في جلسة جمعتني به في “Edgware Road” شمال غرب لندن أخبرني الصديق أشرف السعد أن حسن راتب بعد تخرجه من معهد التعاون الزراعي سافر إلى السعودية ليعمل مندوب مبيعات بشركة ألبان هناك، وفِي عام 1986 اتصل به أشرف السعد ليعمل معه في تجارة العملة بمصر، على الفور جاء “راتب”ليعمل مع “السعد” وكانت وظيفته نقل الشنطة من عميل إلى عميل، قالها لي هكذا وصراحةً أشرف السعد.
وبعيدًا عن أن “راتب” عض اليد التي امتدت اليه، فرفض تعيين نجل أشرف السعد الذي تبدلت أحواله بأيٍ من شركاته، نظرًا لعقدة النقص التي لديه من الفتى الذي كانت مهته في بعض أوقات فراغه تدليله والوقوف على رعايته عندما كان راتب يمسك الشنطة لأشرف السعد، فإن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن كيف جمع حسن راتب كل هذه الثروة الضخمة في 30 سنة ؟ كيف تحول من مندوب مبيعات في شركة ألبان في السعودية إلى واحد من أكبر أباطرة المال المعدودين في مصر؟
واذا كانت ثروة “راتب” المعلنة هي 6 مليارات جنيه، عندما قال قبل عامين أنه سيتبرع بـ 2 مليار جنيه هي ثلث ثروته لبناء مساكن للشباب ولم يفعل، فإن السؤال الأصيل هنا وعلى أجهزتنا الوطنية أن تبحث فيه: كم هي ثروة حسن راتب الحقيقية الآن؟ ومن أين جمعها؟! وكم حجم الموجود منها في مصر، وحجم الموجود منها في الخارج؟ وهل في مجملها ثروة نظيفة؟
إن علاقة حسن راتب بالفاسد محمد فودة، ثم وعلاقته بملياردير الصحافة الغامض خالد صلاح تفتح الكثير من الأسئلة حول هذه الثروة الغامضة؟! وعلى أجهزة الدولة أن تزيل هذا الغموض، إن كانت جادة فعلًا في حديثها عن إصلاح الإعلام، فكيف لمجرد صحفي كان حتى وقت قريب يعيش في شقة إيجار قانون جديد في شارع فيصل أن يتحول ليصبح ملياردير ًا هكذا وفجأة؟ ثم ولماذا ينشط محمد فودة في الأوساط الصحفية والإعلامية ومع خالد صلاح وفِي رحاب حسن راتب من جديد بعد كل مرة يتم فيها القبض عليه في قضية فساد؟! أين حُمرة الخجل، التي تجعل راتب ورفاقه لا يخجلون من علاقتهم بهذا الفاسد سيئ السمعة إن لم يكن الدافع في هذه العلاقة يكفي ويزيد لأن يزيل هذه الحُمرة بأكثر مما يفعله كريم الأساس لإخفاء العيوب من وجه امرأة قمطرير.
إلى ما سبق وفِي إطاره يأخذنا الحديث إلى الملف الآخر الغامض في حياة حسن راتب ورفاقه، إنه الملف الذي لم يسبق أن تعرضت له الصحافة المصرية، الحكومية منها والمستقلة على الإطلاق، انه ملف استحواذ حسن راتب على الحصة الحاكمة في مصنع أسمنت سيناء، فلم يخبرنا أحد في الصحف المصرية قاطبة عن الطريقة التي تم بها هذا الاستحواذ؟ وهل تم بطريقة صحيحة أم أن هناك في القصة أسرار لم يتم الكشف عنها بعد، لماذا عميت كل صفحات الاقتصاد بالصحف المصرية عن فتح هذا الملف خاصة وأن الشركاء الفرنسيين بدأوا البحث في هذا الأمر؟!
إن 25 مليونًا حصلت عليها عصابة من البدو في أعقاب الانفلات الأمني الذي صاحب 25 يناير كانت سببًا في انخفاض أسهم المصنع في البورصة، هذه الإنخفاض الذي يبدو مصطنعًا هو ما ساهم في أن يستحوذ “راتب” على الحصة الحاكمة في المصنع من الشريك الفرنسي، وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال مهم جدًا من الذي دفع هذا المبلغ، ولماذا؟!
أما السؤال الأخطر في كل ما سبق والذي تلخص الإجابة عليه قصة حياة صاحب فضائية المحور مع الثروة والنفوذ فهو : من يحمي حسن راتب في مصر؟!