محمد سعد خطاب يقض مضاجع الفساد من جديد في مصر
من كتابي تحت الطبع، عن ثعالب عصر مبارك، الذين عاثوا فى البلاد فسادا، تحت ظل عدد من مراكز النفوذ الكبرى فى بطانة الرئيس الراحل حسني مبارك وعائلته، أفردت فصلا كاملا عن شاب فقير لم يسمع به أحد وقتها، اسمه م فرحان، صاحب السيارة 127 الذى ظهر فى آوائل التسعينات فى نادى الجزيرة بوسامته التي ألهبت «الهوانم»، وكانت مصدر الخير عليه فاستطاع من خلالهن أن يبني شبكة علاقات قوية وصلت إلى نجلى الرئيس مبارك بعد أن ألحق ابنه بالمدرسة الأمريكية خصيصَا ليكون زميلا لنجل علاء مبارك، وقد كانت هذه فكرة واحدة من تلك الهوانم التي صعدت بالفتى إلى سدة النخبة وقتها، وكانت حريصة على ان يظل معها نكاية في الإخريات، فقدمت له الفرصة تلو الإخري في سبيل أن يبقى لها ومعها خارج وداخل أسوار النادي العريق
تحول بعدها “فرحان” إلى وجه مألوف فى سهرات الكبار الليلية ممسكا بإحدى يدية كأس الويسكي الثمين وفي الإخرى بين أصابعه سيجاره الكوبى الفاخر الذي لا يشعله أبدًا، وقد استبدل سيارته البائسة بسيارة أحدث موديل ماركة جاجوار كان سعرها وقتها 5 ملايين جنيه آواخر التسعينات، من يومها أصبح هذا الفتي يلقب فى تلك الأوساط بـ »الطفل المعجرة».
فى ذلك الوقت تشعبت خدمات فرحات مع كل من حسين سالم ونجله خالد ونجيب ساويرس وأغلب مجتمع رجال الأعمال المجاورين أو المقربين من مبارك، بينهم بالطبع ياسين منصور، فضلا عن صداقته بنجل مدير مخابرات دولة عربية شقيقة.
إلى ما سبق وفي إطاره فقد ارتكب الفتى من الموبقات ما يشيب له شعر الطفل الصغير حينما أغوى ممثلة مشهورة كانت في ذلك الوقت زوجة مطرب شهير، وقدمها إلى رجل الأعمال صاحب أكبر توكيلات سيارات، ارتبط اسم هذا التوكيل باسمه، رجل الأعمال هذا هو صاحب أكبر وأغلى منتجع سكني يسكنه كبار القوم من وزراء ومسئولين ومشاهير كبار في السياسة والفن والإقتصاد، وهي الواقعة التي علم بها الزوج فقام بتطليقها في التو واللحظة، ورغم ما في هذه الواقعة من آلام وانتهاك لحرمة واستقرار أسرة، وتدمير لبنيانها إلا أنه لم يتوقف عن ظغيانة، كما ابليس يستمتع بتكرار الغواية، أغوى مجددًا نفس هذه الفنانة بعد الطلاق ومعها ابنة وزير سابق في نظام مبارك إلى مصاحبة نجل مسئول استخباراتي عربي شهير في جناح على نيل القاهرة وهي الواقعى التي رصدتها مباحث الآداب فتم ضبطهم سويًا بمن فيهم الطفل المعجزة، وأثبتت التحريات وقتها أن سيارة فيراري فخيمة أهداها نجل رجل الاستخبارات العربي إلى “م فرحان” قبيل ترتيب هذه السهرة التي انتهت نهاية مأساوية، ولولا نفوذ مدير مخابرات الدولة العربية لكان الجميع في السجن حتى الآن، وهي القضية التي وصلت تفاصيل منها إلى الصحف عن الفنانة الشهيرة التي ضبطت متلبسة بالدعارة فى فندق شهير على نيل القاهرة مع ابنه وزير بصحبة ثري عربي، و تناولت المعلومات تورط “فرحان” فى تسهيل مهمة الفنانة وابنه الوزير لأحضان نجل الثري العربي الشهير.. لكن بعد تدخل شخصية كبيرة جدا أغلق الملف، وتراجعت الصحف عن النشر بعد وصول معلومات واضحة للجميع بغلق القضية.
كنت قد أنهيت الكتاب للتو باعتباره شهادة على زمن فات، قبل أن أصدم بخبر اختيار الطفل المعجزة لمنصب غاية فى الأهمية فى شركة العاصمة الإدارية ومشروع برج العرب، بتعيينه في منصب هام بالشركة، بعد اختفائه قرابة 10 سنوات إثر سقوط مبارك، وتفضيله التنزه فى كازينوهات أوروبا حتى تهدأ الأمور.
إن الماضى السيء الذى كنا نظن أننا فرغنا منه بتحرير شهادة وفاته بأقلامنا يطل من جديد بملامح عابثة وغير مبررة، تشى بأن أحدا حول الرئيس لا يفتش فى ملفات وتاريخ تلك الشخصيات التى يجرى استعادتها أو استدعاؤها من الأرفف العفنة للتصدر والتربح وتشويه الصورة من جديد، رغم جهد الرئيس السيسى الملموس فى تطهير دولاب الدولة فعليا من كل شائبة.
إن ما فعله الرئيس السيسي فى دياب وأمثاله فى ملف التعديات على أراضى الدولة خلال الساعات الماضية بهدم مساحات واسعة من قصره في منيل شيحة، لهو خير دليل على رغبة الرجل في اجتثاث الفساد، لكن نفرًا حول الرئيس أو حول من هو حول الرئيس يصر على الإساءة إلى صورة الدولة بإعادة مثل هذه الوجوه العفنة إلى صدارة المشهد من جديد رغم ما في السجل الأسود لهولاء من انحرافات كافية لأن تهدم بنيان الثقة الذي بناه ويحرص عليه نظام الرئيس.
إننا نكتب إلى أجهزة الدولة أن تفتش فى اقتراحات بعض المسؤولين السابقين التى انطوت على مجاملات خاصة كتلك التى جاءت بالمدعو فرحان بتزكية من وزير الاستثمار الأسبق الذي يشترك معه في شركة خاصة نظمت حفلة ضخمة في موسكو أثناء فعالية رياضية شهيرة، فصورة النظام ومصداقيته لدي رجل الشارع مسئوليتها، ونظن أنها حريصة عليها.