كالعادة الرئيس الأجنبي الوحيد الذي حشر نفسه في الشئون الداخلية المصرية خلال الأيام الماضية هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي نصب نفسه وصيا علي إرادة المصريين، وهذا أمر ليس بجديد عليه بعد الصفعات التي توالت عليه منذ إسقاط الشعب المصري لحكم حلفائه الإخوان الإرهابيين وحتي شعروره بالمرارة بعد الاكتشافات الكبيرة لحقول الغاز في الأراضي المصرية ومحاولته (البلطجة) في المناطق القريبة من تلك الحقول للحصول علي قطعة من الكعكة عنوة.
لكن الجديد ما بدأ يتكشف من أن مصدر بعض الأوراق المزورة التي تتحدث عن شئون مصرية كذبا، وتتداولها مواقع ولجان الإخوان الإلكترونية لمحاولة تشوية صورة مصر وقياداتها، هو “مجموعة البجع” التابعة للرئيس التركي مباشرة والمسئولة عن تشويه خصومه، وهو تنظيم حديدي يضم قيادات مقربة جدا من أردوغان ورجال أعمال وأصحاب نفوذ تتحكم في أجهزة الأمن والمخابرات والإعلام، ولديها اعتمادات مالية مفتوحة وصلاحية اعتقال المشتبه بهم دون محاكمات، أما نشاطها الرئيسي فهو تشويه خصوم اردوغان وتنفيذ عمليات اغتيال معنوي عبر وسائل التواصل الإجتماعي باستخدام منصات إعلام كثيرة عربية وأجنبية تتبعها مباشرة وأخري تتبع التنظيم الدولي للإخوان وثالثة تتبع السلطات القطرية.

وقد ظهرت هذه المجموعة للعلن أول مرة في مايو 2016 عندما شنت هجوما حادا علي أحمد داوود أوغلوا رئيس الوزراء الأسبق مما تسبب في إقالته، و تصاعد نشاط المجموعة بقوة خلال الفترة الأخيرة وأثارت مشاكل كثيرة داخل حزب العدالة والتنمية نفسه، مما دعا آيدن أونال نائب الحزب السابق عن مدينة أنقرة إلي القول بأن مجموعة البجع أخطر من حزب العمال الكردستاني فهي تسمم جسد حزب العدالة والتنمية ويجب تصفيتها فورا.
وبالطبع تعرض آيدن لهجوم شرس من المجموعة عبر وسائل التواصل الإجتماعي، بينما قام أردوغان بزيارة نادرة لفريق عمل المجموعة الشهر الماضي، كنوع من الدعم العلني لها.
ما يهمنا في هذه المجموعة أنها المسئولة عن تزييف بعض الأوراق والفيديوهات التي تسيئ إلي مصر، عبر شبكة الانترنت وخاصة مواقع التواصل الإجتماعي مواقع بعض وسائل الإعلام الأجنبية الممولة من قطر، وهي تستهدف أيضا السعودية والإمارات وبعض المسئولين بهما بحملات مماثلة.
أضف إلي ذلك قنوات الكراهية والإرهاب الإعلامي التابعة لجماعات الدم وعلي رأسها الإخوان، التي يحتضنها نظام أردوغان وتبث من تركيا، وتستهدف محاولة نشر الفوضي والفتنة في مصر، علاوة علي ايواء تركيا عددا كبيرا من الإرهابيين والمتهمين في قضايا كثيرة بمصر، والسماح لهم بالاستمرار في إدارة وتوجيه العمليات الإرهابية التي تقوم بها عناصر الإخوان في مصر، وقد اعترف الارهابي حسام عادل أحد المسئولين عن حادث التفجير الذي وقع امام معهد الأورام مؤخرا أن خليته التابعة لحركة حسم تتلقي تكليفاتها من مسئولي الإخوان في تركيا،كما تبين أن أحمد عبد الرحمن مسئول اللجان النوعية للجماعة الإرهابية بتركيا هو خال الإرهابي عبد الرحمن خالد محمود منفذ هذا الحادث، وهناك اعترافات عديدة في كثير من الجرائم الإرهابية تؤكد أن التكليفات والتمويل والتخطيط مصدره قيادات جماعة الإخوان الإرهابية في تركيا.
إذن نحن امام إرهاب دولة يتطلب مواجهة حاسمة، لأن هذه الممارسات تخالف ميثاق وقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي العام والقانون الدولي الجنائي، وعندما اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1994 اعلان عالمي من أجل إزالة الإرهاب الدولي، عرفته بأنه “أعمال إجرامية يقصد منها حالة من ترويع الرأي العام وإرهاب مجموعة من الأشخاص لتحقيق أغراض سياسية وهي في كل الظروف غير مبررة بصرف النظر عن الاعتبارات السياسية والفلسفية والعقائدية والإثنية والدينية التي دفعت إليها.”
وقد استندت الولايات المتحدة الامريكية إلي هذا الإعلان عندما بدأت حربها ضد الإرهاب عقب حادث تفجير برجي التجارة العالمي في نيويورك، وشنت أعمالا عسكرية ضد الدولة التي تعتقد أن شاركت في هذا الحادث، واستخدمت الأمم المتحدة في فرض عقوبات علي الدول التي تأوي أو تدعم الإرهاب.
وهذا يعني اننا نستطيع التقدم إلي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بشكوي ضد تركيا تتضمن كل الأدلة التي تثبت ضلوع النظام التركي في عمليات الإرهاب التي تستهدف الشعب المصري، من إيواء الإرهابيين إلي توفير الدعم المادي والإعلامي والسياسي واللوجستي لهم، إلي جانب دعم انشطتهم بشكل مباشر من جانب جهات ومجموعات تابعة للرئيس التركي، وحتي تصريحات أردوغان نفسه التي تشجع علي نشر الفوضي في مصر.
كما أن استهداف النظام التركي لدول عربية أخري مثل السعودية والإمارات بنفس الأساليب يستدعي أيضا طرح الأمر علي جامعة الدول العربية التي تستطيع أيضا خوض حربا دبلوماسية ضد تركيا دفاعا عن الأمن القومي العربي، الذي تستبيحه تركيا علي الأرض في سوريا وليبيا وتحاول نشر الفوضي في مصر والسعودية والامارات.
وعلي الصعيد الإقتصادي فقد ظهرت دعوات شعبية كثيرة عدة مرات بمقاطعة المنتجات التركية، خاصة أن معظم السلع التركية التي تستوردها مصر مثل الملابس الجاهزة والأدوات المنزلية والكهربائية لها بدائل مصرية كثيرة، بل أن غرفة الصناعات الهندسية بإتحاد الصناعات المصري سبق أن طالبت بتطبيق المواصفات المصرية كاملة علي الواردات التركية، وخاصة أن معظم تلك الواردات تدخل مصر دون رسوم جمركية طبقا لاتفاقية التجارة الحرة بين البلدين التي وقعت عليها مصر عام 2007، وكشفت بعض قيادات غرفة الصناعات الهندسية من قبل عدم التزام المنتجات التركية بالمواصفات القياسية المصرية، مثل الأواني المنزلية التي تشترط مصر نقاء الالمونيوم بها بنسبة 99,5% بينما هذه النسبة في المنتجات التركية 70% فقط مما يؤثر علي صحة المستهلك المصري.
