رغم الاعتراضات والمخاوف، إلا أن مجلس النواب، وافق على قانون يسمح للدولة بمصادرة أموال تجارة المخدرات أو أية أنشطة غير مشروعة، من صاحبها نهائياً، حتى لو لم يصدر بشأنه حكم بالإدانة في أي نشاط غير مشروع، وهو التعديل الذي شهدته المادة الثانية من قانون مكافحة غسيل الأموال، الذي وافق عليه “النواب” اليوم الأحد في مجموع مواده، وينتظر جلسة أخرى للموافقة عليه نهائياً.
جدير بالذكر أن المادة الثانية من قانون غسل الأموال، هي المتعلقة بتوصيف جريمة غسيل الأموال وفصلها عن الجريمة الأصلية، أي أنها لا تشترط صدور حكم بالإدانة في الجريمة الأصلية “تجارة المخدرات أو الآثار” لإثبات المصدر غير المشروع للأموال، ولكن يكفي فقط، إذا توافرت أدلة على أن تلك الأموال نتيجة لأعمال من شأنها الإضرار بأمن البلاد من الداخل أو الخارج أو بالمصالح الاقتصادية للمجتمع أو إفساد الحياة السياسية في البلاد أو تعريض الوحدة الوطنية للخطر.
هذه المادة في القانون تسببت في خلافات وانتقادات حادة خلال مناقشة القانون بالجلسة العامة، عبر عنها النائب أيمن أبو العلا، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية، بسؤاله: ماذا لو أن الجريمة الأصلية التي تترتب عليها جريمة غسل الأموال صدر فيها حكم بالبراءة؟ وهل من حق هذا القانون اعتبار الأدلة كافية لمصادرة الأموال؟
المعاهدات الدولية كلمة السر
إصرار مجلس النواب، على تمرير المادة الثانية من قانون غسيل الأموال، بموافقة الأغلبية البرلمانية، يكشفه تقرير اللجنة التشريعية بمجلس النواب عن القانون، والذي قالت في تقريرها أن هذا التعديل جاء في إطار الالتزامات الدستورية والاتفاقيات الدولية التي تلزم الدولة بأحكامها لمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله و”تعقب مصادر تمويله وفق برنامج زمني محدد” باعتباره تهديداً للوطن والمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة، واتساقاً مع خضوع مصر لعملية تقييم نظامها القانوني لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب بموجب عضويتها بمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وطالب “أبو العلا” بإضافة فقرة ثالثة للمادة الثانية، بأن يعاقب كل من يسهل تلك المتحصلات من جرائم غسل الأموال، وذلك لمواجهة كافة الثغرات التي تواجه القانون الحالى، وهو ما رد عليه وزير العدل، المستشار عمر مروان، بأن الركن المادى لجريمة غسل الأموال مبين في الفقرة الأولى، والفقرة الثانية التي تنص على أنه لا يشترط صدور حكم بالإدانة في الجريمة الأصلية، وهو ما يسد ثغرة قانونية، وتابع: المتهم متصور أنه عندما يأخذ براءة لسبب ما مثل انقضاء الدعوى الجنائية، طيب المال المتحصل غير المشروع يروح فين، المال غير المشروع يذهب لخزينة الدولة.
وكان رد المستشار حنفي جبالي رئيس مجلس النواب، إنه لا يشترط صدور حكم بالإدانة في الجريمة الأصلية لإثبات المصدر غير المشروع متى توافرت أدلة على أن تلك المتحصلات ناتجة عن أفعال من شأنها الإضرار بأمن البلاد، مؤكداً أن هذا هو الركن المعنوى في الجريمة، وهو ما أقرته المحكمة الدستورية في أحكام سابقة، ولا يشترط في الجريمة إدانة الشخص، إلا إذا توافرت أدلة، فقد يحصل المتهم على براءة في الجريمة الأصلية (تجارة المخدرات أو الأثار أو تمويل الإرهاب) ولكن توجد أدلة أخرى تثبت أن المال غير مشروع.