حصلت على مشروعات بمليارات الجنيهات من وزارتي الإسكان والنقل.. وضُبطتْ بانحراف واحد قيمته ثلاثة أرباع مليار جنيه في وزارة المالية.. ولا أحد يتكلم
في أقل من ثلاث سنوات حققت أرباح بمليارت الجنيهات عن مشروعات حصلت عليها من الدولة المصرية وتتجه الآن للخروج بها إلى خارج البلاد
حصلت على تمويل قيمته مليار و800 مليون جنيه من بنكي “الأهلي” و”قطر الوطني” بضمانة من شركة حجم أعمالها لا يزيد عن 9 ملايين جنيه
شائعات عن مسئول كبير في هيئة المجتمعات العمرانية موعود بمنصب وزاري لقاء تسهيلات داخل الهيئة ومقربون يزعمون صلة لها بـ”الوزير” المهم في الحكومة.
في الوقت الذي تشهد فيه البلاد العديد من المخاطر الاقتصادية التي تهدد النظام الاقتصادي للدولة، وباتت تؤثر على حياة المواطنين في مصر بشكل مؤلم، تكشف معلومات في غاية الخطورة عن واحدة من كبريات الشركات الخاصة التي تحقق أرباحًا هائلة من العمل في مشروعات الدولة، إمعانها في الحصول على مليارات البنوك بالتدليس والتهرب من الضرائب، بمبالغ تقترب من ثلاثة أرباع المليار جنيه، مستعينة في ذلك كلّه بقوى نافذة داخل النظام.
إلى ذلك.. ويكشف موظفون في مصلحة الضرائب المصرية أن التهرب الضريبي أصبح ظاهرة واضحة بين الشركات الخاصة -المسنودة- التي تعمل في مشروعات الدولة، مع ما يسببه ذلك خسائر فادحة للخزانة العامة، بشكل يُفاقم المشاكل الاقتصادية التي تواجهها البلاد الآن.
وفي الشركة التي وصلتنا مستندات خطيرة بشأنها تشكف مستوى الإنحراف غير المسبوق لتجنب دفع الأموال المستحقة عليها للخزانة العامة، وجدنا أن ما وصلنا من مستندات وبيانات وأرقام عن شركة “كونكريت بلس” يتسق مع ما يؤكده موظفون في مصلحة الصرائب الوصرية حول تهرب شركات كبرى من سداد التزاماتها الضريبية.. الوضع على هكذا صورة يُعَدُ تجاوزًا خطيرًا في حق البلاد، وهو ما يتطلب تدخّلًا فوريًا من المؤسسات الرقابية، مصر لا تحتمل مثل هذه الخروقات، تحديدًا في هذا الظرف الحساس الذي يمر به اقتصاد البلاد.
إلى التفاصيل:
العام 2019 كان بداية الإنطلاق عندما حصلت كونكريت بلس، على عقد في حدود 200 مليون جنيه، وهو أكبر عقد حصلت عليه منذ تأسيسها، وكان لأعمال في مشروع فيلات مثلث الماسة بالعاصمة الإدارية، ثم وبقُدرة قادر وبعد ثلاث سنوات فقط تقفز إلى عنان السماء، البنوك فتحت لها الأبواب عليها مصراعيها تغرف منها ما تشاء بالمليارت، وزارة النقل تُسند لها عددًا من أهم مشروعاتها في الطرق والكباري وفي السكك الحديدية، وبالتوازي فتحت لها هيئة المجتمعات العمرانية الأبواب بطريقة ملفتة للأنظار، جعلت الشركات الكبرى في السوق تتساءل عن السر..!
وفقًا لتصريحات المهندس حسام فكرى المدير العام لشركة كونكريت بلس، نشرتها الصحف في 25 نوفمبر 2021 فقد توقّع: ” الوصول بحجم تعاقدات “كونكريت بلس” إلى 30 مليار جنيه خلال العام 2022 من خلال الدخول فى قطاعات جديدة منها «النقل» كعنصر أساسى”، نصّا كما نقلت على لسانه الصحف.
يمكن الإطلاع على تصريحاته في هذا الرابط
«كونكريت» تستهدف الوصول بحجم مشروعاتها إلى 30 مليار جنيه خلال 2022
المثير فيما سبق أن الشركة التي حققت قفزات ضخمة في أرباحها من العمل في مشروعات الدولة المصرية، تُخطط الآن للذهاب بتلك الأرباح إلى خارج البلاد في السعودية وسلطنة عمان، وأوغندا، إذ كشف طارق يوسف الرئيس التنفيذي للشركة في تصريح له نشرته جريدة الشروق عن دخول كونكريت بلس إلى السوق السعودية من خلال تأسيس شركة للإنشاءات تعتزم حاليا تنفيذ مشروعين فى مجال الإسكان هناك.
اضغط هنا للإطلاع على تصريحاته في هذا الرابط
بوابة علي بابا التي فُتحت على مصراعيها لـ”كونكريت بلس”
في “وزارة النقل”و “هيئة المجتمعات العمرانية”
يعلم كثيرون حجم الشائعات التي يتم ترديدها في عالم البيزنس، من أن “الشركة الفُلانية” هي الذراع الإقتصادية لـ”الوزير” فُلان وأن “الوزير”الفٌلاني شريك بالنسبة الأكبر في هذا المصنع الذي يقوم بتوريد انتاجه للأعمال التي تقوم بها وزارته، وهي شائعات كثيرًا ما تنشط مع القفزات المالية والكبيرة لبعض الشركات -و الأشخاص- في سنوات قليلة، بشكل لا يتناسب وقدراتهم المالية، لذلك يقولون أن ثرواتهم ليست لهم كلّها، إنّما هي لـ”الوزير” فلان، أو للمسئول فلان.. مثل هذه الأقوال لا نركن إليها في الصحافة الاستقصائية، بلا ولا نُصدّقها.. فقط نركن إلى المستندات والأوراق.
شركة “كونكريت بلس” التي تأسست برأس مال مقداره 60 ألف جنيه فقط، تمت زيادته بالطبع في أوقات لاحقة، قامت فجأة بتدشين مصنع ضخم لصناعة فلنكات القطارات، تقول الشركة على صفحتها الرسمية إن: ” قطاع النقل والمواصلات هو المفتاح الرئيسي للنمو الاقتصادي في مصر، لربطُه بين الأسواق الإنتاجية والاستهلاكية معًا. يشرفنا أن نكون جزءًا من إنجازات مصر العظيمة في هذا القطاع، وذلك بفضل سمعتنا المتميزة في إدارة المشاريع والشراكات الهادفة”.
ومن ذلك فقد توسّعت الشركة بشكل ضخم في مجالات الطرق والكباري، فموقعها الرسمي على الإنترنت يشير إلى أنهم فخورون بإنجاز بعضًا من أهم مشاريع البنية التحتية في مصر وفقًا لمعايير عالمية.. يقولون: ” نؤمن في كونكريت بلس أن البنية التحتية يمكنها أن تغيّر المجتمعات، وبفضل التخطيط الدقيق ومهاراتنا التنظيمية، قمنا بتحقيق نجاحات ضخمة وملموسة في هذا القطاع”،
وفي قطاع الطرق والكباري جاء على موقع الشركة: “يمثل كل موقع جديد تحديًا جديدًا، ولذلك تتميّز مشاريع الجسور والطرق بكوّنها حلقة الوصل الفارقة. يواجه فريقنا هذه التحديات بطريقة مبتكرة تضيف إليها قيمة حقيقية، من خلال إبتكار طرق جديدة للحد من الاضطرابات البيئية أثناء بناء هياكل فعّالة ودائمة”.
وعلى ذلك يُشير موقعهم على شبكة الإنترنت إلى تنفيذهم الكباري “5 – 6- 7” على الطريق ما بين مدينة الحمام والساحل الشمالي، إضافة إلى مشروعات أخرى كثيرة في مجالات السكك الحديدية والطرق والكباري، فضلًا عن حصولهم على مشروع أعمال البنية التحتية في ميناء السخنة بقيمة تقترب من المليار جنيه.
ومن ذلك تنفيذهم أعمال المحطات الأهم على شريط القطار الكهربائي السريع، مثل “محطة محمد نجيب” و “محطة العاصمة الإدارية 3 (الكاتدرائية)”، و “محطة مرسى مطروح” و “مشروع تجديد سكة حديد الدلتا”، و”تنفيذ شبكة البنى التحتية للطرق المحيطة بالمنطقة السكنية R4 و R6 و CBD2” و “محور بن زايد الجنوبي” بالعاصمة الإدارية.
أيضًا “مشروع مزارين في مدينة العلمين الجديدة” بقيمة 13 مليار جنيه، كذلك مشروع الـ”مجمع سكني مارينا 3″ بقمة مليار و 200 مليون، و مشروع “جاردن سيتي الجديدة – العاصمة الجديدة – R5” بقيمة مليار و 800 مليون جنيه، و “أعمال التنسيق لموقع “صواري” – Core & Shell” بالإسكندرية، ومشروع مدينة المنصورة الجديدة، والعديد من المشروعات الأخرى التي يطول البيان في ذكرها، حصلت عليها من هيئة المجتمعات العمرانية.
“كونكريت بلس” ترتكب ثاني أكبر جريمة بعد الخيانة العظمى في مصر.. من يحميها؟!
الأوراق التي طالعتها جريدة البلاغ واطمأنت لسلامتها تقول أن شركة كونكريت بلس تهربت من الضرائب بأرقام فلكية، بلغ ما أمكن تقديره منها حوالي 750 مليون جنيه، فقط في السنوات الثلاث الماضية، يحدث ذلك لأن شركة “كونكريت بلس” التي استحوذت على الحصة الغالبة في شركة “إم تي” لا تُقرّ بالحجم الفعلي لأعمال الأخيرة معها أمام مصلحة الضرائب، خاصة إذا علمنا أن مستخلصات الأعمال بين الشركتين بأرقام مرعبة وصلت في عقدين فقط إلى 140 مليون جنيه، نفس الأمر حدث في شركة “بمكو” التي استحوذت عليها أيضًا “كونكريت بلس” بنفس الطريقة، ولم تقم فيهما باثبات حجم الأعمال الفعلي.
وعلى ذلك فإذا علمنا أن هيئة المجتمعات العمرانية تعتمد سعر تكلفة لكل بند في مستخلصات الأعمال التي تنفذها الشركات المتعاقدة معها على طريقتين، الأولى:- بزيادة 19% عن السعر المعتمد للتكلفة، إذا كانت الشركة المتعاقدة تنفّذ الأعمال بذاتها أو بشركة من شركاتها الشقيقة، والثاني:- بزيادة 35% عن تكلفة البند إذا كانت الشركة المتعاقدة تنفذ الأعمال من خلال مقاولين من الباطن.
وعلى ذلك فنحن بحاجة إلى مثال صغير للتوضيح، بمراجعة أوراق ومستخلصات شركة كونكريت بلس مع هيئة المجتمعات العمرانية، سنقتصر فقط على دراسة بند صغير، وهو بند الخرسانة المسلحة بالألياف الزجاجية (g-r-c) في مشرع (R5) بالعاصمة الإدارية، وهنا يحقّ لنا أن نسأل: هل تم اعتماد الطريقة الثانية لشركة كونكريت بلس، بزيادة 35% عن بند التكلفة الفعلي، أم بالطريقة الأولى بزيادة 19% فقط عن التكلفة المعتمدة؟ ذلك أن الفرق بين الطريقتين يزيد عن 25 مليون جنيه في بند واحد فقط، فكيف ببقية البنود في هذا المشروع، وهو واحد من عدة مشروعات حصلت عليها “كونكريت بلس” من الهيئة، خاصة إذا علمنا أن نسبة كبيرة جدًا من “الخرسانة المسلحة بالألياف الزجاجية” نفذتها شركة “إم تي ” المملوكة لـ”كونكريت بلس” وأن السبب في عملية الاستحواذ على “إم تي” هو اختصاصها بهذا النشاط.
وعليه فإننا نتساءل هنا عن حجم البنود التي نفذتها شركة “كونكريت بلس” بذاتها أو بشركاتها الشقيقة “إم تي” أو”بمكو”، كذلك و حجم البنود التي نفذتها مع مقاولين من الباطن من غير شركاتها الشقيقة في هذا المشروع أو في غيره من المشروعات الأخرى التي حصلت عليها “كونكريت بلس” من هيئة المجتمعات العمرانية، وهي مشروعات بالمليارات سبق ذكر بعضها في صدر هذا التحقيق الاستقصائي؟!
الإجابة على هذه الأسئلة ضرورية لفهم الطريقة التي تعل بها شركة “كونكريت بلس” مع وزارتي النقل والإسكان.
مما سبق يمكن فهم السر والرغبة الجامحة في عملية استحواذ شركة “كونكريت بلس” على شركات الباطن، والسيطرة عليها كما حدث في شركتي “بمكو” و “إم تي” واسناد بعض أعمالها إليها، لكن يتبقى؛ هل تمت المحاسبة عليها باعتبارها شركات شقيقة، أم شركات من الباطن، المؤكد لدينا أن كثيرًا من الأعمال قامت بها شركات شقيقة لـ”كونكريت بلس”.
على أنّ قيّام شركة يصل حجم أعمالها إلى عشرات المليارات من الجنيهات بإدخال الغش والتدليس على مصلحة الضرائب المصرية، يجعلنا نلقي بأطنان من الشكوك على مجمل أعمالها، وفي الطريقة التي تتم بها عمليات الإسناد، وعمليات تسوية المستخلصات، وطريقتها في التعامل مع مؤسسات الدولة والبنوك.وهنا نعتقد بأنه على وزير الإسكان عاصم الجزار ومن قبله الفريق كامل الوزيري توضيح طريقة عمل هذه الشركة في وزارتيهما.
كيف تتهرب “كونكريت بلس” من سداد التزاماتها الضريبية؟
على سبيل المثال لا الحصر ووفق ما توافر لنا من مستندات فإن شركة “إم تي” التي استحوذت عليها “كونكريت بلس” قدّمت إقرارًا ضريبيًا إلى مصلحة الضرائب لسنة 2020 بإجمالي أعمال قيمتها مليون و 200 ألف جنيه فقط، وخسائر 523 ألف، ليتأكد لنا أن هذا الإقرار مزوّر في أصله، ذلك أن الثابت في هذا الإقرار أنه جاء خاليًا من إجمالي الأعمال المثبتة بالعقود بين “إم تي” و “كونكريت بلس” وهي بعدّة ملايين من الجنيهات، تحت يدنا عقدين فقط قيمتهما تزيد عن 140 مليون جنيه في عام واحد.
وفي وقت اطلعنا فيه على ورقة واحدة من كشف حساب بنكي واحد من حسابات شركة “إم تي” –تحت يدنا صورة منها- لحسابها في بنك “سي آي بي”.. وردت بها تحويلات تزيد عن 11 مليون جنيه، نسأل؛ كيف دخلت أكثر من 11 مليون جنيه إلى حساب واحد من حسابات الشركة التي أعلنت في إقرارها الضريبي إن إجمالي حجم أعمالها عن هذه السنة هو مليون و200 ألف جنيه فقط؟! هذا السؤال موّجّه إلى مصلحة الضرائب.
في الولايات المتحدة الأمريكية، يُعَدّ التهرب الضريبي ثاني أخطر الجرائم بعد الخيانة العظمى، لكن عددًا من الشركات الكبيرة في مصر يعتبرونه “شطارة”، والدخول في هذا الملف يتطّلب دقّة كبيرة في فحص المستندات والأوراق، التي تقوم بعض الشركات بتقديمها إلى مصلحة الضرائب، مقارنة بمثيلاتها من تلك التي تظهر في البنوك، أو تلك التي تتم في المعاملات بين الشركاء
انحرافات بقيمة مليار و 800 مليون جنيه لشركة “كونكريت بلس” تورطت فيها بنوك مصرية
الأكثر خطورة مما سبق أنّ شركة “كونكريت بلس” قدّمت طلبًا إلى بنكي “الأهلي” و “قطر الوطني” للحصول على قرض قيمته مليار و 800 مليون جنيه- حصلت عليه بالفعل- وقدّمت معه أوراقًا لشركة “بمكو” كضامنة لما قيمته 24% من إجمالي قيمة ذلك القرض، يعني أنّ الشركة التي لم يزد حجم أعمالها-وفق الإقرار الضريبي- عن 9 ملايين جنيه، ضمنت مبلغًا قيمته 432 مليون جنيه، وهنا يحق لنا وللجهات الرقابية أن تسأل عن الشكل الذي تم به إقرار هذا القرض؟!
هذا وتعتزم شركة كونكريت بلس للهندسة والإنشاءات، إنشاء مصنع لإطارات السيارات في مصر باستثمارات تصل مليار يورو، بحسب ما قاله الرئيس التنفيذي للشركة طارق يوسف في مقابلة مع CNBC عربية، وقد أعلنت الشركة أنها تدشن أول مصنع لانتاج إطارات السيارات في مصر بتمويل من عدة بنوك.
وفي محاولة منها لترتيب أوراقها، قامت “كونكريت بلس” بإنشاء شركة اُخرى تحمل نفس إسم شركتها “إم تي” التي استحوذت عليها من شركائها الذين اختلفت مع أحدهم، وأسمتها “إم تي كونستركشن بلس”. يبدو أن ذلك إنما جاء بهدف ترتيب الأوراق داخل البنوك، بالاضافة إلى هدف آخر داخل هيئة المجتمعات العمرانية، التي تقول مصادر فيها إن الإطار المحاسبي لمستخلصات وعقود “كونكريت بلس” يجب أن يخضع للمراجعة في كافة مشروعاتها مع الهيئة، فلا يجب أن تقف الشائعات التي يرددها مقربون من الشركة بأنها تخضع لحماية من “وزير” مهم في الدولة ضد مراجعة ملفاتها في هيئة المجتمعات العمرانية أو في وزارة النقل، ومن ثم فإن القول بأن مسئولًا كبيرًا في هيئة المجتمعات العمرانية مرشّحًا لتولي حقيبة وزارية مقابل تسهيله مصالح “كونكريت بلس” هو قول يمكن دحضه بفتح ملفات هذه الشركة، والتحقيق فيما ورد بها من معلومات، بأنها ليستْ فوق القانون.
أيضًا -ووفق ما تحت يدنا من أوراق- فإن شركة “كونكريت بلس” استأجرت مصنعًا لـ”grc” بالكامل من دون الإفصاح عنه في الإقرارات الضريبية المقدّمة لمصلحة الضرائب، بم يعني أن المصنع موجود ويعمل على أرض الواقع، لكن لا وجود له على الإطلاق في الدفاتر، وهو انحراف بلغ مداه من القوة أن مسئولًا واحدًا في الدولة لم يفتح فمه، خاصة إذا علمنا أن هذه الانحرافات الخطيرة لم تخرج إلى السطح إلا بعد خلاف على توزيع الأسهم بين الشركاء في شركتي “بمكو” و ” إم تي” اللتين استحوذت عليهما شركة “كونكريت” بلس”، عندما خفّضً طارق يوسف أسهم طارق الزرقا في الشركتين، بل إن طارق يوسف في سبيل إبعاد شريكه عن كل ما يدور في شركة “إم تي” خرج بها من مقرها القديم في حي الدقّيْ إلى مقر آخر جديد بالمخالفة للمادة 155 من القانون 159 لسنة 1981، دون إخطار هيئة الاستثمار بالمقر الجديد، حتى أن الهيئة في تقرير لها –تحت يدنا صورة منه- أكدت بطلان الجمعية العمومية التي تقدّمت بها الشركة من داخل المقر الجديد.
ولنا أن نعلم، أنّ هذا الخلاف انتهي إلى صدور أحكام بالحبس ضد طارق الزرقا جعلته مهددًا في حريته، بعدما رفضت الإدارة الجديدة في “بمكو” سداد شيكات مستحقّة على الشركة وليست على الزرقا بشخصه، ليصبح طارق الزرقا مشتتًا في المحاكم، للدفاع عن نفسه أمامها، بأن هذه الشيكات صادرة بصفته الوظيفية في الشركة، لا بصفته الشخصية، وهي مستحقّة على الشركة لا عليه هو شخصيًّا، حدث ذلك حتى لا يقوى “الزرقا”على المطالبة بحقوقه أمام المُلّاك الجدد. خاصة في ظل رفض “الزرقا” –بحسب المعلومات- التوقيع على أوراق قرض المليار و 800 مليون جنيه، فكان أن تم تغيير توزيع الأسهم، ونقل عنوان الشركة من مقرها في الدقي، إلى مقر شركة “كونكريت بلس” في القاهرة الجديدة، وهو القرار الذي رفضته هيئة الاستثمار ورفضت الاعتراف بأوراق الجمعية العمومية بتاريخ 12 اكتوبر 2022 والتي دعت لها “كونكريت بلس”.
القضية جدًا خطيرة إذ تتشعب فيها الإنحرافات داخل عدد من البنوك الأكبر في البلاد، وداخل وزارات وهيئات اقتصادية مملوكة للدولة، أهمها وزارة النقل وهيئة المجتمعات العمرانية، وفي الحلقة القادمة سنكشف تفصيلًا استعدادات “كونكريت بلس” التي بدأت برأس مال قدره فقط 60 ألف جنيه لنقل بعض استثماراتها وهي بالمليارات إلى دول خارجية.