“لا يمكن لوزارة الأوقاف أن تمنع مستأجري مزارعها في أرض “جناكليز والكروم” بمحافظة البحيرة أن يبيعوا إنتاجهم من العنب لمصنع الخمور الشهير بالمنطقة، لا يوجد في الاتفاق مع الوزارة ما يمنعهم من ذلك”.
بتلك العبارة أعلاه علّق أحد مستأجري مزارع العنب من هيئة الأوقاف المصرية في محافظة البحيرة على استنكار أحد المواطنين هناك من أن: ” أموال الوقف الإسلامي يتم استخدامها في انتاج الخمور، بالمخالفة للشريعة الإسلامية وعلى غير رغبة الواقفين الذين أوقفوها قديمًا فقط للإعمال الخيرية مثل تحفيظ القرآن أو بناء وترميم المساجد أو بناء المقابر لغير القادرين أو الصرف على الدعاة في نشاطاتهم الدعوية بالداخل والخارج”.
هذا النقاش الحاد بين شخصين حول عنب مزارع هيئة الأوقاف المصرية الذي يُستخدم في انتاج الخمور، قادنا في جريدة البلاغ إلى قضية أخطر تتعلق في طريقة إدارة هيئة الأوقاف المصرية لأموال الوقف الإسلامي، ليس في جانب استخدامها في غير الغرض المخصصة له، ولكن في جانب آخر يتعلق بعمليات منظمة داخل الهيئة تتم بطريقة احترافية لإهدار المال العام بنحو 14 مليون جنيه سنويًا في مزرعة “جناكليز والكروم” بمحافظة البحيرة، عبر مسؤولين كبار في الهيئة والوزارة تواطئوا مع منتجي العنب، ليس على استخدامه في انتاج النبيذ ببيعه إلى مصنع الخمور الشهير هناك، بل على خصم القيمة الإيجارية للفدان إلى النصف، ليس ذلك فحسب، بل وتأجيل سداد تلك القيمة عن مواعيدها المحددة لأكثر من عام وأحيانًا عامين، وثلاثة أعوام، ليكون هذا التأجيل هو ورقة الضغط من منتجي العنب على الهيئة في تجديد عقودهم لثلاث سنوات أخرى بنفس القيمة الإيجارية، وبدون مزاد علني كما سبق وطالب بذلك تكرارًا ومرارًا الجهاز المركزي للمحاسبات، لكنه لا أحد في الوزارة أو الهيئة يستجيب.
فضيحة.. تفاصيل عملية الإستيلاء على 4 مليارات جنيه في وزارة الأوقاف
وتمتلك هيئة الأوقاف المصرية مزرعة ضخمة بمساحة 2000 فدان في أجود أنواع الأراضي بمحافظة البحيرة تسمى “مزارع جناكليز والكروم”، وطلب الجهاز المركزي للمحاسبات في أكثر من تقرير سنوي بعرضها في مزاد علني كل 3 سنوات بحسب اللوائح والقوانين المنظمة، لكنها بمساعدة مسؤولين في الهيئة لم يجر عليها أي مزاد علني منذ 9 أعوام، ما أشاع حديثًا عن وجود شبهة تربح بين مسؤولين كبار في الهيئة وبين المستأجرين، تدور حول ذلك الفرق بين القيمة الإيجارية الحالية للفدان هناك، وبين ما يتم توريده فعليًا إلى الهيئة وفي غير مواعيده الرسمية، بفارق سنوي يصل إلى 14 مليون جنيه، ويزيد هذا الفارق إلى أضعافه إذا علمنا أن مزرعة “جناكليز والكروم” المملوكة لهيئة الأوقاف لم يجر عليها أي مزاد علني ويتم تجديد عقودها بنفس الطريقة منذ 9 سنوات.
المعلومات التي لدينا تقول أن سمير السقّا رئيس الشؤون الزراعية بهيئة الأوقاف يرتبط بعلاقة قوية مع وزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة، هذه العلاقة نسج خيوطها ودعّمها اثنان من أهم رجال مختار جمعة في وزارة الأوقاف، الأول هو محمود الزيّات رئيس الشئون المالية بالهيئة الذي خرج إلى المعاش، لكن وزير الأوقاف عيّنه في منصب كبير في ديوان عام الوزارة بدرجة مستشار الوزير لشئون شركة المجموعة الوطنية لاستثمارات الأوقاف، ليبقى دائمًا إلى جانب الوزير، والثاني هو المهندس إبراهيم القصاص، وكيل الوزارة لشئون الملكية الزراعية بالهيئة، والذي خرج إلى المعاش لكن الوزير أبقى عليه إلى جوار “الزيّات” في نفس الوظيفة أيضًا مستشارًا للدكتور محمد مختار جمعة لشئون شركة المجموعة الوطنية لاستثمارات وزارة الأوقاف.. !
وزير الأوقاف يكرّم أبطال الرشوة في قضية الفساد الكبرى بوزارة الزراعة
وربّما يفسر ذلك حجم المكانة التي يحظى بها سمير السقّا في ذلك المربع الذهبي الذي يُشكّل رئيس الشؤون الزراعية الحالي بالهيئة أحد أضلاعه، ومحمود الزيات رئيس الشؤون المالية السابق بالهيئة الذي أبقاه الوزير إلى جواره في الديوان العام الضلع الثاني، وإبراهيم القصاص وكيل الوزارة لشؤون الزراعة السابق بالهيئة الذي أبقاه الوزير إلى جواره أيضًا في الديوان العام ضلعه الثالث، بينما يمثل الدكتور محمد مختار جمعة القاعدة الأهم والضلع الرابع الذي يشد بنيان بقية أضلاع ذلك المربع الذهبي، وهو المربع المسؤول عن الإجابة على السؤال الأخطر في ذلك التقرير: من المسؤول ولصالح من يتم إهدار المال العام في مزرعة “جناكليز والكروم” في محافظة البحيرة..؟!