نشرت إميلى برونتى روايتها(مرتفعات ويذرنج) عام ١٨٤٧ أول مرة، ولم تكن تعلم أو تتخيل يومٱ أن هذه الرواية ستظل تتنقل بين الأجيال والعهود ليقرأها معظم سكان العالم تقريبا، رغم أنها الرواية الأولى والوحيدة لها، بل وتتحول إلى فيلم سينمائى عالمى، فتقدمها السينما الأمريكية بنفس إسمها عام ١٩٣٩ واخرجها وليام يلر ومن تمثيل لورانس اوليفيه وميريل اوبريان وديفيد نيفين،ثم توالت فى أفلام كثيرة عالمية وبأسماء مختلفة
تجمع الرواية بين الرومانسية والواقعية، وقد حكم عليها البعض بأنّها رواية غير أخلاقية، وأشاد آخرون بقوتها وأصالتها.
وتمر العهود لتتحول الرواية العالمية لفيلم مصرى من أكثر الأفلام الكلاسيكية العربية ويصدر تحت اسم (الغريب) بعد أن قام بتمصيرها الكاتب حسين حلمى المهندس وكتب لها السيناريو والحوار، وإلتقطها إثنان من كبار مخرجى السينما المصرية “كمال الشيخ وفطين عبد الوهاب”، وإستطاعا معا تقديم فيلما من الأفلام الرائعة والقيمة، والجميل فى الأمر أنه رغم تمصيرها إلا أنهما لم يخرجا عن الإطار العام للرواية بل إلتزما بالحبكة الفنية لها معتمدين اعتمادا كبيرا على الممثلين وفهمهم لمضمون الرواية .
تحكى أحداث الفيلم عن رجل من الأعيان(حسين رياض) اثناء عودته إلى عزبته، يلتقط صبيًا صغيرًا من الشارع(يحيى شاهين)، رفض أهله وأقاربه ايواءه بعد موت أبيه وأمه، وكفله في داره، فعاش كأبنه إلى جوار ابنته (ماجدة) وابنه (محسن سرحان) الصغيرين، وقد نشأ الابن الحقيقي”محرز” حاملا فى قلبه عداء شديدا للصبى المسكين”غريب” لإهتمام أبوه ورعايته له ، بينما أحبت الابنة الصغيرة”ياسمين” هذا الصبي، وتمر السنين ويكبرا معا ،يسافر الإبن الحقيقى لإستكمال دراسته خارج مصر، ويتولى “غريب” إدارة شؤون العزبة،وتظل علاقة الحب قائمة بينه وبين الإبنة وقد تولت توجيهه وتعليمه .
وعندما يموت الأب تتغير الأوضاع ، بعودة “محرز” منكسرا من الخارج ويتسلم ثروة أبيه، ويتعمد وضع غريب فى مكانه الصحيح،فأعاده ليعيش وسط الخدم كما تعمد إهانته دائما أمامهم وذلك لدفعه على ترك العزبة والرحيل عنها. ولكن “غريب” تحمل من اجل حبيبته وفى جولة بالخيل إقتربت ياسمين ومعها غريب من منزل الصوالحية أصحاب العزبة الكبيرة المجاورة لعزبتهم، والذين يعتبرون من أهل المدينة ويأتون للعزبة فى الأجازات، وتصادف أن يعقر كلب الصوالحية ياسمين فتجرح ويتم استضافتها من قبل صاحب العزبة(سراج منير) حتى تشفى،بعد ان عرف انها ابنة الحاج كامل المجاور له.
تعرفت ياسمين على ابناء الصوالحية الجدد ليلى(زهرة العلا)وأنور(كمال الشناوى) ومكثت بمنزلهما يومان رأت فيهم عالم آخر مختلف عن عالمها الريفى الذى نشأت وتربت فيه، من ملابس ونظافة وموسيقى وطريقة مختلفة فى التعامل والتفاهم،مما جعلها تتمرد على الحياة التى كانت تعيشها،وخصوصا مع غريب،مما باعد بينهما،وأرادت ياسمين ان تغير من سلوكيات غريب عن طريق إقترابها من أنور لتثيرغيرة غريب ،وأخذت تعايره بخنوعه لأخيها ،لم يتحمل غريب ذلك فقرر ترك العزبة نهائيا، ليختفى من حياتها لعدة سنوات مرضت فيهم ياسمين ،ويتولى انور رعايتها حتى شفيت .
بعد غياب يعود غريب للعزبة ،وقد أصبح غنيٱ وصاحب ثروة كبيرة ليفاجأ بزواج ياسمين من انور، ويعرف أن محرز أوشك على الإفلاس
بعد ان أهمل العزبة وزادت ديونها،وتمكن غريب من ربح كل أموال محرز فى القمار، وحبا فى الإنتقام يسمح له بالإقامة فى المنزل رغبة فى إذلاله .
يتزوج غريب من ليلى أخت أنور للإنتقام من أخيها، وأساء معاملتها، وعندما وضعت مولودها أصيبت بالحمى وأسلمت الروح ليصاب غريب بلوعة شديدة، يترك على أثرها العزبة هائمٱ على وجهه .
قدم لنا فيلم الغريب مجموعة هائلة من الممثلين المتميزين على رأسهم يحيى شاهين إبن منطقة ميت عقبة بمحافظة الجيزة المولود عام ١٩١٧، ولقد ظهرت موهبة التمثيل عنده أثناء دراسته بإحدى مدارس حى عابدين، ولم يمضي الا القليل حتى ترأس فريق التمثيل في المدرسة. حصل على دبلوم الفنون التطبيقية بقسم النسيج من مدرسة العباسية، ثم إلتحق بإحدى الكليات الهندسية لينال بكالوريوس في هندسة النسيج ، تباطأ فى استلام عمله بشركة من شركات النسيج أملا فى إنضمامه إلى جمعية هواة التمثيل حتى سنحت له الفرصة والتقى بأستاذه بشارة واكيم حيث كان مديرا للمسرح في دار الأوبرا الملكية وقد أعجب بموهبة يحيى شاهين واقترح عليه ان يتقدم إلى الفرقة القومية للتمثيل التي تطلب وجوها جديدة من الشباب ولكن نظرا لتأخر فرصته للظهور على المسرح. مما جعله يقلق حتى بلغه ان الممثلة فاطمة رشدي بدأت تكون فرقة جديدة وانها بحاجه إلى وجه جديد فتقدم بالأداء واعجبت جدا بتمثيله فاختارته لدور الفتى الأول في فرقتها خليفة لفتاها الأول أحمد علام الذي انضم إلى الفرقة القومية ومن هنا بدأت رحلة شاهين مع الفن .
وكان أول ظهور له بدور صغير في فيلم لو كنت غني وسرعان ما سطع نجمه والتفتت الانظار له ولعب دور البطولة امام كوكب الشرق أم كلثوم في فيلم سلامة، وقد توالت أعماله السينمائية والتلفزيونية لما يقرب من المائة عمل من أشهرها دور (سي السيد) فى ثلاثية نجيب محفوظ وأيضا دور (الأرمانى) فى فيلم الإخوة الأعداء ،كما قدم أعمالا مميزة أمام ممثلين كبار كفيلم ارحم دموعى وجعلونى مجرما وهذا الرجل أحبه ونساء فى حياتى ،أثرى يحيى شاهين السينما المصرية والعربية بأعماله الرائعة والتى لانزال نستمتع بمشاهدتها حتى الآن ،بالإضافة لدوره فى الفيلم العالمى ابن كليوباترا .
تزوج يحيى شاهين فى سن متأخرة من سيدة مجرية وأنجب منها طفلتين ولكنهما انفصلا عن بعضهما فقررت العودة لبلدها ومعها طفلتيه مما أصابه بحالة من الإكتئاب الحاد وعاش في عزلة كبيرة لمدة عامين، وبعدها تزوج مرة أخرى من إحدى سيدات المجتمع وأنجب منها ابنته داليا وظلا معًا حتى توفى عام ١٩٩٤ .
فى مدينة طنطا بدلتا مصر ولدت عفاف على كامل الصباحى وكانت تعيش مع عائلتها التى كانت تأبى أن يتعلم ابنائها بمدارس ابناء البلد بل يجب ان يذهبوا بعيدا حيث المدرسة الفرنسية الوحيدة بطنطا إلتحقت “عفاف”بهذه المدرسة من الحضانة حتى حصلت منها على الباكالوريا، كانت تعيش بعيدة عن أهلها وهى تسكن معهم إنها عذراء الشاشة العربية (ماجدة) أحبت ماجدة السينما من خلال الأفلام التى كانت تعرض فى فناء مدرستها ، وفى مرحلة الإعدادية إختارت بنفسها أن تعمل بالسينما فسافرت بمفردها إلى القاهرة، وذهبت إلى استوديو مصر لتقابل بالصدفة الفنان (اسماعيل ياسين) الذى كانت شهرته فى ذلك الوقت ملئ السمع والبصر، عرضت عليه ان تعمل معه لكنه رفض متحججا بصغر سنها وأنها تحتاج لتعليم كثير
لم يعجب هذا الكلام ماجدة وصممت على المضى قدما لخوض هذا المجال ، نظر إليها اسماعيل ياسين وتعجب من ذلك الإصرار الذى يلمع بعينيها ووافق ان تعمل معه كومبارس حتى تتعلم جيداً كيف تقف أمام الكاميرا، إختارت لنفسها اسم ماجدة حتى لايعلم أهلها أنها تعمل بالتمثيل فيمنعونها.
عملت ماجدة مع مجموعة كبيرة من الفنانين امثال ليلى مراد ومحمد فوزى ومديحة يسرى وكذلك اسماعيل ياسين ، كانت تهرب من مدرستها يوما فى الاسبوع وتذهب الى الاستوديو بالقاهرة لأداء دورها فى فيلم “الناصح” امام اسماعيل ياسين، عرض الفيلم فى السينما وعرفها الناس كما عرض بإحدى سينمات طنطا فوصل الأمر إلى أهلها، الذين فوجئوا بأن إبنتهم تعمل منذ ثلاث سنوات بالسينما، قرر أهلها منعها من التمثيل لكنهم لم يستطيعوا لأنها أصبحت نجمة من نجمات السينما وفشلت العائلة فى إقناعها بالعدول عن هذا الطريق…فرفضت وتبرت أسرتها منها ومنعتها من استخدام لقب العائلة “الصباحى” فإختارت اسمها فكان يكتب مفردا، ولم يعرف أحد من بلدتها أنها من اكبر عائلات طنطا إلا بعد عشرين عاما من إشتغالها بالفن وحصولها على جوائز متنوعة وأصبحت من الفنانات التى وسعت شهرتها خاصة أنها اقامت شركة إنتاج بأسمها وبدأ التليفزيون يعرض أفلامها فعرفتها مصر كلها.ومن هنا بدأت أسرتها تعترف بها كأبنتهم وغيرت اسم شركة الإنتاج خاصتها لأسم شركة ماجدة الصباحى للإنتاج والسينما، تبنت ماجدة تقديم الأفلام ذات الموضوعات المسكوت عنها، مثل قضايا المرأة والفتيات القاصرات فقدمت لنا فيلم اين عمرى وكان أول إنتاج لها عن رواية احسان عبد القدوس وفيلم الحقيقة العارية والرجل الذى فقد ظله وأنف وثلاث عيون والنداهة والسراب أمام نور الشريف فى أول بطولة له، وكذلك الأنسة حنفى وليلة الدخلة .
اشتهرت ماجدة بدورها في فليم “جميلة” ليوسف شاهين”، وهو العمل الذي جسدت فيه دور البطلة الجزائرية المجاهدة “جميلة بوحيرد”، وبقي لصيقا بها إلى درجة أنها كانت تنادى به فى بعض المحافل العربية على وجه الخصوص، في سجل ماجدة الصباحي زهاء ستين عملا ، وجسدت ماجدة بطولة عدد من الشخصيات الروائية لكبار الكتاب من أمثال نجيب محفوظ ، وإحسان عبد القدوس، وفتحي غانم فضلا عن تجسيدها بطولة فيلم اليوم الغريب ،
كانت ماجدة ترفض تماما العمل في المسرح لرفضها تكرار ما تقدمه كل يوم ، وكانت تعشق التجديد، وترفض القبلات على الشاشة نهائيا وأثناء تصوير فيلم شاطئ الأسرارمع عمر الشريف فوجئت ماجدة بقبلة عمر الشريف الذي قام بها بالاتفاق مع عاطف سالم مخرج الفيلم، فتركت التصوير أسبوعا وطالبت بحذف المشهد من الفيلم، ولكن تم الصلح بينهما وعادت ماجدة فتم الدعاية للفيلم ” أول قبلة لماجدة في السينما”، ارتدت ماجدة كافة الأقنعة وأبدعت في كافة الأدوار التى قدمتها حتى وصلت لقمة نضجها السينمائي، فكانت فتاة أحلام جيل الخمسينيات والستينيات والسبعينيات، الفتاة الرقيقة التي تأسر القلوب ما أن تنطق.
تزوجت من الفنان الطيار إيهاب نافع وأنجبت منه ابنتها “غادة ” التي كان لها تجربة في التمثيل لم تستمر طويلا، كان لإيهاب نافع تجربة تمثيلية استمرت لقرابة عشرين عاما، ولماجدة دور عرض تحمل اسمها في السودان، وكذا دار عرض افتتحتها في القاهرة بمنطقة حلوان ومن الطريف أنها كانت لا تذهب للتصوير في أي استوديو إلا بصحبة أحد من أفراد العائلة.
كانت آخر أعمالها فيلمها “ونسيت أني امرأة” عن رواية الكاتب إحسان عبدالقدوس والذي شاركتها العمل فيه ابنتها الممثلة غادة نافع، ومنذ عام ١٩٩٤ وماجدة غائبة، قليلة الظهور، قليلة الحديث، وكثيرة الإبداع ، حتى رحلت عنا فى مطلع هذا العام .
لعب الفتى البورسعيدى محس سرحان فى الفيلم دورٱ غير جديد عليه لكن عمله بإتقان نظرا لأنه اشتهر في بدايته بأدوار صديق البطل الوفي، وهو ما ظهر في أفلامه الأولى مثل فيلم«شاطئ الغرام» مع ليلى مراد، و«قسمة ونصيب» مع يحيى شاهين، و«أنا بنت مين» مع فريد شوقي وليلى فوزي، و«اشكي لمين» مع شادية وفاتن حمامة، ثم إستطاع أن يحصل على البطولة الرجالية في أفلام «على كيفك» مع ليلى فوزي وتحية كاريوكا، و«لك يوم يا ظالم»، و«من عرق جبيني»، و«سلو قلبي»، و«كاس العذاب» مع فاتن حمامة، و«غلطة أب»، و«آمال» مع شادية، و«نافذة على الجنة» مع مريم فخر الدين، و«أنا ذنبي إيه» مع ليلى فوزي، و«حدث ذات ليلة» مع هدى سلطان، و«المال والبنون» مع عقيلة راتب، و«دعوني أعيش»،وفى عام ١٩٥٤ أنتج وقام بالبطولة المطلقة لفيلم «أنا الحب» مع شادية، ويحيى شاهين الذي ارتبط معه بصداقة قوية امتدت حتى وفاته، وقدم بعده «سجين أبوزعبل»، و«سمارة»، و«عفريت سمارة» مع تحية كاريوكا، وقدم فيهما دوره الأشهر «سيد أبوشفة» ضابط البوليس المتخفى على هيئة رجال العصابات .
وقدم عشرات المسلسلات التي تنوعت بين التاريخية والدينية والاجتماعية والرومانسية والبوليسية، وحصل على العديد من الأوسمة والجوائز، منها وسام الجمهورية ، وشهادة التقدير الذهبية من الجمعية المصرية لكُتاب ونقاد السينما للريادة ، ودرع التلفزيون ، وتزوج أربع مرات، ثلاث منهن من خارج الوسط الفني، وكانت الثانية الفنانة سميحة أيوب، وأنجب أربعة أبناء، وتوفي عن ٧٧ عاما .
فى هذا العمل الكبير إشترك فنان كبيريعد أشهر من لعب دور الأب فى السينما المصرية هو الفنان (حسين رياض) إبن حى السيدة زينب، بدأ مشواره الفنى عام ١٩٣٤ تتلمذ على يد مدربه “اسماعيل وهبى” شقيق الفنان يوسف وهبى، قدم أول فيلم له {ليلى بنت الصحراء} عام١٩٣٧ أمام “بهيجة حافظ” ..إنه الشخصية السينمائية الكبيرة صاحب أشهر صوت سينمائى شخصية تحتاج كتبٱ للتحدث عنها وليس مقالٱ لذا سوف نلتقى معه بأحد أعماله المميزة وإن كانت أغلبها مميزا بإذن الله حتى يسعنا الحديث عنه بما يستحقه، فيكفى أنه قدم لنا مايقرب من خمسمائة عملا لازالت تعيش بيننا
لم يفت أن قدما المخرجان الكبيران فنانة مصرية، شقت طريقها بصعوبة إلى عالم الفن لكنها أثبتت امتلاكها لموهبة فنية من نوع خاص حتى أصبحت من أبرز نجوم الكلاسيكيات في مصر والوطن العربي
الفنانة “زهرة العلا” ابنة الإسكندرية التى ظهرت الموهبة الفنية لديها منذ طفولتها حيث قامت بتكوين فريق للتمثيل بالمدرسة وكانت تشرف على الأعمال وتخرجها بنفسها، وبينما نال الفريق إعجاب الجميع دخلت في مسابقة مع المدارس الأخرى وحصلت مدرستها على المركز الأول
لاقت “زهرة” المشهورة فى الوسط الفنى باسم (هنادى) تلك الشخصية التى قدمتها فى فيلم دعاء الكروان رائعة عميد الأدب {طه حسين} قبولاً كبيراً من والدها الذي شجعها على اقتحام العمل الفني، وقدمها للفنان “يوسف وهبي” الذي كانت تربط بينهما علاقة صداقة قوية فتتلمذت على يد عميد المسرح العربي وعملت في مسرحه.احترفت الفنانة المصرية العمل المسرحي من خلال الانضمام إلى فرقة “زكي طليمات” التي شاركت معها في عدد من العروض المسرحية الهامة ومنها “البخيل” و”المتزحلقات” و”بجماليون”، ثم انضمت لفرقة “إسماعيل ياسين” وشاركت معه في بعض بطولات أفلامه، كما شاركت بعد حل الفرقة في مسرحية “حواء الساعة ١٢ مع فؤاد المهندس .
ومن المسرح إلى السينما حيث قدمت أول أدوارها السينمائية في فيلم “خدعني أبي” مع الفنانة “عزيزة أمير” التي تعرفت عليها بالصدفة في مسرح “زكي طليمات”، وفي نفس العام شاركت في فيلم “أنا بنت ناس” الذي تعرف عليها الجمهور من خلاله ليكون بمثابة محطة جديدة في مشوارها الفني لتنطلق نحو النجومية والشهرة من خلال مجموعة من الأعمال المتميزة. امتلكت زهرة العلا رصيدا كبيرا من الأعمال الفنية فقدمت مايقرب من مائة وسبعون فيلما ومسلسلا على مدار تاريخها، ومن أبرز أعمالها رد قلبى وسر طاقية الإخفاء وفى بيتنا رجل ودعاء الكروان ،كذلك المسلسل الكوميدى الزوجة آخر من يعلم …وكان أخر عمل لها فيلم “أرض أرض” امام فاروق الفيشاوى وإلهام شاهين ،حيث توفيت عام ٢٠١٣ بعد مرض طويل .
يشترك كمال الشناوى فى الفيلم بدور “انور” الرجل النبيل الذى سيتزوج بماجدة، وقد تحدثنا عن كمال الشناوى بإسهاب فى فيلم “سجى الليل” بمقالة سابقة، ويكفى أن نذكر أنه كان منافسا للفنان “عماد حمدى” كفتى الشاشة أو الدونجوان .
عندما يجتمع مخرجان كبيران فى عمل فنى واحد فمن المؤكد أن هذا العمل جيدا ويستحق مثل هذا الإهتمام فا الفيلم الذى بين ايدينا اليوم المأخوذ عن عمل أدبى شهير لكاتبة لم تقدم سواه لكنها حصدت على المستوى العالمى صيت وشهرة جعلت روايتها الوحيدة محط أنظار المخرجين فى كل انحاء العالم حتى اليوم وبالتالى ليس غريبا أن يشترك كل من كمال الشيخ وفطين عبد الوهاب فى اخراج هذا الفيلم وهما يعدان مدرستان فى فن الإخراج، فقد أراد كمال الشيخ طريق التمثيل والوصول إلى النجومية فقرر أن يصبح ممثلاً فبعث بصورته إلى المخرج الشهير (محمد كربم) الذي لم يجد وجهه يصلح لأن يكون ممثلاً، لكنه لم ييأس وكان قد تعرف بالشاعر (خليل مطران) الذي عرفه بدوره على المخرج (أحمد سالم) وكان يشغل وقتها منصب مدير (ستوديو مصر) فألحقه بالعمل كمونتير تحت إشراف المخرج (نيازي مصطفى).
في تلك الفترة شارك كمال الشيخ كمونتيراً في عدة أفلام مهمة ، حتى قام بإخراج أول أفلامه بعنوان (المنزل رقم ١٣) بطولة عماد حمدي، وفاتن حمامة والذي حقق نجاحاً كبيراً لدى عرضه لاعتماده على حبكة تمتاز بالتشويق والإثارة والجو البوليسي.
كما قدم فيلم (حياة أو موت) من بطولة عماد حمدي، ومديحة يسري والذي تم اختياره ضمن قائمة أفضل مئة فيلم في السينما المصرية.
يعتبر كمال الشيخ “هيتشكوك السينما المصرية” من أوائل المخرجين الذين قدموا أدب (نجيب محفوظ) إلى السينما، بفيلمه (اللص والكلاب) عام ١٩٦٢، كما قدم أيضا رواية (ميرامار) في فيلم يحمل نفس الاسم عام ١٩٦٩ .
كما قدم أعمال أدبية في أفلام سينمائية لأدباء أخرين مثل: (إحسان عبدالقدوس، وفتحي غانم، وصالح مرسي).
تم تصنيفه كمخرج لأفلام الإثارة والتشويق التي أجادها مثل: (الليلة الأخيرة والطاووس،وغيرهم.
لكنه برع أيضاً في تقديم الفيلم السياسي منها فيلم غروب وشروق وشئ في صدرى وعلى من نطلق الرصاص والصعود إلى الهاوية والذي تم اعتباره أفضل أفلام الجاسوسية التي قدمت في السينما المصرية…توفى كمال الشيخ عام ٢٠٠٤ بعد تقديمه للسينما اكثر من ثلاثين فيلما .
اما المخرج فطين عبد الوهاب الذى كان يعمل ضابطا بالقوات المسلحة، فبدايته الفنية كانت من خلال السيناريو إلا أن الإخراج كان الأقرب لفكره ورؤيته فعمل مساعدًا للمخرجين أحمد سالم وحسن حلمي ومحمود ذو الفقار عندما قادته الصدفة على التعرف بالمخرج “صلاح أبوسيف” اثناء عمله فى الجوزات، واصبح بعد ذلك شريكا فى سهرات شلة “أبو سيف” السينمائية.يكتب المقالات النقدية التى جذبت إليه الفنان “يوسف وهبى” والذى أسند إليه العمل مساعدا له فى إخراج فيلم {بنات الريف} فترك فطين بعد ذلك عمله كضابط بالجيش ليتفرغ للسينما وأخرج أول أفلامه وهو فيلم ” نادية ” .
جمعته علاقة قوية بالفنان إسماعيل ياسين فكونا ثنائيًا فنيًا غيرا خريطة السينما المصرية في ذلك الوقت بأكثر من١٢ فيلمًا ، كما أخرج مجموعة من الأفلام الكوميدية التي ستظل أيضا من علامات السينما المصرية، منها “مراتي مدير عام – كرامة زوجتي – نص ساعة جواز – سبعة أيام في الجنة – أضواء المدينة، إشاعة حب، البنات والصيف”
فى فترة الستينيات أصبح المخرج فطين عبد الوهاب رائد الكوميديا الأول بلا منازع، وبدأ نجم فؤاد المهندس في البزوغ، واخرج له مجموعة من الأفلام منها:” صاحب الجلالة، أنا وهو وهى، اعترافات زوج، وعائلة زيزى …وكان يكتب سيناريو أفلامه بنفسه نظرا لأن السيناريو كان بداياته الفنية الأولى وقد كان له أسلوبه المميز فى إدارة العمل الذى يقوم به ، ويذكر “يوسف وهبى” فى مذكراته أن فطين من أفضل المخرجين الذى عمل معهم حيث كان صاحب مدرسة محترمة فى فن الإخراج فقد كان يحب المحافظة على المساحات ببن الممثلين أثناء التصوير برسم خطوطا على الأرض لايتجاوزها الممثل ويتحرك من خلالها ،مما يمكنه من التحكم فى طقم الممثلين بسهولة …تقريبا قدم فطين عبد الوهاب اكثر من خمسين عملا مميزا، ويحسب له أنه صنع من الممثل “رياض القصبجى” ممثلا كوميديا عندما قدمه فى شخصية (الشاويش عطية) المشهورة والتى لازمت اسماعيل ياسين فى سلسلة رائعة جعلتهما ثنائى سينمائى واعد وقتها .
وكان لفطين شقيقان هما سراج منير، الفنان الشهيروحسن الناقد والكاتب السينمائي …تزوج فطين ٤ مرات إلا أن حبه الأول كان من نصيب الفنانة ليلى مراد وأنجب منها ابنه الوحيد زكي فطين عبد الوهاب ثم تزوج تحية كاريوكا وهاجر حمدي ومنيرة “شقيقة الفنانة نجلاء فتحي”.
قال عنه العالمى “عمر الشريف” أنه أفضل مخرج كوميديا فى العالم…كما وصفته “نادية لطفى” بأنه برنس الأخلاق والعطاء …توفى عام ١٩٧٢ .
يذكر أن قام بعمل الموسيقى التصويرية للفيلم الموسيقار اليونانى/المصرى المعروف “اندريا رايدار” …عاش معظم حياته في مصر وعمل كمؤلف موسيقي للأفلام المصرية، حيث ألف الموسيقى لأفلام (دعاء الكروان، نهر الحب، غروب وشروق، اللص والكلاب، الرجل الثاني) اعتمد كملحن باﻹذاعة المصرية، وعمل مع عدد كبير من المطربين منهم أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب … فى مشاجرة بأحد شوارع العاصمة الأرجنتينية توفى على أثرها عام ١٩٧١ بعد أن أثرى السينما اامصرية بأعماله الجميلة والمتميزة .
شريف الوكيل