كارثة إنسانية بكل ما تحملها الكلمة من معان، حدثت يوم 8 أبريل عام 1970، حينما قصفت القوات الجوية الإسرائيلية مدرسة بحر البقر المشتركة في قرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية في مصر، وأدى الهجوم إلى مقتل 30 طفلاً وإصابة 50 آخرين وتدمير مبنى المدرسة تماماً.
تناثرت أشلاء التلاميذ الصغار، الدم الساخن ملأ الركام، رائحة الموت تعوي في أرجاء أنقاض المدرسة، وصراخ التلاميذ المصابين ترج الآفاق، وتصعد الأرواح الطاهرة الريئة إلى خالقها في هالات النور، تشكو إليه، فيضمها الرحمن في فيض نوره، ويدخلهم جنة الرضوان.
العمل الوحشي يتنافى تماماً مع كل الأعراف والقوانين الإنسانية، وإسرائيل شنت الهجوم عمداً بهدف الضغط على مصر لوقف إطلاق النار في حرب الاستنزاف، بينما بررت إسرائيل بكذبها المعهود بأنها كانت تستهدف أهدافاً عسكرية فقط، وأن المدرسة كانت منشأة عسكرية مخفية.
أثار الهجوم حالة من الغضب والاستنكار على مستوى الرأي العام العالمي، وبالرغم من أن الموقف الرسمي الدولي كان سلبيًا ولم يتحرك على النحو المطلوب، إلا أن تأثير الرأي العام تسبب في إجبار الولايات المتحدة ورئيسها نيكسون على تأجيل صفقة إمداد إسرائيل بطائرات حديثة، كما أدى الحادث إلى تخفيف الغارات الإسرائيلية علي المواقع المصرية، والذي أعقبه الانتهاء من تدشين حائط الصواريخ المصري في يونيو من نفس العام والذي قام بإسقاط الكثير من الطائرات الإسرائيلية، وانتهت العمليات العسكرية بين الطرفين بعد قبول مبادرة روجرز ووقف حرب الاستنزاف.
مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة التي شهدت الكارثة تقع بمركز الحسينية، محافظة الشرقية، وتتكون المدرسة من دور واحد وتضم ثلاثة فصول، وعدد تلاميذها مائة وثلاثون طفلا أعمارهم تتراوح من ستة أعوام إلى اثني عشر عاماً، ومن حسن الحظ أن هذا اليوم كان عدد الحضور 86 تلميذاً فقط.
في صباح يوم الأربعاء 8 أبريل 1970م حلقت 5 طائرات إسرائيلية من طراز إف-4 فانتوم الثانية على الطيران المنخفض، ثم قامت في تمام الساعة التاسعة وعشرين دقيقة بقصف المدرسة بشكل مباشر بواسطة خمس قنابل (تزن 1000 رطل) وصاروخين، وأدي هذا لتدمير المبنى بالكامل.
تم جمع بعض متعلقات الأطفال وما تبقى من ملفات، فضلاً عن بقايا لأجزاء من القنابل التي قصفت المدرسة، والتي تم وضعها جميعاً في متحف عبارة عن حجرة أو فصل من إجمالي 17 فصلا تضمها جدران مدرسة “بحر البقر الابتدائية” تعلو حجرة المتحف عبارة مكتوبة بخط اليد “متحف شهداء بحر البقر”.
الحزن ملأ القلوب، الغضب المكتوم في الصدور بركان ينتظر الانفجار، القلوب تبكي بدماء ساخنة، والعيون جفت مآقيها من طول البكاء، وأطلق صلاح جاهين حممه، من فوهة بركان قلبه، ليقول:
الدرس انتهى لموا الكراريس.. بالدم اللى على ورقهم سال
في قصر الأمم المتحدة… مسابقة لرسوم الأطفال
إيه رأيك في البقع الحمرا.. يا ضمير العالم يا عزيزى
دى لطفلة مصرية سمرا.. كانت من أشطر تلاميذى
دمها راسم زهرة.. راسم راية ثورة
راسم وجه مؤامرة.. راسم خلق جبابرة
راسم نار.. راسم عار.. ع الصهيونية والاستعمار
والدنيا عليهم صابرة وساكتة على فعل الأباليس
الدرس انتهى لموا الكراريس.