الناقد الفني شريف الوكيل يغوص يكم في أعماق الفن الجميل
منير”فؤاد المهندس” شاب ثرى يعمل فى مجال الرقابة الجوية، وبسبب هذا كان «زير نساء»، واستطاع أن يوقع في غرامه مضيفات جويات من جنسيات مختلفة من حول العالم بسبب كعوب أحذيتهن التي تثيره للغاية، يعيش معه وفى خدمته رجل كل همه السيطرة عليه وعلى ثروته “حسن مصطفى”، فيعمل على إبعاده عن خطيبته منى”شويكار” التى يحبها ويسعى للزواج منها،فيدبر له مكيدة مع هؤلاء المضيفات الخمس ليبعده ويبعد منى عن طريقهه.
ورغم محاولات الخادم فانتوماس من إبعادها عن طريق مخدومه، مما يجعل منير يلجأ لأحد اصدقائه “محمود عزمى” لمساعدته فى التخلص من علاقاته بالأخريات ليتفرغ لزميلته التى يحبها…ينصحه صديقه بالذهاب للطبيب النفسى دكتور خشبة”عبد المنعم مدبولى”للعلاج، والطريف أن الدكتور خشبة نفسه يعانى من عقدة عزوف النساء عنه، ولذلك لما طلب منه منير أن يخلصه من كل الفتيات ماعدا منى ، قرر ان يحول كل الفتيات التى يعرفهن إلى الدكتور حتى يتخلص منهن جميعا ، لتتوالي المواقف الطريفة .
القصة كتبها المؤلف (فاروق صبرى) بعد تمصيرها وتحويلها لفيلم عربى مصرى يعد من أشهر الأفلام الكوميدية …فقد إستطاع المؤلف أن يحدث بعض التغييرات التي تناسب المجتمع المصري وضحكاته، بينما كانت “التفصيلة” التي احتفظ بها هي “الطبيب النفسي” الذي يلجأ له البطل ليخلصه من مأساته الكبيرة، في عدم قدرته السيطرة على مطاردة النساء، فيقع الطبيب في فخ الانبهار بهذا الشاب الذي تطارده جميع النساء ولا ينجح في حل مشكلته .
والسينما المصرية اعتمدت فى كثير من الأعمال على الإقتباس من السينما العالمية وخاصة الهوليودية ، وقد تنجح الفكرة أو تخفق في نقل نفس قصة الفيلم الأصلى وإخراجها بنفس جودة العمل، ولكن نظرٱ لأن فيلمنا اليوم من النوع الكوميدى ، فقد يكون هناك قولٱ آخر، لأن مهما استمتع الجمهور بالفيلم الأجنبي الكوميدي، عندما يتحول إلى فيلم عربي سيكون مضحكا أكتر، لأن الضحك مرتبط بثقافة المجتمع وإطاره الفكري المناسب لسلوكياته .
ويعتبر فيلم “مطاردة غرامية” للثلاثى فؤاد المهندس وشويكاروعبد المنعم مدبولى، أكبر دليل على ذلك، فقصة الفيلم مقتبسة من فيلم باسم What’s New Pussycat، من بطولة “بيتر سيلرز/ بيتر اوتيل” وأخرجه المخرج العالمى “وودى آلن” ومع ذلك كثير من المتابعين للسينما لا يعلمون بوجود هذا الفيلم من الأساس، في حين أن “مطاردة غرامية” أصبح أيقونة من أيقونات السينما المصرية.بل وأشهرها على الإطلاق .
انتج فيلم مطاردة غرامية بعد فيلم وودى آلن بثلاث سنوات ، وكان المهندس مقنع وقابل للتصديق من قبل المشاهد العربى لما يتمتع به من خفة الدم والثقة بالنفس، إلى جانب أن المهندس اعتمد على فكرة كوميديا (البارودي) وتعنى السخرية من ألأفلام الشهيرة- وهذا نمط من أنماط الكوميديا معروف عالميا، ويقوم علي السخرية من أعمال فنية أخري، وقد عرفت السينما الأمريكية هذا النوع من الكوميديا من خلال أفلام شهيرة مثل سلسلة أفلام Airplane التي كانت تسخر من الأفلام التي تدور حول حوادث الطائرات، وسلسلة أفلام Scary movie التي كانت تسخر من أفلام الرعب الشهيرة، أما السينما المصرية فقد عرفت هي أيضا هذا النمط من الكوميديا ولكن بشكل محدود، فنجم الكوميديا إسماعيل يس علي سبيل المثال قدم فيلم اسماعيل يس يواجه ريا وسكينة وأيضا فؤاد المهندس قدم سلسلة أفلام (أخطر رجل في العالم) التي يسخر فيها من أفلام العصابات الأمريكية، وكذلك فيلم فيفا زلاطة الذى يسخر فيه من أفلام الغرب الأمريكي …بينما في فيلم What’s New Pussycat اعتمد مخرجه على الكوميديا العبثية والمواقف المتداخلة، التي تؤدي في النهاية إلى موقف مضحك لأنه غير قابل للتحقق على أرض الواقع من شدة عبثيته…على كل حال لسنا هنا فى مقارنة بين العملين .
الفيلم يتمتع بكثرة نجوم الكوميديا الذين امتعونا وأضحكونا من القلب…مجموعة فريدة يصعب الكلام عنها فردا فردا، سيحتاج الأمر لمساحات وأسابيع وربما شهور من الإسترسال عن كل شخصية…لذا فكرت أن أحدثكم عنهم فى حديث متواصل غير منفصل لكل شخصية، فهم كفريق عمل يستحقون أكثر من ذلك، وبما أنهم مجتمعون فى فيلم فمن حقهم علينا ألا نغفل منهم أحد ، ومن حق القارئ أن نقربه منهم بقدر الإمكان.. ليقرأ وكأنه يرى، ليكن حديثنا عنهم متداخلا، حتى لا تشتت متابعة القارئ .
إشتهر فؤاد المهندس بخفة ظله وذكائه، وقدراته البدنية والتمثيلية الرائعة التى منحتنا أوقاتًا سعيدة بأعماله الجميلة من المسرحيات والأفلام ومسلسلات الشاشة الصغيرة وحتى أعماله الغنائية، فهو فنان بالمفهوم الكامل لمعنى الفنان، حيث يحفل تاريخه بتلك الأعمال التى قدمها والتى لاقت نجاحا جماهيريا فى وقت عرضها، وما زالت حتى الآن كلما عرضت على شاشات التليفزيون ترسم البهجة على وجوهنا.
والمهندس هو ابن حى العباسية بالقاهرة وكان ترتيبه الثالث من بين أشقائة، وهم الإذاعية المخضرمة صفية، ودرية، وهما أكبر منه سنٱ، وسامى أخوه الأصغر، وكان والده زكى المهندس عالمًا لغويًا، والذى كان له الفضل الأول فى تنمية مواهبة الفنية، وقد ورث عنه خفة الدم التى ميزته طوال مشواره الفنى، وقد نشأ بمدارس الأتراك ،الموجودة فى مصر آنذاك، والتى كان لها فضل كبير فى تكوين شخصيته…التحق صاحب أشهر برنامج إذاعى بمصر” كلمتين وبس” بكلية التجارة، التى كانت النواة الأولى لدخوله مجال التمثيل حيث التحق بفريق التمثيل وحينها شاهده الفنان الراحل نجيب الريحانى الذى أبدى إعجابه الكبير به فى مسرحية «الدنيا على كف عفريت» فضمه لفرقته المسرحية، لعله يحظى بفرصة فى أحد الأدوار، وبعد وفاة الفنان نجيب الريحانى، انضم لفرقة «ساعة لقلبك»، التى تم تأسيسها فى مطلع الخمسينيات، وكانت تضم نجوم الكوميديا وقتها عبد المنعم مدبولى ومحمد عوض وعبد المنعم ابراهيم وخيرية أحمد وجمالات زايد والخواجة بيجو وأبولمعة وحسن أتلة والمعلم شكل وحسين الفار ورفيعة الشال وأمين الهنيدى والدكتور شديد ونبيلة السيد واحمد الحداد.
تميز فؤاد المهندس صاحب الضحكة الصافية النابعة من القلب بالتمثيل المسرحى فكان معشوقه الأول، ، ومنه صنع تاريخه الذى لا ينسى، وكان شريك الرحلة المسرحية “عبد المنعم مدبولي” الذى تميز بكاريزما خاصة اكسبته حب الملايين في مصر والعالم العربي وشكلا معٱ ثنائي تمثيلى عجز عن تكراره الممثلون الحاليون.
فمدبولى بدأ حياته الفنية في البرنامج الإذاعي الشهير ساعة لقلبك وبعدها انضم لمسرح التليفزيون وأسس مع رواد جيله المهندس وأمين الهنيدي وغيرهما مدرسة كوميدية استمدت تراثها من الجيل السابق الريحاني والكسار…وكما يقول الكاتب الساخرمحمود السعدنى “سر عظمة مدبولى،أنه المضحك المصرى الوحيد بين كل المضحكين، فهو عصير من الضحك فى حوارى القاهرة، وعلى مصاطب الفلاحين، وهو مزيج من البلياتشو وأراجوز السامر ومهرج السيرك، والراجل الجدع الذى يأكل النار، ويفك نفسه من الأغلال، ويدور على المتفرجين طالبا من كل راجل جدع أن يضرب يده فى جيبه عشان خاطر الأولياء والمرسلين، إنه “شابلن” مصر ولكن بلا قضية وبلا راية…وهو لاينطلق من هدف ولايتجه إلى هدف،وليس له من هدف إلا أن يضحك الناس ويضحك عليهم…وقد إستطاع أن يضحك عليهم فعلٱ”.
إذ اشتركا الإثنان المهندس و”مدبولي” وثالثهما سمير خفاجي في تكوين فرقة “الفنانين المتحدين” حيث تم اكتشاف أبرز النجوم الذين سيطروا على الحياة الفنية في مصر خلال النصف الثاني من القرن العشرين، منهم عادل إمام، وسعيد صالح والضيف أحمد…شكل ” المهندس ومدبولى” الثنائي الأجمل في تاريخ المسرح المصري، فلم يفترق الصديقان، بل صنعا معٱ صفحات مجيدة في تاريخ المسرح، ومع تجربتهما في فرقة “الفنانين المتحدين، استقبلا الفنانة شويكار في أول مرة تأتي فيها إلي المسرح، والتى يعرف عنها دلعها وخفة دمها، نجحت فى رسم ملامح مختلفة للشكل المعتاد لنجمات الزمن الجميل لما لديها من مواهب متعددة بجانب التمثيل ، فهى أيضا تغنى وتجيد تقديم الاستعراضات الغنائية الراقصة، كما كان لها بعض المصطلحات اللغوية الغريبة على السمع وهو ما جعلها تتميز عن فنانات جيلها.. وبرعت فى تقديم الأدوار الكوميدية والدرامية، حتى على المسرح كان لها طلة مختلفة وحضور طاغٍ جذاب، صاحبة أجمل ابتسامة،وشهدت خشبة المسرح العديد من المواقف الكوميدية التي كان الثلاثى”مدبولي والمهندس وشويكار” أبطالها في رحلتهما معٱ…وقد كان يعرف عن المهندس أنه لا يخرج عن النص المكتوب ابدٱ لكنه أثناء عرض مسرحية (أنا وهو وهى) فاجأ المهندس الفنانة شويكار بطلب يدها عندما خرج عن النص لأول مرة فى حياته، وقال مقولته الشهيرة (تتجوزينى يا بسكوتة)، فما كان من شويكار إلا قيامها بالرد (بحبك).
وعاش الثنائى طيلة عشرون عامًا، وذلك قبل أن ينفصلا، وشكّلا خلال تلك الأعوام ثنائيًا فنيًا وأسريًا ناجحًا، ويعدان الثنائى الأشهر فى تاريخ الفن، وقد جمعت بينهما أعمال كثيرة ما بين مسرح وأفلام وأغان وصلت إلى أكثر من ستة وعشرون فيلمًا يعد أشهرها وأهمها «مطاردة غرامية» و«العتبة جزاز»، وغيرهما، كما جمع بينهما الكثير من الأعمال المسرحية كان أهمها «السكرتير الفنى» و«سيدتى الجميلة» وبالطبع كان عبد المنعم مدبولى الرفيق الثالث ،فى أعمال كثيرة جمعتهما.
وتعتبر بداية المهندس مع التمثيل عام ١٩٥٤فى فيلم «بنت الجيران»، حيث بدأ بالأدوار الثانوية السنيد للبطل، وبعد ذلك قدم البطولة المطلقة مع الفنانة القديرة شويكار والتى بدأت مشوارها الفنى عام ١٩٦٠من خلال دور قصير فى فيلم “حبى الوحيد” مع المخرج “كمال الشيخ”، وبعدها فيلم “غرام الأسياد” مع المخرج “رمسيس نجيب”، وفى عام ١٩٦٢ التقت بالفنان عبد المنعم مدبولى الذى اختارها لبطولة مسرحية “السكرتير الفني”، والتى كانت بمثابة نقطة انطلاقها الأولى ووقوفها أمام فؤاد المهندس .
قدم فؤاد المهندس أكثر من سبعون فيلمًا جمعت ما بين التراجيدى والكوميدى، وكانت أهم أفلامه ما قام بتقديمه مع شريكته فى النجاح وزوجته شويكار، التى قدمت أكثر من مئة فيلم ومسرحية ، من خلال أدوار متعددة ، حيث تخلت “شويكار” عن أدوار البطولة المطلقة للفتاة الدلوعة المغرية، لتنطلق متألقة فى عدد من الأدوار الجادة والقوية ،منها دورها فى فيلم “الشحات” وفيلم “الإخوة الأعداء”، وكذلك أفلام “الجبان والحب” و”الكذاب” و”الكرنك” و”الذئاب” و”درب الهوى” و”سعد اليتيم”.
كذلك بداية مدبولى بعد تخرجه من معهد فن التمثيل العربي عام ١٩٤٩ في ثاني دفعاته، انضم إلى فرقة جورج أبيض ثم فرقة فاطمة رشدي وشارك بالتمثيل في برامج الأطفال بالإذاعة ضمن حلقات برنامج بابا شارو، وقدم لهم أغانى جميلة مازالت تعيش ببننا ويتغنى بها فى بعض الإحتفالات، والتي ظلت خالدة في ذاكرة التلفزيون والسينما المصرية، وحفرت داخل وجدان كل المصريين خلال عقود من الزمان ، نذكر منها أغنية “طيب ياصبر طيب” وقد غناها فى فيلم مولد يادنيا
ثم استمر حتى بلغ رصيده نحو ٦٠فيلماً وحوالى ١٢٠مسرحية، و٣٠مسلسلا.. أشهرهم أبنائى الإعزاء شكرٱ.
وكان من أنجح الأفلام التى قدمها النجوم الثلاثة فيلم مطاردة غرامية، فكانوا أبطالٱ لايمكن تميبز أحد عن الآخر، ولايجوز أن تكون حبكة الفيلم بدون أحدا منهم
وكانت شويكار أول فنانة كتبت لها مسرحيات خاصة، وكون عبد المنعم مدبولى فرقته المسرحية الخاصة التى عرفت ب”المدبوليزم” وقدم من خلالها عروضا جيدة، ولمع صيت فؤاد المهندس وحاز برنامجه الإذاعى “كلمتبن وبس” إعجاب العالم العربى قاطبة، كما كان نجم حلقات إذاعية درامية اسمها “عيلة مرزوق أفندى” وكانت تذاع من خلال برنامج إلى ربات البيوت ، من تقديم الإذاعية صفية المهندس .
قدم لنا العديد من الأدوار الفنية، فتميز عن غيره من فنانين عصره بأدواره المتنوعة، فبالرغم من ملامحه الهادئة التي تحمل معالم الطيبة، إلا أنه قام بتجسيد أدوار الشر، والحب، والكوميديا، ليصنع أسطورة كوميديه لن تتكرر، وكانت من أهم أعماله: العتبة جزاز وأخطر رجل فى العالم واجازة غرام والراجل ده هيجننى وأرض النفاق واعترافات زوج…والكثيير من الأدوار التى لم ينساها محبيه .
حسن مصطفى خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، يعد أحد علامات المسرح الكوميدي. تدرّج في الحقل المسرحي من أول السلم حتى وصل إلى أعلى درجاته. عمل في فرقة إسماعيل يس والفنانين المتحدين. ومسارح التليفزيون. ومن أهم أعماله المسرحية . مسرحية مدرسة المشاغبين والعيال كبرت، والكدابين قوي وأصل وخمسة مع محمد نجم، وحواء الساعة ١٢وسيدتي الجميلة مع فؤاد المهندس، قام بالعديد من المسلسلات التليفزيونية. كان أول من قدم المنوعات في التليفزيون. تزوج من الفنانة ميمي جمال وأنجب منها ابنتين. عمل في الكوميديا في أغلب أدواره على المسرح وفي السينما. وغير في أداءه ببراعة في فيلم يوميات نائب في الأرياف…قدم مايقرب من٤٠٠ فيلم ومسرحية وعمل تليفزيونى .
عندما كان ناظر مدرسة المشاغبين تلميذا ، زار مدرسته عميد الادب العربى الدكتور طه حسين، وكان مدرس اللغة العربية وقتها قد كتب قصيدة ترحيب بالضيف ليلقيها عليه، واختار التلميذ حسن مصطفى لبراعته فى فن الإلقاء وبالفعل أعجب به طه حسين وبإسلوب قراءته للغة العربية وهنئه عليها. وقدم له كتابه الايام كهدية ، وظل حسن مصطفى يحتفظ به حتى وفاته …وكان رمضان السكرى اول من تنبأ بموهبة الفنان الراحل احمد ذكى،،،قدم الناظرعبد المعطى شخصية فانتوماس فى الفيلم ، تلك الشخصية المحورية والتى تعد عصب الحكاية فهو الخادم المتأنق المطيع والمعترض فى نفس الوقت على أسلوب خادمه، تجده ممتعضٱ متذمرأ من تعاملات خادمه …يتولى فانتوماس ادارة حياة منير عن طريق إيهام الضحايا أن منير سيرث أرضًا بها بترول، وسيصبح بعد عام ملك البترول، فيطمع فيه الجميع.
ورغم كل هذا العدد الكبير من الفتيات، إلا أن منير يحب منى (شويكار) المضيفة المصرية والتي تغضب من تصرفات منير النسائية. …كان فانتوماس يعتبر منى عدوه اللدود لأنها الوحيدة التي لا تطمع فى ثروة منير المزعومة، ولذلك هى الوحيدة المرشحة لتكون زوجة لمنير وبذلك تسلبه سيطرته على منير ومنزله وثروته.
أما محمود عزمى فقد تخرج من معهد الفنون المسرحية عام ١٩٥٠، ثم التحق بالمسرح القومي والمسرح الحديث، برع أيضاً في الأداء الإذاعي، حيث كان أغلب نشاطه فى البداية، وله بصمة كبيرة فى برنامج ومسلسل عائلة مرزوق أفندى ثم تحول إلى المسلسلات التلفزيونية والتي قدم لها الكثير من أعماله المميزة، من أبرزها (هارون الرشيد، ابو حنيفة النعمان، هارب من الأيام، محمد رسول الله) وفي المسرح عمل في مسرحيات عديدة منها (سكة السلامة، ست البنات، عطيل)، بينما في السينما شارك بالعديد من الأعمال من أبرزها (عودة أخطر رجل فى العالم، شاطىء الأسرار، سنوات الحب ،حباة وأمل،بين السماء والأرض) .
محمود عزمي رغم أن له تاريخ طويل مع السينما ، إلا أنه كان دائما يؤدى الدور الثانى فى أعماله .
قدمت “مديحة كامل” من مدينة الإسكندرية إلى القاهرة، والتحقت بكلية الآداب، بدأت مشوارها الفني عام ١٩٦٤ بأدوار صغيرة في السينما والمسرح، كما عملت في عروض الأزياء، وتدرجت في الأدوار الثانوية حتى حصلت علي دور البطولة أمام الفنان فريد شوقي في فيلم٣٠يوم في السجن في أواخر ستينات القرن العشرين ثم اختفت بعد ذلك نحو عامين أو أكثر، ثم عادت من جديد لتمثل في مصر ولبنان في أدوار لم تجلب لها الشهرة الواسعة، ولكنها حققت انتشارا كبيراً ولعبت أدوار البطولة الثانية في أفلام كثيرة حتي جاءتها الفرصة للبطولة المطلقة مع المخرج (كمال الشيخ) في فيلمه الصعود إلى الهاوية مع الفنان محمود ياسين بعدما رفضت الدور كل من عرض عليها الدور من نجمات السبعينات لتنطلق بعد هذا الفيلم في عالم النجومية. رغم حياتها الفنية القصيرة قدمت للسينما مايقرب من مئة فيلم ، وعددا من المسرحيات والمسلسلات المتميزة…اعتزلت الفن مبكرا حتى توفت عام ١٩٩٧ فى عمر ثمانية وأربعين سنة، وسيكون لنا معها حديثا مطولا عن اعمالها لو كان فى العمر بقية .
يكمن سر نجاح هذ الفيلم إلى بعض المشاهد الطريفة “والإيفهات” المضحكة، وعلى الرغم من إنها لا تؤثر فى مجريات الأحداث، وكان يمكن الإستغناء عنها، ولكن ذكاء المؤلف فاروق صبرى والمخرج نجدى حافظ، خلقا جوا من المرح، فى لقطات مفاجئةللمشاهد تتميز بالجدية، منها على سبيل المثال مشهد يضطر فيه منير والدكتور خشبة تسلق إحدى العمارات ويدخلون لغرفة شقة من الشقق ويفاجأون بعروسين، على سريرهما، فيرميان السلام عليهما ويكملان طريقهما ناحية الباب الواحد تلو الآخر، لكن الزوج المندهش يتصل بوالدته ويقول في صوت متهدج: “ماما ماما …تعالي خديني يا ماما”…. ومن أهم إفيهات الفيلم والتي لازالت ترددها ألسنة الناس حتى اليوم، هو مشهد علاج الطبيب النفسي “عبد المنعم مدبولي” لرجل قصير يعاني من مشاكل بسبب قصره، فيقول له الدكتور قل: “أنا مش قصير أوزعة أنا طويل وأهبل”، ويرددها المريض فيقول له الدكتور: “شوف اديك طولت خمسة سنتي”… كذلك مشهد لقاء منير مع الدكتور خشبة والذي يفاجأ فيه الدكتور من كم المعجبين ويطلق الإفيه والذي يصنع حالة من الضحك لدى المشاهد كلما رأى الفيلم: “دكتورخشبة.. دكتور مين ده انت اللي دكتور”… وكان من أجمل الإفيهات التي أطلقت عندما اقترب خشبة الذي استثاره حذاء جديد لسيدة تتمايل بمشيتها فى الشارع ليجذبه حذائها ذا الكعب العالى ،لينطلق خلفها مرددأ عبارته الشهيرة: “مدام.. كعب جزمتك يدل على أنوثة طاغية”، ثم ينظر لوجهها فينزعج قائلا لها: ” لامؤخذة ياخالتي”.
والظريف أن هذه السيدة كانت الفنانة “مارى باى باى” وهى وجه يعرفه كل المشاهدين، واسمها الحقيقى “بهيجة محمد على”، وكانت تعمل سجّانة فى سجن النساء وتزوجت من سجّان زميل لها، ثم انفصلت عنه قبل أن تبدأ عملها الفنى فى كازينو “بديعة مصابنى”، إذ كانت تقوم بدور “الريكلام” بمسمى العصر الحالى، فى فترة دخول الجنود الإنجليز إلى الكازينو بعد الساعة الثانية عشرة صباحا فى أثناء الاحتلال البريطانى لمصر فتجلس مع أحدهم وتغازله ليفتح لها زجاجات “الويسكى”، وبعد وقت معين تستأذنه فى الذهاب لقضاء أمر ما، وقد عرفت نفسها له باسم “مارى”، ومن ثم تغادر الكازينو، وحينما تتأخر يسأل عنها الجندى الإنجليزى: “أين مارى” ليجيب عليه العاملون فى الكازينو بقولهم “مارى باى باى”، أى أنها غادرت المكان، ومن هنا اشتهرت بهيجة باسم “مارى باى باى”…اكتشفها عميد المسرح العربى يوسف وهبى، وضمها إلى فرقته ثم انتقلت للعمل مع ثلاثى أضواء المسرح، ومنه إلى عالم السينما، إذ تخصصت فى أداء دور المرأة القبيحة، التى يهرب منها الرجال، ولعل أشهر مشاهدها هو ذلك المشهد بالفيلم .
ترك لنا فيلم مطاردة غرامية، بغض النظر عن أحداثه نفسها، “أوبريت” يعيش حتى الآن مع المصريين وفي وجدانهم وأحبوه، هو أوبريت “قلبي يا غاوي خمس قارات” الذي شاركته فيه الفنانة شويكار، وكان من كلمات حسين السيد، وألحان منير مراد.ليصبح هذا الفيلم حالة من الضحك التي سببها عبد المنعم مدبولي بشخصيته “دكتور خشبة”، مع الثنائي فؤاد المهندس وشويكار، الأمر الذي جعله في مقدمة الأفلام المحفورة في عقلية المشاهد العربي.
تمكن المخرج نجدى حافظ استخدام كل شخصية استخداما جيدا ،كما استطاع تصوير مشهد ا لمطاردة الظربفة بالسيارات ، ثم محاولة الصعود إلى قمة إحدى الأشجار فى محاولة للهروب لتتمايل الشجرة فتلقى بكل شخصية الى بلدها…فيذكرنا هذا المقطع بنفس نهاية الفيلم العالمى” إنه عالم مجنون مجنون مجنون” للمخرج ستانلى كريمر سنة ١٩٦٣ .
(مطاردة غرامية) فيلم للمخرج نجدى حافظ انتاج سنة ١٩٦٨ ، كتب قصته فاروق صبرى الموسيقى التصويرية مجموعةمن الألحان العالمية ، بطولة فؤاد المهندس، شويكار،عبد المنعم مدبولى، حسن مصطفى، محمود عزمى، مديحة كامل، كوثر شفيق، زوزو ماضى، تختخ،عبد الغنى النجدى .
(شريف الوكيل)