الأخوان كرارة كانا يعملان ضابطي شرطة عاديين ووالدهما مجرد مقاول عادي حجم أعماله ليس كبيرا، لكن فجأة خرج الأخوان علي المعاش وتسلما مسئولية أعمال الوالد، وبدءا الشغل الجد، من خلال شراء فيللات وقصور ممنوع هدمها واستعصي علي أصحابها الحصول علي “رخصة الهدم الذهبية”، وغالبا ما يضطرون الي بيعها بتراب الفلوس، و تعرف الأخوان علي الزعيم إبراهيم سليمان وزير الإسكان فراحت هذه التراخيص الذهبية تخرج من تحت الأرض في عمليات أشبه بالسحر الأسود، ومن لا يصدق يراجع قصة فيللا النقراشي التي هدمت، وكان من المستحيل هدمها طبقا للقانون، وما لا يهدم بالقانون يهدم بالسحر!
وبالطبع أزيلت الفيللات ونصبت بدلا منها أبراج هائلة، يقال إن عددا غير قليل من شخصيات ذات حيثية سكانية وسيادية قد أخذوا شققا فيها بأسعار مخفضة من باب التعاون في “حل” أزمة السكن المستعصية لهم!
ولم يقف الأمر عند هذا الحد لكنه تجاوزه الي عمليات أخري، فالرزق يحب الخفية وأراضي الدولة علي قفا من يشيل، فحصل الأخوان من شركتهما علي القطعة رقم 23 والتي تبلغ مساحتها 78 فدانا وتتميز بموقعها الفريد، وطبعا بتراب الفلوس150 جنيها للمتر، وهو ما يعني انهم اشتروا 3280 مترا بقيمة إجمالية بلغت 420 مليون جنيه، دفعوا منها 10% عند التعاقد (يعني 40 مليون جنيه)، ثم دفعوا 15% عند التسليم وخالفوا باقي اشتراطات التعاقد، ما يعني انهم سددوا ما يقرب من 25% فقط من الأرض التي يقترب سعر المتر فيها الآن من 6 آلاف جنيه..
وكما يقولون في الأمثال “البحر يحب الزيادة”، توسع الأخوان في شراء أرض الدولة وتسقيعها، ليس فقط في التجمع الخامس، ولكن في مناطق أخري، منها مارينا، بل أنهم حصلوا علي المبني الملحق بالمبني التجاري الخاص بمارينا واستخدموه مطعما بعد تجهيزه علي نفقة وزارة الإسكان ثم امتد نفوذهم الي المبني التجاري الرئيسي حيث تم تجهيزه وفرشه بقرار مباشر من وزير الإسكان السابق كفندق فايف ستارز علي نفقة الوزارة ثم تأجيره بأسعار مرتاحة ومريحة وتقدر تقول ببلاش كده لأصحاب شركة مكسيم المحظوظين الأخوان كرارة.
لكن لأسباب مجهولة سقط الأخوان في يد العدالة، ودخلا السجن في القضية رقم 1014 لسنة 2007 حصر أمن دولة عليا مدانين برشوة وإفساد موظفين عموميين في حي مصر الجديدة، وفي هذه القضية بالذات “فكت” الرقابة الادارية في تقريرها لغز تغول آل كرارة واحتفاظهم بالارض رغم مخالفاتهم الواضحة لشروط التعاقد، كما يفضح التقرير طبيعة القائمين علي كعكة اراضي وأملاك الدولة في مصر، حيث اكد تقرير الرقابة الإدارية في الصفحة الثانية من التحقيقات ان المتهمين دأبوا علي دفع مبالغ مالية وهدايا عينية علي سبيل الرشوة لبعض المسئولين ومهندسي التنظيم في احياء مصر الجديدة والنزهة ومدينة نصر، وجهازي القاهرة الجديدة والشروق للتغاضي عن المخالفات المرتكبة في شركاتهم والتغاضي عن سحب والغاء التخصيص للأراضي المخصصة لهم بالمدن الجديدة وانتهت مهلة البناء لها”!
محمد سعد خطاب
كاتب وصحافي مصري