طارق المُلّا.. الوزير الذي جاء صدفة إلى قطاع البترول، بعد أن حاولت اسرته مرارًا البحث له عن موطئ قدم فيه، فتوسط أحد أفراد اسرته إلى سامح فهمي، أن يقوم بتعيينه لديه فـ”الولد دارس حلو يا سامح بيه، خده عندك في أي وظيفة في القطاع”، “حاضر يا فندم.. أوامر”.
استجاب “فهمي” للوساطة بكل رحابة صدر، فـ”أسرة المُلّا أسرة راقية ومحترمة”، تلك هي الرواية التي حكاها وزير البترول الأبرز بقطاع البترول في عصر الرئيس الراحل مبارك، عندما اتخذ قراره السريع بتعيين طارق المُلّا في هيئة البترول.
وربّما لذلك فإن طارق المُلّا ما إن يلتقي سامح فهمي أمامه في أي فعالية، حتى يُسارع إليه بالتحيّة والسلام، بعضهم يقول أن “المُلّا” ينزعج كثيرًا من سيرة سامح فهمي أمامه من أي مسئول في القطاع، لكن الواقع أمام العدسات قول غير ذلك تمامًا.. وربّما هذا المقطع المصوّر لقناة صدى البلد يقول الكثير:
لكن ما إن عيّنه سامح فهمي في الهيئة العامة للبترول حتى قامت أحداث يناير 2011، ليكون قدومه قدم شؤم على سامح فهمي نفسه، الذي ترك منصبه غير مأسوفٍ عليه.. بعد أيام من تعيينه “المُلّا” في الهيئة، وعام شؤم كبيرعلى مصر كلها في قطاع البترول.
على أن العام 2011 الذي كان عام شؤم على مصر بانخفاض حاد في انتاج الغاز والبترول، وتحولت معه مصر فجأة وفي أيّام معدودة من بلد منتج ومصدّر للغاز إلى بلد يتسوّله ويستورده من الخارج.
كان العام 2011 هو عام الحظ ونقطة البداية لسعادة العمر بالنسبة إلى “المُلّا”.. كان نقلة نوعيّة له في قطاع البترول، وكانت تلك السنة بداية لعلاقة عكسية في الحظ بينه وبين مصر.
مصر تراجعت تراجعًا سريعًا وخطيرًا في حظّها من انتاج الغاز والبترول، وتقدّم “المُلّا” تقدمًا سريعًا وغريبًا في مناصبه الكثيرة والمتلاحقة بالوزارة.
فما إن انتقل “المُلّا” إلى العمل في الوزارة بالهيئة المصرية العامة للبترول عام 2011 في وظيفة صغيرة حتى تدرّج في مواقعه خلال الفترة من 2011 الى 2013 فتولى منصب نائب الرئيس التنفيذي للهيئة للتجارة الخارجية والداخلية والعمليات.
وفي الفترة من أغسطس 2013 وحتى سبتمبر2015 تولى”المُلّا” منصب الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للبترول، ومن سبتمبر 2015 وحتى تاريخه جلس على كرسي الوزارة ولم ينزل عليه منذ ذلك الوقت.
ما سبق من مسيرة سريعة وغامضة وغريبة في السيرة الذاتية والمهنية للهندس طارق المُلًا دفعنا إلى البحث أكثر في تلك السيرة، لإعادة صياغتها ببحث استقصائي، يشبع كل من لدية نَهَمْ لمعرفة الحقيقة غير المكتوبة في سيرة وزير البترول، ومن ذلك:-
كيف تحوّلت مصر فجأة في العام 2011 من بلد منتج ومصدّر للغاز إلى بلد مستورد له، في تحوّل مريب وغريب، في فترة سريعة، وهي الفترة التي كان فيها “المُلًا” متقلّدًا لمنصب نائب الرئيس التنفيذي للهيئة لشئون التجارة الخارجية والداخلية والعمليات..؟!
وما السرّ في التعتيم على الأرقام الحقيقية لإنتاج مصر من الخام، وإظهارها بأعلى من حقيقتها؟! وهل تعلم دوائر القرار حقيقة تلك الأرقام؟!
* لماذا تراجعت مصر مع تعيين المُلّا رئيسًا لهيئة البترول في انتاجها من الخام من 750 ألف برميل في العام 2013 إلى أقل من 420 ألف برميل الآن؟
* وما السر في تأخر “وزارة الملًا” عن جذب الاستثمارات إلى قطاع النفط وطرح مزايدات جديدة أمام الشركات في المناطق المؤهلة للإنتاج، في فترة تُعد هي الأكثر طلبًا مع ارتفاع أسعار النفط، حتى أن دولًا افريقية سبقتنا في هذا الإتجاه؟!
* وكيف تدخّل الرئيس السيسي بنفسه لإبرام بعض الاتفاقيات التي وضعت مصر على الطريق الصحيح للمسار الذي يليق بها في هذا القطاع؟
* وهل بالفعل وفّرت مصر “الدولار” باستبدالها الغاز بالفحم والمازوت في تشغيل محطات الكهرباء؟!
أم أنه قطع على مصر ملايين الدولارات من المنح الدولية في مجال البيئة، خاصّة وأن مصر تتجهز الآن لأن تكون قبلة العالم في قمة المناخ؟!
* وما هو سر ابراهيم خطاب الكبير من بين رجال المُلًا في مكتب الوزير؟!
تلك الأسئلة وغيرها من النقاط الغامضة في انتاج مصر من البترول والغاز خلال السنوات الماضية هي ما سنحاول الإجابة عنها في هذا البحث الاستقصائي الأول من نوعه في قطاع البترول.