في هذه اللحظة التي أكتب لكم فيها هذه الكلمات، يقضي السيد الشريف وكيل مجلس النواب نقيب الأشراف في نفس الوقت، ساعاته متنقلُا بين فئتين من مكونات الجمهور القنائي في المحافظة التي تبعد 630 كيلومترًا عن العاصمة القاهرة، الفئة الأولى هي فئة قبائل الأشرااف التقليدية المتعارف على مكونها الإجتماعي والجغرافي منذ قرون، وفئة أخرى انضمت إلى نقابته ومنحها كارنيهات يعترف لهم فيها بأنهم من النسب الشريف وينتسبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والفئة الأولى لا تعترف بصحة نسب البعض من الفئة الثانية، وهذه ليست قضيتنا.
قضيتنا هنا أن السيد الشريف نقيب الأشراف خلق جوًا من الصراع بين الفئتين بعضهما البعض، وبينهما وبين باقي مكونات الشعب القنائي الأخرى، فوكيل مجلس النواب دخل مدينة قنا كنقيب للأشراف متنقلًا بين الصفتين، بحسب الحالة والدور، وظهر ذلك جليًا وهو يشارك كنجم للحفل في المناسبة التي اقيمت بمناسبة المولد النبوى بعد شهر من الموعد الرسمى لها في باحة مسجد السيد عبد الرحيم القنائي، وهي باحة تديرها وتشرف عليها فئة الأشراف التقليدية،ثم في اليوم التالي حضر حفلاً بنفس هذه المناسبة – الإحتفال بالمولد النبوي- في قاعة ألف ليلة وليلة التي تنظمها وتشرف عليها، الفئة الثانية، فئة ما يسمى بالمجلس الأعلى للأشراف الجعافرة، وبين الفئتين حالة من الصراع حول من يحق له إدارة ملف اللجنة الفرعية لنقابة الأشراف في المحافظة، فما كان من السيد الشريف إلا أن شكل لجنة أخرى إلى جوار اللجنة القديمة، وهذه ليست قضيتنا أيضًا.
القضية أن الإحتفال بالمولد النبوي متعارف عليه في شهر ربيع الأول، وأن استحضار مناسبة دينية، للتوفيق بين الفئتين، عمل جميل يدخل في صميم عمل نقيب الأشراف، لكن الذي حصل أن كل فئة اختارت يومها، الأولى اختاراته أن يكون موعده بالأمس، والثانية اختاراته اليوم، لكن هل كان بالفعلا احتفالًا بالنبي؟ للإحابة عن هذا السؤال تعالوا نتأمل المشهد.
نقيب الأشراف يتحرك وإلى جواره رئيس حزب مستقبل وطن القيادي الشاب أشرف رشاد، وحولهما يتحرك ويتقرب كل طامح وطامع ومتطلع ومشتاق، وبدا الأمر كما لو كان بورصة
أعرف أنه يمارس السياسة كسياسي لا كزعيم روحي لفئة من المصريين، فالسياسة لا تعرف العواطف، ورجالها لا يؤمنون بما يؤمن به الدراويش، السياسة يهمها خلق كتل شعبية موحدة ومؤيدة يتم توجيهها وقت الضرورة للهدف المنشود، والرجل من موقعه كنقيب للأشراف حصد موقعه كنائب في البرلمان، ثم موقعه كوكيل لمجسل النواب، ليس لأنه ينتمي لمكوّن حزبي، كما شريكه في المجلس سليمان وهدان الذي حصل على الموقع بصفته الحزبية كقيادي في حزب الوفد، أما نقيب الأشراف فإنه وصل إلى ما وصل إليه بصفته الروحية التي بلا روح للأسف.
قنا مثلما أسوان وسوهاج، مكونها الشعبي روحي الهوى، يحبون آل البيت سواء انتهوا اليهم في النسب أو لم ينتهوا، لكن السيد نقيب الأشراف وهو يخلط الدين بالسياسة، ويحولها إلى ملعب عرفي ت
وبالتالي فإن كتلة ما يسمى بالمجلس الأعلى للأشراف الجعافرة، والتي تنظم ساعة كتابة هذه السطور احتفالا آخر بالمولد النبوى الشريف في قاعة الف ليلة وليلة، بعد احتفال كتلة الأشراف التقليدية بالأمس في ساحة مسجد السيد عبد الرحيم القنائي، يأتي في إطار فكرة التجييش أو الحشد، وتصدير صورة لمراكز القرار في القاهرة بأن الأشراف تجتمع على “رشاد” و “الشريف”.
حينما كان نائب قبيلة الأشراف الحالي في مجلس النواب عبد السلام الشيخ يصارع زعامات قبيلته في الدائرة الثانية بقنا أمثال الدكتور محمود مصطفي بهدف الوصول إلى القبة، في معركة استمرت عقدين ونيف من الزمن، حاول فيها الشيخ بكل السبل أن ينتصر، وفشل، كان الطفل أشرف رشاد في المرحلة الإعدادية من التعليم الأساسي، إذ كان “الشيخ” زعيم العائلة التي ينتمي إليها الطفل الصغير، الآن نفوذ الطفل يفوق بمراحل بعيدة نفوذ الشيخ، وإن تجاورا في الجلوس على نفس المقاعد تحت القبة.
الآن وقد تبدل الحال غير الحال، ” وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ”، أصبح الطفل زعيم زعماء قبائل الأشراف في قنا، ليس لأن قبائل الأشراف اختارته زعيمًا عليهم، بل لأن القاهرة أرادت، فانصاع الجميع، الآن الكل يخطب ودّ أشرف رشاد، والكل يتقرب إليه، والكل كل الكل يدور في فلكه، إلا عمّه عبد السلام الشيخ ونفر قليل ممن لا يبتغون الفضل إلا من الله.
إنها الصدفة التي صنعت من الطفل المحظوظ زعيم سياسي، ليس لأنه مارس وتمرّس على العمال السياسي وتدّرج فيه كما عمّه عبد السلام الشيخ، ولكن لأن القدر أراد، ولا حرج على فضل الله “أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا” صدق الله العظيم.
الآن الطفل لم يعد طفلا، صار أصغر نيابي في التاريخ الحديث، يترأس واحدة من أهم لجان مجلس النواب المصري، لجنة الشباب والرياضة، كما صار رئيسًا لحزب مستقبل وطن، حزب الأغلبية في مجلس النواب، لم يفرح الصدفة ويكتفي بها، بل جد واجتهد، وواصل الليل بالنهار، لكي يحظى باستمرار ثقة من منحوه هذه الثقة، ويحتفظ ويحافظ علي وصل اليه.
في هذه اللحظة التي يتم فيها كتابة هذه السطورتبحث دوائر القرار في القاهرة الإبقاء على أشرف رشاد رئيسًا لحزبه، أو استبداله بغيره، وفي نفس هذه اللحظة أيضاَ يحاول النائب أشرف رشاد مع السيد الشريف نقيب الأشراف بناء تصّور في وجدان مؤسسات الدولة أن “رشاد” و “الشريف” هما أعمدة الإستقرار المجتمعي في أوساط قبائل الأشراف ممن ينتمون للنسب المحمدي في سوهاج وقنا وأسوان، وهي محاولة يقول فيها لسان حال النائب عبد السلام الشيخ أنه لا يوافق عليها ولا يدعمها خاصة بعدمت تغيب بعمدٍ عن فعالية الإحتفال بالمولد النبوى التي تنظمها كتلة الأشراف التاريخية المتعارف عليها، والظاهر فيها أن كتلة الأشراف التقليدية لا تقبل بزيارة النقيب ورشاد لكتلة الأشراف الجعافرة التي يعتقد القدامى أن بعضهم وليس كلهم قد دخل إلى النسب الشريف بمشجرات أنساب مزورة.
السياسة لا تعرف العواطف، ورجالها لا يؤمنون بما يؤمن به الدراويش، السياسة يهمها خلق كتل شعبية موحدة ومؤيدة يتم توجيهها وقد الضرورة للهدف المنشود، وبالتالي فإن كتلة ما يسمى بالمجلس الأعلى للأشراف الجعافرة، والتي تنظم ساعة كتابة هذه السطور احتفالا آخر بالمولد النبوى الشريف في قاعة الف ليلة وليلة، بعد احتفال كتلة الأشراف التقليدية بالأمس في ساحة مسجد السيد عبد الرحيم القنائي، يأتي في إطار فكرة التجييش أو الحشد، وتصدير صورة لمراكز القرار في القاهرة بأن الأشراف تجتمع على “رشاد” و “الشريف”.
نشأت فتحي رسلان رئيس ما يسمى بالمجلس الأعلى للأشراف الجعافرة في قنا، هو مدرس في التربية والتعليم، يحظى بقبول وافر في أوساط الأشراف المقيدون حديثًا في نقابة الأشراف، أسس له نقيب الأشراف لجنة فرعية باسم الأشراف الجعافرة، إلى جوار لجنة الأشراف التقليدية التي يتقلد رئاستها عضو مجلس الشعب السابق رفاعي عبد الوهاب، لكن هذه اللجنة أثارت جدلًا عن الأشراف التقليديين، فقيل أن النقيب ألغاها، واكتفى بأن تكون لجنة رفاعي عبد الوهاب هي الكيان الرسمي والوحيد المعبر عن قبائل أشراف قنا، ربما لهذا ظهر في الوجود هذا الكيان الجديد الذي يٌعرف بالمجلس الأعلى للأشراف الجعافة ولم تتحقق بعد “الشارع القنائي” عن صفته وشكله القانوني.
يحتفلون بالنبي بعد مرورشهر من التاريخ الرسمي للذكرى العطرة، ما دعى البعض لأن يعبر عن انزعاجه من استغلال المناسبات الدينية في الترويج السياسي، لشخص النقيب وشخص الزعيم الشاب، حتى أن النقيب لم يسأل أو يزر صاحب الفضل الأول عليه في ربط صلته بأشراف قنا، الزعيم الشاب عصمت السمهودي، منظم وصاحب أو فعالية لنقيب الأشراف في قنا عام 2008، قبلها لم يكن لنسيد الشريف أي تواصل في الشارع القنائي، بل إن كثير من قبائل الأشراف التاريخيين كانوا يرفضون الإعتراف بنقابة الأشراف نفسها، ويرفضون تسجيل أنفسهم بها، قبلها قال الحاج على الشريف يقول نحن من نعطيها الشرعية لا هي من تعطينا، الآن تبدل الحال غير الحال، والتف الجمع حول الرجل القادم لهم من القاهرة في عباءة نقيب الأشراف بينما هو في الأساس يرتدي ياقة السياسي.
الشارع القنائي تسأل السؤال الأخطر لنقيب الأشراف: ماذا فعلت لأشراف قنا كنقيب للأشراف؟وماذا فعلت لهم بعدما رفعوك لما انت عليه الآن بعد ما صرت وكيلاً لمجلس النواب، ولم يكن ليكون ذلك إلا لأنك نقيبًا للأشراف، ماذا فعلت غير ما فعلت لأهلك وأقاربك في سوهاج؟
أما النائب أشرف رشاد فللأمانة لا حق لأبناء قنا عليه، وفي القلب منهم أبناء الأشراف، فليس لصعوده السياسي أي دور منهم، الفتى صعد بساعده، لا بأصوات الأشراف، ولا بقاعدة شعبية له بناها في محيطكم، صعد بفكرة وبعد الفكرة كانت النظرّة، وبالنظرّة صعد.. وحصل المدد، مدد أهل القرار في القاهرة.. فلا لوم لكم عليه.