في الوقت الذي صرّح فيه محمد جبران نقيب النقابة العامة للبترول لعدّة مواقع صحفية بأنه أحد الذين تصدّوا لأخونة نقابته في عهد الإخوان، لم يقم جبران نفسه بشرح أبعاد العلاقة الخاصّة جدًا التي تربطه هو شخصيًا بدلّوعة الإخوان في التيار السلفي، وربيب أميركا في الجماعات المتطرفة بمصر نادر بكّار، الذي ما إن قامت ثورة 30 يونيو حتى فرّ هاربًا خارج البلاد إلى أمريكا، بعدّما أكد دعمه اللا محدود لمحمد مرسي، و رفضه ثورة 30 يونيو، ودعوته الصريحة أن يتولى مدنيون قيادة الجيش المصري.
ففي حوار لنائب رئيس حزب النور والمتحدّث الإعلامي باسمه مع وكالة الأنباء التركية الرسمية “الأناضول” يوم 27/6/2013 قال نادر بكّار: ” إن الحزب رغم اختلافه مع جماعة الإخوان المسلمين والرئيس محمد مرسي الذي ينتمي إليها؛ إلا أنه يعمل على استكمال مرسي ولايته، ويرفض دعوات إسقاطه في مظاهرات 30 يونيو “.
و تناول “بكّار” في حوار مطول له مع مراسلة “الأناضول” رؤيته للوضع وقتها والسيناريوهات المتوقعة لمظاهرات 30 يونيو التي تدعو إليها المعارضة بهدف إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وطبيعة العلاقة بين حزب “النور” ذي التوجه السلفي وجماعة الإخوان المسلمين خاصة أن حزب النور كان حليفا سابقا لجماعة الإخوان المسلمين.
وقال بكار:” إن الحزب يرى أن المخرج هو تشكيل حكومة كفاءات “تكنوقراط”من كافة القوى السياسية للإعداد لانتخابات برلمانية على وجه السرعة”.
ووجَّه بكار انتقادات شديدة لمؤسسة الرئاسة ولجماعة الإخوان المسلمين؛ إلا أنه أكد أن حزب النور لن يسمح بالمساس بالرئيس محمد مرسي، الذي يعد انتخابه ثمرة من ثمار ثورة يناير 2011، و”إن اختلف معه”، وإلى نص الحوار:
*كيف يقرأ حزب النور المشهد السياسي في مصر؟
**الموقف شديد التأزم وشديد الاشتباك، ومن الصعب فض الاشتباكات، وهناك استدعاء لخلفيات ثأرية بين القوى السياسية واستغلال من أطراف كثيرة لتحقيق مآرب شخصية، بجانب أن هناك عنادًا كبيرًا من جانب السلطة والمعارضة، وهناك غياب للرؤية المستقبلية تمكن معطياتها أن تخرجنا من تلك الأزمة، فهناك صورة ضبابية.
وكان لابد ممن أقدم على إدارة البلاد في تلك المرحلة أن يتحسسوا طريقهم في عملية الانتقال من نظام إلى آخر، إلا أننا نجد نوعًا من التسرع واستعداء الآخرين وعدم ترتيب الأولويات، ووضع الجميع في خانة الخصوم، ولا يتخيل الفائز في مظاهرات 30 يونيو أنه سيحصد مغانم كثيرة، لكنه سيرقص على جثة هذا الوطن.
*ما السيناريوهات التي يتوقعها حزب النور لمظاهرات30 يونيو؟
**هناك سيناريو التظاهر لمدة عدة أيام، وينتهي الأمر، وهناك سيناريو آخر يشهد حالة من الاشتباك بين الطرفين، وربما تستجيب القوى السياسية للحوار، السيناريو الأسوأ هو أن تمتد المواجهات والاستهداف على الهوية لباقي مدن الجمهورية، وهذا ما لا نريده ونحاول الحيلولة دون ذلك.
* لماذا قرر حزب النور النأي بالنفس في مظاهرات 30 يونيو؟ وما اللحظة التي تدفعكم للنزول؟
**ليس نأيًا بالنفس، ولكن لفرض حالة من التوازن في الشارع، نعلم أننا لو ملنا في هذا التوقيت إلى أي طرف ستكون النتيجة أسوأ.
* هل من الممكن أن يغير حزب النور موقفه إذا شعر بخطر يهدد الرئيس مرسي لما يمثله بالنسبة للمشروع الإسلامي بشكل عام؟
**من الخطأ فكرة أن يكون شخص بعينه أو حزب هو الممثل الوحيد والحصري للمشروع الإسلامي بمعنى لو سقط لسقط المشروع الإسلامي، الأمر الآخر أن الشعب لم يلمس أي إرهاصات للمشروع الإسلامي، بل على العكس زادت نقمته عليه.
فشعبنا يطبق الشريعة الإسلامية التي يفهمها، وكان بحاجة لإشارات أنه في طريقه للظفر بثمراتها من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية، وعدم التمييز بين الناس والانتصار للفقراء.
كل هذه الأمور تشكك فيها الناس كثيرًا خلال الفترة الماضية، والقرآن الكريم قال “إن تتولوا يستبدل قومًا غيركم” فهذا الرد القرآني على كل من يتخيل أنه هو الإسلام وأن الإسلام قد ذاب فيه.
أما دعم الرئيس مرسي فليس لشخصه، ولكن بما يمثله كرئيس مدني منتخب، وهذا ثمرة من ثمرات الثورة، ومن الصعب جدا التخلي عن تلك الثمرة والرجوع للوراء، ومن الصعب أن نسمح بتكرار تجارب دول مجاورة عانت عقودًا من التقسيم والاقتتال الداخلي.
* في ظل السيناريوهات المتعددة التي طرحتها ما هي اللحظة التي تدفعكم للنزول؟
**الحل ليس بالنزول فقط، ولكن هناك حلول أخرى خارج الصندوق، وإذا ذهبنا بالسيناريو إلي فكرة أن يصاب الرئيس بأذى فهذا هو الحد المخيف، وهو ما يعني أن عجلة الفتنة دارت بأقصى سرعتها، وأن العقلاء فشلوا في إيقافها.
وساعتها سيكون لنا أولويات متسقة مع أولويات الشرعية والضرورات الخمسة، وسيكون لنا دور فعال لن نكتفي خلاله برؤية وطن ينهار.
* هل توافقون على تدخل القوات المسلحة في العملية السياسية مرة أخرى إذا وقع السيناريو الأسوأ بحسب وصفك؟
**حسنا فعلت المؤسسة العسكرية ابتداءً من خلال تصريحات الفريق عبد الفتاح السيسي (وزير الدفاع) التي شدد خلالها على حماية المواطنين ورفض سيناريو الفوضي، وهي رسالة مطمئنة للشعب المصري نثمنها.
فالشعب المصري حلم منذ الثورة أن تدار مصر كغيرها من الدول الحديثة من خلال مدنيين، والمؤسسة العسكرية هي إحدى المؤسسات المقبول دورها المهم كذلك، ولكن تدار من خلال مدنيين لاعتبارات كثيرة منها معاناة العديد من الشعوب من الحكم العسكري.
* ولكن البعض يرى حديث الفريق السيسي نوعاً من التجاوب مع مطالب القوى المعارضة المستدعية للجيش في المشهد السياسي؟
** اعتقد أن الفريق السيسي أثبت في أكثر من مناسبة أنه أكثر ذكاء من محاولة الاستدراج وتكرار تجرية بها الكثير من السلبيات، ودائما تصريحاته تأتي في أوقات مؤثرة، وإن كانت تصريحاته الأخيرة تحتمل ذلك فأنا سأحملها علي المعني الإيجابي.
* لو نجحت التظاهرات في 30 يونيو في سحب الثقة من الرئيس، هل سيرشح حزب النور أو سيشارك في مجلس رئاسي؟
** نرفض فكرة المجلس الرئاسي، كما أن فكرة الرئيس المنتمي إلى فصيل بعينه يقف خلف رئيسه ويستدعيه في كل موقف أثبتت فشلها، وصعب جدًا أن نكرر التجربة، ولكن بالتأكيد الخيار مطروح، ولكن الأهم الآن وسط هذا الاستقطاب أن يكون الاختيار لشخصية لا تستمر حالة الاستقطاب معها.
*وماذا عن الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تدعو إليها بعض قوى المعارضة؟
** المادة 150 من الدستور تسمح للرئيس باستفتاء الشعب على مثل هذا الأمر، والانتخابات المبكرة ليست الحل؛ لأن مع مرور الوقت الفصيل المؤيد للرئيس لن يصمت حيال سحب الثقة منه، وسيكرر التجربة مع من يأتي بعده، وتتكرر تجربة الأرجنتين في التسعينيات، وهذا أمر ليس محبذا في مصر.
*هل الدستور المصري الذي وصف بأنه معد من قبل الإسلاميين خدم الرئيس والمشروع الإسلامي أم أصبح عائقا أمامهم؟
** هذا الدستور جهد بشري، وهو يقبل التعديل، لكنه في وقته كان من أفضل ما يمكن أن يخرج في تلك المرحلة العصيبة من الضغط ومحاولات العرقلة والانسحابات المتكررة، فكان صعبًا أن يخرج ما هو أفضل منه.
ويحتوي الدستور علي العديد من المواد الجيدة جدا التي تخدم المشروع الإسلامي من التوزيع العادل للثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية ،ولا يحجر علي اقتصاد السوق الحر مع ضوابط تمنع سحق الفقراء ومتوج بالمادة 219 المفسرة للمادة الثانية من أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع في مصر.
كما نص على حقوق الأقليات، وبالتأكيد كان سيخدم مشروع الرئيس كثيرا ولكن هناك نوعا من تجميد الدستور بلا أي مبرر من قبل مؤسسة الرئاسة، وكان من المفترض أن يتم المسارعة في انتخاب برلمان يفسر ما تضمنه الدستور وإعداد التشريعات التي تترجم الدستور وكل ذلك تأخرنا فيه.
*طرحتم أكثر من مبادرة للتوافق بين الرئاسة والمعارضة، فكيف ترى مواقف تلك القوى المعارضة؟
** المعارضة ليس لها رؤية حقيقية، ولو كان لديها ذلك ما وصلت الأمور لهذه الدرجة من التأزم؛ فحتى اللحظة لم يقدموا برنامجًا بديلاً حقيقيًا، والشارع فقد الثقة في الكثير من رموز المعارضة، فلا يمكن أن تقدم نفسك فقط بأنك معاد للإخوان المسلمين أو مضاد للمشروع الإسلامي، وفي حال وصول أحدهم لسدة الحكم سنعاني من افتقاد الرؤية.
*ما الإنجازات التي تشعر بتحقيقها على مدار العام الماضي؟
كنا ندفع وراء الرئيس، وكان الانتقاد ترتفع وتيرته تدريجيًا، وربما الدفع وراء خروج دستور يعد من أكبر الإنجازات، وكذلك إنهاء وضعية ازدواجية السلطة (إنهاء مشاركة الجيش في الحكم)، بجانب محاولات طرق أبواب خارجية، لكنها مازالت تفتقد للكثير.
إلى ذلك وقد انتهي الإقتباس من حوار نادر بكّار مع وكالة الأنباء التركية، والذي أكد فيه ضرورة أن يتولى قيادة الجيش المصري مدنيون، وأنه لن يسمح بالنيل من الرئيس الإخواني محمد مرسي، وأن ضد إسقاطه تمامًا، إلى ذلك.. يجب على رئيس النقابة العامة للبترول محمدجبران، وقد بدا لنا ان التباسًا بين تصريحاته للصحف بعد نجاح ثورة 30 يونيو، بانه كان يعمل على عدم أخوّنه النقابة، أن يشرح أبعاد علاقته شديدة الخصوصية مع نادر بكّار الرافض لثورة 30 يونيو والداعم الرئيسي في التيار السلفي لجماعة الإخوان المتطرّفة، ورئيسها محمد مرسي.
أيضًا فإن محمد جبران نقيب النقابة العامة للبترول وكما يبدو في الصورة التي ننشرها له حصريّا هنا في البلاغ مع نادر بكار واصحاب اللحى من التيار المتأسلم مطالب بتفسير واضح لموقفه من نادر بكّار في تصريحاته تلك، خاصة بعدما بدا من الصورة انه تربطهما علاقة خاصة، ومطالب كذلك بأن يوضّح لنا كيف أنها أطلق لحيته في عهد الإخوان، ثم عاد وقام بحلاقتها تمامًا بعد نجاح ثورة 30 يونيو، قهل في ذلك إشارة إلى تبدّل في المواقف، ام تبدّل في القناعات، أم انها كانت ضرورة فرضتها المرحلة؟
الإجابة فقط عند محمد جبران