولايات المتحدة جسرا جويا هائلا لنقل السلاح إلى إسرائيل.
ولم تكد تمر أربعة أيام على بدء جسر الإنقاذ الأمريكي، حتى أعلنت السعودية والعراق وإيران والجزائر والكويت والإمارات وقطر، في يوم 16 أكتوبر، رفع أسعار النفط بنسبة 17 في المئة وخفض إنتاجها، وتبع هذا حظر فرضته الدول العربية على تزويد الدول التي تؤيد إسرائيل بالنفط.
وتكشف الوثائق أن وزارة الخارجية السعودية سلمت، في ذلك اليوم، السفارة البريطانية مذكرة، أرسلتها فورا إلى لندن، قالت فيها “المملكة العربية السعودية مستاءة استياء بالغا من موقف أمريكا الأخير المؤيد لإسرائيل، ومن استئناف إمداد إسرائيل بالأسلحة”.
وأضافت المذكرة أنه “في مواجهة هذا الموقف الأمريكي المتحيز، ستجد السعودية نفسها مجبرة على خفض كمية النفط، الأمر الذي سيضر بدول السوق الأوروبية المشتركة. وبناء عليه، فإن الأمر متروك لهذه الدول كي تنصح أمريكا بتغيير موقفها المؤيد لإسرائيل، إذ أن هذه الدول ستتضرر أكثر من أمريكا من خفض كمية النفط”.
وكانت هذه المذكرة السعودية صادمة للبريطانيين والأمريكيين الذين لم يتوقعوا، وفق الوثائق، أن تكون لدى العرب الجرأة للإقدام على مثل هذه الخطوة.