ما هي حقيقة امتلاك مصر 10% فقط من اكتشافات الغاز الأخيرة؟
وهل تخفي الوزارة بالفعل الأرقام الحقيقية عن تراجع الإنتاج؟
وما هي علاقة سامح فهمي بالتغييرات الأخيرة بالوزارة؟
لا يكاد يمر شهر من دون حكاية جديدة عن العلاقة بين وزير البترول الحالي المهندس طارق المُلًا، وواحد من أشهر وزراء البترول في تاريخ القطاع ؛ سامح فهمي، من ذلك أن انتاج مصر من البترول في عصر الأخير وصل إلى 750 ألف برميل، بينما في وزارة الملًا انخفض إلى 420 برميل فقط.
على ذلك وقد شهدت الغرف المغلقة في الوزارة، حديثًا من أحاديث النميمة، عن الفرق في طريقة إدارة “الملا” للوزارة عنها في إدارة “فهمي” وهم يتندّرون على عصر الأخير، بشكل أزعج دائرة “الملّا” بعدما وصلت إلى مسامعهم تفاصيلها، وعلى إثرها تمت عمليات النقل والإقالة في الفترة الأخيرة.

لا يجب أن تضجر دائرة “الملّا” من ذكر مناقب “فهمي” في الوزارة، فالسبب في وجود طارق المُلّا أساسًا بالوزارة هو سامح فهمي، ولولا الأخير لما كان سيصبح “الملا” الآن وزير، قالها أحدهم، من خبراء القطاع المتقاعدين.
تقول القصّة المرويّة أن : ” طارق الملًا كان يعمل في شركة خارج مصر، ولمًا انهت علاقته بها، عاد إلى البلاد، فاتصلت والدته بالمهندس سامح فهمي، وطلبت منه تعيين نجلها في أي حاجة بالوزارة، وبالفعل استجاب لها –فهمي- وعينه بالهيئة العامة للبترول، ثم ما هيّ إلا أسابيع، حتى خرجت مظاهرات 25 يناير 2011، ليغادر “فهمي” الوزير، ويبقى “الملًا” الموظف الصغير، في الوزارة متدرّجًا في مناصبهها حتى أصبح وزيرًا للبترول”.
المفارقة، أن مؤتمر “أموك” الذي افتتحه طارق الملًا يوم الثلاثاء الموافق 17 أبريل 2018 بمدينة الإسكندرية، وراح سامح فهمي يشارك فيه بوصفه صاحب شركة بترول، ورغب في حضور الجلسة الافتتاحية، وقبيل انعقادها بساعة، حضر سامح فهمي إلى بهو الفندق ليجد الجمع جميعه قد التفّوا حوله، يلتقطون معه الصور، كما لو كان نجم سينما.
همس الوزير برغبته في حضور جلسة الافتتاح، وطلب من منظم المؤتمر حجز مقعد مناسب له في الصف الأول بحكم دوره في القطاع وتاريخه فيه، فكانت الإجابة: “طبعًا يافندم”.
ليصل إلى مسامع “المُلا” من أحد أهم معاونيه وهو في طريقه إلى القاعة نبأ حضور الوزير سامح فهمي جلسة الافتتاح، وطلب منه أن يبطئ في الخطى، حتى يستقر الحضور في أماكنهم، بعدما تجمعوا حول سامح فهمي سأله “الملّا”: “حيقعد فين؟”، أجاب: “أي كرسي كده يا فندم على جنب في الصف الأول.. ده طلبه”، “لا.. الصف الأول.. لا، يقعد في المكان المخصص لأصحاب الشركات” قالها الملًا بحزم، حتى سمعها من حوله، فقال مساعده: “اللي تشوفه يا فندم”، وتباطأ الملًا في السير، متقفدًا بعض الأجنحة، حتى استقر الحضور في أماكنهم.
وماهي إلا لحظات، وكان “الملًا” ما زال يتفقد أجنحة العارضين، حتى شاهد الناس خروج سامح فهمي من القاعة، قبيل دخول طارق المُلًا إليها، وكانت إحدى الفتيًات المنظمات للحفل قد همست إلى “فهمي” بتغيير مقعده إلى الصف الخامس حيث يجلس أصحاب الشركات.
هذه القصص على لطافتها، هي من النوع الذي يفضل الناس سماعه، لكنها ليست الأخبار التي تمس مصالح البلاد في قطاع البترول، حدثني عن حجم الانتاج، عن كفاءة الإدارة، عن استقطاب الاستثمارات.
لماذا تتاخر وزارة البترول وتسبقها وسائل الإعلام الأجنبية في كشف حقيقة ما يدور بالقطاع
في النصف الأخير من العام المنصرم تحديدًا في 15 ديسمبر الماضي استدعى البرلمان في مصر وزير البترول طارق الملا، على خلفية انتقادات من النواب للمهندس طارق الملًا، منها تراخي الوزرة في كسب شركات جديدة للاستثمار في القطاع، في وقت يشهد فيه سوق الشرق الأوسط ودول مشابهة لحالة مصر إقبال متزايد من الشركات على البحث والاستكشاف.
حرص الوزير قبل أن يذهب إلى البرلمان أن يكون لقاءه البرلماني داخل لجنة الطاقة، وليس في الجلسة العامة، “التي غالبًا ما يتكالب عليه النواب فيها، من أجل تأشيرات لا يملكها، وحديثهم غير العلمي عن الوزارة خاصة من أولئك الذي لا يفهمون كثيرًا في صناعة النفط”.
وقد نجح الوزير في أن يكون اللقاء فقط مع لجنة الطاقة والبيئة وليس أمام الجلسة العامة كما أراد، غير أن الوزير تورط في سقطة كبيرة –ربما لم يكن يقصدها- عندما سأله النواب عن تصريحات الرئيس السيسي بخصوص مصفاة الذهب قبل أكثر من عام، فقال الوزير: “بغض النظر عن التصريحات، إحنا عملنا دراسات والتنفيذ محتاج فلوس كتيرة، ولحد دلوقتي ملقناش مستثمر”، الأمر الذي أصاب النواب بصدمة من تصريحات الوزير.
وإن بدا أنه لم يركز في ذكر اسم الرئيس مقرونًا بتلك التصريحات وتكلم عن التصريحات في العموم، حول بدء مصر إنشاء أول مصفاة للذهب، وأن الرئيس وجد مناجم مصرتنتج الذهب، ولا تقوم بتطوير صناعاتها في هذا المجال، وطالب بدراسة كيفية الاستفادة القصوى من هذه الصناعة، وجّه الرئيس وقتها بحتميّة الشروع الفوري إنشاء أول مصفاة للذهب، فلا يصح أن تقوم مصر بتصديره خاما من كل مناجمها إلى كندا ليتم تنقيته من الشوائب هناك، مما ينتج عن ذلك خسارة مصر لملايين الدولارات.
فكان قرار السيسي بوقف هذه الخسارة على الفور وإنشاء المصفاة حتى تتمكن مصر من تنقية الذهب وإنتاجه بالختم الرسمي المشهور (9999)، ولم يكتف الرئيس بذلك بل أعلن ضرورة البدء في إنشاء مصفاة للذهب، وخرجت تصريحات طارق الملًا على الفور بان مصر بدأت في انشاء أول مصفاة للذهب في البلاد، وكذلك مدينة للذهب يكون بها أول مدرسة لتعليم صناعته، وأكثر من 400 ورشة متطورة لصناعة المشغولات الذهبية في البلاد.
وكانت البلاغ قد نشرت تقريرًا مفصلًا عن تراخي الوزارة في تنفيذ توجيهات الرئيس في أمر تلك المصفاة حتى أنها ما تزال حبرًا على ورق في درج مكتب وزير البترول، تفاصيل التقرير في الرابط أدنا:
بالمستندات.. “المُلّا” يفشل في تنفيذ مشروع الرئيس ويتجاهل خطاب يهدد سمعة الاستثمار في البلاد
هل أوضاع مصر فعلًا مخيبة للآمال في قطاع الغاز؟ وماذا عن حصة مصر في الاكتشافات الجديد
في لجنة الطاقة بمجلس النواب تراخي طارق الملًا في الإجابة عن أسئلة المشرعين بشأن نشاط وزارته الأخير في الكشف كنوز مصر البحرية من الغاز الطبيعي، سألوه عن السبب في عدم إعلان الوزارة وقتها عن غاز النرجس، الذي اكتشفته شركة شيفرون الأمريكية الرئيسية في المياه المصرية، وهو الكشف الذي سبقت فيه وسائل إعلام أجنبية وزارة البترول في الإعلان عنه، فأخبر الوزير النواب أنه سيتم إصدار إعلان رسمي بمجرد الانتهاء من أعمال التقييم.
وقال الملا أن “الوزارة” و”شيفرون” تقومان حاليًا بتقييم النرجس بهدف وضع اللمسات الأخيرة على خطة التنمية، والتي سيتبعها إعلان رسمي.
وسائل إعلام دولية قالت أن التقديرات الأولية بحسب مصدر مشارك في عمليات الحفر أخبرهم بأن تلك التقديرات تشي بأن حجم الاكتشاف يصل إلى 3.5 تريليون قدم مكعب.

وبحسب وسائل إعلام أجنبية، فإن حصة “شيفرون” في امتياز منطقة النرجس البحرية يصل إلى 45%، بينما تتوزع الحصة الباقية بين 45% لشركة إيني الإيطالية، و10% فقط لشركة ثروة التابعة لهيئة البترول المصرية.
إلى ذلك لا تزال عمليات الحفر في ذلك الحقل وعلى الرغم من وصولها إلى الغاز تواصل النزول بالعمق إلى المستوى المستهدف و البالغ 3980 مللي ثانية.
هذا الكشف سيكون بمثابة دفعة كبيرة لمصر التي شهدت انخفاضًا في إنتاجها من ذروة بلغت 7.2 مليار قدم مكعب حتى سبتمبر 2022، ثم إلى 6.5 مليار قدم مكعب بأرقام الربع الثالث2022.
وطبقًا لـ”وسائل إعلام أجنبيه” فإنه : “برغم أن الغاز شهد تطورًا ملحوظًا في مصر على نحو عالمي بعد الاستكشافات الكبرى، إلا أن التراجع الحاد في الحقول القديمة يمكن أن يعيق بشدة طموحات البلاد في زيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال في المستقبل”، فهل كشف “الملّا” لدوائر القرار العليا وللحكومة المصرية حقيقة ذلك الأمر؟
إلى ما سبق وكشفت مصادر مصريّة لـ”البلاغ” هي على اتصال فني وإداري فيما صرحت به أن: ” إنتاج مصر الآن من النفط 420 ألف برميل، بينما المُعلن هو 480 ألف” و قالت نفس المصادر:” أن كافة مساحيق التجميل في قطاع البترول لن يمكنها إخفاء الحقيقة أكثر من ذلك”.
وأضافت المصادر: “أن انتاج مصر قبل 12 عام وصل إلى 750 ألف برميل، ولو كانت مصر حافظت على ذلك الرقم إلى الآن لكانت مصر في مكان آخر الآن، لم يكن للبلاد معه أن تكون في أزمتها الاقتصادية”.
وزارة الملًا متهمة بأنها تقدم أرقامًا مغلوطة لدوائر القرار في الدولة، فالوزارة تعلن أنها صدّرت غاز بـ12 مليار دولار إلى الأسواق الخارجية، بينما لم تذكر حجم استيراد مصر من خام “المازوت” خلال نفس المدّة، المصادر تقول: ” اننا استوردنا مازوت بما يزيد عن 11 مليار و 400 مليون دولار،
والفرق بين رقم التصدير ورقم الاستيراد، لا يتناسب مع ما ستفقده مصر من حوافز بيئية، تحصل عليها من الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية في شكل منح وقروض ميسرة لتشجيعها على التوسع في استخدام الوقود النظيف، الردّة في التشغيل لمحطاتنا الكهرابائية من الغاز إلى المازوت، ستخلف عواقب وخيمة”.
عبده مغربي