في الوقت الذي تتلوى فيه أجساد مجموعة من العمال التابعين لشركة مصر للأسمنت في مصنعها بـ”صحراء قفط” في محافظة قنا من شدّة الصقيع وهم يدخلون اسبوعهم الثالث على التوالي في اعتصام مفتوح بالمصنع أن تلتفت لهم إدارة الشركة في تحقيق بعض مطالبهم بالحصول على نصيبهم في الأرباح وزيادة الأجور أسوة بزملاء لهم في نفس الشركة بمصنع أسمنت المنيا، أو نظراء لهم بمصنع أسمنت النهضة التابع للشركة القابضة للصناعات الكيماوية.. كان أحد قيادات شركة مصر للأسمنت الكبار يستمتع في رحلة خارج البلاد للترفيه عن نفسه في إجازة مدفوعة بآلاف الدولارات.
في منطقة تتلوى من البرد ثعابينها وعقاربها، بين الجحور وتحت الرمال، ينام مجموعة من العمال في العراء، في ذلك الإعتصام المسكين بصحراء قفط، وهم يظنون أن اعتصامهم سترقّ له قلوب الكبار في الشركة مالكة المصنع.
يتقلبون بين الغضب والرجاء، ويتبدلون فيما بينهم على فضاء منطقة الاعتصام، وفوق ماكينات الانتاج حتى لا تتوقف التروس عن العمل، احساسًا منهم بالمسئولية في ذلك المصنع الذي أفنوا فيه أعمارهم، لكن لا أحد من قياداته اهتم لهم أو لمطالبهم..لكنهم مازال يحدوهم الأمل في شرفاء الشركة والوطن، أن يهبّوا لنجدتهم من ذلك الصقيع، بتحقيق شيئًا من مطالبهم.
حتى حسين الشاذلي بن جلدتهم الذي انطلق بصاروخ إلى قلب دائرة القرار بالشركة في القاهرة، لم يعد يشغله أمرهم بعدما انتقل من مجرد موظف صغير في مصنع قنا لا يتخطى راتبه 4 آلاف جنيه في 2013، إلى واحد من قائمة المحظوظين الكبار بالشركة.

أعضاء برلمان ونافذون وكتّاب –من بينهم صاحب هذه الكلمات- حاولوا اثنائهم عن الاستمرار في وقفة لا طائل منها إلا بسلوك الطريق القضائي، فقيادات المصنع ومن فوقهم قيادات الشركة، لن يأبهوا من أثر الرمال على وجوههم والأحجار التي تدكّ ضلوعهم من افتراشهم العراء في ذلك الصقيع الذي بدت آثاره في الشقوقٍ التي ضربت شفاههم، وفي الرعشةٍ التي تهز ضلوعهم، في حركة لا إرادية تنتفض فيها أجسادهم، لتجلب لهم بعضًا من الدفء في هذا البرد القارص.
في هذه الحالة التي دفعتهم فيها موجة الصقيع إلى التدّثر بتلك اللافتات التي رفعوا فيها صور الرئيس السيسي، في إشارة إلى أنهم مجرد عمال بسطاء لا يتبعون فصيلًا سياسيًا أو فئة معادية للبلاد، هم فقط يطالبون بحقوقهم التي قالوا أنها مشروعة ولديهم أطنان من الأوراق التي تثبت تلك الحقوق، كان المشهد يحكي نوعًا من المأساة الفريدة، يظنون أن أصواتهم من أقصى صعيد الوطن في هذه المنطقة الموحشة بقلب الصحراء، سيرقّ لها أصحاب الياقات الزرقاء في الغرف الدافئة بمقر الشركة في قلب العاصمة القاهرة على بُعد مئات الكيلومترات.
إلى ذلك رأى كاتب هذه السطور، أنه لا مناص للحصول على حقوقهم إلا برفع مطالبهم عبر هذه السطور إلى متخذي القرار في المصنع وإلى دوائر القرار العليا في البلاد، خاصّة تلك التي لديها حصص في الشركة، أن تحقق في مشروعية مطالبهم كما وتحقق في جملة الإنحرافات التي ارتكبتها إدارة “مصر للأسمنت” في حق أموال المساهمين وحق المال العام.
في هذه الحلقة الجديدة من تلك الحملة الصحفية التي نستعرض فيها الانحرافات المالية والإدارية في شركة مصر للأسمنت بفروعها “قنا” و “المنيا” و “الخرسانة” خرجت أصوات من شركة مصر للأسمنت تطالب بمقاضاة كاتب هذه السطور في محاولة لإرهابة عن المضي قدمًا في كشف مزيد من الانحرافات، أو تقديم يد العون لهؤلاء المساكين الذي يدخلون باعتصامهم الاسبوع الثالث في بطن الصحراء، لا يعلمون أن ذلك التقاضي سيكون فرصة في الحصول على الكثير من المستندات.
إلى ذلك.. تناقلت أركان الشركة في القاهرة أحاديث النميمة، بين الموظفين، ولديهم سؤال مستمر لا يعرفون إجابته: من سينتصر في هذة المعركة؟ عبده مغربي بما يكتبه ومعه عمال المصنع البسطاء، أم جبروت الإدارة التي جعلت نصف آذانها من طين والنصف الآخر من العجين، كما يقول المثل المصري الشهير في إشارة إلى أن الإدارة لا تعبأ كثيرًا بما يُنشر.. غير أنهم يستمتعون بتلك الحكايات المكتوبة، التي تكشف شلُة المصالح في الشركة، يرون في هذه السطور انتقامًا مبطنًا من الذين “يأكلونها والعة” تلك اللقمة –الأموال- الطازجة التي تسقط في أفواههم كل شهر، خاصّة.. تلك الفئة المحظوظة بالإدارة.
إليكم التفاصيل:
في محاولة من الإدارة لجمع الصف حولها حتى لا تخرج المستندات إلى كاتب هذه السطور، تم منح أجهزة “مايكروسوفت تابلت” ثمن الواحد منها 5 آلاف دولار، لتلك الفئة من الموظفين التي تمسك بملفات هامة، في ألا ينجرفوا إلى الجيوب التي بدأت ترسل له الأوراق.. فـ”الأوراق الخطيرة في حوذة أصحاب التابلت الجديد، لابد من كسبهم إلى صف الإدارة”.
لا يعلمون أن أغلب ما ننشره هنا موجود في أوراق الشركة بهيئة الاستثمار وفي أوراقها بهيئة سوق المال، وهي كاشفة إلى حدٍ كبير للكثير من تلك الإنحرافات التي ننشرها هنا في هذه النافذة.
منذ يومين، تحديدًا صباح الأحد 8 يناير 2023 تم إرسال قوة من موظفي الشركة بالقاهرة إلى مقر المصنع بقفط، لإدخال أنظمة سيطرة على السيرفر الإلكتروني –الساب- بشركة الصيانة.
قائمة المحظوظين تشعل غضب بقية الموظفين بالشركة
في سلسلة المقالات السابقة نشرنا بعضًا من مقتطفات الكلام حول مرتبات المحظوظين والمقربين من “طارق طلعت” و “فتحي عارف” في شركة مصر للأسمنت، وذكرنا أنها تدور ما بين (100 إلى 200 ) ألف جنيه.
يحدث ذلك بينما أغلبية الموارد البشرية من عمال وموظفين وفنيين تدور مرتباتهم في الحدود الدنيا من تلك بكثير، فشركة “مصر للاسمنت- قنا” تتبعها ثلاث شركات أخري مساهمة فيها، هي (شركة مصر للاسمنت- المنيا) و (شركة مصر للأسمنت للصيانة) و (شركة بيتون للخرسانة الجاهزة) وعلى ذلك تعالوا نقرأ من المستندات:-
- عدد العاملين في الشركات الاربع يقترب من ٣ آلاف عامل.
- نسبة الذين يحصلون على مرتبات من (٣ الي ٥ آلاف) حوالي٤٠٪ من إجمالي عدد العاملين.
- ونسبة من يحصلون علي راتب من (5 الي ١٠آلاف) ما يقترب من ٤٥٪ من إجمالي عدد العاملين.
أي أن نسبة 85% من إجمالي عدد العاملين يدور متوسط رواتبهم في حدود ( 7 آلاف ) جنيه، ونسبة من يحصلون علي راتب ( من ١٠آلاف إلى ٢٠ ألف ) ما يقترب من ٥٪ من اجمالي عدد العاملين، ونسبة من يحصلون علي راتب ( من ٢٠ ألف الي ٣٠ألف) ما يقترب من ٥٪ من إجمالي عدد العاملين.
- أمّا نسبة من يحصلون علي راتب ( من ٣٠ ألف إلى40 ألف ) فهم اقل من ٥٪ من إجمالي عدد العاملين.
أما المقربون من طارق طلعت فهم خارج تلك المعادلة تمامًا وهم:-
(فتحي عارف) و (رامي موسي) و (أحمد نيزار) و (بسام عبد الرسول) و (قاسم علي قاسم ) .. هؤلاء لهم امتيازات جبّارة ومنها:-
- مرتبات شهرية لا تقل عن ( ١٥٠ ألف ) و لا تتعدى ( ٢٠٠ ألف)
- بالاضافة الي صرف ٣٠٪ من الأجر الشامل سنويا .
- بالاضافة الي صرف نصيبهم في الأرباح.
- بالاضافة الي منح كل واحد منهم سياره تويوتا فورتنشر ثمنها يقترب من المليون ونصف المليون جنيه.

فئة أخري من المحظوظين والمقربين تضم :-
(حسين الشاذلي) و (أحمد عبد الوهاب) و (أيمن شلبي) و (مدام سالي) و (معاذ شقرة) و(أحمد إمام).
- مرتباتهم لا تقل عن ٧٥ الف و لا تزيد عن ١٠٠ الف
- بالاضافة الي صرف ٣٠٪ من الأجر الشامل سنويا .
- بالاضافة الي صرف نصيبهم من الأرباح
و فئة أخري من المحظوظين والمقربين وهم الأقل درجة في الوظيفة ولكن يعملون تحت هؤلاء المقرببن ويتقاضون:-
- مرتبات (لا تقل عن 40 ألف و لا تزيد عن 60 ألف)
- بالاضافة الي صرف ٣٠٪ من الأجر الشامل سنويا .
- بالإضافة الي صرف نصيبهم من الأرباح.
بالبحث والتحري في القوائم المالية للشركة لا نجد أي مسمي لتكاليف هذه الفئة ونتساءل: كيف يتم تسوية هذه المبالغ؟ وتحت أي مسمي؟ ولماذا يتم إخفاءها..؟!
ألاعيب الحصول على أرباح العاملين لصالح المحظوظين
وفقا لقواعد صرف الأرباح في الشركة يتم صرف تلك الأرباح على الأجر الأساسي، غير أن االقوى النافذة وحتى تحظى تلك الفئة من المحظوظين لديها بأكبر قدر من الكعكة ( الأرباح) بحكم أنهم يدينون لها بالولاء والطاعة العمياء فقد حدث في الشهور القليلة الماضية بالشركة أن:-
- تم زيادة الأجر الأساسي لكل العاملين وفقا لاحكام القانون بنسبة ٧٪ من الأجر الأساسي.
- أما المقربون من (طارق طلعت) وعلى رأسهم فتحي عارف فقد تمت زيادة الأجر الأساسي لهم جميعًا بنسبة ما بين ( ٤٠٪ إلى50% ) بداية من إبريل 2022 ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر، مدير المصنع.. فقد زاد الراتب الاساسي له من 5260 جنيه إلى 8500 بزيادة قدرها ٣,٢٣٩.١٨ أي أكثر من 50% من راتبه الأساسي السابق.
كل ذلك بهدف زيادة نصيبهم من الأرباح، مع ما يترتب على ذلك أيضًا من زيادة في مبلغ الأرباح لقائمة المحظوظين، خصمًا من نصيب الكادحين.
إحكام السيطرة وتجريد مجلس إدارة الشركة من صلاحياته
ولإحكام السيطرة علي مقاليد الأمور المالية في شركتي قنا والمنيا فلم يقتصر تمييز المقربين بالزيادة المنظمة في المرتبات فقط بل أعطي طارق طلعت العضو المنتدب للشركة الحق للمقربين منه وهم (فتحي عارف) و (رامي موسي) و (أحمد نيزار) و (قاسم علي) و (أحمد الشاذلي) و (بسام عبد الرسول) و (أيمن شلبي) و (أحمد عبد الوهاب).. أعطاهم الحق في صرف واعتماد مصروفات نثرية بدون مستندات وبدون حد أقصي بمبلغ ( ١٠ آلاف جنيه) وما زاد عن العشرة آلاف جنيه من مصروفات نثرية من غير مستندات يكون بتوقيع مشترك للواحد منهم مع طارق طلعت نفسه.
بل وتم تعديل صلاحيات التوقيع عن الشركة في (المنيا) و (قنا) الي المقربين فأعطي طارق طلعت -للمقربين المذكورين أعلاه- الحق في التوقيع وصرف وتحويل مبالغ مالية في حدود أقل من 100 ألف جنيه، وأعطي الحق لـ(نفسه) ولـ(رامي موسي ) فقط في التوقيع على شيكات أو صرف أو تحويلات مبالغ مالية لما زاد عن ١٠٠ ألف جنيه وبدون حد أقصي.
وهنا قد يقول قائل أن ذلك الأمر طبيعيًا في ضوء السلطات الممنوحة من مجلس الإدارة للعضو المنتدب وأن مجلس الإدارة هو من منح له هذه السلطات.. وهنا نرد عليه أن طارق طلعت بذلك يكون قدّ جرّد مجلس الإداره ذاته من ثمة صلاحيات ماليه كانت مخولة له بموجب اللائحة المالية قبل تعديلها.
وهنا فإننا نهدي الجهات الرقابية فكرة التحقيق في جملة ما تم صرفه من مصروفات نثرية خلال العام بدون مستندات، لنقف على حجم ما تم صرفه من أموال استنادّا إلى تلك القرارات.
فبموجب لائحة المشتريات قبل افراغها من قيمتها من خلال اللائحة المالية المعدلة –الجديدة- قد أصبح مجلس الادارة ذاته مجرد (خيال مآتة) لا يملك افراده سوي الحضور الي الشركة لحضور اللجان والمجلس لقبض (بدلات الانتقال المبالغ فيها)، بعضهم يحضر بصفة مستعجلة فقط لاستلام الظرف.
على أنه وإن كان عضو مجلس الإدارة ليس مالكًا بذاته، فذلك لا يعني أن الأمر لا يشغله في شئ.. فهو ممثل للمال العام في مجلس الإدارة، يتقاضي راتبه من الجهة التي يعمل فيها نظير حماتيه أموالها بالشركة، فيتقاضي عن عضويته تلك البدلات وخلافه، ولا يستقيم في ذلك أن يتم تجريده من أغلب صلاحياته في الحفاظ على أموال الجهة التي يمثلها الشركة.
وتبدأ القصّة من اللجان المنبثقة من مجلس الإدارة، والتي يتم اختيار أعضائها بترشيح من القوى المسيطرة، بالطبع ستختار تلك القوى أعضاء محددين، ومن خلال اجتماعات تلك اللجان، يتم وضع السم في العسل، وفقا للأهواء والرغبات والأهداف غيرالمعلنة.. فيتم صياغة لوائح وتعديل أخرى بهدف إحكام السيطرة وتجريد مجلس الإدارة من صلاحياته.
علي سبيل المثال لا الحصر، ما تم من تعديل في اللائحة المالية للشركة، والتي تم فيها تجريد مجلس الإدارة من الصلاحيات المالية في التعاقدات والمناقصات والمزايدات.. فأصبحت الشركة كلها في قبضة القوى المسيطرة بالشركة.
وفي ذلك تقوم اللجنة بعرض نتائج أعمالها علي مجلس الإدارة كبند من بنوده ولأن أعضاء تلك اللجنة من بين أعضاء مجلس الإدارة.. يتم الموافقة من باقي الأعضاء دون فحص أو بحث أو دراية بما يوافقون عليه، في كثير من العمليات والصفقات الكبرى بالشركة، ومن ذلك ما تم في صفقة “الكلينكر”.
صفقة الكلينكر .. أسرار ضياع 460 مليون جنيه من الشركة
أحد المعينين في قطاع المبيعات وهو من المقربين لطارق طلعت، مرتبه مع البدلات والمنح والمكافآت يصل إلى (75 ألف جنيه في الشهر) تجده دائم التحدث عن علاقته الوطيده بـ”طلعت”، فهو دائم الحديث عن حكاياته عندما كانا سويا-هو وطارق طلعت- في الشركة العربية.. وكيف أنهما كانا يديرانها بطريقة كذا..و كذا.
لقد ظهر دور هذا الموظف في إبرام (صفقة الكلنكر) المباع لشركة النهضة.. وهنا نتساءل عن ماهية الدور الذي قام به في تلك الصفقة.. و هل بالفعل له علاقة بالناقلين..؟ّ
كذلك وما هي علاقة “القهوجي” الذي أصبح واحدًا من أهم النافذين في قطاع المبيعات، بعدّما باع خاله لقيادات جديدة في الشركة، أوهمهم بقدرته على تنفيذ المستحيل، من تحت الطاولة.
المعلومات التي لدينا تقول أن هذا الموظف النافذ في قطاع المبيعات، لم يكن أكثر من مجرّد “قهوجي” يرصّ الشيشة، ويقدم المشروبات للزبائن في مقهى صغير-غرزة- بمدينة الأقصر، قبل أن يستقدمه خاله للعمل في مصنع الأسمنت، فيصبح بقدرة قادر، خلال سنوات قليلة جدًا، من أصحاب الفيلات الراقية في أغلى مناطق القاهرة الجديدة.
إن ما يشغلنا هو علاقة ذلك “القهوجي” بالعضو المنتدب طارق طلعت، العلاقة التي فيها الكثيروالكثير من الألغاز، أيضًا.. هناك شكوك حول دوره في صفقة “الكلينكر” الغامضة والمثيرة، منها أن كمّيّة “الكلينكر” والتي كانت تمثل مخزون استراتيجي لشركة مصر للاسمنت- قنا، تم تبديد ما يزيد عن 460 مليون جنيه من قيمتها لصالح نافذين في شركة أسمنت النهضة، ونافذين آخرين في شركة مصر للأسمنت- قنا، تربطهم صلة صداقة كبيرة، وهي معلومات يستعد وكيل لجنة الطاقة والبيئة في مجلس النواب محمد أحمد الجبلاوي لطرحها في طلب الإحاطة العاجل المقدّم منه إلى رئيس مجلس النواب ويتوقع مناقشته خلال أيّام.

المعلومات الخاصة بمخزون “الكلينكر” تقول أنه منتج شبه نهائي، وحتى يتحول الخام من صورته الأولية إلى “الكلينكر”، فإنه يستهلك النسبة الأكبر من تكاليف التصنيع، إذ أنه حتى تتحول المواد الخام إلى درجة “الكلينكر” فإن الشركة –المصانع- تكون قد تكلّفت 95% من التكلفة الإجمالية قبل أن يتبقى مجرد طحنها لتصبح منتجًا نهائيًا كامل التصنيع.
وكان مصنع أسمنت قنا، يمتلك مخزونًا استراتيجيًا من “الكلينكر” يزيد عن نصف مليار طن، فتم بيع الطن الواحد منه إلى مصنع أسمنت النهضة بحوالي 400 جنيه للطن، فإذا علمنا أن سعر طن الأسمنت يزيد الآن عن 1800 جنيه، وإذا علمنا أيضًا أن تكاليف عملية الطحن متدنية للغاية، فإن الفرق بين سعر بيع “الكلينكر” وبيعه مطحون في شكل منتج نهائي يزيد عن 1400 جنيه للطن الواحد، وبمعادلة حسابية بسيطة، فإن هذا الفرق مضروبًا في كمّيّة الصفقة وقدرها 330 ألف طن تم بيعها من “الكلينكر” إلى مصنع يبعد مسافة 17 كيلومتر فقط عن مصنع مصر للأسمنت- قنا، فإن إجمالي الخسارة التي تحققت من وراء تلك الصفقة يزيد عن 460 مليون جنيه ضاعت على شركة مصر للأسمنت- قنا.
خطورة ما سبق أن عملية البيع تمت بالمخالفة للقوانين واللوائح الداخلية للشركة، كما وأن غالبية أعضاء مجلس الإدارة لا يعرفون تفاصيلها، الأمانة تقتضي عليهم التحقيق في ضياع ذلك المبلغ الكبير الذي يقترب من نصف مليار جنيه، وهو مبلغ كان سيغير الكثير من وضع الشركة.
السكرتيرة هانم بتقبض 40 ألف جنيه.. ليه؟
إلى ما سبق وهو هينٌ عما سبق، لكنّه يرتبط معه من قريب.. فإن إحدى العاملات بالشركة، ليس لديها المقومات المهنية ولا الفنية ولا السيرة الذاتية التي تؤهلها لأن تقبض ذلك المرتب الكبير وقدره 40 ألف جنيه كل شهر، تم تعيينها بتوصية من عضو في مجلس الإدارة.
هذه السكرتيرة تم إدراجها في الأسماء التي تتقاضى البدلات.. ما ارتفع براتبها مؤخرًا فوق الـ٤٠ ألف جنيه شهريا بكثير.. بعد البدلات الأخرى عن الاجتماعات الكثيرة التي تحضرها، وبسبب أمور ترتبط بصفقة “الكلينكر”.
ما يدفعنا للسؤال: هل هناك علاقة لهذه السكرتيرة بقيادات في الشركة الكويتية؟ الإجابة: لا.. هي فقط مقرّبة أو قريبة لعضو في مجلس الإدارة، إلى ذلك.. فإننا نسأل: هل وصل إلى علم الشركة الكويتية وباقي الجهات المالكة لأسهم في مصر للأسمنت-قنا، حجم المبالغ التى خسرتها الشركة في صفقة “الكلينكر”؟
تابعونا.
عبده مغربي