عندما قدم المهندس طارق الملًا إلى وزارة البترول في العام 2015، كان انتاج مصر من الزيت عند 680 ألف برميل في اليوم، تراجع اجمالي انتاجها من الخام ليصل إلى 420 ألف برميل، قبل أن تعاود معدلات الانتاج ارتفاعها من جديد بعد 8 سنوات من الانخفاض.
طارق الملّا يكاد يكون هو الوزير الوحيد في وزارة البترول بمصر الذي انتهج سياسة التكويش التي ضمت إلى موقعه الوزاري تعيين نفسه رئيسًا لمجلس إدارة شركة فجر، بالاضافة إلى حرص الوزير على حضور اجتماعات مجالس الإدارات في كل شركات وزارته، قد يقول قائل: هذا يحسب للوزير، وهو قول له تقديره إذا تأكد لنا أن الوزير يرفض الحصول على بدلات حضور هذه الإجتماعات،أو يرفض كذلك الحصول على مرتب عن وظيفته كرئيس لمجلس إدارة شركة فجر، المعلومات التي لدينا تقول إن الوزير نفسه هم من يحسم هذا الجدل، ومن قبله الجهات الرقابية التي من المؤكد أن لديها تفصيل كامل في هذه القضية.
بحسب مصادر بالوزارة فإن بدلات حضور اجتماعات مجالس إدارة شركات القطاع يتم قبضها بالدولار، وبحسب جداول أخبار القطاع فإن الوزير يداوم على حضور اجتماعات شركات وزارته ومنها “سوميد” و “ميدتاب” و “ميدور” و “جاسكو” و “بتروبل” و “خالدة” و “إيني” و “الشركة العامة للبترول” غيرها من الشركات.
في جلسة له على مقهى في “الداون تاون” قال وزير البترول الأسبق سامح فهمي” لم أكن أتخيل أبدّا أن الملّا الذي أصدرت له قرارًا بالتعيين في القطاع بعد توسط أحد اقاربه انزعج من أن أجلس بالصف الأول في واحدة من الفعاليات التي عقدت بمدية الإسكندرية” وقال كذلك: “على أيّامي، كان عندي أكثر من 25 رئيس شركة يصلحون لمنصب الوزير من بعدي، الآن فإن سياسة حرق الكفاءات هي السياسة الواضحة في الوزارة، حتى ليصعب أن تجد من يصلحون للمنصب الوزاري ممن يتصدرون المشهد العام بالوزارة إلّا قليلًا منهم، إذ الشائع في الوزارة الآن انتهاجها سياسة إقصاء الكفاءات.

يحدث ذلك في وقت تسيطر فيه على ديوان الوزارة أسماء بعينها لا تشملها سياسات الإقصاء لأسباب غير معلومة- يقول أحد المصادر- من هؤلاء أشرف فرج الذي خرج إلى المعاش، ومع ذلك تم التجديدة له في منصب مساعد الوزير للاتفاقيات، كذلك أشرف عبدالله الذي تم التجديد له كذلك بعد بلوغه سن المعاش ليستمر بالوزارة مساعدًا للوزير للشئون الاقتصادية والمالية بالهيئة، وقد رصدت أجهزة رقابية من خارج الإطار التنظيمي للعناصر التي تراقب الأداء في قطاع البترول، عقد الدولة مع شركة اباتشي الذي شابه العديد من الانحرافات المالية حتى أن الشركة خرجت تباهي نفسها في أنها وفّرت 900 مليون دولار كانت ستذهب إلى خزينة الدولة المصرية قبل هذا الاتفاق.
ففي زمنٍ تمر فيه مصر بشدائد اقتصادية تُعبِّئ الأرواح وتطوي الجباه تحت وطأة القلق، تبرز خطئية وزارة البترول في إهدارها المال العام والإستخفاف بمصير الدولة، فنجد وزير البترول المهندس طارق المُلّا في قرار يفتقد للرؤية وبجرّة قلم منه يُلقي بسهولة في أيدي شركة أجنبية بما يقارب المليار دولار أمريكي، وهنا يمكن ربّما فهم السرّ في التجديد للأشرفين فرج وعبدالله بعد خروجهما للمعاش، إذ كان لهما الدور الواضح في هندسة هذه الصفقة.
الاتفاق الذي أبرمه وزير البترول لصالح شركة APA-Sinopec JV و دمج فيه بين شركتي “خالدة” و “قارون” في امتياز واحد بشروط جديدة لعقود التنمية الحالية ولمدة ٢٠ عامًا، أثار لغطًا شديدًا في دوائر بترولية داخل وخارج مصر.
بحسب بيان للشركة سيكون للامتياز المدمج حد استرداد تكاليف بنسبة ٤٠٪ ومعدل مشاركة في الأرباح الثابتة بنسبة ٣٠٪ لجميع إنتاج APA-Sinopec JV.
كذلك سيكون لـ APA-Sinopec JV الحق في استرداد تكاليف بقيمة ٩٠٠ مليون دولار على مدى فترة خمس سنوات تبدأ من ١ أبريل ٢٠٢١، تاريخ العمل الفعلي للاتفاق الجديد.
ومن أبرز المشاهد المقلوبة في وزارة طارق الملا بقطاع البترول هو نزول فؤاد رشاد من منصبه رئيسًا لمجلس إدارة شركة فجر إلى منصب مديرها العام، فقط لكي يصعد الملا مكانه، وهو ما يطرح العديد من علامات الإستفهام: هل يحتاج الوزير لهذا المنصب؟ وما قانونية توليه إياه؟ وهل يتقاضى الوزير راتبًا عنه؟
لكن السؤال الأهم ما سبق: لماذا كل هذا االانزعاج في القطاع من الحضور البارز لفؤاد رشاد في مقاليد المور في مختلف شركات الغاز، حتى ليُقال إنه هو الذي يفصل ويعين رؤساء الشركات في هذا القطاع الحيوي والهام، وهو قول بالطبع مشكوك في صحته.