أثارت صفقة تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة الرأي العام وذلك إبان عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وكان بطلها رجل الأعمال حسين سالم، الذي دفع مبالغ طالة من أجل التصالح، وبعد مرور أربعة أعوام انقلبت الآية ففي العام 2015، وقعت مصر اتفاقية لاستيراد الغاز الإسرائيلي، لكن هذه المرة مقابل مليارات الدولارات، وسمحت الدولة للقطاع الغاز باستيراده، ما صعد أسهم رجل النسيج ونجل صديق مبارك، ومنحه الفرصة لتأسيس شركته لتتوالى صفقات استيراد الغاز من إسرائيل خلاله، ويصبح هو الوكيل المصري في منطقة الشرق الأوسط.
“البلاغ” تستعرض تفاصيل تلك الصفقة ومن هو الأخطبوط المسيطر على الغاز الإسرائيلي في مصر..
أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز منذ أيام أن إسرائيل ستبدأ تصدير الغاز إلى مصر “خلال أشهر قليلة”، ولم يحدد مستوى مستهدفا للصادرات الأولية، لكنه أبلغ وكالة “رويترز” أن الشحنات ستتضاعف بعد دخول حقل لوثيان الضخم في شرق المتوسط حيز التشغيل الكامل في نوفمبر .
وإلى جانب لوثيان، من المتوقع أن يدخل حقلان أصغر حجما حيز التشغيل في السنوات القليلة المقبلة، وقال شتاينتز إن من المتوقع أن تصل صادرات الغاز الإسرائيلية لمصر إلى 7 مليارات متر مكعب سنويا على مدى عشر سنوات.
وجاءت تصريحات شتاينتز على هامش مشاركته في منتدى إقليمي للغاز في القاهرة،حيث قال إن إسرائيل ومصر ناقشتا كيفية تمديد التعاون بشأن الغاز الطبيعي، بما في ذلك الصادرات.
وتأمل مصر الاستفادة من موقعها الاستراتيجي على قناة السويس وربطها بين آسيا وإفريقيا وبنيتها التحتية المطورة في شكل جيد، لتصبح مركزا رئيسيا للتجارة والتوزيع في المنطقة وخارجها.
اشترت شركات إسرائيلية ومصرية حصة نسبتها 39 بالمئة في خط أنابيب شرق المتوسط، لتمهد الطريق أمام بدء تطبيق اتفاق تاريخي لتصدير الغاز الطبيعي بقيمة 15 مليار دولار هذا العام.
وقال الشركاء في حقلي تمار ولوثيان البحريين للغاز إنهم سيوردون نحو 64 مليار متر مكعب من الغاز إلى شركة “دولفينوس” المصرية الخاصة على مدى عشر سنوات في إطار الصفقة. وأضافوا أنه سيتم توريد الكمية من الحقلين مناصفة، وسيتم تقسيم الإيرادات بالتساوي.
وأثارت الصفقة جدلا في مصر التي كانت تصدر الغاز لإسرائيل حتى سنوات قليلة مضت، وسرعان ما زادت مصر إنتاجها المحلي من الغاز الطبيعي، وتأمل أن تصبح مركزا للتصدير إلى أوروبا بعد سلسلة اكتشافات كبرى في السنوات الأخيرة، بينها حقل ظُهر أكبر حقول الغاز في البحر المتوسط.
تبلغ قيمة الاتفاقية 15 مليار دولار، وهي الصفقة التي احتفى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، وتعمل الشركتان اللتان تقومان بتطوير أكبر إكتشافين للغاز في إسرائيل، شركة نوبل للطاقة وشركة ديليك دريلينج، على إجراء تغييرات على العقد المبرم مع شركة دولفينوس القابضة في مصر والتي من المتوقع أن تشهد ذروة إمدادات الغاز بعد 3 سنوات من الآن، إذ يحاول الطرف الإسرائيلي تجنب أي معوقات لصادرات الغاز إلى مصر، وهو ما نسبته “بلومبرج” لمصادر مطلعة على الصفقة.
ينص العقد الحالي على توريد 7 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا، نصف هذه الكمية على أساس متقطع، ما يعني أنه يمكن أن تختلف معدلات الضخ خلال ساعات الذروة أو الظروف المتغيرة.
وقالت المصادر إن الشركات تسعى إلى جعل الإمدادات بأكملها غير قابلة للانقطاع، وهو ما قد يستغرق وقتًا أطول للوصول إلى هدف الـ7 مليارات متر مكعب سنويا، لأسباب ربما تتعلق بتطوير خطوط الغاز لاستيعاب الكميات المطلوبة.
ماذا تستفيد إسرائيل من تلك الصفقة؟
سيعطي اتفاق الغاز الاكتشافات الإسرائيلية في شرق البحر المتوسط سوقا تصديريا جديدا، وقد وصف مسئولين البلدين هذا الاتفاق بأنه بداية لصفقات التصدير الكبرى القادمة، وتحاول الشركات ضمان بداية سلسة.
وقالت المصادر إن الشركاء في اكتشافات تامار وليفيثان للغاز في إسرائيل سيوفرون حوالي 4.5 مليار متر مكعب من الغاز العام المقبل، و 5.5 مليار في عام 2021، ثم يصلون إلى 7 مليارات بحلول 2022.
وماالذي تستفيده مصر ؟
تم حجز حقلي تمار وليفيثان بالكامل تقريبًا، رغم أن ملاكهما يتوقعون إمكانية زيادة الصادارت إلى مصر مطلع عام 2021، حيث من المتوقع أن تبدأ إينيرجيان للنفط والغاز اليونانية في توصيل الغاز من حقلين بحريين إسرائيليين إلى السوق المحلي.
لا تزال شركتا ديليك ونوبل تسعيان لإزالة أي عقبات أمام الصفقة، وهو ما ظهر قبل بضعة أسابيع، عندما نجحت الشركات في اختبار خط الأنابيب بين إسرائيل ومصر الذي ظل متوقفا لعدة سنوات، وتعرض بشكل متكرر لعمليات تخريبية في السابق.
وفي وقت توقيع الصفقة وصف مسؤولون إسرائيليون هذا الاتفاق بأنه أهم اتفاق بين إسرائيل ومصر منذ توقيع معاهدة السلام بينهما في عام 1979، واعتبر الرئيس عبدالفتاح السيسي الاتفاق أول خطوة في مشوار مصر الطموح للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة.
ماهى تفاصيل الصفقة ومنذ متى؟
في سبتمبر 2018، أعلنت شركتا “ديرليك” الإسرائيلية و”نوبل انرجي” الأمريكية، أنهما وشركة غاز شرق المتوسط المصرية، سيستحوذون على 39% من الشركة المالكة لخط أنابيب الغاز الطبيعي الذي بين مصر وإسرائيل، مقابل 518 مليون دولار.
وسمحت الاتفاقية الجديدة بإعادة تشغيل خط الغاز بين البلدين، خلال فترة العقد الذي سبق أن وقعته شركة دولفينوس لاستيراد الغاز من حقلي “تمارا” و”ليفاتان” الإسرائيليين لمدة 10 سنوات.
شركة تحمل اسم جديد تستحوذ على غاز شرق المتوسط
وأسست شركتا “ديرليك” و”نوبل انرجي”، ومعهما شركة غاز الشرق، التي تملك خطوط الغاز والبنية التحتية في مصر، شركة جديدة باسم EMED، والتي اشترت 39% من شركة خط الغاز، البالغ طوله 90 كيلومترا، ويربط بين عسقلان والعريش.
فيما أعلنت الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية في يونيو الماضي، إنهما توصلتا إلى اتفاق ودي لحل النزاع القائم بين الأطراف وتسوية وتخفيض مبلغ الحكم الصادر لصالح هيئة كهرباء إسرائيل والبالغ نحو 1.8 مليار دولار إلى 500 مليون دولار.
ومن المقرر سداد مبلغ التسوية على مدار 8 سنوات ونصف بواقع 60 مليون دولار دفعة مقدمة في تاريخ تفعيل اتفاق التسوية و40 مليون دولار بعد 6 أشهر من تاريخ التفعيل، وسداد المبلغ المتبقي بواقع 25 مليون دولار على 16 قسطا كل ستة أشهر.
وقال الخبير البترولي رمضان أبو العلا، أن صفقة استيراد الغاز الإسرائيلى مرتبطة بتنفيذ 3 شروط، أولها التنازل وتسوية قضايا التحكيم الدولى، أما الشرط الثانى فيتمثل فى الاتفاق على سعر استيراد مخفض للغاز الإسرائيلى لا يزيد على 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، والشرط الثالث الحصول على كميات من الغاز الطبيعى مقابل نقل الغاز الإسرائيلى عبر الشبكة القومية للغازات فى حال احتاجت السوق المحلية لتلك الكميات.
ويضيف” أبو العلا”، يتعين على الشركتين توريد 7 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا إلى مصر بحلول عام 2020، ولكن نصف الكمية خاضعة للانقطاعات بناء على أوقات الذروة أو الظروف المعاكسة، ولذلك تسعى الشركتان حاليا إلى توريد نحو 4.5 مليار متر مكعب من الغاز من دون انقطاعات بحلول العام المقبل على أن تصل الإمدادات إلى 7 مليارات “لاحقا”.
وذكرت، أن الشركاء في حقلي تمار وليفايثان للغاز في إسرائيل، يدرسون زيادة الإمدادات إلى 5.5 مليار متر مكعب في 2021، على أن يصل حجم التدفق 7 مليارات بحلول 2022.
من هو علاء عرفة مالك شركة “دولفينوس” المستوردة للغاز الإسرائيلي؟
ولد علاء أحمد عرفة في 21 نوفمبر 1958 في محافظة الإسكندرية، تخرج من كلية الطب جامعة عين شمس في القاهرة، وتم تعيينه معيدا بها، إلا أنه قدم استقالته وتنازل عن منصبه، واتجه إلى إدارة أعمال والده الذي أسس شركة للملابس الجاهزة بمحافظة المنوفية.
يشرف علاء أحمد عرفة مع شقيقه أشرف على 20 شركة تعمل في مجال الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، ويمتلك 25% من شركة العرفة للاستثمار والاستشارات التي يتم تداول 33% من أسهمها في البورصة المصرية، كما أنه عضو بمجلس إدارة المركز البريطاني للأعمال ومجلس الأعمال المصري الأمريكي.
شارك علاء أحمد عرفة مع آخرين من رجال الأعمال المصريين في تأسيس شركة “دولفينوس” للطاقة، وذلك بعد موافقة الحكومة المصرية على السماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعي من الخارج، واستخدام الشبكة القومية للغازات في تسويقه.
وشغل عرفة العديد من المناصب القيادية على مدار مشواره المهني، حيث كان رئيس مجلس إدارة المجلس التصديري للملابس الجاهزة، وعضو مجلس إدارة شركة القلعة، فضلاً عن اشتراكه في تأسيس واحدة من أكبر الشركات الاستثمارية بالسوق المصرية في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وهي شركة التجاري الدولي للاستثمارCIIC، وتوليه رئاسة مجلس الأعمال المصري الإيطالي، وكذلك رئاسة المركز المصري للدراسات الاقتصادية، فضلاً عن كونه عضوًا بمجلس إدارة المركز البريطاني للأعمال، ومجلس الأعمال المصري الأمريكي.
ولعب علاء عرفة دورا بالغا في الضغط على الحكومة لتسريع توقيع اتفاقية “الكويز” بين مصر وإسرائيل، وهي الاتفاقية التي تشترط دخول المكون الإسرائيلي في المنتج المصري بنسبة تزيد على 10% للتصدير للولايات المتحدة الأمريكية.
وقام بعمل عقد شراكة فيما بعد مع شركة “تيفرون الإسرائيلية” لإنشاء فرع للشركة اسمه “تيفرون إيجيبت”، التى كان يعمل بها الجاسوس الإسرائيلي “عزام عزام”، وأرسل وفد من العمال المصريين لإسرائيل للتدريب بمقر الشركة في 11 فبراير 1996، طبقا لما جاء في نص مذكرات الجاسوس الإسرائيلي.
وبعد استحواذه على كبرى شركات الملابس والمنسوجات في مصر اتجه “عرفة” إلى الشركات العالمية، ففي عام 2008 ذهب إلى إيطاليا واستطاع الاستحواذ على 35% من شركة “فورال كونفيزيوني” مقابل 25.3 مليون دولار، وهي شركة كبرى يعود تاريخها إلى عام 1970، وتشتهر بمنتجاتها الفاخرة التي يتم بيعها تحت اسم العلامات التجارية “بال زيكيري ولاب”.
علق الرئيس عبد الفتاح السيسي على هذه الصفقة، خلال كلمته التي ألقاها في افتتاح عدد من مراكز خدمة المستثمرين، قائلا إن مصر ليست طرفًا فيها وأن الحكومة لم تعقد هذه الصفقة، مؤكدا أن سياسة مصر واضحة للجميع.