آثار دمرها الإهمال، وأخرى تدخل فى دوامة التعديات، وأخرى تهددها الحفائر، تاريخ مصر ملقى فى الطرقات وعلى الأرصفة، تعبث به يد المخربين والعصابات، ولكن عندما نجد آثار مصر تختفي تحت الأسمنت في مخالفة صريحة يلاحظها الجميع، من معبد الكرنك إلى القلعة وحتى الأهرامات وشارع المعز، كسى الأسمنت أجساد معابد ومساجد شهدت عصور قديمة مرت على مصر.
قال محمد عباس -مفتش آثار في القلعة-، في تصريحه إلى البلاغ، إن جامع سليمان باشا الخادم المعروف بـ”سارية الجبل” وهو الأثر رقم 142، تعرض لمشكلة كبيرة فى الترميم يوم 8 نوفمبر 2015 ، وعلى حد قوله: قام الزملاء العاملين بالأمن بمخاطبة مدير القلعة بمخالفات تجرى لهذا المبنى بعد تعيين مدير لمحكى القلعة، والمخالفة هى أن حدث لسلم الجامع المزدوج مع الواجهه الرئيسية مخالفة للمقاييس من حيث الأصول الفنية والأثرية والمعمارية لنوع ولون الحجر حيث استخدم الحجر الأزرق بدلا عن الحجر الأحمر المراد استخدامه، وانتزع الحجر القديم الذى يعود لعام 1934 واستبداله بحجر حديث ومخالف للأصول الفنية ومن المعروف أنه عند ترميم السلم لابد من استخدام نفس المادة وهذا ما حدث مع إدارة المتاحف العسكرية التى قامت بترميم المتحف الحربى من نفس لون ونوع الحجر الجيوشى الذى يتم ترميم كل مبانى القلعة منه، ولكن ماحدث مع مسجد سارية الجبل كان بمعرفة مدير عام المنطقة ومدير المحكى لأن أى تصريح أو عمل يتم بمعرفتهما ولابد أن يوقعا عليه، وبالفعل توجهت لرئيس قطاع الآثار الإسلامية بمذكرة وطالبت بتشكيل لجنة مختصة لاثبات هذه المخالفات والتى يعاقب عليها قانون حماية الآثار وتوجهت بهذه الواقعة يوم 19 نوفمبر 2015 للقطاع وفى انتظار الرد.
وأكد مفتش آثار القلعة أنه يوجد بعض المخالفات بالمنطقة منها المبنى الذى يوجد فى حرم مسجد السطان محمد بن قلاوون وهو مبنى مخصص لمفتشين الآثار، إذ قامت إدارة القلعة بغلقه لتطويره دون استشارة المفتشين ويعتبر من المبانى ذات القيمة التاريخية، إذ تم طلاءه من الداخل والخارج وهذا ما تم فى حرم الأثر بمخالفة لون الأثر المحيط وهذا مخالف لقانون الآثار إذ يجذب العين ويشوه صورة المنطقة الأثرية، وفى هذه الحالات لابد من استشارة اللجنة الدائمة للموافقة على هذا العمل أو رفضه كما تم وضع أحواض من الزرع وهذه سوف تؤثر عليه مستقبلا بالسلب على بنيته التحتية وهو ما يخالف أيضا قانون حماية الآثار.
ويقع مسجد سليمان باشا الخادم فى الجهة الشمالية الشرقية ويعرف باسم جامع سيدي سارية الجبل نسبة إلى سارية بن عمر ابن عبد الله قائد الجيوش الإسلامية فى عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ويعرف أيضا باسم مسجد الرديني نسبة إلى الشيخ الرديني وهو الحسن بن على بن مرزوق بن عبد الله الرديني الفقيه المحدث، وكان يأوي بمسجد سعد الدولة في القلعة ثم تحول منه إلى هذا المسجد الذى كان قد أنشأه الأمير مرتضي مجد الخلافة أبو منصور قسطه الآمري الأرمني الذى كان واليا على الإسكندرية فى العصر الفاطمي سنة 535هـ كما هو مثبت على اللوحة التأسيسية للجامع واستمر الشيخ الرديني فى التدريس به إلى أن مات سنة 540 هـ .
هرم زوسر يلفت أنظار العالم
وجاء فى تقرير للعالم جورجيو كورتشى، مبعوث منظمة اليونسـكو فى مصر والذى جاء فى الفترة من 26 إلى 29 سبتمبر 2011 لدراسة وضع هرم زوسر المدرج هرم سـقارة والكشف عن حالته الداخلية والخارجية وجاء فى التقرير أن الهرم يعانى حالة من كبيرة الإهمال.
وقال التقرير إن الأوجه الخارجية للهرم تعانى من انعدام الصيانة على مر القرون، بالإضافة إلى الأضرار الناجمة عن إزالة الكتل بفعل الإنسان، وخلق هذا تجاويف كبيرة فى عدة مناطق وظهرت العديد من الكتل معلقة بشكل خطير بدون وجود أى دعائم لحملها.
وأضاف التقرير أنه لم يكن هناك مشروع مفصل للتدخلات والتعامل مع الأثر- خطة عمل، وتنفذ الأعمال بشكل تقدمى (سريع) “صيانة غير عادية” باستبدال الأحجار القديمة بأخرى غير أصلية من أجل إنتاج الشكل الأصلى، لذلك من الضرورى إجراء مسح مفصل للحالة الراهنة للهرم.
وأوضح التقرير أن الهيكل الجديد لإعادة تنفيذ الأسطح أو لملء “التجاويف” لا يمتص (يحمل) أى حمولة، وبالتالى لا يسهم فى الاستقرار العام إلى أن يحدث هبوط (استرخاء) لجسم البناء أعلاه، ولمنع هذه المشكلة والعمل لتفعيل كفاءة الدعامات المستحدثة على الفور، فى بعض الحالات، عندما يتعلق الأمر بمساحة واسعة، فإنه من المفيد استحداث قوة رأسية بشكل اصطناعى على الأربطة الأفقية بين بلوكات الأحجار الجديدة والأحجار القديمة فى الموقع، التى فقدت دعائمها الأصلية وتعمل الأن ككتل ناتئة معلقة بدون حامل.
وقال التقرير إن الجزء الداخلى من الهرم، عبارة عن سلسلة من الردهات وبئر عمودى (فى شكل اسطوانى يبلغ طوله حوالى 33 مترا باتساع 7 أمتار)، والتى يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء حجرة الدفن فى الجزء السفلى، وعنق البئر فى الوسط والسقف (الذى على شكل قبة) فى القمة، أول جزئين على ما يبدو لا تمثل المشاكل الإنشائية ذات الصلة والتى لم تدرج فى الزيارة.
وعلى جانب ظهر في معبد الوادي في الأهرامات كارثة ترميمية حيث قال أسامة كرار المنسق العام للجبهة الشعبية للدفاع عن الآثار أن العاملين قاموا في يوم إجازة بترميم معبد “الوادى” بمنطقة الأهرامات بالجيزة، وتتمثل الكارثة فى استخدام إدارة الهرم الأثرية لـ ”الأسمنت الأسود” فى ترميم المعبد بالتعاون مع إدارة الترميم، حيث أن مادة “الأسمنت الأسود” تؤدى إلى تآكل الآثار وتدميرها، بالإضافة إلى أنه من أوائل المواد ممنوعة الإستخدام فى الترميم، فحدث هذا الترميم فى الخفاء ويوم الأجازة بعدما ظهرت تشققات بمعبد الوادي .
ومعبد الوادي بناه قدماء المصريين على شاطيء النيل بالقرب من أهرامات ويتصل بها بطريق يسمى “طريق الموكب “، فبعد وفاة فرعون كان جسده يحنط وتجهز مومياه في معبد الوادي، ثم تنقلونها في موكب كبير إلى معبد بجوار الهرم مباشرة، اسمه المعبد الجنائزي.
ظهر معبد الوادي أول مرة في عهد الفرعون سنفرو ، وتتابعت بنياه حتى نهاية الاسرة الثانية عشر، كان يبنى عند التقاء الصحراء بالأرض الخضراء وكانت تبنى له احيانا قنوات مائية .
قصر البارون
بدا لون قصر البارون الأثري أثناء عملية الترميم، “مختلفا عن الحقيقي”، حسب انتقادات وجهها ناشطون ومتخصصون على وسائل التواصل لعملية الترميم التي تقودها وزارة الآثار للقصر التاريخي، معتبرين أن القصر تعرض لعملية طلاء غيرت من لونه الحقيقي.
الوزارة سارعت بدورها إلى التأكيد في بيان أن عملية ترميم قصر البارون الأثري “تمت وفقا للأسس العلمية المعتمدة”، نافية أن تكون قد طلت القصر أو غيرت من لونه الحقيقي.
وكان وزير الآثار خالد العناني لفت إلى أن الوزارة ستفتتح القصر خلال 90 يوما من الآن، بعد أن تنتهي عملية الترميم الشاملة والتي تكلفت نحو 100 مليون جنيه.
وبني قصر البارون أو كما يعرف بالقصر الهندي بين عامي 1907 إلى 1911، بعد أن عاد صاحبه البارون البلجيكي إدوارد إمبان من الخارج.
ويقع قصر البارون في قلب منطقة مصر الجديدة بالقاهرة، ذات الطراز المعماري المميز، والتي تقع بالقرب من مطار القاهرة الدولي.
قال غريب سنبل رئيس الادارة المركزية للصيانة والترميم بوزارة الآثار، في تصريحه لنا: إذا تحدثنا عن مرممى وزارة الآثار ككل، مابين مرمم مثبت ومتعاقد فإننا نصل إلى حوالى 2000 مرمم آثار وهذا بالطبع عدد هزيل جدا ولا يصل لربع العدد المطلوب لكى نغطى كافة المناطق الأثرية التى تحتاج للترميم فيكفى لنا قدر هذا العدد 20 مرة وأكثر فالعدد الذى لدينا لايسد هذا العجز، فلو لدينا 20 ألف مرمم تم توزيعهم على المناطق الأثرية فلا يكفى .
ويضيف سنبل، قطاع ترميم الآثار يطلق عليه الترميم الدقيق فالمهندس المعمارى الذى جاء يعمل للعمل فى قطاع الترميم له كل الاحترام فلا يستطيع أن يعمل وحده فى قطاع الآثار ولكنه يعمل جنباً إلى جنب مع أخصائى الترميم، لأنه لايملك مفردات الترميم فهو يعتمد عليه فى الرؤية الانشائية فقط ويعتمد على الرؤية الترميمية والأثرية وهذا مايعنى “الترميم الدقيق” ولكن الوزارة لم تكن وزارة كاملة من قبل بل كانت “وزارة دولة”.